في البداية أود أن أشكركم جزيل الشكر على الوقت الذي تقتطعونه للتفكير مع الشباب وحل مشاكلهم.. وهي سابقة لموقعكم لم أرها في كثير من المواقع مع أنني أتصفح الإنترنت منذ أمد بعيد، فجزاكم الله عنا وعن الأمة الإسلامية كل خير.
ترددت كثيراً في إرسال همومي لكم، لأنني لا أعلم إن كان يحق لي أن أتخذ لنفسي مكاناً مع باقي إخوتي في الله، وأطرح ما أمر به من مشكلة ضاق صدري بها، وعجز عقلي عن إيجاد الحل المناسب لها، ولم أر مثيلا لها على صفحات استشارات مجانين، فقررت أن أكتبها لكم، علي أن أستعين بخبراتكم وآرائكم على حلها، أرجو أن تطيلوا الصبر معي لأحاول أن أذكر كل جوانبها.
أنا متزوجة منذ عام تقريبا وزوجي لا أستطيع أن أقول عنه إنه متدين، لكنه محافظ، وقد تعرفت عليه عن طريق العائلة، وبقينا مخطوبين لفترة طويلة مع القناعة والحب المتبادل بيني وبينه، رغم أنني لم أكن أره كثيرا، ولكنني لم ألمس منه إلا كل خير خلال المرات التي رأيته بها، وكذلك خلال فترات الزواج الأولى كان تعامله معي مثاليا، وكانت ظروف العمل أسهل منها الآن، وكان قريبا مني، وكانت علاقتنا حميمة، وعلاقتنا الجنسية تسير على أفضل حال.
إلا أنه منذ فترة أصبح العمل يأخذ جل وقته، وأصبح لا يجامعني في الأسبوع إلا مرة واحدة، في البداية شككت بنفسي أن أكون السبب في ذلك فحاولت أن أتصنع وأتزين دائماً، إلا أن الحال بقي على ما هو عليه، وعندما صارحته بالأمر في أنه لم يعد كما كان سابقا معي في العلاقة الجنسية.. أخبرني أنه لا يشعر بالحاجة الماسة إلى تلك العلاقة، فأخذت أشغل نفسي بأمور عدة كالرياضة مثلا، ومرة طلبته أنا إلى الفراش فاعتذر بالعمل، ومن يومها بدأت العلاقة تفتر خاصة منذ أن عرفت أن زوجي يتابع المواقع الإباحية على الإنترنت، بعد أن تأخر بالسهر ذات ليلة فتقصيت السبب بعد نومه، وفتحت الكمبيوتر فعرفت ذلك.
هذا الأمر أزعجني أكثر؛ لأنني شعرت أنه استغنى بهذا عني، خشيت أن أصارحه فيحتم رأيه علي، ويعاند معي فسكت إلى أن جاء الأسبوع التالي، فعاتبته أنني لا أتحمل بعده عني، فأجابني جوابا قاسيا بعض الشيء، ولم أستطع أن أناقشه أكثر. الآن أصبح يمعن في البعد عني!! تعامله معي أكثر من مثالي في باقي الأمور، والصراحة أنا لا أحب الجدال كثيراً، يشعر بأنني متضايقة إلا أنه يعلم أنني سأرضى بالأمر بعد حين.
لقد جربت كل الأمور معه: التطيب له، التزين، وحتى مغازلته، إلا أنه لا يقربني إلا إذا أراد هو ذلك، وعندئذ لا يهمه ما هي حالتي. حاولت البعد عنه بزيارة أهلي لعدة أيام إلا أنه لم يأبه بها.. والآن ما العمل؟
أخشى إن تكلمت معه أن يصمم على رأيه، على الأقل الآن يشعر أنه يعمل خطأ فهو لا يجاهر به، ولا يصمم عليه، وأخشى إن استمر الأمر كذلك أن أخسره، فلا مجال للمقارنة بيني وبين من سخرت نفسها والعياذ بالله لهذا العمل، وخصوصاً أنني الآن حامل، وأنا لم أصارحه بأنني حامل إلى الآن؛ لأنني أخشى من أن يزعجه الأمر، وهو يفضل ألا أحمل قبل مرور سنة أخرى على الأقل.
