السلام عليكم
أعاني من عدة مشكلات مع ابني وهو الابن الأكبر، وأخته الصغرى عمرها 4 شهور وهو عمره 3 سنوات، وهذه المشكلات هي:
1-أنه اعتاد عادة مص الإصبع منذ أن كان صغيرا وهي ما زالت معه حتى الآن، وعندما سألت طبيبه الخاص قال إنها ستنتهي مع تطوره العمري، ولكن المشكلة أنه عصبي جدا وفى أثناء عصبيته هذه يعض على أصبعه بشدة وباليد الأخرى يقرص المتسبب في عصبيته، سواء كان أنا أو أباه.
2-عند رؤيته أي طفل غريب يصرخ فيه بصوت عال، وإذا كان بجواره يقرص الطفل بيده اليمنى ويعض أصبعه في يده الشمال لأن ابني "أشول".
3-يفعل نفس ما سبق في حال شعوره أي انفعال سواء كان حزنا أو فرحا.
4-دائما يتكلم بصوت عال جدا وفى كل الأوقات لدرجة أنني لا أستطيع التحدث مع والده في أي موضوع إلا في أثناء نومه.
5-دائما بجواري ولا يذهب للعب في غرفته بمفرده أبدا مهما كانت اللعب الموجودة مغرية له.
المشكلة الكبرى هي أننا في الغربة ولا يمكن أن يلتحق بأي حضانة في الوقت الحالي ولمدة عامين حتى نرجع إلى بلادنا؛ وذلك نظرا لاختلاف اللغة.
أرجو المساعدة وما يجب علي فعله معه حتى أخفف من الأعراض السابق ذكرها ومتى أبدأ معه في بداية تعليم الحروف والأرقام والكتابة حتى أستطيع تأهيله لدخول المدرسة عندما نرجع لبلادنا إن شاء الله؟؟
28/2/2022
رد المستشار
دعينا نلخص الأشياء الهامة التي وردت في رسالة سيادتك، وهي كما يلي:
1- الطفل هو الأول في الترتيب.. عمره 3 سنوات وأخته عمرها الآن 4 شهور.
2-مص الإصبع.
3-عصبي جدا.
4-يصرخ عند رؤية طفل غريب ويقرصه.. ملتصق بك.
5-صوته عال باستمرار.
6-الغربة.
والآن دعينا نستخلص الأعراض ونفسرها:
1-مص الإصبع (الذي ربما نعتبره هنا عرضا عصابيا).
2-سلوك عدواني: متمثل في القرص والصراخ في وجه أي طفل.
3-الالتصاق بالأم وعدم الاهتمام باللعب.
4-جذب الانتباه (الصوت المرتفع).
مص الإصبع قد يبدأ مع الطفل وهو ما زال جنينا في بطن أمه ويستمر فيه بعد ذلك؛ لكونه يعطيه الشعور بالراحة والسعادة، وهو أمر طبيعي ويزول بالنمو الطبيعي وقد يستمر حتى سن السادسة، ومشكلة مص الإصبع تكمن في تأثيرها على النمو الطبيعي للأسنان؛ فقد تشوه تناسق الأسنان.
أما ما يعنينا نحن في الطب النفسي هو المغزى والأسباب وراء هذه العادة خاصة إذا كانت بشكل مفرط وتصاحبها أعراض أخرى، فهنا من الممكن أن نعتبرها عرضا عصابيا خاصة مع وجود سلوك عدواني؛ لأن السلوك العدواني في الأطفال قد يشير إلى حالة من القلق والتوتر في الطفل يعبر عنها بالعدوان أيضا.
والالتصاق بالأم هو رغبة ملحة في الشعور بالأمان، والصوت العالي قد يكون وسيلة لجذب الانتباه.. إنه يصرخ لكي يقول أنا موجود.
لكن ما هي الأسباب المحتملة والكامنة وراء شعور طفلك بالغضب والقلق وعدم الأمان؟
-أخته الصغيرة، فحتى لو لم يبد شعوره بالغيرة منها بشكل مباشر، كأن يظهر سلوكه العدواني تجاهها، إلا أنه يظهره بشكل سلبي في أن يكون عدوانيا مع الآخرين، وربما يرفع صوته أيضا لشعوره أن هذا يضايقك، فهو عدوان عليك لأنك جئت بأخرى تشاركه فيك، فأنت دون أن تشعري سلبته جزءا من اهتمامك وأعطيته للطفل الصغير، وقد يزيد ذلك من تكرار وشدة مص الإصبع ليس فقط كتعبير عن القلق وإنما كنكوص نفسي لأنه ما زال صغيرا، وكلما زاد غضبه ربما كان مص الإصبع أكثر عنفا كنوع من العدوان أيضا لكن موجه لذاته.
