بين ADHD النمط الثاني والكمالية وبين السمات الشخصية المقيتة وجحم التسويف
السلام عليكم أيها الأساتذة الكرام
أولاً، أود أن أشكر طاقم الموقع بدكاترته وأساتذته الكرام بارك الله فيكم وبكم، لقد استفدت الكثير ولا زلت ووجودكم في ساحة الإنترنت عظيم.
سبق لي أن أرسلت استشارة بخصوص شخص قريب وقد أجابني الدكتور وائل وأود أن أشير الى كفائته الكبيرة فقد شخص بتدقيق حالة شخص قريب، وذلك فقط عن طريق رسالة واحدة، بعض الأطباء في بلدي لم يشخصوا بدقة كما فعل الدكتور.. حيث لاحظ أمور مهمة فقط من فحوى الرسالة، لكن الحمد لله فقد شفيت من الاكتئاب ورحلتها في الحياة الآن جيدة وإيجابية.
وأود أن أعتذر عن عدم صياغة الرسالة وترتيب الأفكار بشكل جيد لكن سأحاول قدر الإمكان، لا أريد أن أدخل في صلب الموضوع دون أن أشكركم.
أنا أعلم أنه يحب أن أزور الطبيب شخصياً، لكن أريد آراء الخبراء الأفاضل أولا، أما بخصوص المشكلة فأنا أشك أني أعاني من ADHD النمط الثاني ووسواس قهري خفيف.. وربما كمالية... قرأت عدة مقالات هنا وفي الإنترنت وشاهدت عدة فيديوهات حتى لا أتسرع لكن رأي الخبراء لا غنى عنه. خصوصا أن هناك خطا رقيقا بين السمات الشخصية وبعض أعراض ADHDH
1 - بخصوص الوسواس مثلاً عندما أطفئ الضوء أعود لكي أضغط عليه مرات عدة.. وفي قرارة نفسي أقول إذا لم أفعل ذلك سيحدث أمر سيء.. وأنا أعلم يقينا أن ذلك غير صحيح فأستعيذ بالله من الشيطان ثم أعيد الكرة الأمر نفسه بالنسبة للسلالم.. الأمر ليس حتميا، بل في أحيان عديدة أفعل ذلك.. ولا أظن أنه وصل لمرحلة قهرية..
ماذا أظن؟ أظن أن الأمر له علاقة بالطفولة حيث عندما يتأخر والدي عن المنزل والدتي تقلق ثم أقلق أنا بدوري بالليل وأفكر ماذا قد يمكن أن يحدث لو لم يعد.. رغم أن والدتي لم تكن تبالغ لكن كان لديها نوع من القلق علينا وعلى أبي وهكذا أقول سيحدث شيء سيء ولا أعلم هل لهذا علاقة بالأمر أم لا...؟!
في طفولتي يجب أن يكون الفراش مستقيماً وإلا سأنام منزعجاً، هذا فضلاً عن أني كنت أتبول ليلاً إلى أن بلغت.. ولا أعلم هل لهذا علاقة بالأمر أم لا...؟! علما أن طبيب المسالك مؤخراً أخبرني أن مثانتي عصيبة حيث شبهها بالقولون العصبي..
أيضاً في كل مرة أتشبث بقاعدة ما فمثلا في السنين الأخيرة أنفخ كثيرا في هاتفي وفي مقود السيارة وكأنني أزيل الغبار.. خصوصا في الأجهزة الإلكترونية.. أفعل ذلك لا شعوريا من حين لآخر..
2 - بخصوص التركيز والتسويف المقيت
لحد كتابة هذه الأسطر أجلت هذه الاستشارة لما يفوق السنة.. ودعني أرجع بكم إلى الطفولة وسنوات الدراسة الثانوية وتعليقات الأساتذة والأهل.. دائما ما يقال لي أني مستهتر ومتهاون.. الأساتذة كانوا يشيدون بنباهتي وأني أستطيع الحصول على أعلى الدرجات لكن أدائي الدراسي كان متوسطا جداً، وأحيانا كارثي بحيث يستغربون من درجاتي
أذكر أنه في أعوام قليلة ومعدودة تفوقت.. لكن بعد مثابرة وجهاد لكي ألتزم التزاماً بسيطاً ودائما ما كنت أترك المسائل المهمة للحظات الأخيرة ومواعيدي دائما متأخرة ودائما متأخر في الحضور للدراسة إلا في حالات الامتحانات الوطنية..