كل هذا يؤذيني فأنا أولاً وأخيراً تزوجت حتى أحصن نفسي وزوجي.. فإن لم يتحقق هذا الشرط لي وله فما العمل؟
الصراحة أنا أخشى على نفسي أيضاً، فالزمن صعب جدًّا، والنفس البشرية ضعيفة إلى حد الخطأ –أجارنا الله- أخشى إن استمرت العلاقة هكذا أن يأتي يوم أفتش فيه عن البديل.. فالرجل يستطيع أن يتزوج مرة واثنتين وثلاثة وحتى أربعا إن لم توفِّه زوجته حقه، لكن ماذا تستطيع الزوجة أن تفعل إن لم يوفها زوجها حقها؟
نورونا بعلمكم أفادكم الله، ما العمل في مثل هذه الحالة؟ وكيف أتصرف مع زوجي بحكمة.. وبعقلانية دون أن أدفعه لما يفعله أكثر فأكثر؟
أرجو تغييب رسالتي ما أمكن لأنني لا أعرف إذا كان زوجي يطلع على هذه الصفحة أم لا!!
وشكرا جزيلا.
29/7/2024
رد المستشار
سألتني إحداهن مؤخرا وهي تروي عن فيلم قديم شاهدته ضمن أسبوع خاص، وكنت قد شاهدته منذ سنوات، وفيه يتحول البشر إلى كتب متنقلة حيث يحفظ كل إنسان كتابا من الغلاف إلى الغلاف حفاظا على الذاكرة الجماعية من الاستغراق في مناخ أشاعه نظام شمولي ديكتاتوري صارم يحرق كل الكتب عدا منشورات النظام، فقاوم الناس بحفظ الكتب.. وسألتني هي: ما هو الكتاب الذي ستختاره في مثل هذه الظروف؟!.
وفكرت عدة أيام ثم قلت لها غالبا سأختار كتاب الفقيه الأندلسي ابن حزم "طوق الحمامة" وفيه ذكر للحب وأسراره وأسبابه وأعراضه. ويتملكني حاليا أن المسلمين محتاجون إلى من يعلمهم شئون دنياهم على هدى من دينهم حتى يخرجوا من تصورهم وتطبيقهم الطفولي للإسلام إلى تصور وسلوك أكثر رشدا ونضجا.
والرجال والنساء عندنا محتاجون إلى أن يتعلموا ألف باء العلاقات الإنسانية والعاطفية، ويتدربوا على تعبيرات أذكى وأدوم، ومهارات نحن أولى بها من غيرنا إذا كنا نقول بأننا نؤمن برب يقول رسوله صلى الله عليه وسلم إنه سبحانه قد كتب الإحسان على كل شيء، وإنه يحب إذا عمل أحدنا عملا أن يتقنه. وقد لفت نظري أسلوبك الراقي الواضح في التعبير بالكلمات، وأرجو أن نتعلم هنا معا كيف نجيد التعبير بغيرها إن شاء الله.
وغير صحيح أن مشكلتك ليس لها مثيل على صفحتنا من قبل، وأرجو أن تعطي بعضا من وقتك للاطلاع على الإجابات السابقة، وستكتشفين أن مثيلاتها أكثر مما تتصورين، وسيفيدك هذا فلا تتردي، ومنها:
زوجي لا يهتم!
زوجي مدمن شات وجنس إليكتروني!
النت شبح في بيتي: أذهبت حب زوجي!
زوجي الخلوق يشاهد المواقع الإباحية!
مشاعر زوجي مفقودة: ومشاعري متأججة!
زوجي ضائع إليكترونيا: المفهوم القاصر للإشباع!
قلنا مثلا : أن الرجل الشرقي "المحافظ" مثل زوجك... غالبا ما يكون الزواج بالنسبة له هو أول ممارسة لعلاقة كاملة مع أنثى، ويكون بالتالي الدافع الأهم في بداية الأمر هو الدافع الجنسي، وبخاصة في حالة الزواج عن طريق العائلات، والرجل هنا يبحث عن امرأة مناسبة لظروفه معقولة الشكل والشخصية ليقضي وطره أولا ، ويقيم بيتا وأسرة... إلخ.
ثم عندما يقضي وطره، ويكتشف حقيقة الأمر، ألا وهي أن الجنس الذي كان يشغل تفكيره ليل ونهار ، ويقض مضجعه، ويشده بين ضغوط ومسالك شتى، ويقف به على أعتاب ما يشبه الجنون... إلى آخر ما يعيشه الشباب، عندما يكتشف الأمر فإن هذه الحقيقة تصيبه بـ "خيبة أمل" وردة فعل يعبر عنها البعض -دون وعي- بنوع من الفتور الجنسي في العلاقة، أو بقوله: الحياة ليست جنسا فقط!! وكأنه في حاجة إلى من يقول له عندئذ: شكرا على هذا الاكتشاف المذهل!!
