السلام عليكم
تحية لكل المستشارين والعاملين في هذا الموقع، وهذه مشكلتي
تزوجتُ من زوجي بدافع الحب. خطبنا أثناء دراستنا في الجامعة، وكنتُ حينها في السادسة عشرة من عمري. طبعاً، عارض والداي هذا الزواج لأننا كنا صغيري السن. لكن كان رجلاً صادقاً في كلامه، وقال: "لا أريد أن يتحدث الناس عنا". فخطبنا في السنة الثانية من الجامعة. تخرجنا وتزوجنا بعد سنتين. كان لديه شقته الخاصة، وقد جهزناها معاً. لم أخبر عائلتي أنني ساعدته في ذلك، فكنتُ ببساطة أُحقق حلمي معه. كانت حياتنا جيدة، وعائلة زوجي رائعة. كان والداه يعاملانني كابنتهم. ثم توفيا، أحدهما بعد الآخر، وأخوتهما تسببا لنا في مشاكل كثيرة (لن أدخل في التفاصيل لأنها غير مهمة).
دافع عني أمام إخوته ولم يسمح لأحد أن يُسيء إلي. كان دائماً يختارني وأبناءنا (لدي أربعة أبناء) على حسابهم. بدأت حياتنا تتحسن أكثر، ونعم الله علينا كانت وفيرة. كل مناسبة كانت تجلب لنا الخير. بل اشترى لي سيارة هدية. كنّا نعيش حياة رائعة. كانت تحدث بعض الخلافات، وهذا أمر طبيعي في كل زواج. وأقسم بالله، لم أذهب إلى بيت والدي غاضبة طوال 19 عاماً. كنتُ أغضب فقط يومين، ثم تنتهي المشكلة. وهو رجل محترم جداً، وأؤكد ذلك.
ما المشكلة إذن؟
عندما تزوجنا، كنتُ أعمل، لكنه طلب مني أن أتوقف عن العمل بعد الزواج. قلتُ: "حسناً، هذا جيد، سأستريح من كل هذا العمل الشاق". بعد سنتين من الزواج، أدركتُ أنني أصبحتُ بمثابة خادمة لعائلته، بينما كان هو حراً يفعل ما يشاء. كان يسافر ويتركني مع عائلته. لذلك أخبرته برغبتي في العودة إلى العمل. وافق، وبصراحة، كنتُ أخصص نصف راتبي لتكاليف المنزل. ثم توفي والداه، فقال لي: "لا، ابقي في المنزل واربي الأطفال". بارك الله له في رزقه حتى اشترى لي سيارة.
ثم تدهور وضعه المالي، وكنا قد تعودنا على مستوى معيشي معين، ولم يكن الأطفال قادرين على التكيف مع الأوضاع المالية الصعبة. لذلك أخبرته سأعود للعمل، فالأطفال كبروا، وهذا سيكون جيداً للعائلة. بدأت العمل، ولله الحمد، حققت نجاحاً كبيراً وأصبحتُ أربح عشرة أضعاف ما كنتُ أربحه. كنتُ أرسل له المال فوراً عبر التحويل الإلكتروني حتى لا يشعر بأي مشكلة، لأنني أعرف أن هذا أصعب شيء على الرجل. كنتُ أحتفظ ببعض المال لنفقاتي الشخصية. ثم أدركتُ أننا ننفق كل المال. لذلك قلت له: "الأطفال يكبرون، ونحتاج إلى توفير نصف المال لهم". غضب وقال أشعر أنك تتحكمين بي.
بدأ يعيقني في عملي، يأخذ أوراق عملي، إما أن يمزقها أو يخفيها. بدأ برفع صوته، وكانت هناك مناوشات وصراخ مستمر، كنتُ أبكي من كثرة الصراخ والشتائم. حتى طلب مني ترك العمل. قلت: "لماذا نعود إلى المعاناة مرة أخرى؟ أعرف كيف هي الأمور، وأنا لا أهمل واجباتي". في نفس الوقت، أنا وحدي، ليس لدي أصدقاء، توفي والداي، وكل أخ من إخوتي يعيش حياته. ليس لدي أي مصدر للترفيه.
كنتُ عاطلة عن العمل لمدة 13 عاماً، لم أكن أعرف ماذا أفعل، أصبتُ بالاكتئاب الذي عانيت منه لمدة أربع سنوات. لذلك كنتُ سعيدة جداً لإيجاد شيء لأوجه طاقتي إليه. وكل من يعمل من النساء، لأنه كان يقول إنه يحسدني. فلا يوجد عذر.
أنا متعبة من تعليقاته المستمرة. يقف أمامي ويوبخني أمام الأطفال. إنه يسخر مني أمامهم، ويخضعني للعنف النفسي. إما أن أتحمل هذا أو أترك وظيفتي، وهو لا يتصرف هكذا إلا في بداية كل شهر. بالطبع، ينصحني أخي بترك الوظيفة قبل أن يطلقني ويسبب لي المزيد من المشاكل.
أعرف أنه إن تركت الوظيفة سأواجه صعوبات كبيرة، وسيعاني أبنائي.
لا أريد الطلاق، ولا أريد ترك وظيفتي.
11/10/2025
رد المستشار
أهلا وسهلا بحضرتك وشكرا لحضرتك على امتنانك
قصتكِ مؤثرة جدًا، ومليئة بالتفاصيل التي تُظهر مدى تعبكِ وصدق نيتكِ في الحفاظ على بيتكِ وزوجكِ وأبنائكِ، وفي الوقت ذاته تُظهر حجم الألم الذي تشعرين به الآن.
