بعد التحية، سعدت جدًّا بوجود بابكم الشيق الذي يعالج المشاكل النفسية، ووجدت فيكم بارقة أمل في حل مشكلتي التي بالرغم من وضوح حلها فإني أتغابى في مواجهتها وفهمها.
أنا معيدة في إحدى كليات القمة، وبدون إطالة تتلخص قصتي في أنه منذ أكثر من عام ونصف تعرفت عبر الإنترنت على شاب من نفس بلدي يعمل في الخارج وكان يقضي إجازته في الوطن. وتقابلنا في ثاني يوم لتعارفنا ووجدته جذابا بكل الطرق في الشكل والتصرفات وأسلوب الكلام. انجذبت إليه فقط لأنه نوع جديد لم أره من قبل فيمن تعرفت عليهم عن طريق الإنترنت، ولا أريد أن أشير إلى أنه في يوم من الأيام كان رأيي في البنات التي تقابل أولادا غرباء بدون أي صفة أنهن في منتهى الانحلال ودنو الأخلاق وهأنذا أفعل مثلهن.
تكرر كلامنا عبر طريق النت وبدلا من أن يكون بالصدفة كما كان كنا نتفق على الميعاد وحددنا موعدا آخر للمقابلة، وفي هذا اليوم تمنيت أن أقضيه كله معه وتقابلنا فعلا وجلسنا ما يقرب من الساعة، واستأذن مني أنه يريد الذهاب لمهمة ويمكن أن يعاود لقائي مرة أخرى بعد أن يقضيها. وودعته وداعًا مؤقت على أننا سوف نتقابل ثانية في غضون ساعات، ومضى أكثر من الوقت المتفق عليه ولم يعد ولم يتصل، وعندما اتصلت أنا لا أحد يجيبني.. وبعد نحو 5 أو 6 ساعات رد عليّ عبر الهاتف، وقد كان نائما في بيته وقال لي: ما زلت عندك؟ اذهبي إلى بيتكم حتى لا تتأخري... وعندما تركبين قولي لي وأنا سأكلمك. وبالرغم من قسوة الرد فإنني تظاهرت بيني وبين نفسي أنه مجرد معرفة له حق التصرف كما يشاء، وأنا أيضا كذلك، ومع ذلك طلبته بالفعل بعد أن ذهبت إلى البيت، ولكنه لم يرد وتعلل بعد ذلك أنه كان عند أخيه ولم ينتبه إلى التليفون، ومع ذلك لم أعر هذا اهتمامي بالرغم من تحذير أصحابي أن هذه الأفعال كافية لكي أقطع صداقتي به.
لم أهتم وعللت لنفسي أنه شخص عادي مبهورة به وبعد ذلك سوف يزول هذا الانبهار إلى العدم، ولكن العكس هو ما حدث فأصبحت أحدثه كثيرا رغم عدم اتصاله بي، وكذلك عدم رده على اتصالاتي العديدة، وكذلك كان يتحدث قليلا فالمكالمة لا تستغرق سوى بضع دقائق... وظللنا هكذا حتى عاد إلى البلد العربي الذي يعمل به، وأصبحنا نتقابل أكثر عن طريق الإنترنت يوميا. وبدأت أتقرب إليه وكان يساعدني على ذلك، وعندما أخبرته أني سأخطب وجدته مهتما بمعرفة ما إذا كنت سوف أتم الخطبة أم لا.. لفت هذا انتباهي إليه أكثر وكرهت مبدأ الارتباط بأي شخص حتى يعود وأراه مرة ثانية، وبعد ذلك يمكنني أن أتزوج أي شخص ولكن ليس قبل أن أراه، وأخبرته بذلك وسعد بهذا جدًّا.