يكتشف أغلب الرجال متأخرين أن الحياة ليست جنسا فقط، وأن ما كانوا فيه من حال خبل وخلل إنما أنتجه سوء التقدير والتدبير، وشيوع الأساطير في مناخ محافظ، قدمنا له نقدا في إجابات سابقة، وهو جزء هام وركن أساسي في هذا التصور الطفولي الذي نعيشه للإسلام وهديه، وتلك قصة تطول.
ويبدأ الرجل الشرقي المحافظ بعد زواجه في إعطاء اهتمام أكبر لبقية نواحي حياته مثل العمل، والأصدقاء، وغير ذلك مما كان متعثرا بسبب الهوس الجنسي وأحلام اليقظة التي كانت تداهمه في مكتبه، وعلى فراشه، فتشغل تفكيره وتشتت تركيزه.. وفي حين كان يسير خطوة ثم يبطئ ، قبل زواجه، نراه غالبا ينطلق كالصاروخ بعده محاولاً تعويض ما فاته ، وفي إطار هذا الانطلاق الصاروخي والعمل المكثف يصيبه الكثير من الملل بسبب ضغوط العمل، ويبدأ في البحث عن وسائل للترويح والترفيه وتجديد الهمة والنشاط...
وفي حالة أغلبنا فإن الترفيه الإلكتروني قد صار هو الأقرب والأيسر والأكثر إتاحة من الترفيه الثقافي والاجتماعي مع آخرين كما تعودنا في ثقافتنا، حتى طغت أدوات ووسائل الإلكتروني، وأصبحت جذابة ورخيصة التكلفة ومثيرة للاهتمام والفضول، وعلى رأسها تتربع الإنترنت بلا منازع.
وفي متابعتك لإجاباتنا السابقة ستلاحظين أننا في البدايات كنا نتعامل مع دخول الزوج إلى المواقع الإباحية بوصفه خللا أو خطرا أو تعبيرا جنسيا كما ترينه أنت كذلك، ولكنني بالتدريج بدأت أعتقد أنه نوع من الترفيه وإشباع للفضول أساسا، وإن كان لا يخلو من عنصر الإثارة الجنسية، ولكنها تأتي تالية أو ثانوية غالبا.
ويأتي الالتباس من أن هذه الصورة أو ذلك التحليل والتفسير يبدو غائباعن إدراك الرجل نفسه ، وهو بالأحري غائب عن زوجته، كل زوجة مستقيمة إنما تزوجت مثلك لتحصن نفسها وتقضي وطرها بالحلال، وتكون لزوجها سكنا، ويكونا لباسا لبعضها البعض، وهي تراه في فترة الخطوبة على شكل يغلب عليه الإقبال واللهفة، ثم يهبط المنحنى بعد الزواج قليلا أو كثيرا، وغالبا ما تخطئ في قراءة أسباب هذا الهبوط؛ وبالتالي في علاجه، وتجلس في فراشها البارد تضرب أخماسا في أسداس كما يقول المصريون، وتبحث عن زوجها أو تنتظره، ولكنه يغيب أو يأتي منهكاً من العمل أو مشغول البال بأشياء أخري ، فتروح تندب حظها، وتندم على زواجها، وتشك في نفسها وأنوثتها، وقد تبحث عن رجل آخر يؤكد لها أنها ما تزال مرغوبة وقادرة على تحريك الشهوة في الرجال ،بعد أن حاولت مع زوجها ، ثم كفت سريعا عن تكرار المحاولة.
الجنس عند المرأة يبدو مختلفا في أهدافه وتصوراته ومعانيه عن الرجل، وهو في حالة الزوجة يأتي تعبيرا عن الحنان والأمان واستمرار الحب والتواصل، ويعني أنها مشبعة له وكافية، وبالتالي غير مهددة بزواج ثان أو طلاق مفاجئ أو منغصات زواجية أخرى.
