تعليق على الاستشارة
مع احترامي الشديد لكم.. لكن ردكم على هذا الموضوع غير مقنع، خاصة في شرحكم للموقف الثاني الذي يتحدث عن الأمور التي قد يتعرض لها المسلمون نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها.. وعن حديثكم عن العمليات التفجيرية وآثارها السلبية.
أنا حائرة حقا!! لماذا تهتمون برأي العالم فيما يتعلق برد أفعالنا على الظلم الواقع علينا، وليس أي أحد.. "أمريكا!" يعني متى كان يهمهم أمرنا، أو منذ متى يهمهم أمرنا، حتى لو كانوا جيدين، من هم لنهتم برأيهم ونأخذ به؟ .. هم أنبياء ربنا على الأرض أو رسله وعباده الصالحون؟!! لا والله قهرتموني، "طز" في أمريكا و"طز" في العالم كله الذي يقف ضدنا.
وأنا أريد أن أكون إرهابية، ولا أحد له شيء عندي، وأنا أول إرهابية.. وليأت بوش ليحاسبني أو أي واحد من حميره لأرى.. صحيح أنا أعجبت بطريقتكم العقلانية في معالجة الأمور، لكن شكلكم سرحتم كثيرا.. وأتمنى ألا تستمروا في ذلك!
وأنا أقول لكم إني لا أومن بالسلام، ولا التفاهم ولا العقلانية.. هذه الأشياء كلها تبنى على أساس القوة.. وليس على أساس الضعف والتنازلات، ومن الآن حتى نسترد كرامتنا وقوتنا لا تعيدوا فتح سيرة السلام والتفاهم والعقلانية.. والأخيرة بالذات!!! ما هذه العقلانية؟ عقلانية ماذا وأرضنا محتلة وديننا مهان وكرامتنا مهدرة؟!
لو رأيت أي يهودي أمامي فسأقتله.. حتى لو كان ولدا صغيرا عمره شهر أو حتى يوم، لن أقتله فقط، ولكن سأقتله وبعدها سأقطعه قطعا، ثم أرميه للحيوانات تسد جوعها به. عقلانية ماذا؟ ليسيروا هم ويستخدموا عقلهم، أنا من الممكن أن أفكر في استخدام عقلي، ويمكن أن أفكر في السلام (والسلام في نظري أني لا أبيدهم مثلما أبادونا في 48 والـ67 والـ2000- 2002، و2008 و2012 و2014 و2017 وحتى بعد الطوفان وأسمح لهم أن يرحلوا من أرضنا مثلما دخلوها، شرط ألا يحملوا منها شيئا حتى لو كان كسرة خبز) عقلانية؟!! لم تمر ساعات على آخر مجزرة، وتريدون منا أن نفكر بعقلانية، أنا أقول لكم صراحة: أنا أكره كل واحد يحب يبين حاله على حساب أرضنا وقضيتنا، أكره كل واحد ليس ناجحا إلا في الفلسفة.
أنتم يا من تحكمون، أتحداكم أن تفعلوا شيئا عمليا غير الحكي والفلسفة!! إذا كنتم ترون أن العقلانية السبيل إلى مساعدتنا فنحن نشكر لكم جهودكم، ولا نريد منكم أن تتعبوا أنفسكم أكثر من هذا معنا، ونتمنى أن تقعدوا وتتركونا نحن المجانين نرى طريقنا!! سلام.
مداخلة بالنسبة لمواضيع الزواج أحب أن أقول إن كل واحد في النهاية يأخذ قسمته ونصيبه الذي كاتبه له الله، وكل واحد يعطيه الله على قدر نيته.. قال تعالى "الطيبون للطيبات"، "الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك"، "والزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة"؛ فاعملوا صالحا وتوكلوا على ربنا، ومن المؤكد ألا يخذلكم الله… وسيعطي كل واحد على قدر نيته، هذا أمر.
أما الأمر الثاني فأنا أنصح كل البنات ألا يقمن بأي علاقة مع الأولاد، وأن أي علاقة مع أي ولد لا بد ألا تتعدى عبارات السلام، وإنجاز المصالح المشتركة.. هذه نصيحة من مطلعة وعندها دراية بعلاقات البنات بالشباب.
وأقول لك كلما كنت قوية ومحافظة كنت جوهرة في نظره والعكس صحيح، وأي تهاون بعلاقتك مع الجنس الآخر لا يجلب لك إلا الهم والحزن حتى لو انتهت علاقتك بالزواج! (لأنه لن ينسى أي تنازل منك له، وبدلا من أن يحمله لك بالعكس سيذلك به) حتى لو كان متدينًا... ومشاكل الشباب في هذه الصفحة أكبر برهان على كلامي.