لا أظن أنه في طفولتي كنت مندفعا فعند السؤال كنت هادئا ولا أقاطع الناس (لهذا أشك في النمط الثاني) لكن كنت كثير التساؤل والفضول وأحب أن أفهم وكان حلمي أن أصير عالماً.. ولا أبالغ إذا قلت لكم أني كنت متفوقا على أقراني في المفاهيم والمعارف خصوصا في المراهقة حيث كانت اهتماماتي أكبر وأنضج.. لكن أدائي الدراسي لم يكن في المستوى وأنا الوحيد في إخوتي الذي أدائه ضعيفا فأخوتي كلهم الآن دكاترة في تخصصات صعبة..
وأود أن أشير أيضاً إلى أنني لم أحب يوما النظام الدراسي فهو تلقيني محض لكن حتى في الرياضيات مثلاً لم أكن أحصل على درجات مرضية لكن المفارقة هنا أنني أجيد البرمجة وبعض التخصصات في علوم الحاسوب والتي تحتاج إلى ملكة رياضياتية.. وفي عام استثنائي حصلت على أعلى درجة في الفيزياء (كان سببه أستاذ كان يراجع معي وحثنى على الالتزام *نقطة مهمة*) هل للأمر علاقة بالاضطراب أم كل ما في الأمر أن النظام المدرسي لم يكن ملائماً أم فقط سمات شخصية سيئة تحتاج إلى تصحيح؟
*نقطة مهمة*: قبل المراجعة كنت ألتزم دائما بتنظيف الغرفة ثم يزداد تركيزي بعد ذلك بكثير لكن من حين لآخر أنظر مثلا لشيء ما وأقول في قرارة نفسي يجب أن أصلح هذا الأمر/ هذا المنظر إذا كان يؤثر على تركيزي ولكي أكون صادقا دائما ما أجد شيئا أو أمرا ما أقول يجب أن أصلحه وكنت أحكي لأصدقائي يجب أن أفعل كذا وكذا ويضحكون هل أنجزت ما كان يزعجك؟ وهكذا تمر الأيام..
وأيضا في المنزل أجد أنني أركز أكثر في المناطق المغلقة وفي أماكن العمل workspace مثلا أحب غرف المحادثة الهاتفية حيث تكون صغيرة وتعزل الصوت.. لكن في المنزل تكون الحاجة أكثر.. في أيام المراهقة ****كنت أضع مكتبي في السلالم! **** وأحيانا تكون لدي حساسية مفرطة للمنبهات الخارجية، مثل الضوضاء والكلام.. قد تقول إنني منظم وإنني أهتم بالترتيب لكن رغم أن الفوضى تزعجني كثيراً وأقول يجب أن أنظف وأرتب فأنا لا ألتزم إلا قليلاً وسبب التزامي في ذلك العام الاستثنائي هو أستاذي..
هذا لا يعني أنني لا أركز أبدا ففي أحيان عديدة أصدم من التركيز الذي أركزه وفي السنوات الجامعية كنت أشرح مواد علوم الحاسوب لزملائي وأركز في الشرح وأجيد الشرح ويحصلون على نقاط جيدة جدا وأنا من حين لآخر - دون أن أتطرق إلى أن النظام هو تلقيني وحفظ دون فهم- وأنا كنت أكره الحفظ وهو كان سببا من الأسباب على عدم تفوقي مع أسباب نفسية أخرى إن وجدت طبعاً. قد أقول الأسرة والوسط لكن والداي لم يدخرا جهدا لكي أتفوق.. وإخوتي متفوقون كما ذكرت.. فأين الخلل؟ أو أين كان الخلل؟ أم أنها فقط سمات قبيحة يحب أن أجاهد لأتخلص منها؟
عند التفكير أو البحث أجلس لساعات حيث إن خيالي يسرح في أمور عديدة وأقفز من موضوع لآخر.. لدرجة أني وضعت مذكرة تساعدني على التركيز حيث أدون الأفكار التي سأقفز إليها لأعود لها لاحقا في الوقت المخصص لها.. يعني ما كان يمكن أن أنجزه في نصف ساعة أنجزه في وقت أكبر بكثير..