وبدأنا نتقرب أكثر وأكثر وكنت دائما أحدثه بالتليفون لأسمع صوته رغم ندرة اتصالاته بي، ولكن كان يكفيني أن أسمع صوته وتقاربنا أكثر، وسألته هل تصرفاتي هذه تدل على أنه مجرد اهتمام أم أنه حب؟ فقال لي أنت الوحيدة التي يمكن أن تقرري هذا.. ولكن لا تتسرعي في الحكم على أنه حب لأن هذه الكلمة ليست سهلة ووراءها مسؤوليات كثيرة يجب أن تكوني أهلا لها... وفكرت مليا في هذا ووجدت نفسي أخبره بأني أحبه رغم اعتراضي على مصارحة الفتاة للولد بعواطفها ولكنني صارحته، وهو كذلك أخبرني أنه يحبني وأنه مهتم بي أكثر من أي فتاة أخرى يعرفها. وبدأ التعامل بيننا على أننا أحباء وليس أصدقاء في الكلام والتعبير عن المشاعر وأيضا في التحكمات مثل اللبس والخروج، ورغم بعده فإني كنت أنفذها كأنه أمامي رغم معارضتي لبعض الأمور، ولكن سعادتي كانت تكمن في إرضائه، وأحسست أني أسعد فتاة على وجه الأرض وأن هذا هو الذي أريده مهما كان ولسوف أتحمل معه أي شيء.
وكانت طريقة حديثه تشير من بعيد إلى أننا يمكن أن نظل معًا مدى الحياة، وأنه يستحيل أن يتركني بعد أن وجدني، وأنه عندما يعود سوف نتناقش في كيفية بقائنا معا، وأحسست بسعادة لسماعي كلامه هذا، وأخذ كلامنا محورًا آخر من الخصوصية رغم اعتراضي على ذلك منذ البداية، وعندما رفضت اتهمني بأنني لا أعرف معنى الحب ولا أحبه، وأخذ يحكي لي عن مدى قربه من خطيبته السابقة، وكيف أنه كان يعرف عنها كل شيء، وأنه تركها فقط من أجل الخلافات بين الأهل ليس إلا.. وبالرغم من تبريري أنها كانت خطيبته وأنا لا فلا يجوز له المقارنة بيننا، فإنه برر بأن الحب مشاعر والمشاعر لا تعرف الرسميات، يمكن أن أعامل حبيبي مثل زوجي أو خطيبي؛ لأني أتعامل على أساس المشاعر، ورغم اعتراضي وخلافاتنا على ذلك وجدتني أنساق إلى طلبه وعرف عني كل شيء حتى أدق خصوصياتي.
وأخذ كل مرة نتقابل فيها عبر الإنترنت يحكي لي عن تخيلاته معي وأحلامه بي، وبالطبع كانت أحلامه أنه يعاملني كزوج وزوجة نفعل معا ما نشاء، وأصبح لفترة كل كلامنا بهذا الأسلوب ورغم اعتراضي على هذا برر بأنه شيء جديد ولن يكون أسلوبًا دائمًا لنا للتحدث، ولكنه كان كذلك وأصبحت أراه عاديا رغم جرحه لإحساسي وشعوري بهذا الكلام.. ولكنه كان دائما يعلل أننا نحب بعضا ولا يوجد بيننا فاصل، ويجب ألا يكون بيننا إحراج أو حياء من أي شيء.
وقرب ميعاد قدومه، وتنفست الصعداء فقد كنت أوشكت على نسيان شكله ولولا صورته ما تذكرته، وأخذ يتحدث أنه لن يطيق صبرا عندما يراني فإنه يريد أن يقبلني وأن يحضني ويا ليته يستطيع أن يوفر لنا شقة ليعبر لي عن إحساسه بي، ومن غبائي أنني كنت أعتبر هذا الكلام على أننا سوف نتزوج فلم أتتخيل أنه من الممكن أن أذهب معه إلى شقة دون وجود رابطة بيني وبينه، ولم أعر الكلام اهتماما.. وانتظرت قدومه وطلبت منه أن يخبرني فور وصوله، ولكنه لم يفعل واضطررت الاتصال بأخيه الذي كان قد أعطاني رقمه من قبل لكي أطمئن على سلامة وصوله، ومضى الوقت ثقيلا عليّ فهو لا يطلب وأنا لا أعرف كيف أصل إليه إلى أن حدثني وأخبرني أنه لا يطيق صبرا على مقابلتي.. وبالطبع كنت أنا كذلك وظللت طوال الطريق إليه أقرأ سورة يس وأدعو الله أن يطلبني للزواج لأني أحبه جدًّا، وأريد أن أظل معه مدى الحياة.