25/7/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة أنت مصدومة وغاضبة، وأي بشر طبيعي يكون في مكانكم لا بد أن يكون كذلك، وليس متوقعا - في سياق ما يحدث - أن يكون رد فعل أهلنا في فلسطين غير هذا الكلام الذي أشكرك أنك كتبت لنا "عينة" منه دون ترتيب أو تحرير وقد قمنا بتحريره أو "عقلانية". وصفحتنا تفخر بتقديم صوت الداخل الفلسطيني بوضوح وصراح، ولكنني مضطر أن ألفت نظرك إلى أن غضبك قد حال بينك وبين الرد أو التعقيب الحقيقي المباشر على ما قلته أنا في إجابتي، فذهبت تردين على ما تصورت أنه رأيي، أو ما اشتبه عليك من أنواع الكلام السائد حاليًا بشأن فلسطين وحتى الآن، وحيث إن بضاعتنا في الأخذ والرد والتفاعل والتواصل هي الكلام، فأرجو أن نضبطه، فكم من كلمة أرشدت وأصلحت! وكم من كلمة أفسدت وأضلت! وما نزل من السماء - على الحبيب - إلا كلام!!
أعدت أنا قراءة إجابتي بحثا عن مفردات مثلك "السلام" و"التفاهم".. فلم أجد؟! فهل كنت تردين على أحد غيري؟!!
الذي أعرفه أن السلام أو الحرب قرار من طرفين، ولا يمكن أن أقول: إنني أبحث عن السلام أو إنني متمسك به، بينما الطرف الآخر قد اتخذ ترتيبًا آخر، وهذه طبيعة الأشياء، رغم أن البعض يقول غير ذلك.. فمالي وهؤلاء؟!! ثم اختلقت أنتِ مفهوما أسميتِه: العقلانية، ولا أدري ماذا تقصدين بها؟! وذهبت تصرخين: لا للعقلانية فنحن نُذبح، ولا للتنازلات والضعف، ولا تفتحوا لنا سيرة السلام "مرة أخرى"!!
إنه قاموس كامل من مفردات تسمعينها، وتغضبين منها.. فهل كانت كلماتنا مناسبة للاعتراض على ما يغضبك فيما تسمعين؟! أم تشابه القول عليك، فخلطت بين ما كتبته أنا فعلا، وما تسمعينه من غيرنا؟! ويؤسفني أو يهمني أن أدعوك لقراءة إجابتي مرة أخرى ، ولكن على مهل.
وقلنا في إجابة سابقة : إننا نرحب بكل تفكير "عملي"، أو اقتراح قابل للتنفيذ، حتى لا يكون كل ما نقوله لفلسطين هو الغضب والغناء ، وأضفت أنت مشكورة: الفلسفة والحكي.. فهل لديك مقترحات في هذا الصدد؟! أم أنك أنت أيضًا ليس لديك سوى الحكي والصراخ، وبالمناسبة فإن اتهام العرب والمسلمين إجمالا بالتخاذل عن نصرة أهلنا في فلسطين.. اتهام ترده جثث القتلى عبر الحدود المصرية وغيرها، وقد حاولت النساء والشبان بل والأطفال أن يعبروا الأسلاك ليدخلوا إلى هناك؛ فنجح البعض، وفشل آخرون.. فهل لديك كلام "عملي" في أساليب أخرى، نعبر بها عن أن قضيتنا جميعا هي فلسطين، وما يحدث فيها؟!
ولي تعليق على "الاكتشاف" الذي وصلت أنت إليه بقولك: "إن السلام والتفاهم والعقلانية أشياء تبنى على القوة، وليس على الضعف والتنازلات"، وبعد أن أشكرك على تذكير من نسي بهذه "البديهية" أقول: تبدو مأساتنا الكبرى كامنة في أننا لا نعرف حتى الآن من "القوة" غير اسمها!!
ولقد قال رئيسنا الراحل عبد الناصر يوما: "إن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"، وهذا قالب لفظي جميل، ومعناه أجمل، ولكن قائله كان من أهم وأخطر من اتبعوا سياسات أضعفت الأمة، وبددت مواردها، وجعلتها مؤهلة لاستقبال أو تلقي هزيمة أو كارثة يونيو، وما تلاها، ولا أقول: إنه كان مسؤولا وحده، ولكنني أقصد أن الكلام عن القوة شيء، وحسن إدارة الوعي بها وتراكمها وتوظيف عواملها شيء آخر ، وهنا أفهم أن العقلانية -بمعنى العقل بدلا من العواطف- في الوعي بمصادر القوة وتعظيمها، وتهميش مصادر الضعف أو تحييدها، وإدارة عملية الصراع بحكمة -والحكمة ليست اللين أو الضعف، ولكنها وضع الشيء في مكانه المناسب ووقته المناسب-، والمراجعة الإيجابية للمكاسب والخسائر، والمفاضلة بين أساليب الجهاد للجمع بينها على نحو منتج، أو تقديم وتأخير بعضها... إلخ، وهذه جميعًا يمكن تسميتها بالسياسة بمعناها الواسع، وأحسب أن السياسة عندنا قد تلوثت، فأصبحت كلمة سيئة السمعة مما علق بها من ممارسات من تصدوا لها، وبالتالي مما علق بالأذهان من أنها بديل للقوة، وليست إدارة لعواملها، كما هي في أصلها.
