السلام عليكم، وجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من نفع للإسلام والمسلمين.. مشكلتي تتلخص في كوني زوجة مع إيقاف التنفيذ.. فأنا يا إخوتي عمري 25 عاماً، تزوجت من ابن عمي وعمري 20 عاماً، وكان الزواج تقليديا عائليا؛ حيث إنه من أعراف العائلة أن يتزوج شبابها من بنات أعمامهم.. وكان زوجي منذ شبابه يعمل بإحدى دول الخليج، وبسبب ظروف عمله هذه لم يستطع أن يأتي إلى مصر لإتمام الزواج، فتزوجني بتوكيل، وتم العقد بدون وجوده.. وظللت عدة شهور أنتظر فارس الأحلام الذي سيأتي ليطير بي إلى دنيا من الخيال.. وعاد زوجي ليتم البناء، ومكث معي 25 يوماً كانت من أسعد أيام حياتي.. ثم سافر إلى الخليج مرة أخرى تاركاً في أحشائي جنينا لم أعلم بوجوده إلا بعد سفره.
انتظرت لكي يرسل لي دعوة بالسفر كما اتفقنا، لكن الشهور طالت دون أن يرسل لي، وكان دائما يقول: إن ظروف عمله غير مستقرة، وبمجرد استقرارها سيرسل لي.. ومرت الشهور حتى وضعت جنيني بدون وجود زوجي بجانبي.. وأتت طفلتي إلى الدنيا دون أن تنعم بوجود أبيها أو حتى اختياره لاسمها.. ومرت علي الأيام بعد الوضع وحالتي النفسية سيئة للغاية.. ثم تعطّف علي زوجي بعد ضغوط عائلية كثيرة عليه، فأرسل لي الدعوة لأسافر، فلحقت به.. ويا ليتني ما سافرت.. فلقد رأيت إنساناً فظا غليظ القلب يضيع حقوق ربه وحقوق بيته، وحاولت عبثا أن أقوّمه لكن دون جدوى.. وفي هذه الأثناء –وللأسف- جاء الحمل الثاني، فطلبت منه النزول إلى مصر؛ لتكون أمي بجواري أثناء الولادة فوافق على الفور.. وعدت إلى مصر وواجهتني مشكلات مادية عديدة عند الولادة؛ فلقد وضعت طفلة هزيلة ظلت في الحضّانة فترة طويلة وزوجي لا يرسل ما يكفي من المال.
والآن طفلتي الثانية عمرها عام ونصف لم تر أباها ولم يرها.. وأنا زوجة مع إيقاف التنفيذ.. وكلما كلمت أهلي في مشكلتي قالوا لي: "زوجة معلقة خير من امرأة مطلقة.. والحمد لله أنه انتظم في دفع نفقاتك ونفقات عيالك".. فهل هذا منطق؟! ماذا أفعل والجميع يقف ضدي حتى أمي وأبي يفضلان وضعي هذا على أن أكون مطلقة؟!.. وكل كبار العائلة يرفضون الطلاق، ولا أحد يشعر بمشكلتي كإنسانة تحتاج إلى زوجها بجانبها.
والله لولا إيماني بالله، وتمسكي به لوقعت في مزالق الحرام.
فماذا أفعل أمام هذا الزوج الذي لا يتقي الله في زوجته وأطفاله، وأمام هؤلاء الأهل الذين يفضلون وضعي هكذا على أن أكون مطلقة؟
14/08/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بك "سهلة"، على موقعك موقع مجانين.
بعد بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، والاستعانة بعون الله ومدده أن يرزقنا جميعا الصواب، ويهدينا لما ينفعنا في دنيانا وآخرتنا، اللهم آمين.
أقول لكِ أنني قرأت رسالتك، وفهمُ ما تعيشينه، وأنه ظرف يتعبك ويضغطك نفسانيا وكما أشرتِ بل دينيا أيضا حيث إنك تخافين الحرام كما تفضلتِ، وهذا من مواطن الحسن أن يفهم الإنسان نفسه، وأن يدرك ويعي احتياجاته، وأن يكون حريصا على الاتزان وعدم تخطي حدود الشرع في قلبه أيضا.