الأمر الثاني الذي ربما يكمن وراء قلق وتوتر طفلك هو الغربة، لكن هل يدرك الطفل معنى الغربة؟
إنه يدرك معناها بشكل غير مباشر عن طريق والديه، لذلك عليك أن تسألي نفسك هل أنت متأثرة بشكل كبير بغربتك؟ وهل أنت نفسك قلقة ومتوترة أحيانا؟ حيث إنه من الواضح أنك تمكثين معظم الوقت بمفردك مع الأولاد.
إن شعور الأم بالقلق ينتقل حتما للأطفال دون أن نشعر، ويظهر غالبا في شكل أعراض لعدم قدرة الطفل على التعبير عن ذاته وشرح ما يضايقه.
لا شك أن الغربة قد تكون عاملا أساسيا خاصة إذا لم يكن هناك أصدقاء ومعارف وعلاقات اجتماعية تعوض الشعور بالبعد عن الأهل.
والآن دعينا نتكلم عن محاولة الحلول:
1-هدوؤك أنت شخصيا إذا كنت تشعرين بالقلق.
2-الاختلاط بالآخرين، والإكثار من العلاقات الاجتماعية.
3-تقليل حدة القلق عند طفلك بتقليل الشعور بالغيرة بالاهتمام به لأنه ما زال صغيرا، فاحمليه وهدهديه بين ذراعيك، والعبي معه.
اجلسي معه على الأرض واجعليه يقترح الألعاب والعبي معه كطفل لا كأم.. امزحي معه واجذبي -مثلا- لعبة في يده وقولي له لا هات هذه لي أنا وكأنك طفلة تتشاجر معه على لعبة.. لا تتعجبي فأنا أقول لك اجعلي الطفل بداخلك ينطلق في هذه اللحظات حتى تتقربي من طفلك.. هو لا يريد اللعبة هو يريدك أنت.
أيضا اجعلي له دورا إيجابيا تجاه أخته لتساعديه على النضج والنمو النفسي؛ وذلك بأن يساعدك في أشياء بسيطة مثل إحضار ملابسها، أو إحضار فوطة أو كوب، واطلبي ذلك كأنك تطلبينه من شخص كبير كأن تقولي له لو سمحت ممكن تحضر لي كذا ثم تقولي له شكرا.
أي كأنك باحتياج حقيقي لمساعدته.. ولا مانع من أن نبدأ في تعلم الحروف والأرقام الآن لكن ليس كمهمة رسمية لابد من إنجازها، ولكن لنعتبرها أحد الوسائل لزيادة اهتمامك به.
إذن لابد أن تقدم بشكل يغلب عليه طابع اللعب والمرح كاستعمال بازل الحروف والبدء في تركيبها، وعليك مشاركته في ذلك بأن تضعي أنت حرفا ويضع هو حرفا بالتبادل مع نطق اسم الحرف، ويمكن أيضا استخدام الصور واستعمال الكمبيوتر والأقراص المدمجة لهذا الغرض.
إن شعور طفلك بالأمان سيقلل من حدته والإفراط في مص الإصبع، لكن في الواقع مص الإصبع قد يحتاج أيضا لبعض التقنيات الخاصة بتعديل السلوك للإقلاع عنه، ومن أهمها:
-التصحيح المتكرر بتذكيره باستمرار دون تعنيف.
-إيجاد البديل بإعطائه لعبة تشغل يديه كلما فعل ذلك.
-التنفير بوضع شيء مر -غير ضار بالطبع- كالصبار مثلا على الظفر، أو لف الإصبع برباط أو بلاستر، وأنا لا أشجع التنفير في هذه الحالة التي أرى أن القلق سبب أساسي فيها؛ لأن التنفير يعذب الطفل كسحب المخدر من جسد المدمن، واعذريني في التشبيه لكن هو حقا مؤلم للطفل، لذلك عليك بالوسيلتين السابق ذكرهما.
وفقك الله، وبارك لك في أولادك.