وهنا بالضبط جاء كلامي في الإجابة التي تفضلت مشكورة بالتعقيب عليها؛ فأنا أرى أن تطوير النضال، ومضاعفة إنجازه لا يكون بالثبات على أشكال بعينها، أو تغييرها لمجرد التغيير، من هذا وذاك ليس الصراخ، ولكن المراجعة "العقلانية".
ومن الأشياء التي لا أحب أن أهلل لها مع المهللين، أو أعطي توقيعًا على صك يطالب بوقفها مع الموقعين يأتي أسلوب العمليات الاستشهادية، وأعتقد أنني قلت بوضوح: إنني لا يمكن أن أتعاطف مع من يقتلني، أو أن أعتبر أن هناك في إسرائيل "مغفلين" يجهلون أنه لا يوجد شيء عندهم اسمه "المواطن المدني"، أو أن الأرض التي يقف عليها ويعيش فوقها تخص غيره، وأن جيش الدفاع ليس سوى عصابات سفك دماء... إلخ.
ولكن من ناحية أخرى فإن إعادة النظر في كل أساليب نضالي واجبة، وليس هذا من قبيل التخذيل بل التفعيل؛ فنحن نريد أن نستمر أطول، والزمان في صالحنا، ولا نريد أن نحرق أوراقنا بسرعة أو دفعة واحدة. وأرى أن مراجعة مسار الانتفاضة في الداخل، وتدابير دعمنا لها من الخارج تحتاج إلى لازمة.
ومما دعوت لمراجعته أيضا علاقتنا بما يسمى بالرأي العام العالمي، وهي مقولة مضللة أصلا، وأثبتت التجارب ذلك، ويحتاج الأمر إلى توضيح؛ فعندما يحدث أن أذكرها فإنني أعني بها جموعًا من الأحرار والمتحضرين، ودعاة العدل، ومناهضي الظلم والصهيونية، وهم موجودون. بينما أنت تردين رافضة، وكأن المقصود من الرأي العام هو حكومة أمريكا، أو صناع السياسية فيها، أو هيئات الأمم المتحدة أو حتى دوائر الإعلام التقليدي... إلخ.
وما أسهل أن نستسلم لموقف الضحية أو التي تتصور نفسها كذلك وهي تذبح.. ولا ترى أن أحدا يراها أو يعبأ بها، وهذا ليس حقيقيا. والأصوات الرافضة لما يحدث لأهلنا في فلسطين كثيرة، ولكنها تحتاج منا إلى تواصل وتفاهم ودعم، وبمقدار نجاحنا في هذا نكسب إعلاميا وسياسيا، وفي البلدان التي للشعوب بها رأي وتأثير فإن كسب الأنصار والمؤيدين يبدو هاما؛ لأنهم يستطيعون هناك الضغط على الحكومات، وتحسين القرارات، ولكن يظل من حقك أن تقولي "طز في العالم كله" هكذا بإطلاق، فأنت مصدومة وغاضبة، ولكن من حقك عليَّ أن أذكرك أن العالم كله "ليس" ضدنا.
لاحظي أنني كنت في إجابتي أتحدث لفتاة ذات ظروف محدودة، وكنت بالتالي أتعرض للشأن الأوسع في إطار تنوير الأشياء والمعالم والتضاريس أمامها. وما قلته لها يختلف عما قلته لأحبابنا في الداخل شبابا وبنات.. فلماذا الخلط بين الداخل واعتباراته، والخارج وظروفه؟ ثم في الوقت ذاته تقولين: دعونا وشأننا، وكأن هذا ممكن أو مقبول أو معقول، وكأننا لو تركناكم فستتركنا إسرائيل لأننا "غيركم"، أو إنها تعادي أهل غزة، وتهيم عشقا بأهل دمشق أو بغداد أو القاهرة!! كلنا في قارب واحد يا أختي، والفارق أن جيش الدفاع الإسرائيلي يقوم بالتصفية المباشرة "عندكم"، أما عندنا فتتكفل بالمهمة جهات أخرى "وطنية"!!
وأخيرًا فأنا أتفق معك تماما فيما يخص نصيحتك للفتيات بشأن كيفية إدارة علاقة مع الشباب من عدم التهاون وغيرها في هذه أتفق معك "بعقلانية"، وتقبلي تحياتي.