السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أحب أن أشكركم على هذا الموقع المتميز وهذه الخدمة الأكثر من رائعة، جزاكم الله خير جزاء. المشكلة هي أنني لم أدرك أن هناك مشكلة إلا عندما قرأت عن الصداقة عبر الإنترنت فأنا للأسف قد تورطت في هذا المستنقع المسمى بالشات وأنا لا أدري، وأنا الآن أرجو النصيحة.
أنا سيدة شابة جامعية متزوجة وعندي أطفال، زوجي إنسان فاضل بمعنى الكلمة فهو على خلق ودين والحمد لله لا يهينني أبدًا، عيبه الوحيد أنه عملي أكثر من اللازم أي أنه ليس عاطفيًّا على الإطلاق، في مجال عمله تعتبر ميزة عظمى، وبالمناسبة هو ناجح جدًّا في عمله والحمد لله، يسافر كثيرًا جدًّا بحكم طبيعة عمله، ولفترات طويلة نسبيًّا.
أنا لا أشعر بالوحدة نهارًا بسبب وجود الأولاد والأصدقاء، لكن مساء حين يخلد الجميع للنوم أشعر بالفراغ، حاولت استثمار الوقت في شيء مفيد كالقراءة أو أشغال الإبرة، ثم شعرت بالملل بعد فترة، دخلت إلى معظم المواقع على الإنترنت المفيدة والضارة بدافع حب الاستطلاع ليس أكثر، حتى قرأت في موقعكم عن اليهودي الذي أسلم عن طريق الشات، ولم أكن أعرف شيئًا عن الشات، فقلت لمَ لا أحاول أن أدعو إلى الإسلام عن طريق الشات؟
وفعلاً دخلت لأول مرة وهالني ما رأيت الجميع في غيبوبة تامة عن الواقع، وكأنه لا توجد مشاكل في العالم كله إلا الجنس، فلا يوجد في العراق ولا فلسطين ولا الشيشان مشاكل من أي نوع يمكن أن تناقش، حاولت أن أبحث عن بنات، أول سؤال ولد أم بنت، عندما يعرفن بأنني أنثى ينصرفن في الحال، والأولاد الذين طلبوا محادثتي كان أول سؤال لهم: هل أنت مهتمة بالجنس؟! خرجت بصدمة أول يوم، ثاني يوم قلت أكلم أحدًا من فلسطين لم أجد، وجدت من لبنان سألته عن الأحوال هناك أجاب بأن كل شيء تمام، وانحرف بالكلام عن الجنس أيضًا، تعجبت أين إذن يبحثون موضوع الأديان أو القضية الفلسطينية أو أي موضوع جاد؟
المهم قررت الخروج من هذه التجربة الفاشلة، ولكنه طلب محادثتي… وكم كان مختلفا تماما وهو يتحدث عن الطقس ومواضيع أخرى كثيرة لا تمت للجنس بصلة.. شعرت بأنه مختلف ولم أشأ أن أضيعه، لذا عندما سألني عن نفسي وجدتني أكذب ربما للمرة الأولى في حياتي عندما أخبرته بأنني ما زلت طالبة في العشرين من عمري، إذ ماذا سيقول عنى لو عرف أنى متزوجة؟ سيقول امرأة لعوب بلا شك.. استمرت المحادثة بعض الوقت عرفت فيها الشيء اليسير عنه، ولكنه كافٍ لأن أتعلق به فهو رائع في كل شيء يكفيني أنه إنسان محترم في مكان غير محترم على الإطلاق عرفت أيضا أنه لا يدخل هذه المواقع إلا نادرا لقتل الوقت فقط.
المهم في نهاية المحادثة سألني عن عنواني الإلكتروني فاعتذرت وافترقنا بدون أمل أو وعد بلقاء آخر، في اليوم التالي بحثت عنه كثيرا ولم أجده، في اليوم الذي يليه استطعت الحصول على بريده الإلكتروني وبعثت إليه برسالتي الأولى والتي أذكره فيها بنفسي وأخبره بحقيقتي وهي أنني متزوجة وأكبره بـ 5 سنوات وعندي أطفال، نسيت أن أذكر أن له صورة فوتوغرافية في الصفحة التي تحوي معلومات شخصية عنه، وأنها كانت من أهم أسباب تعلقي به فهي أكثر من رائعة.
