علاقة خير صارت تؤرقني
قصتي ليست جديدة بل هي النسخة المتكررة لعدة روايات متشابهة وإن اختلفت فيها الأدوار والأبطال، أرويها لعلي أجد إجابة شافية تنقذني من ورطتي. قيل إن اللسان العذب والكلام الدافئ هو ما يجذب المرأة للرجل وبحكم هوايتي الشخصية في كتابة الخواطر وعذب الكلام تعرفت إلى فتاة أعجبت بكلماتي وخواطري وأبدت لي إعجابها الشديد بشخصيتي وكتاباتي واستمرت تلاحقني لكي تتعرف إلي أكثر وأكثر.
بدأت تشكي لي عن همومها ومشاكل حياتها الشخصية واستجبت لها ويعلم الله أنني ما استجبت إلا مخافة من أن تكون ضحية ذئب بشري واعتبرتها أختي التي لم تلدها أمي، مرت الأيام والشهور ونحن على اتصال دائم ما بين المحادثة الإلكترونية والجوال.. وتعمقت علاقتنا وكبرت حتى أحببتها حبا جما، وللأسف رضخ قلبي إليها لأنني وجدت قلبا تائها أراد من يحتويه فسلمت قلبي لها حتى تعيش الحياة التي فقدتها بين أهلها..
هذه فتاة متزوجة تشتكي من زوجها ومن عدم اهتمامه وقلة حيائه في التعامل معها بل يكاد يبيعها إلى أي رجل دون ثمن لعلمه بعدم تقبله لها وعدم تقبلها له.. فقد أكرمها بحرية الحياة تحت وصايته ودون رقابة لتعيش كما تريد باسم الزوجية.
ذلك الرباط المقدس الذي استغله الوقح ليدمر حياة الفتاة التي وافقت أن ترتبط به ودون أن تعلم أنه أجبر على زواجه منها بضغط من أهله فأقام حجته ليسقط شرفها في أوحال العهر والفساد.. فقد صرح لها بحريتها في التعرف على من شاءت، وله أيضا أن يتعرف على الفتاة التي يحبها أو الفتيات اللاتي لا يجدن احتواء سوى العهر والمجون.
فقبلت هذه الفتاة المسكينة ورضخت لشرطه لأنها أم أرادت أن تحافظ على ابنها من الضياع بحجة هويته التابعة لأبيه الفاسق.. وهي الآن تكتوي بنار إهمال والديها وعدم اهتمامهم بقضيتها مع زوجها، وبنار هواها المفقود وقلبها المحروق وحبها التائه الذي وجدته عندي.
كل ما أريد معرفته.. هل أتركها تعيش حياتها كما تريد؟ أم أواصل علاقتي بها.. خاصة أنها متزوجة وزوجها لا يهتم نهائيا وكأن لا وجود لها عنده؟؟
فإذا تركتها لأجل الله فإنني أخوف ما أخاف عليها أن تخونها عاطفتها فتتجه إلى قلب ذئب يفترسها فيفقدها شرفها بين الناس..
فماذا أفعل؟؟
14/5/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. هل تعلم يا أخي الكريم متى تصبح حياتنا على الأرض أفضل؟ إنها ستصبح هكذا عندما ينشغل كل شخص بمسؤولياته هو، ويحاسب نفسه على أخطائه هو، ويسأل نفسه: ما الذي يجب علي أنا أن أقوم به.
أنت تحتاج أن تتناول المشكلة من هذه الزاوية، وكذلك هذه السيدة تحتاج أن تفعل هذا أيضًا.
ودعني أبدأ بها هي أولا ... فهي عليها أن تكف عن تعليق أخطائها على شماعة زوجها، فهي دائمًا تتحدث بصيغة المفعول به، ولم تنشغل بمحاسبة نفسها، ولم تسأل نفسها: ما الذي يجب عليّ -أنا- أن أفعله!!
هي تزوجت من رجل "ديوث" لا يغار على شرفه وعرضه، وهذا وضعها أمام اختيارين لا ثالث لهما:
إما أن تُطلق منه، وتبدأ حياة عفيفة مع غيره، أو حتى دون زواج كغيرها من آلاف المطلقات والأرامل، اللاتي يحافظن على شرفهن برغم الحرمان، والاحتياج، وإما أن تستمر على ذمته، وتقبل حياة العهر والمجون، وتكف أن تعيش في دور الضحية الذي تستجدي به العطف ثم الاهتمام ثم الحب، ثم الجنس منك، أو من غيرك ... وأيًّا كان اختيارها، فهي حرة فيه، ولا يوجد أي معنى أن تحمل زوجها الإثم أو تحملك أنت المسؤولية.
والآن أنتقل إليك ... يا أخي الكريم أنت لست مسئولا عن الدعم النفسي للزوجات المهجورات من أجل حمايتهن من الخيانة الزوجية، ولست مسؤولا عن ممارسة هذه الخيانة معهن -الآن أو لاحقًا- لتقوم بدور البديل عن الزوج الديوث الظالم!!
أنت مسؤول عن نفسك وعن عفتك، فلا تضع نفسك أنت أيضًا -كما فعلت هي- في دور "الضحية"، ولا تقول: هي التي تطاردني وتلاحقني، وكذلك لا تضع نفسك يا أخي الكريم في دور البطل الذي يمارس علاقة غير شرعية مع امرأة متزوجة باسم الحنان والعطف والاحتواء.
لعلك تتعجب من حديثي عن علاقتك بها، وعن وصفها بأنها غير شرعية، وأنها شكل من أشكال الخيانة الزوجية، فهذه هي الحقيقة -وإن كنت تحاول إقناع نفسك بغير هذا- فالعلاقة بين الرجل والمرأة تتطور. ولا تتوقف عند مرحلة ثابتة، وأنت نفسك تؤكد هذا، فالأمر قد بدأ بالعطف والشفقة وتحول إلى حب واهتمام، وسيتحول -بكل تأكيد- لمراحل أكثر خطورة قريبًا جدًّا.
اسأل نفسك: ما هي مسؤولياتي؟
والإجابة أيضًا هي أحد طريقين: إما أن ترى أن هذه المرأة مستأمنة على بيتك، وشرفك، فتسعى في طلاقها من زوجها الفاسد، ثم تتزوجها أنت.
وإما أن تدعها وشأنها، فإن سقطت عندئذ في يد ذئب بشري آخر، فهذا اختيارها، وإذا قبلت على نفسها الوقوع في الرذيلة، فأنت لست مضطرًا أن تكون شريكًا لها.
وأعود لما بدأت به، انشغل بمسؤولياتك، وافعل ما هو بيدك، فتزوجها أو اتركها، واطلب منها أيضًا أن تنشغل بمسئولياتها وقراراتها، فتختار العفة أو الانحراف، تختار استمرار الزواج، أو الطلاق وتكف عن تعليق جرائمها على شماعة زوجها، فهو أيضًا له مسؤولياته، وله حسابه عند الله.
"وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)" (سورة الإسراء).