السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أود شكركم على جليل خدماتكم التي تقدمونها للناس، فجزاكم الله خيرا.. أبدأ بإعطائكم نبذة عن حياتي، أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، طالبة جامعية من عائلة متوسطة الحال على قدر من الالتزام مقبولة الجمال، عشت معظم حياتي في إحدى دول الخليج العربي وقدمت مع والدتي وأخواتي للدراسة الجامعية في الأردن. عشنامعظم حياتنا كمغتربين بمعنى الكلمة، لا علاقات اجتماعية، لا أصدقاء سواء في المدرسة أو من معارف العائلة، معظم حياتي كانت من البيت إلى المدرسة وهلم جرا.
نشأت هكذا حتى أتيت إلى بلدي الأم وهنا ظهرت المشكلة نتيجة احتكاكي في الجامعة، أنا لا أستطيع الحديث مع الناس أبدا لشدة خوفي منهم.. أخاف أن أرتكب الخطأ وأنا أحادثهمأشعر أن الجميع يراقبني ويتصيد أخطائي.. إن طلب مني أحدهم تعبئة نموذج وأنا في الجامعة أشعر بالضيق وتبدأ يداي بالارتجاف حتى وإن كان خفيفا.
عندما أمشي في الشارع أكون في حالة استنفار لأني أخاف من الناس!! أشعر أني مطاردة، كل شيء أفعله بسرعة لأني أخاف.. لاأستطيع الحديث أمام جمهور من الطلاب دون أن يرتجف صوتي والمصيبة أن تخصصي يحتاج لهذه المهارة.
لاأقدر على طرح أي سؤال على الدكتور حتى إنني عندما أحادث الناس أشعر أن عقلي ليس معي لشدة الخوف فيبدأ قلبي بالخفقان، صحيح أنه ليس ظاهرا جدا للعيان لكنه موجود.. ربماترون أن مثل هذه الأمور طبيعية، ولكن أيعقل أن أكون مشدودة الأعصاب حتى في المنزل!!!
حاولت أن أتخلص من المشكلة بأن أشارك في نشاطات تطوعية، ولكن كان العدد لا يتجاوز 4 أشخاص، وما زلت أقوم بالعمل بنفس طريقتي القديمة، أي آخذ العمل وأنا صامتة وأقوم به، يعني لم أستفد شيئا، بحثت على الإنترنت لكني لم أجد الحل الشافي، ووصل الأمر بيأن أبحث في غرف الدردشة مع علمي أنها ليست المكان المناسب.
ياسيدتي والله إن حياتي استحالت إلى جحيم، خجلي جعل البعض يستغل هذا الشيء، بل إن بعضهم ينظر إلى أني أقل منهم!! أريدأن أكون مثل الناس أشعر بنفسي أشعر أني مقبولة أريد أن أكون صداقات.. لا أريد أن يحدقني البعض بنظرة الشفقة أو أن ينظر إلي على أني مسكينة.
لست أدري لماذا يراودني شعور بأني أقل من غيري، ربما يقولالبعض هذه ليست بمشكلة.. ولكن منذ أربع سنوات وأنا أحاول حل المشكلة ولم أستطع، فتلك مصيبة والله ما عدت أشعر بطعم الحياة أشعر أن الحياة تافهة لا قيمة لها.
أحيانا أغضب لأني أشعر أن والداي هما السبب فيما أنا فيه، فهما بصورة عامة ليسا من أهل العلاقات الاجتماعية، أو قد تكون التربية هي السبب فكل شيء إما مسموح أو ممنوع، (افعل أو لا تفعل).
أشعرأن تربيتهما كانت قاسية، فأخي الذي يبلغ من العمر 5 سنوات يجب أن يكون أفلاطون عصره، وليت الأمر بالحكمة والتروي، ولكن بالصراخ والتنكيد والتقليل من شأننا.
