الوساوس الكفرية والكفرجنسية والاستمناء
السلام عليكم، أعاني من الوساوس الكفرية والكفرجنسية. أنا معرض للوسوسة بكثرة، ومنذ الصغر وأنا أتخيل كثيرا وحتى كنت أتخيل صورة معينة على أنها الله غير مدرك لحرمة ذلك والعياذ بالله، فكنت من قبل دخول المدرسة أخاف جدا من الموت ومن النار وأخاف ألا أكون من أهل الجنة أسال الله أن يجعلنا جميعا من أهل الجنة.
فأول مرة أتتني فيها الوساوس كانت في عمر 11 سنة، ولكن سرعان ما ذهبت بعد أن بحثت ووجدت أن المرء غير محاسب عليها. أنا نشأت في بيئة محافظة وكنت ملتزما في صغري، ولكن كان تفسيري قاصرا ومع مرور السنين فسرت الموضوع بأنه يمكن التفكير بمختلف الأفكار المنحرفة التي تخرج من الملة واستحضارها، بل كنت أتخيل أني غير مسلم في بعضها كسرد أني كنت سأفعلها وأقولها لو كنت غير مسلم أو في عالم آخر دخلت فيه الإسلام لاحقا وكانت طبيعتها عادة ليست مباشرة في الإساءة مثل الوساوس الحالية. وجائتني فترة كان عندي فيها إهمال لأداء العبادات، تهاون في استخدام الدين في المزاح، إلخ. وهنالك الكثير، ولكن أسال الله الستر والعفو.
أدركت قبل ثلاث سنوات المصيبة التي كنت فيها، وتبت إلى الله بعدما ضافت بي الدنيا بعد إدراكي مدى غفلتي وبعد ما شعرت والعياذ بالله باليأس وأني والعياذ بالله من أهل النار لا محالة واستمررت أسابيع إن لم تكن شهورا في خوف، ولكن بفضل الله عدت إلى طبيعتي وأصبحت أكثر حرصا وساعدني على هذا كون رحمة الله واسعة وأن الله يعفر الذنوب جميعا وألا أقنط من رحمة الله فباب التوبة مفتوح وإني تبت إلى الله قبل فوات الأوان وأني أستطيع المضي بحياتي بتفاؤل وطموح بالتوفيق في الدنيا والآخرة بإذن الله. وأن أرى ما حصل لي كنعمة من الله لأخرج مما كنت فيه من جهل وسفه فلا أتخيل ما كان سيحدث لو بقيت غافلا وعشت طول حياتي وتوفيت وعقلي متغيب مثلما كان في الفترة التي قبلها، نسأل الله حسن الخاتمة.
ولكن مع إدراكي وتوبتي، جاءتني الوساوس الكفرية بشكل كبير أشد بكثير من أي مرة قبلها وهي مستمرة إلى الآن، مع الوقت تختلف وتزداد وتقل وتصبح من كلام إلى تخيلات، ومن وساوس كفرية إلى كفرجنسية ملازمة لي طوال اليوم. فأصبحت دائما أجادلها في عقلي وصرت أحاول استبدال المصطلحات التي لها علاقة بالدين بمصطلحات أخرى شبيهة اللفظ لتصحيحها وأحيانا أجد نفسي كأني أقول، وإن كانت خيالات أحاول تعديل الخيال وتصحيحه بتغيير مما له علاقة بالدين فيه ليصبح شيئا آخر شبيه. وهذا على ما يبدو فعل قهري.
فأول سؤال هو هل هذا من الاسترسال الذي أحاسب عليه؟ مع أني أعرف أنه يجب تجاهل الوساوس، ولكن من شدتها وبشاعة ما فيها أجد نفسي أرد عليها وإلا لا أرتاح في كثير من الأحيان بالرغم من أن التجاهل يعطي نتيجة جيدة في الكثير من الأوقات.