*بخصوص مزاجي أشعر أني متقلب المزاج بحيث أكون سعيداً لربع ساعة وسرعان ما ينقلب مزاجي وأكون هادئا ولا أريد الحديث وهكذا.. مزاجي نوعا ما متقلب لكن ليس بدرجة شديدة.. ولا أظن أني أعاني من اكتئاب أو عانيت منه والأرق كذلك أحيانا يأتيني إذا كنت أفكر في موضوع ما، ولكن عموما أنا أميل للنوم عند الحزن..
الحمد لله وضعي المادي نوعا ما جيد، إلى حدود الساعة أقول لو كنت أعمل في شركة لتم طردي لعدم التزامي ولا أعلم هل هذا بسبب النمط الذي اعتدت أن أعيشه كشخص يعمل عملا حرا عبر الإنترنت، أم بسبب هذه الشكوك، أم مزيج من العوامل والأسباب.. حتى العمل الذي أصبحت أعمله الآن هو مناسب لشخص كسول مثل التداول أو تجارة الأصول..
أرجو أن أكون قد وفقت في شرح المشكل وآسف على الاطالة
وشكرا لكم جميعاً على ما قدتموه ولا زلتم جزاكم الله خيراً
17/10/2024
رد المستشار
الأخ المتصفح الفاضل "لطفي" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
لا يوجد ما يمنع أن يكون التشخيص النمط الثاني من نقص الانتباه وفرط الحركة ADHD صحيحا لكن الأمر يحتاج إلى قياسات يقوم بها مختص للتأكيد، وأما بالنسبة لقولك (ربما كمالية) فلعل لديك بعضا من سمات الشخصية القسرية هي السبب في البطء والإعاقة النسبية والتسويف، ولكن الأمر يحتاج الحصول على تفاصيل أكثر للتأكيد أيضًا، وأما قولك وسواس قهري خفيف.. فلا يبدو أنه كذلك.... ولعل وصفك له بالخفيف راجعا إلى رضاك عن بعض من وساوسك وقهورك وتعايشك معها كما في حالات تواكب اضطراب الشخصية القسرية مع الوسواس القهري، في نفس الوقت فإن أول ما وصفت من أعراض الوسواس هو عرَض يحتاج التأمل.
تقول (عندما أطفئ الضوء أعود لكي أضغط عليه مرات عدة...) هذا اسمه تكرار فإذا كان تبرير المريض له (لا أشعر بأني أطفأته إلا بعد عدة مرات) فهنا يكون العرض الوسواسي عرض و.ل.ت.ق أي اللا اكتمال التكرار القهري، وإذا كان التبرير (لأني أشك هل أطفأته أم لا فأكرر لأؤكد لنفسي) فهنا يكون العرض الوسواسي عرض و.ش.ت.ق أي الشك التحقق القهري، وهذان هما العرضان المعتادان طبقا لتفسير التكرار من قبل المريض، لكن سبب التكرار عندك أنت مختلف!! فأنت تقول أنك أثناء التكرار (في قرارة نفسي أقول إذا لم أفعل ذلك سيحدث أمر سيء... وأنا أعلم يقينا أن ذلك غير صحيح فأستعيذ بالله من الشيطان ثم أعيد الكرة) أنت هنا تكرر لإبطال مفعول فكرة وسواسية خرافية المحتوى مؤداها أن تكرارك لفعل ما يمنع سوءًا ما رغم غياب أي علاقة منطقية بين الفعل و/أو التكرار وبين السوء المخشي! هذا نوع من أنواع التفكير الخرافي الشائع في مرضى الطيف الوسواسي بشكل عام، لكنه يتصدر المشهد في عرض و.خ.ت.ق أو وسواس الخرافة التحييد القهري.
ثم تكمل (الأمر نفسه بالنسبة للسلالم..) معنى هذا أنك تصعد وتنزل وتصعد وتنزل؟؟! وتكمل (الأمر ليس حتميا، بل في أحيان عديدة أفعل ذلك. ولا أظن أنه وصل لمرحلة قهرية..) واقعيا أنت الوحيد القادر على تحديد مدى القهرية في الحالة ومدى تعارضها مع قيامك بواجبات حياتك.