المهم رد عليَّ في اليوم التالي بأنه سعيد بمقابلتي مرة أخرى وبأنه سعيد بصراحتي معه، وبأنه أضافني إلى الماسنجر مع وعد بلقاء قريب، وفعلا في اليوم التالي تلاقينا صدفة وتحادثنا طويلا وعرفت أن والده أجنبي من أصل عربي وأمه آسيوية مسلمة وأخته الوحيدة متزوجة وتعيش بالخارج، وهو مسلم بحكم الوراثة فقط، إنه حتى لا يتكلم العربية وما زال يدرس في إحدى الجامعات بالخليج، حيث يعمل أبوه مستشارا للعائلة المالكة هناك صورة وردية جدا وجذابة جدا أليس كذلك؟
بصراحة شعرت بانجذاب نحوه ساعد على ذلك صورته الأمريكية وبساطته الفطرية في الحديث فهو كطفل صغير حين يفكر أو يحزن أو يتكلم في البداية طبعا سألني عن زوجي وأخبرته بأنني أحبه وأحترمه ولا توجد عندي مشاكل من أي نوع سوى احتياجي لصديق مجرد صديق طلب أن أعده بأن تكون صداقة حقيقية بمعنى ألا أتركه فجأة بدون أسباب، وعدته بذلك وأنا صادقة في وعدي له إلى الآن، أخذت على عاتقي مهمة تعليمه اللغة العربية وبعض الأدعية الدينية ودعوته إلى الصلاة وقراءة القرآن، وطبعا تطلب هذا استعمال المايك للتواصل، ولا أخفيكم أمرا إذا قلت أن صوته كان السبب الثالث لتعلقي المحموم به، فهو عذب حقا وطفولي أيضا، فكملت صورته تماما عندي، لا تظنوا أنني وقعت في حبه، لا وألف لا.. كيف تحب امرأة رجلين في وقت واحد؟؟ لو حدث لقلت، إنني هنا لأقص عليكم الحقيقة كاملة بدون أي مواربة، الدليل على ذلك أنني فكرت في ابنة إحدى معارفي كزوجة له، ولكنه طلب تأجيل الأمر لحين تخرجه من الجامعة، المهم أننا نقضي الوقت في شيء مفيد دائما وهو يستجيب للتعلم بشكل رائع، حتى أنه ذهب للجامع لأداء صلاة الجمعة، ولقد بكت أمه من الفرحة، وليتكم تسمعون وصفه لإحساسه بالمسجد لأول مرة، أكثر من رائع، أنا أيضا أستفيد؛ أحسن من لغتي الإنجليزية أثناء الحديث معه، والحق أنه صديق ممتاز، فأنا لم أعد أشعر بالوحدة على الإطلاق، بل بالعكس أصبحت أنتظر سفر زوجي بفارغ الصبر حتى أستطيع التواصل معه مرة أخرى!
طبعا في البداية شعرت بتأنيب الضمير فسألت أحد الشيوخ في موقعكم إذا كان ما أفعله حرام أم لا وهل أخبر زوجي أم لا؟، فأجاب بأن هناك فتوى في السعودية تبيح الكلام بين الجنسين في مجال الدعوة ولكنه غير مستريح لها لما فيها من تأليب القلب على الزوج، ونصحني بعدم إخبار الزوج، عملت بالنصيحة الثانية وتجاهلت النصيحة الأولى، وفي إحدى المرات سألت صديقي عن هذه المشكلة فأجاب بأن علي استئذان زوجي، وإذا رفض فإنه ينصحني بطاعة زوجي لأنه لا يتخيل أنني أخطئ، لم أقدر بالطبع على إخبار زوجي، لأنني موقنة برفضه فهو متشدد جدا وهذه هي المشكلة الكبرى.
