أرسل تحيتي واحترامي للقائمين والقائمات على هذا الموقع المتميز، وأخص بالذكر مستشاري نطاق مجانين، جعل الله جهودكم البناءة في موازين حسناتكم.
بداية أرجو وبشدة التعجيل في الرد على استشارتي هذه لو تكرمتم، لأني أصبحت لا أدري من أستشير، فيممت موقعكم بعد الله طالبة الرأي "وما ندم من استشار" أنا طالبة جامعية في السنة النهائية، تمت خطبتي منذ حوالي سنة لشاب أحسبه على خير وتوسمت فيه الدين والخلق، يكبرني بسنتين، ثم عقد قراننا بعد حوالي ستة أشهر من الخطبة. تمت خطبتي لزوجي بطريقة الصالونات كما يسمونها، وقد عرفتني عليه من أثق بها وبترشيحها، وسرعان ما نمت عاطفة جميلة بيننا حتى أننا كنا مستعدين لعقد القران بعد شهر واحد من الخطبة لولا ظروف حالت دون ذلك.
زوجي فيه من حسن الصفات ما تتمناه الكثيرات وأحمد الله على ذلك، فهو شديد الحنان مهذب السلوك عذب الكلام، غير أنه في الوقت ذاته يسهل إغضابه وإن تمالك تصرفاته، لكن رواسب تبقى بنفسه. المشكلة فيّ أنا ليست في غيري، أحس كثيرا أني (نكدية) أبكي بمنتهى السهولة، وأخاف بشدة أن يطلقني زوجي بسبب عيوبي التي اطلع عليها سواء أثناء الخطبة أم بعد عقد القران وإن لم يتحدث عنها. لقد تربيت خارج وطني في الغربة حيث لا قريب ولا صديق، أهلي من النوع المنغلق وإن كنت أنا ذات شخصية اجتماعية أثناء المدرسة، ووالدي ووالدتي ليسا على توافق وكثيرا ما تحدث بينهما مشادات كلامية سببها فظاظة أبي وخشونة لفظه وعدم تحمل أمي وتعقلها في الرد أمامنا.
باختصار نشأت مهزوزة جدا، ثقتي في نفسي أمام الناس غلاف أحمي به كائنا ضعيفا بين أضلعي، لست منفتحة على الناس وإن كثرت صديقاتي واغتر بي الكثيرون وعدوني (قيادية). زوجي نشأ في بيئة معاكسة تماما لبيئتي، حيث بيتهم هو بيت العائلة ولا يكاد يمر يوم لا يزورهم فيه قريب أو صديق، وبصفته (الولد الأول) خريج الكلية المرموقة وابن التاجر الموسر فهو محط الأنظار من الجميع، ويستتبع ذلك أن تكون عروسه محط الأنظار أيضا والملاحظات.
اعذروني على عدم ترابط جملي، فلست أدري من أين أمسك طرف الخيط.. السبب في أني أحس بأني نكدية هو أني أشعر بالسعادة بصعوبة شديدة.. مثلا بعد الرؤية الشرعية وقراءة الفاتحة وشراء الخواتم كنت أشعر بأني أحلق فوق السحاب من فرط السعادة، ولم ألبث أن تعرضت لموقف لا أحب ذكره ولم أستطع أن أصرح به لأحد حتى هز نفسيتي وذلك قبل يومين مباشرة من حفل خطبتنا، فكنت يوم الخطبة بين سعادة غامرة وحزن عميق يمزق أوصالي بدا واضحا في الصور التي التقطت لي والتي تمثل ابتسامة باهتة.
كذلك في الزيارة الأولى بعد الخطبة، كنت عائدة من امتحان أسأت الحل فيه وكنت لا زلت متأثرة بالصدمة التي تلقيتها إضافة إلى رغبتي الملحة في النوم من فرط الإعياء، وكان ذلك باديا جدا على وجهي. أما زوجي فكان مبتسما سعيدا أتاني بهدية لطيفة لم ترسم ابتسامة على وجهي حينها وإن أسعدتني جدا، وكنت أتحدث معه (كلمة ورد غطاها) كما نقول، بالطبع انصرف زوجي مستاء جدا مما ضايقني من نفسي.. حللنا الموضوع في التليفون، وبعد زيارتين وربما ثلاثة كان يسألني عن رأيي فيه بعد هذه المدة البسيطة من الخطبة، فأثنيت على جميل طباعه وحسن خلقه وعلو ذوقه، ولما وجهت له السؤال بدوري فاجأني بقوله أنه كان على وشك فسخ خطبته بي بعد المرة التي لم أحسن استقباله فيها، أما الآن فهو في قمة السعادة لارتباطه بي.