وأخونا لا يفهم نفسه أصلا فهل سيفهم زوجته؟! وهل سيفهم قولة عمر الفاروق رضي الله عنه: (إن الرجل قد يحمل نفسه حملا على جماع زوجته)، والمعنى الكامن أن معاشرته إياها لا ترتبط فقط برغبته الجنسية صعودا أو هبوطا أو خلو ذهنه واستعداده النفسي والبدني، ولكن قبل ذلك ترتبط بحاجتها هي المستمرة لتأكيد تلك المعاني التي لا تستقر نفسها إلا بها.
هذه محاولة لاستكمال بقية الصورة قبل أن نتكلم عن علاج لها أو تعامل معها.
وأرى أن زوجا بالصفات التي تذكرينها عنه يستحق جهدا في الحفاظ عليه، ويعطي أملا كبيرا في استكمال ما يغفل عنه.
وأنت على الجانب الآخر لديك من الحكمة والحنكة مما يعد بقدرة على حسن الإدارة والرعاية لشئون بيتك وعلاقتك مع زوجك، فقط إذا انتبهت إلى ما هو غائب عن تفكيرك.
وأنا هنا سأعطيك نصائح عملية لتصحيح الفكر والممارسة:
أولا: كما تعرفين فإن الجنس ليس هو التعبير الوحيد عن الحب، وعن استمرار المودة والرغبة... إلخ، وعليكما البحث عن تعبيرات أخرى تناسب ظروفكما وطباعكما من التعبيرات المعروفة كتبادل الهدايا مثلا والرسائل الإلكترونية أو الورقية، ومنها السفر معا أو قضاء أمسية لطيفة في مكان خارج المنزل وحدكما أو بصحبة... والتعبيرات لا تنتهي.
ثانيا: في العلاقة الحميمة بين الزوجين يبدو الكيف أهم من الكم، والمسألة نفسية بالمقام الأول، وغالبا فإن الطقوس الواجب مراعاتها تتآكل بالتدريج، وتحتاج إلى تنشيط وتجديد من الطرفين أو يتسرب إليها الملل مثل كل فعل يتكرر بحذافيره. ومن الأخطاء الشائعة أن تحاول المرأة مرة ثم تتراجع عندما لا تجد تجاوبا أو ترحيبا، وكأن تعلم اللغات الجديدة يأتي من أول حصة!!
أعتقد أن الرجل يقبل أكثر حين يجد في كل مرة امرأة جديدة شكلا وموضوعا، وحين يتعلم اللغة المطلوبة سيكتب الشعر، ويعزف اللحن الثنائي شجيا مؤثرا، فقط كل تعليم يحتاج إلى معلم ووقت وجهد واستعداد وصبر.
ثالثا: الترفيه الإلكتروني لا يح منه إلا ترفيها أخيرا أنفع وأمتع، فما هي برامجه في حالتكما؟ وما هو الترفيه المتاح في البلد فنيا واجتماعيا وثقافيا؟ وما هو النوع الذي تفضلانه ويناسب ظروفكما؟ وما هي خطتكما للسفر معا في عطلة الصيف القادم؟ وما هي إمكانيات الترفيه المنزلي عندكما غير التلفاز والحاسوب؟!
تحدثت عن الرياضة فهل هي أيضا يحبها؟ وهل يمكن أن تمارسا أنواعا منها معا، مثل: تنس طاولة، تمارين لياقة، أو غير ذلك؟! هل تحبان نوعا معينا عن الموسيقى أو الأفلام أو الروايات أو الشعر؟
رابعا: الأعمال المشتركة بجميع أنواعها مهمة بالنسبة لكما، فإذا كان زوجك يصلي بالبيت فلا ينبغي أن يصلي وحده، وإذا كان يقرأ وردا من القرآن فلتقرئي معه، وهناك أعمال كثيرة مشتركة ممكنة، من ترتيب أوراقه إلى غسل الصحون، والعمل المشترك يعطي معنى التآلف، ويعمق إحساس التواصل، ولا ينفصل عن ذلك معاونة كل واحد للآخر فيما يريد إنجازه في عمله أو غيره من المهام المطلوب إنجازها.
خامسا: لا يفيدك بل يضرك ويضر علاقتك بزوجك أن تتبعي عورته أو تنبشي خصوصياته أو تتجسسي عليه بأي شكل من الأشكال، وشكرا لك وأنت تدركين أن المواجهة ليست مفيدة، بل غالبا ما تكون ضارة، وتقلب السر جهرا أو المسكوت عنه الذي يُمارس خلسة إلى فعل معروف ومطلوب معركة لوقفه أو تنازل لتمريره، والأفضل أن تعملي على تخليص زوجك من هذه العادة السيئة من كافة الطرق الأخرى طالما لم يجاهر هو بما يفعل.
