الوسواس يدمر حياتي
السلام عليكم. أنا أصبت بالوسواس منذ سنة تقريبا وبدأت العلاج وأنهيته وقد عالج لي بحمدالله الأمور المتعلقة بالنظافة وتكرار الوضوء والصلاة بشكل كبير.. ولكن تكمن مشكلتي الكبيرة جدا في الصوم والآن شهر رمضان أعاني كل يوم... أعيد الصلوات لنطقي الغير صحيح وشرود الذهن ونظري لمكان غير موضع السجود ونسياني الركعة واعتقادي بأني نسيت جزء من الصلاة...
ومشكلة أخرى وهي الغسل من الجنابة سواء الشك في الغسل نفسه والحاجة إلى الغسل.. مثلا عند استنجائي لمست إفراز شبه لزج ولكني متيقنة ألف بالمائة أنه ليس مني يتطلب الغسل. ولكن أقول الغسل أهون أم تضييع رمضان والصلوات؟ فأقول لا قومي اغتسلي ونبدأ من جديد هل الغسل صحيح؟ وبعد انتهاء الدورة هل كانت الدورة انتهت أم كان يجب أن أنتظر وهكذا؟؟
ناهيكم عن ابتلاع شيء خرج من المريء مثلا وقطعة من الشفة لأني أقطع شفتي عندما يشرد ذهني.. وطبعا هذا لا يضيع وقتي فقط بل يضيع عقلي وروحي وأكاد أشعر بالاختناق والرغبة في ضرب نفسي.. أقول حسنا أنا موسوسة والشيوخ يطلبون مني التغاضي عن كل ما أفكر به ولكن كيف أضمن أني غير آثمة كيف أضمن أني فعلت كل شيء بشكل صحيح؟
تعبت وأفكر بتناول الدواء مرة ثانية رغم أنه لم ينجح في مساعدتي بهذا الأمر سابقا لأني أرى أن الصوم وصلوات الصيام صعبة إذا يتطلب قضاءها أما خارج رمضان فالأمر يكون أهون.. ساعدوني وجزاكم الله خير
31/03/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "سمية" وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مجانين
أما القلس ومشكلتك مع في الصيام، فهو أيسر مما تتصورين، ففي مذهب الحنفية أن خروجه إلى الفم وابتلاعه عمدًا أو بغير قصد لا يفطر، فلا تفكري فيه ولا تحاولي إخراجه ولا بصقه، وما فعلته في الماضي لا يفسد صومك فهو صحيح في ذلك المذهب، ثم إن اللهاة مكانها بعد الحلق ومخرج الحاء والخاء... وهذا التفصيل إنما هو تدقيق موسوسين، فاتركي التدقيق وقلدي مذهب الحنفية.
وابتلاعك للجلد الذي تقشرينه من شفتك حال شرودك وسهوك لا يفسد الصيام أيضًا، فأنت غير ذاكرة للصوم في هذه الحالة...
ثم تعجبت من قولك: إن الصوم وصلوات الصيام صعبة إذ يتطلب قضاؤها! وهل صلوات غير رمضان لا تقضى؟!!
بالنسبة للطهارة والغسل: الشك في الغسل نفسه: يكفي الموسوس ظنه وصول الماء إلى جسده بنسبة 50% حتى يصح غسله، ونسبة 50% يعني الشك! فإذا شككت هل وصل الماء إلى عضو من الأعضاء أم لا؟ فغسلك صحيح تام، هذا ما ذكره العلماء في كتب الفقه.
أنت تريدين أن تكون أعمالك صحيحة مقبولة عند الله.. هي صحيحة هكذا ومقبولة؛ فأنت تتبعين الأحكام الشرعية الخاصة بك، تمامًا مثلما أن السليم يتبع الأحكام الخاصة به، لا تقيسي نفسك على غير المرضى، لا علاقة لك بأحكامهم، ولا تطالبين بها... اهتمي بتطبيق ما أمرك الله به كموسوسة
ونفس الكلام يقال بالنسبة للصلاة، إذا شككت في سلامة النطق، أو عدد الركعات، أو غير ذلك، فيكفي هذا الشك ليحكم الشرع على صلاتك بالصحة والقبول!! كيف هذا؟ يمكنك الرجوع إلى مقالات "منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري" ففيها شرح ذلك كله، وفيها الأصول التي استند عليها العلماء في استنباط أحكام الموسوسين المساكين.
ثم أنت ترين كيف أنك تغتسلين رغم قناعتك التامة ويقينك بنسبة ألف بالمئة أن ما ترينه ليس منيًا، أليس هذا من التنطع والتشدد في الدين؟ أين الاحتياط والغسل لا يجب عليك بيقين؟!! تحتاطين من ماذا؟ صلواتك صحيحة مع يقين الطهارة لديك، والصوم يصح مع الجنابة أصلًا، حتى لو صمت دون اغتسال يقينًا فصومك صحيح .. وعليه فإن غسلك تحصيل حاصل، وعذاب، وسير خلف وساوس الشيطان، وتسبب في زيادة مرضك. وهل يقول عاقل أن فعلك هذا صحيح؟ إذا كنت تريدينه صحيحًا فاسمعي كلام الشيوخ الذين ينصحونك بعدم الانسياق وراء الوسواس وعدم الاستجابة لما يأمرك به.
وإذا قلنا إن أعمالك صحيحة ومقبولة عندما تشكين، فهذا يعني أن عليك الاستمرار في طاعاتك دون إعادة أو تكرار أو قلق، أنت تريدين أن تكون طاعاتك صحيحة عند الله تعالى، والله يقبلها منك هكذا...
التجاهل والمضي في العمل مهما كانت قناعتك في صحته هو العلاج الأمثل لك، نحن يهمنا أن تقومي بأعمالك اليومية كغيرك، دون قلق، ودون أن تخسري عمرك، ولا يهمنا ما بقي يجول في ذهنك من أفكار مزعجة...
أعانك الله على التطبيق ووفقك