لا أخفيكم القول أني انفجرت في البكاء أمامه، لأن كلامه هذا صادق توقعاتي وأشعرني بكم السوء في نفسي لأني لم أكن مستعدة يومها لاستقباله، إضافة إلى ذلك، ولأني الابنة الكبرى وهذه هي التجربة الأولى لي في الخطبة فكنت لا أعلم شيئا عن "كيف أكسب ود أهله"، فلم أتصل بوالدته حينها سوى مرة كل أسبوع أو يزيد، فنبهني لذلك وأصبحت أكلمها كل 3-4 أيام وقد أسلم على أبيه وقد لا أفعل.
حماتي امرأة طيبة جدا، بسيطة جدا، غير أني لا أذكر أنها كلمتني في التليفون سوى مرتين أو ثلاثة مثلا مهما كانت ظروفنا، ولم تزرنا سوى مرة بعد الخطبة وحتى الآن على الرغم من عدد المرات التي رحبت أمي بزيارتها، على ذلك فأنا لا ألقي بالا كثيرا لذلك غير أني لا أحس بمكانتي عندها وعند بقية أهل زوجي. هناك فارق بين المكانة وبين الحب، هي تحبني والحمد لله وتحسن معاملتي، لكني لا أشعر بقيمتي عندها، مكالماتنا في التليفون رسمية لأني لا أعرف كسب ود الناس، إضافة إلى أني لا أشعر بترحيبها بي، وتقتصر المكالمة على كيف حالك؟ أخبار صحتك؟ وحشتيني وما إلى ذلك.
زوجي يلومني على ذلك، ويطلب مني مكالمتها كل يوم والانفتاح قليلا في الحديث.. صدقا أنا أحاول، ولكن لا تتخيلون كم أستحيي وأتحرج من التحدث معها، مما يدخلنا في دوامة مشاكل. أما والده فهو قليل الكلام، عصبي، أذكر في زيارته الأولى لنا كم كان مكفهر الوجه عابسا، ويوم شراء الشبكة لم يلق علي التحية ولم أسمع منه كلمة (مبروك). أحس من البداية أنه يرفضني لأني أرتدي النقاب وهو كان رافضا أن يتزوج ابنه بمنتقبة.. أذكر مرة عاتبني فيها زوجي بسبب قلة اتصالي، فقلت له: أنا لا أشعر بمكانتي عند أهلك، فبرر عدم زيارة أمه لنا بأنها لا تستطيع صعود السلم، وقال لي: لا تشعري نفسك بأنك غير قادرة على الاندماج مع أهلي، الرجل قد يتزوج مرة واثنتين وثلاثة وقد يطلق زوجته، لكن أهله هم أهله ولن يتخلى عنهم، وشعرت في حديثه برغبة في تطليقي إن لم أحسن التعامل مع أهله، وانفجرت حينها ببكاء مر.
المشكلة أني لا أتحمل إطلاقا أن يغلظ لي القول، يومها كان يحدثني بنبرة عالية وبطريقة منفعلة ولم أستطع الحد من انفعاله، وأخذ يكمل كلامه حتى بعد انهمار دموعي ولم يسكت حتى دخلت في مرحلة نشيج وحشرجة من شدة البكاء. أعلم أني مقصرة وأنه محق، لكني فعلا (أخاف منه) حين يحتد ولا أستطيع السيطرة على دموعي، إضافة إلى ذلك فهو كثير الانتقاد لتصرفاتي وشكلي، يعجبه شكلي ولكني لست حورية من الجنة وبالتأكيد هناك بعض العيوب في جسدي.. مثلا أنا ارتدي نظارة طبية فقال مازحا أكثر من مرة: "أنا اتضحك عليا.. أنا اتغشيت" وشعر جسدي -معذرة– غزير، وعلى الرغم من حرصي على نظافتي فإنه إذا أمسك ذراعي مثلا ولاحظ نمو شعيرات صغيرة يحرجني ويقول لي: أنا كنت عايز أتجوز واحدة نظيفة.
