السلام عليكم
أعزائي موقع مجانين إني عاجز عن الشكر لتقديمكم يد المساعدة لكل ملهوف، وليس عندنا شيء سوي الدعاء لكم بظهر الغيب بأن يثبت الله أقدامكم وندعو لكم بالثبات والاستمرار.. لقد قرأت ردكم السابق على مشكلتي ضريبة النضال مرات ومرات، وفي كل مرة أكتشف في الإجابة شيئًا جديدًا، وقد قررت بالفعل أن أتخلص مما أنا فيه، ولكن التغيير ليس سهلًا وما يثبطني هو أنني كبرت في السن على مسألة التغيير هذه، وقد تعودت بشكل كبير على كثير من العادات والتقاليد السيئة التي من الصعب الإقلاع عنها، ولكنني أريد بداخلي التغيير من داخلي مع العلم أن كل الناس ينظرون إلي نظرة احترام وتقدير.
ولكنّ هناك كثيرًا من الأمور تعيقني عن التغيير، منها أنني مثالي جدًّا إلى جانب أنني أعمل بجانب دراستي، والحمد لله بشهادة الجميع أنا إنسان أمين لست فهلويًّا، كما أنني لا أجيد الكذب أو النفاق على عكس زميل لي في العمل يرتكب الأخطاء، ولا يعترف بها وينافق رؤساءه بشكل دائم، ولكنني لا أفكر في أن أصبح مثله؛ لأنني أفكر في الآخرة وحساب الله تعالي لنا..ولكن الصراع بين مثاليتي والواقع الفاسد يخلق لدي توترًا شديدًا..قد تقول: إنني حساس زيادة عن اللازم، ولكنني أريد أن أرتاح، وأكون ناجحًا، وأطمع أن أصبح مهمًّا في مجتمعي ...
أتمني منكم إجابة مفصلة تريحني
والسلام
16/4/2025
رد المستشار
أهلاً بك يا أخي مرة أخرى، مشكلة أداة الإنترنت أنها تجبر المتواصل معنا على تحويل مشاعره وأفكاره المتقافزة المتزاحمة أحياناً إلى نص، وتجبرنا نحن على التعامل مع أمور هي لحم ودم وأعصاب "فقط" من خلال نص.
لذلك تأتي كلماتكم أحياناً غير مترابطة، ومتدافعة كطلقات مدفع رشاش، وأرجو أن تكون إجاباتنا عليكم تشبه طبق "السلطة": طماطم وخضراوات متنوعة، مفيدة للجسم، ولكن غير متجانسة في الشكل والمكونات.
يا أخي، كلنا يريد النجاح والاحترام من الناس، الاستقامة والتغيير المستمر إلى الأفضل.
وكلنا تهاجمنا الوساوس، وهذا موضوع عالجناه مراراً، ووضحنا الفارق بين وساوس شيطانية ترد على الذهن بأفعال أو رغبات محببة إلى النفس، ولكنها محرمة في الشرع، وبين وساوس قهرية مرضية بأفكار سيئة، وكريهة المحتوى ومستنكرة من النفس والشرع معاً، وقلنا: إن في الأولى يكفي الاستغفار ودوام الذكر والمراقبة بإذن الله، أما الثانية فتحتاج إلى علاج نفسي ودوائي تحت إشراف طبيب متخصص.
وعن حديثك حول الفهلوة كما تسميها أقول لك: إن الخداع والنفاق ليس من شيم المسلم، ولكن السذاجة والعجز أيضاً ليست من أخلاقه، والمؤمن القوي - في شخصيته ونفسه وبدنه - خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير.. كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم.
والجري في أكثر من مضمار - في وقت واحد - من شأنه أن يؤخر الوصول إلى خط النهاية، فإما أن ترضى بهذا التأخير، وإما أن تتحول إلى التركيز على أهداف محددة بخطى ثابتة، وخطط واضحة وليس التغيير فورة حماس أو قرارًا عاطفيًّا، أو انقلابًا يحدث بعزيمة ساعة أو يوم أو أسبوع، إنما التغيير السليم هو الذي يدرس العقبات وأسباب القصور، ويبدأ في التعامل معها وتلافيها، وتحسين المناخ المحيط، وتطوير الطاقة والجهد تدريجيًّا لتحقيق نجاح متنامٍ، وزيادة مطردة هي الأَوْلى من الارتعاشات، وموجات الاندفاع التي ما تلبث أن تنحسر.
والعادات تحتاج إلى وقت للتغيير كما احتاجت لوقت حتى تتأصل، وقد يكون الجهد المطلوب للتغيير أكبر مع تقدم العمر، لكن أوان التغيير لا ينقضي أبداً وإلا لكانت تلك حجة للبشر عند الله، ولكن باب التوبة -والتوبة تغيير- لا ينغلق إلا بالموت، تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق.
وشكراً وتابعنا بأخبارك