السلام عليكم
لا أعلم من أين أبدأ وأرجو من حضراتكم أن يرد على سؤالي الأستاذة حنان طقش أو د. نعمت عوض الله. أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، رومانسية جدا للأسف عشت حياتي كلها للأسف أبحث عن الحب، ولكن للأسف كنت أبحث عنه بالطريقة الخطأ، عشت تجارب حب عديدة من طرف واحد وكانت لي علاقة في السابق دامت فترة طويلة، أحسست بأني لن أجد هذا الشيء المزعوم الحب.. كدت أجن.
يتقدم إلي الكثيرون ولا أجد فيهم من يشدني فكلهم نفس الشخصية والبيئة فمن أختار وهذا الأمر صعب للغاية؟ جلست أتأمل كيف تزوج كل هؤلاء القوم؟ هل فكروا مثلما فكرت؟ هل تعبت كل فتاة أو شاب في الاختيار مثلما تعبت؟ لا أظن.
عشر سنين من التجارب الفاشلة أصابتني باليأس، وأخذت أبحث في نفسي لعلي مخطئة وكنت أجد أناسا من ناحية أخرى يتمنون لو أني أرضى عنهم أو أن أكون من نصيبهم إلى أن حدثت خطبتي لأحد أقربائي وأحببته بشكل أنا نفسي مستغربة لهذه المشاعر؛ فقد تدفقت مشاعري بعد طول حرمان بكلامه الجميل وأخلاقه التي سمعت عنها ولم يختلف عليها اثنان، ولكن يبدو أنني منحوسة فأخذ يعاندني وغير متفاهم ويريد رأيه فقط دون مناقشة؛ حتى لو عندي الحق وإذا تناقش معي فهو يريدني أن أجزم برجاحة عقله وجمال رأيه حتى لو لم يعجبني، فهو شخصية بارانوية ودائما يقول: إن كان عاجبك، ده اللي عندي، وكأنني ليس لي قيمة عنده.
وكان يريد أن يجلسني في بيت العائلة رغم إرادتي، وعندما وافقت كان يرى أي تعليقات لدي إهانة بالنسبة له ولأهله فكيف أعيب فيهم!، مع أنه والله لم يكن قصدي فكنت أعرض وجهة نظري من ناحية الشرع والعقل، ولكن الشرع عنده في الأشياء التي ترضيه هو وأهله فقط.
دائما عنده خوف من أنه "سيخم" في شيء عظيم، أحسست أني بلا كرامة، وأحسست بعدم الأمان فانفصلت، وتوقعت أنه لن يطيق فراقي كما كان يقول لي، ولكن كانت المفاجأة أنه لم يرد إلي أصلا، ولم يحاول أن يرجع إلي، وكان دائما يقول لي إنه ليس أحد له سلطة كلام عليه حتى أبي وأمي وكأنني "بهيمة من زريبة" اعذريني في اللفظ فهذا ما أحسسته.
تركته وواجهت بعدها أياما سوداء لم ولن أنساها أبدا تدور في ذاكرتي إلى الآن بعد سنة ونصف من فسخ الخطبة.
الجديد أنه تمت خطبتي لشخص آخر بعد رفض 3 شهور له، ولكن بسبب رجولته وحبه لي خفت إن تركته ألا أجد مثله في هذه الأيام، خاصة أن من قبله باعني بإرادته وحتى إذا كان غصبا فلا أقتنع به.
قلت لنفسي أدخل التجربة وعندما ضقت ذرعا من عدم وجود الحب بمفهومه الذي عندي كنت سأنهي الخطبة، ولكني رأيت دموعه فتحرك قلبي.. شخص يبكي لأجلي وشخص يبيعني بسهولة مع أني قدمت للأول كل حب وعطف وحنان وهذا لم يأخذ شيئا، والأول قريبي وهناك صلة دم فماذا حدث للدنيا؟ ألهذه الدرجة كنت رخيصة عند أهلي وحمل ثقيل!
بدأت مشاعري تتحرك ناحيته واحدة فواحدة إلى أن اطمأننت له وعقدنا القران.
كل ما يعكر صفوي في هذه الأيام السعيدة هو ظلم خطيبي الأول لي، فإحساس الظلم إحساس مهين جدا لا يزول من صاحبه إلا بأخذ الحق ولقد سمعت مؤخرا أنه خطب بنتا بالمواصفات التي يريدها فأحسست بأنه لو كان واقفا أمامي لأطلقت عليه النار حتى أستريح من نفسه في هذه الدنيا ولا أراه يضحك مرة بعد كل أيام العذاب التي رأيتها بسببه وهو يحيا ولا كأنه فعل شيئا كأن يقول لي لو سبتيني حموت وعند الجد ذبحني هو حتى يتركني، ولكن أحمد الله أن عوضني بزوجي هذا فهو نعم الخلق وحبه لي فوق الوصف، ولكني لا أفهم نفسي..
ما الذي يدور بداخلي هذا مزيج من الغربة والقلق وعدم النسيان وأستغرب لنفسي لما لا أبيع الناس بسهولة كما يبيعونني؟ لماذا هنت عليهم ولم يهن علي أحد إذا أكل أحد معي أو كلمني مدة أصبح بيني وبينه عشرة ولا أستطيع فراقه؟ هل العيب في؟ هل أنا ساذجة لدرجة أنه يلعب بي لهذه الدرجة؟ وما شكل نفوس الناس من الداخل عندما يبيعوا بالساهل دون حتى مناقشة أو تفاوض هل هم بشر أم أنا لست من البشر فأنا كائن لم أعلم من أين أتيت؟ وكيف أغير طباعي؟ أنا أكره نفسي لدرجة كبيرة فلا أحب أن أجرح مرة ثانية حتى زوجي أتعامل معه بحذر وأخاف منه..