سأصدقكِ القول في مثل هذا الظرف الذي تحدثت فيه، يجب أن تعلمي أن الوحيد القادر على اتخاذ قرار مصيري هو أنتِ، وأن باقي الاستشارات هنا وهناك تكون بمثابة ضوء ومرشد لا قائد أو مقرر، هذا لأنك تدركين تفاصيل حياتك وجوانبها أكثر، لكن ما يمكن أن نساعدك فيه، هو أن نخط خطوطا عريضة للجانبين، جانب الطلاق، وجانب البقاء في الزواج، كإيجابيات وسلبيات وأنت حينها ستعلمين أكثر ما الذي يناسبك، وحينها تقررين، وأي قرار ستقررينه، ستعلمين على الفور أن له جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وعليكِ أن تتعاملي مع الجانب السلبي كما تريدين فيه الجانب الإيجابي، هذا من المهم أن تعرفينه وأنت تجلسين مع نفسك جلسة هادئة تصفين فيها جوانب السلب والإيجاب لكل قرار، وتريْن من خلال ذلك ما الذي يمكنني أن أتحمل سلبياته نفسانيا، وما هو القرار الذي لن يمكنني تحمل تبعاته السلبية، ثم تعقدين العزم إذن، وبعد استخارة أيضا، والله يفتح لنا أجمعين.
فانظري إلى الجانب المتعلق بك، أي إلى قدرتك على التعايش مع الواقعين، واقع البقاء قيد هذا الإنسان بظروفه هذه وأحواله، وبين واقع الانفصال أيضا:
فمثلا: من الجوانب سلبية: التعامل والتعايش مع ظرف اجتماعي جديد يحتاج إلى قوة نفسانية محاربة من أجلك ومن أجل الطفتلين، والاعباء المادية كذلك من الجوانب التي يجب أن تفكري كيف ستؤمنيها
مثلا: من الجوانب الإيجابية: ستزاح عنكِ كل الضغوط المعنوية التي تشعرين بها أنها تؤثر عليك وتخنق نفسك وتصيبك بالبغض وبالكراهية تجاه هذا الإنسان.
وهكذا، كما شرحتُ لك، وهكذا بإذن الله يمكنك التقييم بشكل سليم، طبعا بعد الاستعانة بالله وعونه ومدده، والصلاة على رسوله في مبدأ كل أمر ومنتهاه.
وضعت لك خطوط عريضة يمكنك أن تسيري عليها، وتفرزي منها أكثر فأكثر جوانب فرعية، أنتِ من تعلمينها، وتعلمين قدرتك على التحمل والتكيف لبعض الجوانب، وعدم التكيف والتحمل لجوانب أخرى، سيخرج في النهاية عندك ترجيح لأكثر شيء ينفعك وينفع أطفالك، تدركين معه الجانب السلبي الذي سيكون لك، لكنك أصبحت تعلمين أنه هو الجانب الذي يمكنني تحمله، في مقابل جانب آخر من المستحيل تحمله، ثم من بعدُ صلي استخارة في القرار الذي قررته، ويمكنك أن تصلي في البداية صلاة قضاء حاجة بشكل خاشع خاضع تسجد فيه أعمق خلاياك لرب العالمين في يقين تام، وتوجه كامل أنه سيرزقك إلى أكثر ما ينفعك ويصلح حالك وطفلتيك.
في النهاية أتوجه إلى الله بالدعاء لك بأن يلهمك الصواب، ويسدك عليك سدول الحكمة، وأن يتولاك بالرعاية والحفظ.
اعلمي أننا "موقع مجانين" هنا من أجلكِ، ومن أجل الجميع لذا فننتظر مشاركاتك الأخرى، وعسى أن تكون فيها أخبار طيبة، تنفعك وتفريحنا بها.
دمت طيبة سالمة.
في أمان الله.
واقرئي أيضًا:
الزوج المسافر (1-4)
نفسي عائلي: قرار الطلاق Divorce Decision