وقابلته وركبت معه سيارته التي طالما كنت أرفض أن أركب مع أي شاب وأكره أي فتاة تفعل هذا، ومع ذلك فعلتها.. وفي أثناء وقوف السيارة في ساحة الانتظار التي كانت تخلو من المارة أخبرني أنه يريد أن يحضنني ويقبلني، ولم أرد عليه واستسلمت له ووجدت نفسي في حضنه ووجدته يقبلني وأنا لا أدري ماذا يحدث، ولكنني أحسست بأنها ليست هذه المشاعر التي أحسها في كلامي معه وأنه شخص مختلف.. وكنت قد أعدت له الهدايا لكيلا أعطيها له، أمسكها في يده بلامبالاة وقال لي "لم يكن لك حق أن تتعبي نفسك"، وأهداني هدية في قمة الحقارة، ويبدو أنها لم تكن لي ولكنه اضطر عندما وجدني أعطيه الهدايا.
وذهبنا معا إلى المقطم الذي وجدته يعرفه جيدا، وتعلل بأنه هو وعائلته يجيئون إلى هذا المكان وقد حفظ معالمه، ووجدته يريد أكثر من الحضن والقبلة؛ فهو يريد أن يلمس جسمي كله بلا حرج وبلا قيود، وبالطبع فقد رفضت هذا.. أحسست أنه تغير وعندما أخبرته أني أحبه رد عليّ بطريقة تهكمية "وأنا أيضا أموت فيك"، وطال الصمت بيننا على عكس ما كنت أتوقعه فقد تخيلت أننا سوف لا نمل من الكلام ولكن لم يحدث هذا، ووجدته يوصلني إلى المكان الذي تقابلنا فيه، ويخبرني بأن أذهب إلى البيت مباشرة، وأنه قد تعب ويريد أن يرتاح على وعد مني بالاتصال به فور وصولي للاطمئنان عليّ.
وبالفعل قمت بالاتصال به ولكنه كالعادة لم يرد عليّ ولم يهتم وتحدثت إليه بعدها بعدة أيام، وعاتبني بأني كنت "سخيفة"؛ لأنني لم أتركه يفعل ما يريد، وأنني لا أحبه ولست مشتاقة إليه كشوقه إليّ.. حزنت كثيرا لهذا، كما أحسست أنه شخص آخر مختلف في الكلام والأحاسيس والمشاعر.. وبعد لقائنا واتصالاتنا بعكس ما كنت متوقعة.. فقد كنت أتخيل أنني سوف أحدثه أكثر من مرة في اليوم، ولكن دائما كان لا يرد عليّ.
كما غضب مني ذات يوم عندما علم أني بمفردي في الشقة ولم أخبره لكي يجيء ويبيت معي، كان يتكلم في منتهى الجدية، وسألني: "وماذا تريدين أن نفعل وحدنا؟" قلت له: "نتكلم معا" قال لي: نتكلم!!!، قلت له: لم أكن أتخيل قبل هذا أنه يتحدث جديا في موضوع الشقة إلا عندما وجدت عصبيته الزائدة عندما أخبرته بأنه شخص آخر، وأنه قد تغير. وسألته عن السبب قال لي: لا يوجد شيء أنت تتوهمين حاجات مع نفسك... وعندما أخبرته أنه من الممكن أن أحله من كلمته لي ونظل أصدقاء بدلا من أحباب لكنه رفض وبشدة، واتهمني بالجنون وتقابلنا مرة ثانية ومرة ثالثة كانت مدتها قصيرة، ولم أفعل شيئا سوى إبعاد يده عني كلما لمسني، وفقدت الأمل في أي شيء، وعرفت أنه لا يريدني، وحاولت تقبل هذا وظللنا هكذا إلى أن عاد مرة ثانية للبلد العربي، ولم يتصل بي إلا قبل أن يستقل الطائرة وبعدها انقطع عني لمدة قرابة الشهر.
وكنت أرسل إليه ولا يرد عليّ، وعندما يئست فكرت أن أحدثه على أني شخصية أخرى ووجدته يرد علي ويريد أن يتعرف، وعندما أخبرته أنني أنا التي أحدثه وصف فعلتي بأنها "لعب عيال" وثار وغضب وتركني... وبعد ذلك كنا نتقابل بالصدفة ولا نجد ما نقوله، وشيئا فشيئا عادت المياه كما كانت، ولكنه لم يعد كما كان فقد كان باردًا معي ولا يعلق على عواطفي تجاهه، وإذا قلت له أحبك رد عليّ "ربنا يخليك" فقط. وشعرت بالتغير في شخصيته إلى النقيض. وأخبرني في يوم أنه لن ينساني ولا يستطيع أن ينسى عواطفي وإحساسي تجاهه، وعندما سألته أن هذا يعني أنه سيتركني، أنكر هذا بشدة.