سادسا: إذا كان الحمل قد جاء بإرادة منك فاسمحي لي أن أقول لك: إن هذا أسلوب خاطئ تلجأ إليه بعض الزوجات لجذب اهتمام وتعاطف أزواجهن وتمتين الرابطة معهم، بينما الاتفاق كان واضحا على غير ذلك منذ البداية، والحمل في هذه الحالة هو نوع من الهستيريا، والهستيريا هي في أصلها تعبير غير ناضج عن الانفعالات النفسية بتصرفات جسمانية، على الأقل لا أعتقد أن هذا يناسب عصر الإنترنت!!
سابعا: الأفضل عندي أن نستخدم مصطلح أو مفهوم "مفاتيح الشخصية" بدلا من مصطلح أو مفهوم "نقاط الضعف"، وزوجك مثل كل إنسان له مفاتيح هي طريقته في التفكير والتعبير والانفعال والتصرف، وهذه المفاتيح يمكن إدراكها بدوام المراقبة له بهدوء وتأمل لنكتشف أن هذه المفاتيح واضحة ومتكررة، والمطلوب لا يعدو اختيار التصرف السليم لاستخدام المفتاح السليم في وقته ومكانه واجتناب الأبواب التي تأتي منها الريح السالبة، وفهم واستخدام هذه المفاتيح يبدو أكثر فاعلية في إحداث التغيير المطلوب من اللوم والتقريع والعتاب.
ثامنا: أعجبني إدراكك أن زماننا هذا صعب، والحقيقة أن صعوبته تنشأ وتتضاعف أساسا من جهلنا به ومن قصور جهودنا في محاولة فهم واستيعاب ما يحدث وما يستجد، دراسة وتأملا، ناهيك عن التعامل الرشيد معه، تأقلما أو تغييرا وإعادة برمجة أنفسنا، لنكون قادرين على أن نعيش ديننا في عصرنا، وصفحتنا هذه محاولة للبحث والتعميق في هذا الصدد.
أما قولك عن ضعف النفس البشرية فصحيح، ولكنه ناقص لأن في التسلح بالوعي والتقوى وحسن التفكير والتدبير ما يقي من مآلات السوء. وخائبةٌ تلك المرأة التي تستسلم للانزلاق إلى وضع الخيانة لأن زوجها لا يتجاوب معها فتبحث عن بديل!! فهذه قصة متكررة وشائعة تكشف عن خيبة حواء العربية وقلة حيلتها وهوانها على نفسها، فهي بدلا من أن تأخذ موقف المبادرة والفعل، إدارة لحياتها أو تغييرا لزوجها ولنفسها، نجدها تستكين لدور المغلوبة على أمرها مثل الطفلة المحرومة من اللعب فلا يحلو لها إلا في غياب الوالدين!!
وبدلا من أن تقرر لنفسها الاستمرار أو الانفصال نجدها تستسهل لعبة البحث عن بديل لزوجها الغافل أو المتغافل، وبدلا من التعاون معا للفهم والتفاهم والتغيير المشترك إلى الأفضل تتجه إلى الأقرب فتتركه هو يفعل ما يحلو له وما قد تعود عليه، وتكف عن محاولة فهمه أو تحريكه لتنساق مع آخر لا ترى فيه إلا الوجه اللامع ، ولا تسمع منه سوى اللحن العذب، ولا تلقاه إلا متعطرا محتشدا حنونا متفاهما كريما متفائلا، وهكذا تجمع بين رجلين: أحدهما ينفق ماديا ويأخذ بالحلال، والآخر ينفق معنويا ويأخذ بالحرام... والأولى أن نفهم أنفسنا، وندرك عصرنا ونقتحم دنيانا، ونحن نعض على ديننا بالنواجذ، ففيه الكثير مما نحتاجه في وسط أمواج متلاطمة وغيوم بعضها فوق بعض، فإذا ضاقت السبل أو هجر الشريك أو انسدت الآفاق نحو النور والحياة نعود إليه نسأله، فهو وحده – أي ديننا – القادر على تقديم البديل، وتلك قصة أخرى. تابعينا بأخبارك.