اسمحي لي أن أحاول عمل قراءة نفسية للموقف
فمنذ البداية، كنتِ الطرف المساند في الزواج من خلال دعم مادي، عاطفي، وتنظيمي فلم تكوني مجرد زوجة، بل عماد البيت وسبب استقراره لكن هذا النمط رغم نُبله جعل العلاقة غير متوازنة فأنتِ تقدّمين أكثر مما تأخذين.
ما يقوم به زوجكِ الآن من تقييد أو سخرية أو تهديد غير مبرر، ليس بالضرورة كراهية، بل خوف من فقدان السيطرة حين أصبحتِ ناجحة ومستقلة ماليًا، حيث شعر بأن مكانته داخل الأسرة مهددة وهذه المشاعر تحولت إلى غيرة وشعور بالنقص الذكوري فنجاحك المالي كسر النمط المعتاد وهو أن الرجل هو المعيل وهو الأكثر نجاحاً، ففسّره على أنه تمرد أو تقليل من قيمته، لا شراكة بينكما وهو ما يفسر ما تتعرضين له الآن من العنف النفسي (السخرية، التوبيخ، التهديد بالطلاق، الإهانة أمام الأبناء).
مرورك بفترة اكتئاب طويلة (13 سنة بلا عمل، فقدان الوالدين، عزلة) جعلك تعوضين هذا الفراغ بالعمل والإنجاز فأصبح العمل بالنسبة لكِ ليس مجرد وظيفة، بل مصدر هوية وحياة ومعنى. لذلك، أي تهديد له (كطلبه أن تتركيه) يثير فيكِ خوفًا عميقًا من الانطفاء والانهيار. اعتقد أن زوجك يخشي نظرة المجتمع ونظرة أولاده له كرجل فقد يشعر أن الناس سيرونه ضعيفًا يعتمد على دخل زوجته فيحاول إثبات سلطته في البيت كتعويض، ولو بطريقة مؤذية نفسيًا (الصراخ، الإهانة، فرض السيطرة).
فكرة أنك لم تغضبي طوال 19 سنة قد يعكس أنك تحملت كل الضغوط وحدكِ دون فضفضة أو مساندة من عائلتك الأم لك، مما يزيد من تعلقكِ بضرورة الحفاظ على العلاقة مهما حدث.
قد يكون أيضا اختفى الحوار العاطفي بينكما، وحلّ مكانه التعامل العملي فقط فلا أحد منكما يعبّر عن احتياجاته بوضوح (هو يشعر بالتهديد، وأنتِ تشعرين بالخذلان).
غيرة الزوج ليست غيرة من رجل آخر، بل من نجاحك واستقلالك وهذا النوع من الغيرة مؤلم لأنه يخلط بين الحب والسيطرة. الخلافات الصغيرة التي لم تُحلّ (مثل التحكم المالي أو الغياب العاطفي) تراكمت ببطء، حتى تحولت إلى صراع على من الأقوى.
زواجكما بدأ مبكرًا جدًا، أي في مرحلة لم يكتمل فيها النضج العاطفي والوعي الذاتي ومع مرور 20 عامًا، أنتِ نضجتِ وتغيرتِ بينما هو بقي ثابتًا في نفس النمط القديم وهذا التفاوت في التطور الشخصي يُحدث فجوة داخل الزواج، تظهر عادةً بعد الأربعين.
ما تحتاجين إليه يشمل أشياء موجهة لحضرتك وآخري لعلاقتك بزوجك وثالثة لأبنائك، بالنسبة لك عليك بتدرّيب نفسك على: التنفس العميق وتدوين مشاعرك كل مساء (بدون لوم)
عندما يكون في مزاج هادئ، تحدثي معه عن شعورك عندما يوبخك (أشعر بالحزن) واطلبي منه أن يحترمك أمام أولادك وأن عملك ليس حبا في العمل بقدر تلبية لاحتياجات الأسرة وأنك لا ترغبين في العمل أساسا وعلي كل فرد في الأسرة أن يساند الآخر من أجل أن يسود الأمان في الآسرة.
لا تبرري دائمًا كل تصرف تقومين به ولا تتحدثي عن عملك أو أموالك معه خاصة.
حافظي على طقوس صغيرة تذكّرك بنفسك: قراءة، رياضة، لقاء صديقة، دعاء.
عندما يبدأ بالصراخ، انسحبي بهدوء من المكان. لا تردي ولا تشرحي.
اكتبي تاريخ وسلوكياته في دفتر خاص (توثيق فقط، ليس للانتقام).
اقترحي أن يضع ميزانية عائلية يشترك فيها الجميع بالرأي والاقتراحات والمسئوليات.
اجعليه يأخذ القرارات التي تخص الأولاد لتعيدي له الشعور بالمسؤولية.
شجّعيه بطريقة غير مباشرة على النجاح (مثلًا: اشتقت لرؤيتك متحمسًا لمشاريعك).
بالنسبة للأبناء لا تبرري سلوك والدهم أمامهم، لكن أيضًا لا تشوهي صورته.
استخدمي لغة محايدة: أبوكم متعب الآن، سنهدأ جميعًا واجعليهم يرون نموذجًا للمرأة القوية المتزنة، لا المنهارة ولا الصدامية.
تحدثي مع مختص نفساني أو مستشار أسري موثوق فالدعم المهني ضروري لتجنب الإنهاك النفسي.
وتابعينا
واقرئي أيضًا:
زوجي أم عملي.. بأيهما أضحي؟
هل تنفق الزوجة على البيت؟!