لاأريد أن أكون عاقة لأهلي لكني بدأت أبتعد عن أمي، أصبحت علاقتي بها فاترة أحيانا يمر اليوم، ولا أتحدث معها سوى قرابة العشر كلمات أشعر بقهر داخلي شديد، أرى الناس تسير مطمئنة في مشيتها، أما أنا فأسير كمن خلفه وحش!!! كل هذا لأني أشعر بالارتباك الشديد خارج المنزل. معظم العائلات في بلدي لها نفس أسلوب التربية تقريبا ولكن أبناءهم ليسوا مثلي فلماذا أنا؟؟
أرجوكم.. أريد أن أعيد ترميم حياتي ونفسيتي.. لمن أتجه؟ أدعو الله أن يعينني، طبعا لا بد من الأخذ بالأسباب أرجو أن أجد عندكم الحل الشافي.
والسلام عليكم ورحمة الله.
11/10/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله..
عزيزتي كان الله في عونك وسدد خطاك لحل مشكلتك بعدما نناقش معا بعض النقاط التي ذكرتِها في رسالتك. بداية برغم معاناتك فإنك تقللين من أهميتها وتقولين إن البعض قد لا يعتبرها مشكلة وهنا الدرس الأول لتعزيز ثقتك بنفسك الضرورية لحل مشكلتك.. تعلميأن تستمعي أولا لنفسك وتستجيبي لألمك بغض النظر عن رأي الآخرين فقد خلقنا رب العالمين مختلفين؛ ولذا تختلف قدرتنا على تحمل الألم. قضية اختلاف قدرة الناس على التحمل هي النقطة الثانية التي تفسر لكلماذا ترك أسلوب تنشئتك هذه الآثار السلبية عليك دون باقي معارفك وحتى إخوتك.
تعانين عزيزتي من درجة ليست بسيطة من الرهابالاجتماعي، وهو ببساطة فقدان القدرة على التواصل، والحركة الاجتماعية التي تقولين أنت إنها عادية.. وتترك مشاعر الخوف الشديدة عليك آثارا فسيولوجية من تسارع دقات القلب ورجفة اليدين والتعرق بالإضافة للارتباك الشديد. ويصعب الجزم بسبب حالتك وكذلك الحال في باقي الاضطرابات النفسية التي غالبا ما تظهر نتيجة تضافر عدة عوامل فسيولوجية وراثية مثل المزاج والقدرة على تحمل الضغوط مع أساليب التربية الحازمة والصارمة مع بعض العوام ل المرسبةالتي تساعد على ظهور المرض والتي كانت في حالتك الانتقال من مجتمع محافظ إلى آخر مختلط، بالإضافة لدخولك المرحلة الجامعية وما تحمله معها من زيادة مسؤولية الطالب عن نفسه وعن عملية التعلم نفسها، وأحدهما كان كافيا ليضع عليك ضغوطا تؤدي لظهور ما تعانين منه من اضطراب.
إن أول خطوة لأي علاج هي اعتراف الفرد بأنه يعاني من مشكلة، يليها تشخيص المعاناة، ثم طلب المساعدة المتخصصة، حيث لم تفلح محاولاتك الفردية في التخلص من معاناتك من خلال زيادة نشاطك ومحاولة الانخراط غير المخطط ضمن المزيد من النشاطات.
ومع ذلك فتأكدي أنها ذات فائدة ومجرد تعبيرك وقراءتك للرد على سؤالك هي خطوة أخرى في طريق التخلص من معاناتك، وأضيفي عليها قراءة المزيد مما كتب عن موضوع الرهاب الاجتماعي على الموقع، مع دعائي لك بألا يحرمك الله أجر معاناتك، وأن ييسر لكأمر علاجك.
واقرئي أيضًا:
لا يجرك ولا تجرين: العلاج ممكن!
حضرة الأستاذة تعاني الرهاب الاجتماعي!
في الرهاب الاجتماعي: هل الطبيب النفساني مهم؟