وبعد فترة من الوقت وتطور علاقتنا طلب منى شراء كاميرا لكي نرى بعضنا لأنني قد وحشته كثيرا، وبالفعل أرسل لي حوالة بثمن الكاميرا... وأحضرتها ووجدته يريد أن يرى أكثر من وجهي ولا أعرف كيف أقنعني كالعادة أن يراني كزوجته وكنا نتعامل كزوج وزوجة عبر الكاميرا... ولكن هذا لم يدم طويلا ففي هذه الأثناء تقدم إليّ شاب كنت لا أقبله وكنت أحدث حبيبي عنه، وتساءلت بيني وبين نفسي ما مصيري في هذه العلاقة التي أشعر من داخلي بأنها غير سوية وأرفض تصديق هذا؟ وسألت حبيبي.. "أنا أريد أن أكون معك وأنت ماذا تريد؟" كانت إجابته بأنه لا يريد أن يعدني بشيء خوفا منه ألا يحدث ما وعدني به، وهكذا يكون قد ظلمني.
طلبت منه تفسيرا أكثر لهذا قال بأن أهله يريدون له الزواج من فتاة هو لا يحبها، وبالتالي هو لا يفتح هذا الموضوع مع أهله منذ فترة، ولا يستطيع أن يفتحه وهو في الخارج. طلبت منه أن يخبرني إن كان يريدني هو، وأنا على أتم الاستعداد أن أنتظره مهما طال من الوقت رفض وعدي بشيء وقال بأن كل شيء قسمة ونصيب.
وثار وغضب عندما أخبرته أنه يمكن أن أفاتح أهله أو أخاه في هذا الموضوع... رفض بشدة وهددني أنه سوف يتركني إذا أنا فعلت هذا وهاجمني.. كيف لي أن أفتح معه موضوع الارتباط... لا يصح يجب أن يفتحه هو ومتى يشاء هو فقط وليس أي شخص آخر. وإذا كنت أحبه فلماذا فكرت في هذا الشاب الآخر؟ ولماذا لم أفكر في موضوع الزواج قبل هذا التوقيت؟ وأنه يرى أني أريد هذا الشاب أو أني قد قارنت بينهما ووجدته أفضل، ولهذا فأنا أريده ويجب أن أرفض هذا الشاب، وإذا أصر أهلي فإذن مضطرة أن أقبله ويكون هذا قسمتي ونصيبي، ولكنه لن يتقدم لي طالما أني أستطيع رفض هذا الشاب، وأنه لن يتحرك بناء على رغبتي فهو وحده الذي يقرر هذا... وبالطبع انكسرت وتغيرت معاملتي له، اتهمني بأني كنت أربط بين معاملتي له وبين الزواج منه، وإن كنت أحبه فيجب أن تظل عواطفي كما هي حتى إن لم أتزوجه، وبرر تصرفاتي معه كلها بأنها كانت مغرضة وليست لأني أحبه كما أزعم، وأن كلامي عن الحب والتمسك به كلام فارغ وكلام روايات، وأن كل شيء قسمة ونصيب إذا كان مقدرا لي فسيكون لي دون أن أفعل شيئًا.
ورفض تغيري في معاملتي له وهددني إن لم أعد كسابق عهدي معه فسوف يقطع علاقته بي لأنه قد تعود على معاملة خاصة مني، ولن يقبل أن يلقى معاملة أقل، وأنه يجب أن أفهم أنه هكذا يحبني وإلا ما طلب مني أن تظل معاملتي كما هي، وأن نظل كما كنا من قبل وكأن شيئا لم يحدث.. وكلام كثير أهان به كرامتي، وكانت حجته أنه يرى أنني غريبة في طريقة تفكيري ويريد أن يجعلني أفيء عن هذه الطريقة العقيمة كما وصفها، كما أنه كان يدافع عن كرامته؛ كيف لي أن أفكر في شخص آخر؟ لقد جرحت كرامته، وكان يجب أن يدافع عنها مهما كانت النتائج.
