أنا شاب أبلغ من العمر 31 سنة؛ وأعول أسرتي –ولله الحمد- بعد وفاة أبي، وأنا مغترب عنهم في بلد آخر، والمشكلة هي أنني أرغب بالزواج؛ ولكني غير قادر على التكاليف، وأنا أكبر أخوتي، وأهلي يرغبون في تزويجي ولكن لا يوجد مال؛ لذلك فكرت بالزواج من امرأة عمرها 36 سنة، وهي طبيبة ولم يسبق لها الزواج، ولكن أهلي عارضوا الفكرة، ولم يقبلوا بها، وأنا أفكر الآن بالزواج من هذه الفتاة بدون علم أهلي؛ لأنها لا تطلب مهرًا، وزواجي منها لا يكلفني أي عبء مادي، ولم تشترط علي سوى أن ننجب أطفالاً من هذا الزواج، فما رأيكم في هذا الموضوع،
مع العلم أنني أخاف على نفسي من الانحراف، كما أنني لا أملك مالا للزواج، وتكاليف الأسرة تزيد كل يوم بسبب كبر أخوتي وحاجتهم للتعليم وغير ذلك..
وجزاكم الله خيرا
22/5/2023
رد المستشار
أخي العزيز: بارك الله فيك، وفي أمثالك ممن يتحملون المسؤولية، ويريدون العفاف، ويخافون على أنفسهم من الانحراف.
الفكرة التي تطرحها حلاً لمشكلتك يمكن أن تكون مطروحة أمام كثيرين، فهناك نساء كثيرات تأخرن في الزواج لسبب أو لآخر، ولذلك فهن يقتصدن - بحكمة - في المطالب المادية، وتكاليف الزواج؛ تشجيعاً للشباب الأصغر على نكاحهن، وهذا مسلك مفهوم وعاقل يريد الحلال، ولله الحمد، ولكن السؤال هل يناسبك هذا الحل أم لا؟!
* والأصل في الزواج يا أخي أن يكون فارق السن بين الزوجين لصالح الرجل، وكذلك فارق المستوى الاجتماعي "إن وجد"، والمستوى العلمي..إلخ.
والخروج عن هذا الأصل ليس حراماً بالطبع، ولكنه مستنكر اجتماعياً، وربما يكون مدخلاً لبعض المشكلات فيما بعد، فهل يمثل ذلك لك شيئاً؟!.. كما إن الرغبة في إعفاف النفس والزوجة من أهم أركان الزواج، ولكنها ليست كل الأركان، فهناك القبول والاطمئنان والاقتناع تجاه الطرف الآخر؛ لأن رحلة الحياة يا أخي لا تخلو من مصاعب، وهذا يقتضي إحكام السفينة؛ لتستطيع مواجهة العواصف والأمواج.
وإرضاء الأهل مهم للغاية – خاصة في المجتمعات التقليدية – لأن الأسرة الجديدة لا تنفصل عن القديم، والروابط حين تتقطع يكون التحدي كبيراً من أجل إعادة وصلها من جديد، ولم يتضح لي من خطابك: من أي بلد أنت؟! وهذا مهم كما ترى.
فهل فهمت شيئاً من هذه المقدمات؟!.. أرجو ذلك حتى يمكننا التفصيل؛ فالحقيقة أن الأمر يحتمل اختيارات عدة، وأنت الذي تحسم شأنك؛ لأن كل اختيار من هذه الاختيارات لا يخلو من سلبيات:
فيمكنك أن تمضي قدماً في إتمام هذا الزواج الذي لا يكلفك مادياً، ويبدو حلاً مثالياً في مثل ظروفك، ولكن سيكون عليك أن تتحمل همسات المجتمع، وإنكاره الصامت، وكذلك ستكون فرصة إنجاب الأطفال أمامك ضيقة، ولعل الفارق العلمي يكون في صالح الطبيبة، لكن سيخفف من أثر ذلك كونها تطمح إلى الزواج والإنجاب بأسرع وقت، وأنت أيضاً تمثل حلاً مثالياً لها من جانب من الجوانب.
إذا اخترت هذا الطريق سيكون عليك أن تتحمل عيوبه كاملة بصبر وهدوء وحكمة، وتقول لنفسك الأمارة بالسوء، وشيطانك الوسواس، عند الغضب والضجر - الحادث في كل علاقة زوجية - نعم أنا أعرف عيوبها، وسلبيات هذه الزيجة، وقبلت بها راضياً منذ البداية، ولا محل للسخط على أمر تعرفه، وقبلت به.
وسيكون عليك أيضاً أن تستفرغ الوسع وزيادة في إرضاء أهلك، وإقناعهم بهذه الرغبة بناءً على اقتناعك أنت أولاً بها، ولا يكفي الاقتناع من ناحيتك؛ بل لابد من حب كبير واحترام عميق لهذه الطبيبة التي تفكر أن تتزوجها، فبهذا الحب والاحترام والاقتناع ستمر وتبحر السفينة، وتسير وسط الأمواج.. فهل أنت مقتنع بها بغض النظر عن مسألة الزواج الذي لن يكلفك شيئاً؟!
وإذا اخترت أن تصرف نظراً عن هذه الزيجة فستكسب رضا أهلك، وتخسر الطبيبة، وتخسر زيجة مريحة وغير مكلفة، وإن كانت لا تخلو من سلبيات كما أسلفت، وسيبقى التحدي الأكبر في خوفك على نفسك من الانحراف.. أنا أساعدك على الاختيار ففكر بهدوء لأنك لست أمام اختيار بين صواب وخطأ واضحين ، فهذا ربما يكون مطروحاً حين تكون جاهزاً مادياً، ولكنك أمام أمرين أحلاهما لا يخلو من مرارة، إذا أخذت أحدهما ستأخذه بحلاوته ومرارته فحدد أي الحلاوتين تريد، وعلى أي المرارتين يمكن أن تصبر. والله معك فاستخرّه يوجّهك إلى الأفضل.
وتقول لك الأخت سمر عبده من فريق استشارات مجانين:
لا أرحب بفكرة زواجك دون علم أهلك، خاصة وأنك لم تذكر لنا شيئاً عن أخلاقها وطباعها وهل تناسبك أم لا؟!
ولا يكفي أن تختارها من أجل مركزها العلمي والأدبي؛ ولأنها لن تكلفك شيئاً؛ بل لا بد من التكافؤ والتفاهم والاحترام المتبادل.
وأخيراً، رفقاً بهذه الفتاة الراضية بكل ما تطلب حتى الزواج سراً "دون معرفة الأهل"، فاحفظ لها كرامتها لتفخر بها أمام الجميع، خاصة أهلك وذويك، ولا تتزوجها إلا بعلمهم ورضاهم - مهما كلفك ذلك من جهد - وباقتناع كامل من جانبك عقلاً وقلباً.