قرأت ملفكم عن الشات وكيف أنها خربت بيوت، ولا أحب بالطبع أن يكون بيتي هو التالي، ولكن ماذا أفعل؟ إنني لم أخطئ، ولم أقل أو أسمع كلمة واحدة تخدش الحياء فهو يناديني بأختي في الله، ودائم السؤال عن زوجي وأولادي، ويفرح جدا عندما يحين موعد عودة زوجي لأنني سأكون سعيدة كما يقول، إنني أستطيع تركه بسهولة لأنه سيتفهم موقفي وهو توقع مني هذا الموقف إذ أنه دائما ما يسألني متى سأتركه مرة أخرى للضياع وأصدقاء السوء؟؟ ليس عندي أي ذرة شك فيه، أصدقه تماما بملئ إرادتي، إنه لم يكذب في شيء ولا أنا، أعلم أن علي تركه، شيء بداخلي يخبرني بذلك، ولكن لماذا؟ لماذا أرجع وحيدة مرة أخرى؟ وهناك من يحتاج إلي وأحتاج إليه؟ والله أعلم بالسرائر، هل يمكن أن تشيروا علي بالحل؟ وجه جديد من وجوه الشات ومشكلة جديدة، أليس كذلك؟
وفقكم الله إلى إعانتي في أقرب وقت ممكن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وجزاكم الله خيرا.
4/11/2021
رد المستشار
أختي الكريمة.. هناك رسائل آخذها معي في حقيبتي وأتحرك بها، وأتأخر في الرد عليها عامدا، لأن ذلك أفضل عندي من إجابة متسرعة تضر أكثر مما تنفع، أو تأخذين ببعضها، وتتركين الآخر كما فعلت من قبل!! وهذه المقدمة الصغيرة هي بمثابة شرح لسبب تأخري في الرد عليك، وإن كانت ليست تبريرا له بأي حال من الأحوال.... فمعذرة.
يمكن الإجابة على قصتك بأكثر من طريقة سهلة، فيمكنني أن أقول لك مثلا إن السلامة لا يعدلها شيء، وأن تدعي ما يريبك إلى مالا يريبك، أو أن تستجيبي للشيء الذي بداخلك الذي يخبرك بأن عليك تركه، ولكنني سأفعل غير ذلك، وأثق في كل كلمة تفضلت بها تماما، وأقول لك: أولا شعورك بالفراغ والوحدة يعني أن لديك عقلا ووقتا يحتاج إلى استثمار، وطاقة حياة وفعل، وأهدافا عليا تظهر في ثنايا كلماتك، فلماذا تقتصرين على صديق واحد، ونشاط واحد هو محادثته؟!!
ولماذا تربطين بين هذا كله، وبين انشغال زوجك أو تشدده؟!! بالطبع أنت مطالبة بتخطيط أفضل لوقتك مع زوجك -عندما يكون متاحا- ومطالبة بتنبيهه إلى أنه ينبغي ألا يفرط في الانشغال بعمله على حساب بقية واجباته وعلى حساب بيتكما، فكما أن لعمله عليه حقا يقوم به، وكما أن لربه عليه حقا يحاول الوفاء به، فإن لبيته وأهله عليه حقا، والتوازن في أداء الحقوق هو التحدي المفروض على كل مسلم، والتوجيه النبوي في ذلك واضح "فأعط كل ذي حق حقه"، ولكن من ناحية أخرى تتكرر شكاوى الزوجات من انشغال أزواجهن بالعمل، فهل المطلوب من الزوج أن يكون "مسليا" يذيع الأخبار بالنهار، ويروي الحكايات بالليل ثم يقوم بواجبه الزوجي، ولا يترك زوجته حتى يغلبها النعاس وتنام، فيصبح بذلك الزوج الوفي البار، المحب العاشق!!
وحضرتك يا أختي – واسمحي أن أخاطبك هكذا– تجلسين في منزلك، وتقضين شئونه التي لا تبدو صعبة عليك؛ لأنك كما أتصورك لديك ذكاء وهمة، وزوجك يعود مقطوع الأنفاس من الجري على الرزق، وهو شخص عملي أصلا فمن أين ستأتي الرومانسية هنا؟!، تكررت في رسائلك سابقة نفس الشكوى تجاه الأزواج، ولست منحازا إلى جنس الرجال كما تعرفين، ولكن "الرحمة حلوة" كما يقول المصريون، والرومانسية معادلة ذات طرفين، وخيرهما الذي يبدأ، فماذا فعلت في هذا المجال؟!!