عندما قارنت بين حبيبي هذا والشاب الذي تقدم لي؛ فالشاب الذي تقدم لي أخبرني أنه عرفني وخاطبني لأنه يريد التقرب منى لكي يتقدم لي وليس من أجل الصداقة رغم أني عرفته من النت أيضا، ولكن بيننا معرفة عائلية قديمة، وحريص جدًّا على دينه ويخاف الله ويحافظ على صلاته، بعكس الآخر الذي لا يواظب على الصلاة نظرًا لانشغاله وكانت سبب خلاف بيننا وكان دائما يرد عليّ "يعنى أقتل نفسي؟" رغم استدلاله في بعض الأحيان بالآيات القرآنية كتعدد الزوجات، كما كان دائما يحادثني عن أصدقائه وصديقاتهم وما فعلوه معا من زنى وهكذا وانتقاده لهم.
الشاب الذي تقدم لي لم يحاول حتى أن يمسك يدي أو يخدش حيائي بكلمة بالعكس كان حريصا دائما على ألا أتعرض لمثل هذه الأشياء... ورغم المقارنة الواضحة فإني لا أستطيع أن أستغني عن حبيبي رغم عدم معرفته بالتطورات مع الشاب الذي تقدم لي وأنها قد أصبحت في محيط العائلة.. أعرف أني مخطئة وأني أغضبت الله كثيرا، وأني قد فضحت نفسي فيما ستره الله عليّ.
أنا أريد رأي الطب النفساني في هذا.. هل أنا أحب هذا الشاب، أم منجذبة إليه لأنه حرك بداخلي مشاعر لم أكن أشعر بها من قبل مع أحد غيره؟ هل هو صادق في كلامه وأمين كما يقول؛ لأنه حدثني بصراحة ولم يضحك عليّ؟ هل عذره هذا مقبول؟
أرجو إرشادي إلى التصرف الأمثل والتحليل الأمثل لحالتي وشخصيتي وتفكيري، وأعتذر عن الإطالة،
ولكنني أردت سرد كل الحقائق، وكيف أنسى هذه التجربة المريرة بدون أن أتذكرها باستحسان؟ ولكم جزيل الشكر، وأرجو الاهتمام.
29/5/2023
رد المستشار
لا أدري لماذا اختارني أخي وزميلي د. وائل أن تحيل هذه المشكلة إلي لأرد عليها؟! فالحالة ليست جديدة في الاتجاه الذي سلكته، وإن كانت التفاصيل أكثر، ولكنها تفاصيل مملة، وتطورات متوقعة مثل الفيلم العربي الذي تجلس لتشاهده فإذا بك تخمن النهاية من أول مشهد فيه، هذا إذا صحت هذه القصة أصلا، ولم تكن من خيال أحدهم أو إحداهن، وفي حالة كونها قصة مختلفة فهي ركيكة، وضعيفة الحبكة رغم أن الواقع الفعلي يمكن أن يحملنا العشرات منها كل يوم. صديقتنا المعيدة بكلية من كليات القمة لا تعرف الفارق بين الهاء والتاء المربوطة، ولا تعرف الهمزة، ولا تعرف أن القرآن الكريم يتكون من "سور" وليس "صور"، وهو ما استدعى كتابة رسالتها من جديد تقريبا، هذا من ناحية اللغة والشكل، أما من ناحية المعرفة بالحياة والناس: فهي لا تعرف أي شيء تقريبا عن أي شيء، والكارثة أنها في ذلك تشبه الآلاف من فتيات العرب اللائي ما وجدن تعليما في المدرسة، أو إنضاجا في البيت، أو إرشادا في الإعلام، أو توجيها في المسجد أو الكنيسة، فكانت هذه الخفة والخيبة حيث التفكير يتكون من مجموعة تصورات بدائية لا يمكن أن تصلح لإدارة حياة ولتحديد مسار، وحيث الفتاة بنت العائلة، الفتاة التي حظيت بقدر من التعليم، والحرية النسبية في الخروج إلى الحياة والمجتمع لم تستفد من هذا بشيء وصارت تخلط السذاجة برغبات الأنثى فتكون فريسة سهلة لأي عابر سبيل، وسلعة رخيصة متاحة لمن يومئ برأسه، أو يغمز بعينه فتركع تحت قدميه بأمر الحب، وحين تقرأ هذه القصة، ومثلها كثير، تصدمك كلمة صحيح أن هذه المعاني تأتي قبل نهاية الفيلم مباشرة حين يكف البطل عن الذهاب للحانة ومعاقرة الخمر، ومصاحبة النساء لأن أذان الفجر يرتفع إلى عنان السماء فيطرق سمعه، وينفذ إلى قلبه فيبكي من بقية خشية الله، ويندم على ما فات، ثم ينطلق صوت الراوي يتلو آية قرآنية مع نزول كلمة النهاية لتملأ الشاشة... ولكن هذه يا صديقتي كانت أفلام الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.