السؤال الثاني، هو قبل بضعة أيام حدث شيء جعلني أنتكس مرة أخرى، كنت أمارس الاستمناء سامحني الله وأنا عادة بسبب الوساوس إذا جاءتني أفكار كفرية أو كفر جنسية بشكل قوي أتوقف حتى أن "أصححها" ويكون عندي تحكم أكثر فيها فلا تكون السائدة، ولكن عندما جاءتني فكرة وتوقفت قليلا لأردها شعرت فجأة برغبة شديدة ونشوة في الإكمال بالرغم من الفكرة القذرة التي جاءت فلم أتوقف بشكل كافي وأنا أحاول أن أقاومها وأكملت الاستمناء وكانت مقدرتي على تعديل الصورة النجسة التي في رأسي أقل من المعتاد وسرعان ما قذفت وأنا أحاول الرد عليها وتعديلها وفور الانتهاء شعرت بالذنب وانتكست وأحسست بأني وقعت بالكفر والعياذ بالله بل وبشكل بشع كأني أقررت بإكمالي الاستمناء بالقذارة والإساءة التي كانت فيها واسترسلت معها فمع الكفر إساءة أيضا، بالأخص أن النشوة والرغبة الملحة جاءت مع الوسواس فماذا لو كانت من الفكرة الكفرية؟ ومما يخلط الأمور هو تساهلي السابق في الأفكار الكفرية قبل توبتي فأتتني الوساوس أني الآن عدت لما كنت عليه وإن كنت في غفلة في السابق فلماذا عدت الآن بعد ما عرفت حجم ما كنت فيه؟ فهل يوقع هذا في الكفر والإساءة للدين ورموزه والعياذ بالله؟
الشيء الثاني هو أنه بالرغم من شعور الخوف واليأس والندم فهو ليس مثل الشعور قبل ثلاث سنوات ولله الحمد وأنا تبت وأعدت الاغتسال لأني لو كان هنالك نسبة ولو ضئيلة أن الفعل صدر مني وليس من الوسواس لا قدر الله لا أريد ألا أتوب منه. مع أني أعرف أن الله يغفر جميع الذنوب، فأنا بسبب أن الشعور هذه المرة أقل من سابقتها بسبب الوسواس أحيانا تأتيني أفكار بأني أستهون الذنب الذي وقعت فيه قبل عدة أيام لأن أحد شروط التوبة الندم وهل ندمي هذه المرة كافي نظرا لحجم الذنب؟ وهل أنا أتخطاه بسرعة؟ وبدأت أتذكر ذنوبي القديمة التي تبت منها وأني الآن يجب أن أتوب منها من جديد، وأني إن مارست أي ذنب ولأن مستوى التزامي الآن ليس بالمستوى الذي كان عليه قبل ثلاث سنوات عندما تبت ولله الحمد فهذا يعني أني مستسهل وأريد فقط أن أريح ضميري وأمضي في حياتي وأني توبتي غير صادقة، ولكن في نفس الوقت أفكر ألا يجب أن أتفاءل وأثق بأن الله سيغفر لي عندما أتوب؟ وعلى أي أساس أحدد متى يجب أن أحاول التوقف عن الشعور بالندم لكي أقرر متى أتخطى الذنب بعد التوبة منها وأعيش في تفاؤل؟
حتى بدأت تأتيني أفكار ماذا لو تزوجت أو مارست الاستمناء مرة أخرى مستقبلا وقمت بالشيء الذي كان في الوسوسة دون الإساءة التي فيها فهل هذا يعني أن توبتي غير صادقة وأني فقط أريد رخصة لرغباتي الجنسية والدنيوية؟ مع أني أعرف مدى قلة عقلانية فكرة مثل هذه فإذا أتتني أفكار كفرية عن الجماع وعند الجماع فهذا لا يجعل الجماع حراما أو مكفرا ولكن يأتي الوسواس ويقول إن الفكرة هذه هي رغبة خارج الجماع وغير أساسية للحياة، ولكن في نفس الوقت فإن ربط الأمور هذه وغيرها من الوساوس بالإساءة للدين هو فتح باب للمزيد من الوسوسة ولاستمرار الوسواس، وأنه حتى عندما يأتي الوسواس عند عمل ذنب فالإنسان يحاسب على الذنب وليس الوسواس حتى ولو تكرر الذنب.
عندما أقرأ بعض قصص الآخرين فأنا من جهة أخاف أن الوسواس ينال من صحتي وعقلي أكثر من مما هو حاليا، بل وأسوأ من هذا أن يجعلني قانطا من رحمة الله ومن جهة أخرى لا أريد أن أكون مستسهلا وغافلا وأن أكون ممن يأمن مكر الله أو ألا تقبل توبتي لا قدر الله.