ثانيا: سأصدقك حين تقولين أنك تشعرين بالوحدة رغم كل شيء، وأنا أعرف الوحدة، وأعرف وحشتها، وأعرف شعور الارتباط الوجداني بين الناس، وسأصدقك عندما تقولين أن أهداف هذا الارتباط الأخوي الإلكتروني هي تقوية لغتك الإنجليزية والقيام بواجب الدعوة إلى الله علاوة على تبديد السأم الناتج عن الوحدة، ولكن لماذا يقتصر هذا العمل الجليل على شخص واحد بعينه؟! ولماذا تكون العلاقة بالصوت والصورة والشات؟! لماذا تسيرين بالأمور في هذا الاتجاه الحرج بينما في الأمر سعة؟! لعلك ستقولين إن صورته كانت موضوعة في صفحة ما على الإنترنت، وإن الصوت كان لازما لتعليم اللغة والتلاوة، وسأصدقك أيضا لأنني وعدتك بذلك، ولكن لماذا تقتصرين عليه هو وحده فقط؟!
أقترح عليك وعليه أن تفتتحا مجموعة على موقع مجموعات "الياهوو" أو غيره من المواقع التي تقدم هذه الخدمة، ولتكن هذه المجموعة باسم "الجسر" مثلا، وتكون مخصصة لتواصل أمثال هذا الشاب مع جذورهم العربية والإسلامية، وبدلا من العلاقة الفردية بين طرفين تصبح علاقة جماعية ذات أطراف متعددة، ولدي أفكار كثيرة في هذا الصدد يمكن أن نتحدث فيها إذا أعجبتك الفكرة. إذا استطعت نقل هذه العلاقة إلى المجال العام، ودائرة تتسع لتشمل آخرين فإن هذا سيكون تصديقا لما تقولينه عن طبيعة العلاقة بينكما، وإذا لم تستطيعي هذا فلنتصارح أن العلاقة أصبحت شيئا آخر غير الذي تصفينه، أو إنها شيء آخر من البداية، وأنت لا تدركين.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الانتقال بأية علاقة إليكترونية من الفردية إلى الجماعية لا تكون تأمينا ضد الانحراف بها فحسب، ولكن تبدو أيضا تأمينا ضد هذا الشعور الثقيل بالفقد إذا انشغل أحد الطرفين أو انقطع لسبب أو لآخر، ورسالتك تحمل إشارة إلى هذا الشعور المؤلم، كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن إبداعك وإبداعنا جميعا لبرامج مختلفة متنوعة تناسب كل الظروف والأذواق والاهتمامات لاستثمار الوقت فيما يفيد تبدو مسألة ملحة، وتحتاج منا إلى عميق تفكير، وتوسيع تشاور وتحاور.
ثالثا: أذكرك أيضا ومجددا بأهمية إعادة تخطيط علاقتك بزوجك وأسرتك، لأن شعور أحد الطرفين بالوحدة هو مقدمة لأشياء أخرى قد تحدث في هذا المناخ غير الصحي بغض النظر عن وجود الإنترنت، وإن كان يجدر بنا هنا أن نشير إلى أن هذه الشبكة قد زادت من إحساس الناس بفراغ جزء من وقتهم وحياتهم، فكم من زوجة انشغل عنها زوجها بعمله، ومررت هي هذا أو تجاوبت معه دون شعور بأنها تقوم بتضحية كبيرة لأنه في الحقيقة لم يكن لديها بدائل، ولم يكن لديها ما يفاقم من شعورها بالوحدة وافتقاد الصحبة أو الحنان، الإنترنت سلط الضوء على هذه المساحة التي كانت هادئة أو مهمشة في حياة كل منا وفتحت الشبكة آفاقا جديدة لأنواع مختلفة من التواصل الجديد الذي يختلط فيه الشخص الفردي الحميم بالعام النافع المفيد، والانتباه لهذا قليل، والحذر واجب حتى لا يتورط الإنسان فيما لم يقصده، ولكن يمكن أن تغلبه طبيعة الأداة بما تتيحه من خصوصية وسرية، وقرب بين المتواصلين عبرها.