أنا لا أتحمل هذه الملاحظات وإن قالها على سبيل المزاح لأني عرفت من طبعه أنه قد يمزح وهو جاد فيما يقول، وهو إن كان محقا في ضيقه مثلا من شكلي المرهق وما إلى ذلك، فهو لا يترك لي مساحة للاعتذار ويسرف في تأنيبي. كم مرة شعرت فيها أنه مبتلى بي، وأنه قد يتحملني الآن ثم لا يتحملني لاحقا لدوام اكتئابي وسهولة بكائي، فكرت كثيرا في زيارة طبيب نفسي غير أني ببساطة لا أعرف أحدا.
سؤالي هو كيف أسيطر على بكائي؟ كيف أحافظ على نفسية مرتفعة؟
وكيف أقنعه بالصبر عليّ حتى أتغير كما يحب؟ وكيف أكسب أهله؟
31/08/2023
رد المستشار
صديقتي
من شابه أباه فما ظلم... من الواضح أن زوجك يتبع الكثير من أسلوب أبيه من حيث الغلظة والعصبية عندما لا تجري الأمور كما يريد.
لن تكون لك مكانة عند أهله بدون أن تكسبي ودهم.. وذلك يأتي عن طريق أن تعامليهم وتسألي عنهم وتهتمي بهم بقدر ما تفعلين ذلك مع أهلك وربما أكثر.. هذا يتطلب الكثير من الصبر مع معرفة أنه ليست هناك ضمانات.. زوجك يريدك نظيفة مهندمة جميلة خلوقة راض عنك أهله ويحبونك.. يريدك واجهة مشرفة أمام أهله والمجتمع ويريد أنوثتك ورغبتك في متعته فيما بينكما.
دوام اكتئابك وسهولة بكائك سببهما هو تركيزك على أفكار أو أحداث سلبية ثم إعطائها أهمية كبيرة.
مثلا يوم الخطبة ويوم الزيارة الأولى بعدها سمحت لأشياء خارجية أن تعكر صفو الاحتفال والبهجة.. هل كانت فعلا أشياء مهمة أو أهم من خطبتك وعلاقتك مع خطيبك؟
يمكنك الاستمتاع باللحظات البهيجة ثم العودة لما يضايقك في وقت آخر لإيجاد حل له إذا أمكن.
النكد والبكاء والسماح للسلبيات أن تسرق منك بهجتك هي محاولات فاشلة في الحصول على التعاطف أو الشفقة أو الاهتمام لأنك تتألمين.. للأسف لن يهتم أحد بمعاناتك خصوصا وإن كان تأثرك بالأحداث أكثر من اللازم أو مبالغ فيه.
للأسف زوجك من النوع المنتقد المسيطر أو المتحكم وغالبا لن يثني عليك إلا نادرا.. لن يجدي أن تقنعيه بالصبر حتى تغيري طريقتك في التفكير ونظرتك للأمور .. عليك أن تركزي على الإيجابيات أكثر من السلبيات.. اعلمي أيضا أن من الجائز أنه قد يتحيز لأهله حتى ولو كان في هذا ظلم لك.. للأسف لن ترضيه بالكامل مهما فعلت.. أهله أيضا لن يبادروا بالود والتقرب إليك.. عليك أنت أن تفعلي هذا.
عليك بالعمل على أن تكوني إيجابية وسعيدة بغض النظر عن رأي الآخرين.. كوني أفضل من أجل نفسك.. أنصحك بتأجيل الإنجاب حتى تطمئني تماما.. الإنجاب في الوقت الحالي سوف يزيد من المشاكل وتذمر زوجك وتحكماته.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور ووضع خطة لتغيير نظرتك في الأمور وردود أفعالك الداخلية.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب