ما رأي الشرع في صمت المسلمين عمَّا يحدث في فلسطين، وهل نحن مسؤولون يوم القيامة عن صمتنا،
مع العلم أننا لدينا الرغبة في الذهاب، لكن المشكلة تكمن في الحدود؟
30/12/2023
رد المستشار
الأخ الكريم، هذه الصفحة - كما قلت قبلاً - مدينة للبعض بما يطرحونه من موضوعات وأسئلة، وأضيف اليوم أننا مدينون للبعض بتوقيت ما يطرحونه.
في الآونة الأخيرة تكاثرت علينا المشكلات العاطفية حتى كدنا نتحول من استشارات مجانين إلى ما يمكن تسميته "مستشارك العاطفي" أو الغرامي مثلاً!!
ولما كنا نجيب على ما يصلنا من أسئلة بترتيب وصولها، وكما هي دون أن نفتعل إضافة أسئلة من عند أنفسنا، فقد قمنا بالرد على أسئلة الحب بشكل وافٍ كما عوَّدناكم، ويَسُرُّنا اليوم أن يفتح أحد بابًا آخر للسؤال، ولو كان يبدو أنه يسأل على فتوى، ولكن للأمر جوانبه الاجتماعية والنفسية بما لا يخفى على لبيب.
أخي الكريم، التعميم مضلل غالبًا، وقولك إن المسلمين صامتون عما يحدث في فلسطين يحتاج إلى مراجعة، فمع بداية الطوفان تظاهرت الشعوب العربية والإسلامية من موريتانيا إلى جاكرتا، وسارت عندكم في المغرب مظاهرة ضمت رئيس الوزراء، وبعض المسؤولين، ومثل ذلك في بلدان عدة، والتظاهر هو شكل من أشكال التعبير عن الغضب، وتجري الآن في مصر وغيرها برامج كثيرة لمقاطعة السلع الإسرائيلية والمحال والمؤسسات الأمريكية، ويجري في هذا الشأن جهد "مبارك" نرجو له أن يتضاعف ويستمر؛ لأن المقاطعة من وسائل التعبير والضغط.
وإذا كانت قد جرت وقائع الطوفان – وما زالت على أرض الإسراء - فإن انتفاضة موازية تجري وقائعها على شبكة الإنترنت، ومعركة طوفان الأقصى مستمرة ومتصاعدة، وفيها كل يوم الجديد من المقترحات والمعلومات، وأنصحك بأن تقرأ سلسلة مدوناتي والتي تبدأ من هنا: من سبت الغفران إلى سبت الطوفان وتستمر السلسلة ما استمرت المعركة وتعاظم النصر إن شاء الله.
وصحيح أن جهد مناصرة الطوفان على صعيد المقاطعة وغيرها من الأساليب بما في ذلك الإنترنت ما زال يحتاج إلى المزيد من التطوير، ويفتقر إلى إدارة تنمية وتفعيل وتنسيق حتى يتسع مداه، ويبلغ أهدافه، إلا أن الجهد الحالي لا يمكن تجاهله، ويبقى إمكانية قابلة للتطوير والتفعيل والتوسيع؛ لأن مناصرة إخواننا في فلسطين يمكن أن تأخذ أشكالاً مختلفة منها الدعم العسكري والجهادي الذي تقول إنه غير متاح، وهناك أشكال أخرى لا يمكن حصرها للمشاركة في هذا الجهاد المبارك، وحصر الأمر ليكون الاختيار بين حدين: إما الصمت والاستسلام أو الجهاد المسلح، هو تبسيط وتعجيز، مع العلم أن من يريد شيئًا يفعله، ولا توجد في العالم حدود تقف أمام من يدير أموره بحكمة وتخطيط. ويبقى أن خيار الذهاب للجهاد غير متيسر للأغلبية بحكم طبيعته وظروفه، ولكنه مُتاح لمن يُصِرُّ عليه، ويديره.
السؤال هو: ما الذي يضيفه الراغب في الذهاب للجهاد هناك؟!
هل اشتكى إخواننا هناك من عجز بشري؟!! هل لديك مهارة أو علم ينقصهم بدونك؟!!
أنا أقول هذا الكلام لأن المشهد أحيانًا يبدو عبثيًّا حين نجلس أو نتحرك مطالبين بالجهاد، ونحن نعرف أن فتح الحدود للكافة أمر مستبعد، فنكتفي بعد ذلك بالشجب، ونقول: عندنا الرغبة، ولكن الحدود!!!
لو أننا نظرنا في تجارب التحرر والنضال في سبيل القضايا الوطنية والدينية لوجدنا آلاف الأساليب والبرامج، والخبرات الإنسانية، وكثير منها يصلح للتطبيق في حالتنا، ولكن كسلنا العقلي، وإصرارنا على أنماط محددة في الفعل، وقوالب جامدة في التفكير والتعبير يجعلنا مقيَّدين أسرى لأوهام تعشش في رءوسنا عن العالم، وعن أنفسنا، وعن أعدائنا.
لا عذر لقاعد يا أخي، كلٌّ على حسب موقعه، وكفاءته، وما يستطيع أن يقدمه. وتجوَّل بنظرك فيما حولك، وطالع التاريخ والواقع لترى أن الأسلحة اليوم متنوعة ومتاحة، وبعضها أشد فتكًا بكثير من البندقية.
واقرأ أيضًا:
حتى لا تضيع فلسطين مرتين
دماغي محتاجة تجميع: ثمن الصمود الفلسطيني
العفة المستحيلة: أمتنا في عام نقد ودفاع