إن هذا التواصل الإلكتروني يمكن أن يكون الأفضل والأروع وبخاصة في ظل الحياة الحديثة التي من طبيعتها أن تجعل من لقاء الناس وجها لوجه، واجتماعهم في مكان – لمناقشة أمر أو ترتيب بشأن- مسألة صعبة فعلا، ولذلك يكون من الأسهل التواصل عبر الإنترنت بكل ما يحمله هذا التواصل من خصائص وتحديات، وأنا هنا لا أتكلم عمن تبحث عن علاقة عاطفية أو خاصة بوضوح، ولكن أتكلم عمن يبحثون عن استفادة صحيحة من سرعة هذه الأداة في الاتصال، دون أن يدركوا طبيعتها والتحديات الجديدة أو الخصائص المتميزة التي تحملها على المستوى الشعوري النفسي، أو الاجتماعي الجمعي.
رابعا: من أصدق ما حملته رسالتك في ثناياها هو ذلك الوصف البسيط الدقيق لروعة الوجود الافتراضي للإنسان، وهي ظاهرة جديدة على الجنس البشري، فلدينا الآن نوع من الوجود مختلف عن الوجود الطبيعي التقليدي المعروف بالشحم واللحم، ومختلف عن الغياب المادي المعروف!!!! إنه حضور خفيف لطيف ورائع حقا حين يتواجد الناس عبر كلمات ومعاني مختارة بعناية، وصورة منتقاة لامعة هي مجرد لقطة للحظة في جزء من الثانية يحتشد فيها الإنسان روحيا وجسديا فتكون أروع ما فيه غالبا، وتجري الاتصالات بين هذه الكائنات اللطيفة التي تتيح لها الأداة أن تتحرر من أثقالها وعيوبها، وكل سلبيات الوجود الإنساني الكلي فنكون أطيافا مجاملة حانية مؤدبة، طفولية أحيانا، حميمة غالبا، وتجري مقارنة "غير واعية" بين هذا الوجود الخفيف اللطيف اللامع وبين الحضور الإنساني الكلي للشريك بما يحمله من أثقال وأعباء وسلبيات، وغالبا ما تكون هذه المقارنة في صالح الوجود الافتراضي بسبب طبيعته الخيالية الحالمة، وغالبا ما يضاعف هذا من الشعور بالوحدة والفقد، والاحتياج للدفء والقرب، فهل تصح المقارنة بين طيف حالم، ووجود كامل؟! والتواصل عبر الإنترنت يخلق لدى ممارسيه حاجات عاطفية جديدة يكون مطلوبا من الشريك أن يتجاوب معها، ويكون مطلوبا من الممارس أن يعرف أنها حاجات جديدة ومختلفة في جزء منها، فهل لدينا وعي بهذا أو ذاك؟!!
خامسا: آن الأوان لنفهم الإنترنت كظاهرة هامة وخطيرة وغير مسبوقة، وأن ننتقل من الفرجة عليه، وعلى عالمه المسحور الجذاب إلى استكشاف آفاق استخدامه فيما يفيدنا من معرفة واتصال نحتاجها في كثير من نواحي حياتنا، ما زلنا في مرحلة الصدمة لم نغادرها، ما زلنا نتحاور هل ينبغي أن نفرض رقابة على الشبكة أم ننغلق أو ننعزل دونها، أم نتركها دون أدنى محاسبة؟!!
وآن لنا أن نفهم جميعا، وبخاصة الآباء والأمهات والمربيين، والشباب والبنات من مستخدمي الشبكة، أن لنا أن نفهم ما هي الإنترنت، وما هي آفاق استخدامها لخدمة أهدافنا كأفراد وجماعات وأمة لها قضاياها، آن أن نتغير فيكون لنا أهداف واضحة، وتكون لدينا معرفة عميقة بثقافتنا وشخصيتنا وأمراضنا الاجتماعية والسياسية وأن نكون دينا معرفة حقيقية بالعالم من حولنا، وقدرة على التواصل معه، لأننا نخوض اليوم معركة لم نكن مستعدين لها، معركة ليست بالسلاح التقليدي من صواريخ وطائرات بقدر ما هي معركة بالثقافة والوعي والإبداع والتحضر، وهي مفردات عشنا عقودا لا نتداولها أو نتعاطى معها إلا في أبراج المثقفين العاجية، بينما هي اليوم صلب التحدي المفروض علينا جميعا، فماذا نحن فاعلون؟!!
هل يمكن أن ننتقل من مقعد الضحية إلى موقف الفاعل النشيط؟!
تابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>: رائع في كل شيء: إنقاذ ضحايا الشات م