17/9/2024
رد المستشار
الابن المتصفح الفاضل "عبد الرحمن" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
(من وساوس كفرية إلى كفرجنسية ملازمة لي طوال اليوم. فأصبحت دائما أجادلها في عقلي وصرت أحاول استبدال المصطلحات التي لها علاقة بالدين بمصطلحات أخرى شبيهة... إلخ ثم تعلق في النهاية وهذا على ما يبدو فعل قهري)! فعلا هو كذلك ولذلك لا يصح منك أن تفعله إن أردت العلاج، ونفس الكلام ينطبق على قولك (إذا جائتني أفكار كفرية أو كفر جنسية بشكل قوي أتوقف حتى أن "أصححها" ويكون عندي تحكم أكثر فيها فلا تكون السائدة) يجب أن تكف عن هذا فالأفكار الوسواسية لا تكون سائدة في وعيك إلا إذا كنت تصر على التخلص منها وإخمادها أو تصحيحها كما تفعل، لا يصح مع الوساوس الكفرية كلها يا "عبد الرحمن؟ إلا الصحيح والصحيح هو التجاهل النشط!.
وهذا الذي تقوم به من إبدال أو استبدال هو نوع من التحييد الذي يعطيك راحة عابرة لكنه بالأساس فعل قهري يعزز من قدرة الوسواس عليك لاحقا، لأن التحييد = التعضيد للفكرة الوسواسية، وهو ليس من الاسترسال الذي تحاسب عليه، وإنما الاسترسال هو مثلا أن تستمر مع الأفكار الكفرية محاولا إثباتها أو مجرد التفكير في الاحتمالات المختلفة إذا صحت الوساوس وأنت لا تصدق الوساوس وإنما تنكرها تلقائيا، وهذا حتى إن حدث -أي الاسترسال- في حالتك فلن يكون استرسالا متعمدا لأنك مريض وسواس قهري ولست حر الإرادة في موضوع وسواسك.
وأما قولك (بالرغم من شعور الخوف واليأس والندم فهو ليس مثل الشعور قبل ثلاث سنوات ولله الحمد وأنا تبت وأعدت الاغتسال) فنعلق عليه بأنه لم يكن من داعٍ لا للتوبة ولا الاستغفار وكذلك لا داعي لا للتشهد ولا الاغتسال!... لأنك مريض بوسواس الكفرية والمطلوب منك فعله هو البحث عن العلاج.
(لا يجب أن أتفائل وأثق بأن الله سيغفر لي عندما أتوب؟) بل يجب أن تتفاءل وليس في ذلك استهانة بالذنب، بل فيه طمع في عفو المولى عز وجل ورحمته سبحانه، وأما (على أي أساس أحدد متى يجب أن أحاول التوقف عن الشعور بالندم لكي أقرر متى أتخطى الذنب بعد التوبة منها وأعيش في تفائل؟) يا أخي يفترض أنه بمجرد الاستغفار مما لا كفارة فيه يجب أن تؤمن بأن الله غفر الذنب واقرأ في ذلك: فرط الخوف من الذنب يضيع فضل الاستغفار!
أخيرا من فضلك تذكر أن الحالة التي وصفتها لنا هنا من الناحية الطبية هي حالة مرضية قد تكون اضطراب وسواس قهري فقط أو اضطراب وسواس قهري + (اضطراب نفساني آخر أو أكثر، وهذا أمر لا ينبغي أن يترك دون تشخيص وعلاج من طبيب نفساني متخصص)، وأما من الناحية الشرعية فاطمئن فأنت لم تكفر لا طفلا، ولا مراهقا ولا راشدا ولا شابا، ومعاناتك من وسواس الكفر والعقيدة يعطيك حصانة مفتوحة ضد الكفر لأن الوسوسة تسقط التكليف.
واقرأ أيضًا:
وسواس العقيدة والكفرجنسية والعادة السرية!
إلى متى يستمر الموسوس في أخذ الرخصة؟
وسواس الكفرية: هل يصح التجاهل؟ بل يجب!
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.
ويتبع>>>>>>>: وسواس الكفرية: التحييد = التعضيد! م