شاركوني في هدايتي للطريق قبل زفافي لعلي أنسى وأبدأ حياة نظيفة وهل ممكن أن يكره الإنسان كما كان يحب بهذه الدرجة؟
خاصة أن هناك جبروتا وظلما في المعاملة وافتراء. سامحوني للإطالة وشكرا.
15/5/2025
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عزيزتي.. هناك في الحياة دائما أمل ونجاح وفشل، فلا تتوقفي عند الفشل إلا بالقدر الذي تتعلمين منه؛ كي توجهي خطاك بثبات إن شاء الله نحو النجاح وهذا يشمل جميع نواحي الحياة وليس العاطفي منها فقط.
يحتار الناس في القرارات فقط عندما لا تكون لديهم فكرة واضحة عن حاجاتهم، ولا ترتيب لأولوياتهم، وعليه ما زال البعض حائرا مضيعا أيامه وحياته خوفا من اتخاذ قرار خاطئ، ومنهم من توكل على الله وأعمل عقله فسدد خطاه لاختيار شريك مناسب، وإن كان اتخاذ قرار الارتباط في زماننا أكثر صعوبة من غيره فذلك لتعدد المعايير التي نريد تحقيقها وطغيان المادة كوسيلة للحكم.
يحتار الناس في بحثهم عن الحب ويبدو لهم كأنه سراب؛ وما ذلك إلا لأنهم لا يعرفون حقيقة ما يبحثون عنه؛ فنجد اختلاطا بين حقيقة الحب وأمور أخرى مثل الإعجاب والألفة والتعلق والانجذاب الحسي، وغيرها من الأمور التي هي أجزاء يشملها الحب ويبقى أوسع منها، وليس الجزء كالكل؛ ففي حين أن الإعجاب أو الميل يحدث في دقيقة إلا أن الحب عملية تحتاج إلى وقت ورعاية وتسامح.
لم تجدي الحب في كل تجاربك لأنها غالبا كان ينقصها بعد الاحترام والرغبة في الالتزام بشخص المحبوب، ويغيب عنها المسؤولية وتزيد الأنانية؛ ولذا فهي فعلا لم تكن حبا، واعتبرته أنت وهما، ومن الفشل والتخبط تتضح الحقيقة فلن تخدعك بعد اليوم بضع كلمات لينة.
كما رأيت من خبرتك السابقة أن بذل الكلام سهل للغاية وما أبشع عدم موافقة العمل القول، تماما مثل من يزعم أنه مؤمن ثم لا يصلي ويفعل المنكرات، فالفعل هو الدليل على صدق القول لا مدى تكراره.
استوقفتني مشاعر الكراهية والغضب تجاه خطيبك السابق؛ فالماضي قد مضى ولن تستطيعي تغييره فلماذا تهتمين لأمره أو لحكمه وقد أثبت لك سلوكه بأنه غير صادق، فلماذا البكاء والتحسر على "بياع كلام"؟! غضبك منه بعد كل هذا الوقت هو في حقيقته غضب من نفسك ولوم لها على حسن ظنك به وتصديقك له، ففكري بعقلانية أنك بشر وقد تخطئين في تقدير الأمور، وأنه أيضا بشر قد يكون أحبك ثم تقلب قلبه.
دعي الماضي وراءك، وتخلصي من ثقل كراهيتك له وغضبك منه، وفكري بعقلانية كي تسعدي بحياتك؛ فقد مضت فترة من الزمن كافية لمحو ألم تلك الخبرة.. قد لا تنسينه، ولكن أن يبقى قادرا على إيلامك فهذا مؤشر غير صحيح قد يؤدي لاكتئابك إن لم يكن قد حدث بالفعل.
كي تسعدي يجب أن يكون عقلك سعيدا راضيا بقراراتك ولنبدأ بأهم الخطوات:
فلا يكفي تمسك خطيبك بك وإلحاحه كي يجعلك ترضخين وتوافقين عليه، فهل ترين فيه الشخص المناسب بعقلانية من حيث التكافؤ الاجتماعي والفكري والشخصي؟ وهل تجدين نفسك سعيدة بالحديث معه؟ هل ترين أنك قادرة على احترامه والتسامح مع عيوبه؟
فجميع تلك النقاط هي أمور تساعدك في الثقة بقرارك والاستقرار في حياتك رغم ما سيواجهك فيها من عقبات وصعوبات لا تخلو منها حياة.
أما سؤالك.. لماذا أنت أسرع من غيرك بالتعلق بالآخرين؟ فله أكثر من تفسير وقد يناقض بعضها بعضا؛ فمثلا قد يكون السبب أنك نشأت في بيئة آمنة مسيطرة بالغت في حمايتك من العالم الخارجي، وزرعت فيك إيمانا بأن جميع الناس من حولك ملائكة، فكان لابد أن تغزّك بعض الأشواك كي تتعلمي الحذر، وقد يكون السبب أنك نشأت في بيئة قاسية خالية من الحب والتقدير مما جعلك سريعة التعلق بالآخرين معتقدة أن السوء محصور في بيئتك الخاصة.
ولن يهمنا لماذا كنت كذلك، بل يهمنا ما أصبحت عليه من وعي وخبرة عسى أن تنفعك في حياتك القادمة وفي التعامل مع زوجك وأولادك.
اقرأ أيضًا:
السؤال الحائر: الحب وأشياء أخرى
بين الحب واللب فرق كبير
بين نار الحب، وجحيم الندم