السلام عليكم
أنا طالب في سنة رابعة طب، لي زميلة معي في الكلية أحبها بجنون لأنها محترمة ومتدينة ولبسها محترم. خلال هذه المدة لم أتكلم معها ألا أربع أو خمس دقائق وذلك للحفاظ عليها؛ حيث إنها لا تكلم أولادا إطلاقا.. في السنة الثالثة غابت عن الكلية لمدة أسبوع فحصلت على رقم التليفون من دليل التليفون وليس منها، واتصلت بها لكي أطمئن عليها وأهلها يعرفون، والحمد لله تم شفاؤها ثم توالت الاتصالات بعد ذلك حوالي عشرين مرة، جميع هذه الاتصالات يعرفها أهلها وأنا الذي أتصل.
المهم زاد احترامي لها خلال هذه الاتصالات حيث إنها لم تطلب مني رقم تليفوني حتى الآن، وقالت لي حينما طلبت منها أن تقص أظافرها لأنها طويلة قليلا: إنها تتعمد ألا تفعل أي شيء أنا أطلبه منها، وعرفت أيضا أنها متدينة؛ حيث إنها مواظبة على الصلاة وختم القرآن مرتين في رمضان والأيام العادية وصلاة التراويح.
ولكني الآن قررت ألا أتصل بها ثانيا خوفا من الله ولأنها إذا كانت من نصيبي فلن تكون لغيري وبعد التخرج سأطلبها من أهلها مباشرة لأني أحبها بجنون ورأيت ذلك الحب في عينيها، وحتى أدخل البيوت من أبوابها كما أمرنا الله ورسوله.
ولكن ينتابني الآن أوهام ووساوس تقول لي إنها غير محترمة لمجرد أنها ردت علي في التليفون حينما كلمتها، مع العلم أن كل هذه الاتصالات كانت تدور في الطب والدين فقط.. فهل هذه الأفكار حقيقة أم أوهام لأني أغير عليها بشدة؟؟ والسلام عليكم.
25/4/2023
رد المستشار
الابن الكريم،
رسالتك تجسد وبوضوح أسلوبا ونمطا للتفكير السائد بيننا والذي ينبع من عادات وتقاليد بالية لا نستطيع مقاومتها، ونكتشف بمرور الوقت أنها رغم رفضنا الظاهري لها فإنها تتغلغل وتتسرب بداخلنا وتؤثر بشكل أو بآخر في تصوراتنا وبالتالي في حكمنا على الأمور وفي قراراتنا وسلوكياتنا.
وأحسب أنك الآن تسأل ما هي هذه التقاليد البالية التي تدخلت لترسم تفاصيل مشكلتي التي أحدثكم عنها، وأقول لك هي التقاليد الخاصة بالفارق بين الشاب والفتاة وحرية كل منهما في أن يقيم علاقات مع الطرف الآخر، ورغم أن ديننا يحاسب كل مخطئ ومتجاوز -بغض النظر عن جنسه- رغم هذا تجد ممارستنا وتصوراتنا لا ترفض أن يقيم الشاب علاقات متعددة وتجارب سابقة مهما كانت درجة التورط (وذلك لأن الرجل لا يعيبه شيء كما هو شائع عندنا)، وفي المقابل نجد أن كل فتاة تستخدم الهاتف أو الإنترنت هي في تصوراتنا فتاة متهمة وغير سوية وغير مستقيمة، ولا بد من أن نشك في أخلاقياتها.
ولأدلل على ما أقول يمكنك مطالعة مشكلتي:
"لا تقليدي ولا هاتفي: ماذا يريد الرجال" و"خطبها.. ثم قال: لا أتزوج فتاة إنترنت!!"، ويمكنني أيضا أن أقص لك قصة لشاب كان يمتدح أخلاقيات زوجته التي عقد قرانه عليها ويقارنها بزوجة أخيه وذلك لأن زوجته هذه لم تحضر لزيارتهم في منزل العائلة، وذلك على الرغم من أن والدته كانت مقيمة دائما بالمنزل ولا تفارقه مطلقا، وهذا بالإضافة لتواجد باقي أفراد العائلة في نفس المنزل؛ فأين العدل في هذه التصورات وأين حكم الدين؟
أنت يا بني أحببت هذه الفتاة، ومن الواضح أنك إنسان تحرص على أن تتقي الله في كل أفعالك، ولكن تقواك هذه لم تمنعك من أن تبحث عن تليفون هذه الفتاة وحادثتها مرات متعددة بمعرفة أهلها، وجميع الأحاديث كانت حسب قولك تخلو من كل ما يشين، والآن تثور في نفسك وساوس تؤكد أن هذه الفتاة غير محترمة، فإذا كانت هذه الفتاة غير محترمة فاعذرني إن تجاوزت في اللفظ لأقول لك إنك بمقياسك هذا تكون أقل منها احتراما؛ لأنك أنت من سعيت لمعرفة تليفونها، ولأنك أنت الذي تداوم على الاتصال بها، كما أنه من الواضح أنك تتصل بها بدون علم أهلك.
بني الكريم،
من الواضح أن هذه الفتاة قد أدركت أنك تنوي أو ترغب في الارتباط بها، وأنها وجدت في اتصالاتك التليفونية بمعرفة أهلها فرصة ليتعرف كل منكما على الآخر قبل أن تعلنا ارتباطكما الرسمي، فإذا كنت تعتبر أن ما فعلته خطأ فلقد كان خطؤك أكبر.
وفي النهاية الأمر متروك لك، فإذا وجدت أن كلماتي لم تفلح في أن تنزع عن عقلك هذه الوساوس التي تتهم الفتاة وتسيء إليها فاصرف نظرا عن الموضوع برمته، ولا تعذب الفتاة معك بشكوكك ووساوسك، ولا تحاول مرة أخرى التواصل بأي وسيلة مع من تريدها زوجة لك حتى يتم الارتباط المعلن.
واقرأ على مجانين:
خطبها ثم قال.. لا أتزوج فتاة إنترنت!
لا أتزوج فتاة إنترنت : جولة مع فقه الرعب م