أما بعد ذلك فلا مسجد ولا أذان ولا راوي ولا غيره، وأنت متأخرة متخلفة وسخيفة كما يقول صديقك لأن لا ترحبين بشوقه إليك ولا تقولين له: الشقة خالية.. تعالَ فورًا!!! أنت ما زلت تعيشين في أفلام عبد الحليم وسعاد حسني، وهو يريد أن يكون بطلا في فيلم "غريزة أساسية"، أو أي فيلم عربي جديد حيث الحب والجنس وجهان لعملة واحدة، هكذا بمباشرة دون قيود أو مقدمات.
أنت بمعايير صاحبك متخلفة ورجعية، ولا تعرفين الحب، ولن تعجبيه حتى تمنحيه نفسك بالكامل دون أن تطالبي بسخافات من قبيل الخطبة أو الزواج أو الرومانسيات والعواطف، وأنت بمعايير الدين والعقل، وبديهيات العلاقات الإنسانية والذكاء الاجتماعي مجرد فتاة بلهاء ساذجة تريد الحب وتبحث عنه، وهذا حقك، ولكنك مثل الباقيات تبحثين عنه بالطريقة الخطأ ومع الشخص الخطأ، وفي المكان الخطأ. وإذا كنت لا تستطيعين الاستغناء عمن تعتقدين أنه حبيبك فكوني مستعدة للقاء في شقتك عندما تخلو أو في المقطم أو غيره، أو أعطيه ما يريد حتى يستريح، ويتركك يذهب لغيرك يحاول "بأمر الحب" أن ينال منها وطره، وإذا كنت تريدين الحب فليس هذا هو الحب، وينقصك الكثير من الدراية والتدريب وبالتأهيل لتعرفي ما هو الحب، ولكي تتذوقي طعمه، وتعيشي في أحلامه وأيامه، وإذا كنت تريدين وجه الله وستره فأنت تعرفين جيدا الصواب من الخطأ، والحلال من الحرام، والعقل من الهبل "بلغة المصريين".
لا يحتاج الأمر إلى تحليل نفساني أو تنجيم روحاني أو حتى ذكاء كبير؛ لأن أي طفل في التعليم المتوسط أو الثانوي يمكنه أن يقول لك بأنك متخبطة ومشوشة تخلطين الفهم السطحي للحب بالشعور الديني العابر بالخبرات الناقصة، والوعي بالبدائي بالحياة فتكون "الخلطة السرية لحواء العربية" المعاصرة.
تظلمين نفسك إذا ظللت على علاقتك بهذا "الحبيب" إلا إذا كنت أنت أيضا تريدين ما يريد، وبنفس الشروط – وتظلمين نفسك إذا دخلت في ارتباط بهذا الشاب الجيد الذي يتقدم لك حاليا، وتحتاجين إلى فترة لا تقل عن عام، وربما أكثر، لتستعيدي توازنك – إذا كنت تريدين ذلك – وتتعرفي على الاتجاهات الأصلية، وتهبطي لتسيري على الأرض بوعي حقيقي؛ لأن الحياة غير ما تعيشين.
وسواء كانت هذه القصة قد وقعت أو كانت محض خيال، فأنا أرجو أن تكون هذه الإجابة فرصة جديدة للتنبيه إلى الحالة البائسة التي تعيشها الفتاة العربية من خواء فكري، ومعنوي، وثقافي وروحي "طبعا دون تعميم" ... فقط أنا أتحدث عن الأغلبية، حيث أعتقد أننا بصدد أجيال من الكوارث التي صنعناها بأيدينا في تعليم سقيم، وتثقيف غائب، وعواطف تبحث عن تلبية، وأشواق تبحث عن ترجمة، وطاقة شعورية هائلة إن لم تصادف من يفهمهما، ويحسن التعامل معها واستثمارها، فستكون خرابا لما تبقى من الدنيا والدين، كما هي حاليا ولكن في صمت،
وشاركونا بآرائكم وأشيروا علينا.
واقرأ أيضًا:
سيكولوجية الفتاة العربية
الجنس في حياة الفتاة العربية
جاثوم الجنس والفتاة العربية.. خبرة ومحاولة..(1-4)
المراهق العربي عبر الإنترنت!