وأما قولك (يجب أن يكون الفراش مستقيماً وإلا سأنام منزعجاً) فهذا وغيره من التقاليع الوسواسية العابرة شائع في الأطفال وقد يشير إلى أعراض اضطرابات الطيف الوسواسي أو الطيف الذاتوي لكنه غالبا عابر غير مصحوب باضطراب أشمل، وهناك في عباراتك ما يشير إلى وجود أعراض اضطرابات الطيف الوسواسي بالفعل أو لعل في أقارب الدرجة الأولى، وغير بعيد عن ذلك قولك (في كل مرة أتشبث بقاعدة ما فمثلا في السنين الأخيرة أنفخ كثيرا في هاتفي وفي مقود السيارة وكأنني أزيل الغبار... خصوصا في الأجهزة الإلكترونية... أفعل ذلك لا شعوريا من حين لآخر...)
وأما بخصوص التركيز والتسويف المقيت، فأظن له علاقة ليس فقط بخلل الانتباه والتركيز وإنما أيضًا بسمات الشخصية ونزعة الكمالية خاصة كمالية المخاوف التقيمية، وربما بعض المعايير الذاتية المفرطة.
وأما عباراتك (قبل المراجعة كنت ألتزم دائما بتنظيف الغرفة ثم يزداد تركيزي بعد ذلك بكثير لكن من حين لآخر أنظر مثلا لشيء ما وأقول في قرارة نفسي يجب أن أصلح هذا الأمر/ هذا المنظر إذا كان يؤثر على تركيزي) وكذا (وأحيانا تكون لدي حساسية مفرطة للمنبهات الخارجية، مثل الضوضاء والكلام..) ففيها ما قد يشير إلى صعوبة التركيز وصرف الانتباه عن المنبهات البيئية الاعتيادية، أو عن أي غياب للتساوي أو التناظر في و.ل.ت.ق، وقد يشير إلى شكل من أشكال الوساوس الحسية الخارجسدية، كذلك فإن الحساسية المفرطة للمنبهات الخارجية لها علاقة بخلل التكامل الحسي الموجود أصلا في مرضى الطيف الوسواسي.
وأما قولك (عند التفكير أو البحث أجلس لساعات حيث إن خيالي يسرح في أمور عديدة وأقفز من موضوع لآخر) فهذا تعبير عن انغماسك في الاجترار الفكري الذي قد يكون اجترارا وسواسيا كجزء من اكتئاب أو وسواس، أو يكون الاجترار التوجسي المصاحب للقلق المعمم (ويبدو هذا أقرب لحالتك في أحيان كثيرة، وكذا حالة الوالدة في صباك)، ونرجو أن تكون عبارتك (..يعني ما كان يمكن أن أنجزه في نصف ساعة أنجزه في وقت أكبر بكثير...) تصف حالة متكررة تتعلق فقط بـ "عند التفكير أو البحث" لكنها غير دائمة ليكون الأمر أهون من أن يكون البطء والتسويف عادتك الدائمة في كل شيء، وبشكل عام ستفيدك قراءة المقال التالي: كيف تتوقف عن التفكير الزائد وتبدأ في العيش(1-2)
لا أستطيع مع الأسف أن أخمن أكثر مما خمنت خاصة وأنني غير واثق من كيفية تفاعل ما عرضت من صفات وسمات وأعراض على حياتك الواقعية، ولا أحسب العمل الحر معناه أنك لا تنجز شيئا تستطيع كسب قوتك وقوت عيالك من خلاله، أم أن وضعك المادي جيد لميراث من العائلة مثلا؟
أخيرا إذا كان دخلك الحالي من عملك الحر الذي لا يتطلب حركة عضلية مناسبا وجيدا، فلا مانع من استمراره ولا أثر سيئا له على حياتك لكن بشرط واحد هو أن تمارس رياضة متوسطة الدرجة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يوميا، فهذا يجنبك الآثار السيئة للحياة الكسولة.
وأما بالنسبة للتشخيص الأكيد فلا تتوقع أننا سنقدر عليه عبر التواصل النصي، وأنصحك بالتواصل الحي مع طبيب أو معالج نفساني.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.