بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله
أنا شاب مغربي 30 سنة متدين والحمد لله.. هروبًا من البطالة وصعوبة تكوين أسرة في بلدي تزوجت منذ سنة تقريبا من امرأة فرنسية أعيش معها في فرنسا منذ أربعة أشهر. كنت دائما أعلم أن هناك فوارق كثيرة في العادات والتقاليد، لكن الحقيقة أن الحياة في فرنسا صدمتني، فما اعتقدته سابقا لا يمثل حتى العشر من الانحلال والانحطاط الأخلاقي الذي يعيش فيه الفرنسيون.
فزوجتي لها ثلاث بنات 12 و11 و6 سنوات، أنجبتهم دون زواج، ينتمين لهذا المجتمع، عاداتهن وأخلاقهن هي كمثل غيرهن من الفرنسيين، فكل البرامج التلفزيونية ماجنة ساقطة الأحاديث، والحوارات تخلو من أي احترام وكل المواضيع مباحة.
مع كل ذلك تزوجت منها؛ لأنها كانت دائما تقول إنها تريد زوجا مسلما؛ وإنها مستعدة للدخول في الإسلام، وهو ما اعتقدته أيضا وما شجعني، ولكن منذ وصولي بدأت أشعر أن حرصي على الصلاة وقراءة القرآن وعدم أكل اللحم الحرام، وغيرها من الثوابت كان يضايقها.
في الأسبوع الماضي زرنا أخت زوجتي بمناسبة عيد ميلادها، زوجتي والبنات ذهبن قبلي بيوم لأني كنت مرتبطا ببعض الأشغال، بعد وصولي اكتشفت أنها دخنت سيجارة وقامت بالتسوق مع زوج أختها وحدهما.
بعد ذلك بدأت اكتشف أنه ليس هناك أي حدود للحوار فلا تكاد تخلو جملة من الكلام الساقط إضافة إلى أن زوج الأخت يغير ملابسه في الصالون أمام الجميع، ويظل طوال اليوم مرتديا سروالا قصيرا ناهيك عن شرب الخمر.. لم أستطع تحمل كل هذا فقررت العودة.
عدنا ولكن حتى في المنزل ليس هناك اختلاف كبيرغير أنه ليس هناك غرباء؛
لهذا أنا بحاجة ماسة لنصحكم وإرشادكم.
15/1/2022
رد المستشار
أنت عندما اخترت الزواج في فرنسا، ورجحت هذا الاختيار على معاناتك في بلادك كان لديك عندئذ "عُشر" المعلومات عن هذه الحياة المختلفة، واتخذت قرارك بناءً على هذا القدر من المعلومات والمعرفة الذي كان متاحا لديك، أما الآن فقد اكتملت تسعة أعشار الصورة، وأصبحت في حاجة إلى إعادة التفكير وإعادة الاختيار.
أذكر أني كُنت جالسة في مكتبي يوما ما، ودخل عليّ رجلٌ قد تجاوز الستين من عمره يروي لي مأساة ابنه في الغرب، وكانت من المرات القليلة في حياتي التي أرى فيها رجلا يبكي هذا البكاء الحار، ويطرق كل باب للنجدة، ويستجدي النُصح والعون. الابن أساء الاختيار، وتزوج من فتاة غير مكافئة له فكريا وخلقيا ودينيا، فحاول أن يغض الطرف عن سلوكياتها طويلا إلى أن ضاق ذرعًا فبدأ يضيق عليها، فما كان منها إلا أن أعلنت الحرب عليه والتحدي له.
إذا حدث هذا في مجتمعنا العربي فإن العُرف العام يكون في صالح الدين والخُلق، أما في الغرب فما حدث مع هذا الشاب هو العكس، فاعتبروه متطرفا ومتخلفا، وقاموا بتوفير مسكن لزوجته لحمايتها منه في إحدى دور رعاية النساء المضطهدات، ووجد الرجل نفسه غريبًا ووحيدًا في هذه البيئة، حتى إنه غير قادر على تطليقها وإلا حرم من نصف راتبه لتأخذه هي، وبالطبع هو لا يستطيع الزواج بأخرى، وبقي "معلقًا" على ذمته زوجة لا يدري عنها شيئًا، ولا يعلم أين تصحو وأين تنام.
أريد أن أقول أنك إذا أردت الحياة في الغرب، فعليك أن تدرك أنك ستكون غريبا مستنكرًا، وأن أي محاولة للاعتراض أو فرض القيود والضوابط حتى على أهل بيتك لن تُقابل إلا بالقوة. بالتالي فإنك مُخير بين الاختيارات التالية:
الأول: أن ترضى بالوضع الحالي وتغُض الطرف عن عاداتك وأفكارك المنافية "للحرية الفرنسية".
والثاني: أن تبحث عن فتاة أخرى فرنسية أو عربية مسلمة منذ فترة طويلة، ولا ترى "الإسلام" مجرد إيمان في القلب ينفصل عن السلوك والعمل، وتتأكد من ارتيادها للمسجد وحرصها على الصحبة الطيبة.
والثالث: أن تعود لبلادك لتبحث عن نفس المواصفات بين أهلك وفي وطنك.
أتصور أن الاختيار الأول مُستبعد وغير مقبول بالنسبة لك، وأن عليك أن تدرس الاختيارين الآخرين..
والله تعالى يقدر لك الخير بإذنه تعالى.