عندي سؤال
السؤال: في حالة محاولة أحد أقارب الزوج - كالأخ مثلا - الاعتداء على الزوجة ودعوتها لارتكاب الفاحشة، هل من الواجب عليها أن تخبر زوجها بذلك؟! مع علمكم بما يترتب على هذا الأمر من مشاكل بين أفراد العائلة، مثلا هناك أخ في الله أخبرني أن زوجة صديقه اتصلت به وأخبرته أن أخا زوجها يراودها ويطلب منها ارتكاب الفاحشة معه وأنها لا تستطيع أن تخبر زوجها بذلك لأنه سيحدث مشاكل كبيرة جدا، وطلبت منه أن يتحدث مع أخو زوجها ويصده عن أفعاله، وفعلا قام هذا الأخ بالتحدث مع أخو صديقه وصارحه بالموضوع وزجره وقرعه على أفعاله وهدده إن حاول ثانية التعرض لزوجة صديقه، وبالفعل لم يعد هذا الشاب يضايق زوجة أخيه، فهل ما فعلته هذه الأخت صحيح أم لا؟!.
وفي ذات السياق هل يعتبر سكوت المرأة أو الفتاة على تحرشات الغرباء بها وعدم إخبارها لزوجها
أو أحد من أهلها خيانة لهم؟!
11/2/2022
رد المستشار
أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين تتعرض امرأة للتحرش بأي شكل من الأشكال فإنها تحتاج أن تبتعد عن المكان الذي تم فيه التحرش وعن الشخص المتحرش, وذلك لحماية نفسها من تكرار هذا الفعل, وإذا كانت قادرة على المواجهة الحازمة للمتحرش, تلك المواجهة التي توقف التحرش من بدايته، فعليها أيضا أن تفعل ذلك لكي تغلق عليه الباب، خاصة إذا كان من الأشخاص الذين يتوقع أن تقابلهم في حياتها مرة أخرى.
وإذا انتهت المشكلة عند هذا الحد فهذا أفضل؛ لأنه يغلق الباب أمام شرور كثيرة يمكن أن تحدث في حالة الإفصاح عن التحرش. أما إذا وجدت في تقديرها أن هذا لن يوقف التحرش بها فإن الإفصاح يصبح إحدى الإستراتيجيات الهامة في المواجهة, ولكن يبقى السؤال من هو الشخص الذي تفصح له؟ فهذا الشخص ينبغي أن تتوافر فيه الأمانة والعدالة والحكمة والحصافة، ويفضل كلما أمكن أن يكون من محارمها، وهذا الشخص بتلك المواصفات سيتصرف كجراح ماهر، حيث يتدخل مع المتحرش بالقدر المطلوب لوقف التحرش، خاصة أن المتحرش دائما يحاول الاستفادة من السرية, فإذا وجد الأمر قد خرج إلى حيز العلنية حتى ولو لشخص واحد فإنه غالبا ما يرتدع عن فعله.
والأمر في مثل هذه الحالات يجب أن يظل في حيز ضيق بالقدر الذي يوقف التحرش ويحمي الضحية حتى لا يؤدي الإفصاح إلى حدوث صراعات لا يعرف أحد مداها خاصة أن أمور العرض والشرف تستدعي أكبر قدر من الحساسية والاستجابات العنيفة. أما في الحالة التي ذكرتها بالتحديد فهناك تحفظ على استعانة هذه الزوجة بصديق زوجها فهذا قد يفتح الباب لشرور أخرى، إذ ليس صديق الزوج هو الشخص الأمثل لمثل هذه المصارحات, فقد تنشأ مساحة من الخصوصية بينهما يتسرب إليها أشياء لا تحمد عقباها إذ قد أفضت إليه بهذا السر الخطير وأصبح بينهما أسرار خاصة ربما تحتاج للانفراد في الحديث أو المقابلات وهذا خطر آخر ربما يفوق خطر التحرش الذي تحاول تجنبه.
الأمر الآخر هو أن هذه الزوجة تحتاج أن تعيش في مكان بعيد عن شقيق زوجها الذي تحرش بها، ويمكنها أن تقترح ذلك على زوجها دون الإفصاح عن موضوع التحرش بشكل مباشر, كأن تقول مثلا :إنه من الشرع أن تكون لنا خصوصية كزوجين, وإن المكان الذي نعيش فيه مع أسرتكم لا يحقق هذه الخصوصية, وإنني أشعر بحرج من وجودي بالقرب من بعض أفراد العائلة ممن ليسوا بمحارم.
وإذا لم يفهم الزوج هذه الرسالة ربما تحتاج لأن تقرب الأمر بشيء من الحذر دون الإفصاح المباشر الذي يخشى منه حدوث فتنة عظيمة بين الإخوة والعائلة ككل. وإذا لم تجد هذه الزوجة في الأسرة من تفضي إليه بسرها لمساعدتها فيمكنها اللجوء إلى شخص محايد تتوافر فيه الشروط التي ذكرناها آنفا، كأحد علماء الدين المشهود لهم بالأمانة وحسن التصرف.