السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم كثيرا على الجهود التي تبذلونها، وعلى اهتمامكم بنا.
أختصر لكم مشكلتي في أنني مللت من الحياة التي أحياها، ومللت من نفسي ومن شخصيتي. أريد أن أتغير إلى إنسانة أخرى، فأرجو أن تساعدوني على ذلك؛ فأنا هادئة واجتماعية نسبيا ولطيفة، أريد أن أصبح "حبوبة" ومرحة وقوية الشخصية لا ضعيفة كما أنا الآن.
ولا أستطيع أن أدافع عن نفسي؛ بل تغلبني دموعي، وأخشى كثيرا من التوبيخ، وأفعل أي شيء لتجنب ذلك. ربما أثرت فيَّ أختي الصغرى، فهي مرحة وذات شخصية قوية.
وهناك عيب آخر فيَّ، وهو أني أقوم بتحليل الأمور والتخطيط لها بعناية، ثم لا أطبق شيئا منه، لقد تعبت من هذه العادة، ولا أستطيع تركها، ولا أدري ما السبب. من كثرة تحليلي للأشياء أستغرق في تحليلاتي وتأملاتي وقتا طويلا، حتى عندما أكون وسط صديقاتي.
أحب أن أعيش المغامرات والأحلام، ولا أرضي أبدا بالواقع الذي أعيشه فلا يعجبني أي شيء، وكل شيء جميل أخرج عيوبه حتى يصبح "قبيحا".
أريد أن أصبح إنسانة رائعة ومفيدة لمجتمعها ومقدرة لذاتها. باختصار: أريد أن أتغير، هل هذا ممكن أم أن هذه هي شخصيتي ويجب أن أتعود عليها؟
أتمنى أن أجد لديكم الصدر الرحب،
وشكرا.
31/5/2025
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك صديقة لصفحة "استشارات مجانين".
مشكلتك آنستي برغم أنها تخصك أنت إلا أن كثيرات ممن هم في مثل عمرك -عمر الزهور- لديهم مشاعر وأفكار تشبه ما لديك، وقد فهمت من مشكلتك أن لها جانبين: الأول يتعلق بأنك مللت نفسك، والثاني رغبتك في التغيير، فتعالي نتحدث عن كل جانب..
بالنسبة للجانب الأول: أجدك تتحدثين عن جوانب في شخصيتك لا تعجبك، منها أنك تستغرقين في التحليلات والتأملات، وأنك لا تستطيعين الدفاع عن نفسك، وهذه الجوانب تعتبر أمرا طبيعيا في عمر الزهور أو ما يسمى مرحلة المراهقة؛ حيث تكثر فيها أحلام اليقظة وكثرة السرحان، كما أنها فترة يحتاج فيها كل منا إلى اكتساب مهارات جديدة في التواصل مع الآخرين؛ فقد دخلت في طور الشباب وأصبحت تتعاملين عن قرب مع آنسات وربما شباب أيضا، كما أنه من المتوقع أن تكون معاملات الآخرين لك قد تغيرت، فقد أصبحت آنسة وهذه الآنسة يعاملها البعض على أنها لا تزال طفلة، ويعاملها البعض الآخر على أنها كبيرة.
والحقيقة أنني لا أعرف هل هذه المعاملات لا تزال قائمة إلى الآن أم لا؟ ولكن الدراسات العربية والأجنبية تذكر هذه الطريقة من تعامل الناس معك. وعلى جانب آخر مللت من نفسك في حين أنني أرى فيك خصائص شخصية قد تكون مرغوبة من الآخرين؛ فكثير من الناس يفضلون الشخصيات الهادئة مثلك، ويحبون الشخصيات الرقيقة غير العدوانية.. فاعلمي أن بك إيجابيات ذكرتها لي، وأظن أن هناك إيجابيات أخرى كثيرة عليك أن تبحثي عنها بداخلك، وتسألي صديقاتك المقربات عنها وتكتبيها أمامك؛ حتى تكون رؤيتك لذاتك موضوعية.
توجد نقطة أخرى أحب أن أعلق عليها، وهي أنك مللت نفسك لعدة أسباب، منها أنك تقارنين نفسك بأختك، والواقع أن الله -سبحانه وتعالى- خلق كل منا متفردا ومختلفا عن غيره، وهذا الاختلاف نعمة من نعم الله علينا.. إنك تتميزين عنها في جوانب أخرى؛ مثل قدرتك العالية على التحليل.. هذه القدرة ستقودنا إلى التحدث عن النقطة التالية.
الجانب الثاني من مشكلتك وربما ترينها الأهم وهي كيفية التغيير، فهل التغيير ممكن؟ وهل ترغبين حقا في التغيير، أم أنك ترسلين إلينا بمشكلتك كنوع من التخطيط الذي تجيدينه، ولكن ستفعلين كما كنت تفعلين من قبل فلا تطبقين النصائح التي سأقدمها لك؟
هذه الأسئلة سنجيب عليها معا، فأنت من سيقرر هل ترغبين حقاً في التغيير أم لا، وأنت أيضا التي ستقومين بتطبيق ما نتفق عليه هنا.. وأنا سأجيب عن إمكانية التغيير.
التغيير آنستي ممكن ولكن من المهم أن تعرفي أن التنقل من حالة وجدانية إلى أخرى هو أمر طبيعي في هذه المرحلة، وأن الاستقرار يزداد شيئا فشيئا مع النضج.
ابدئي آنستي بتحديد وكتابة الأشياء التي تودين تغييرها في نفسك، وحدديها ورتبيها من الأيسر إلى الأصعب، ثم ابدئي بالسهل، فإذا افترضنا أن أول نقطة كانت التحدث مع إحدى صديقاتك حول موضوع معين، فهنا يمكنك أن تتصلي بها وتحكي لها، فإن كانت مشغولة يمكن أن تتصلي بها في وقت آخر أو تخبريها أنك تريدين التحدث معها، وأنك ستقابلينها في يوم محدد ومكان محدد وتحكي لها.
أريد أن أوضح من هذا المثل أن كل نقطة تتطلب التغيير سيقابلها عقبات، ولكن العقبات هذه يمكن الإصرار على تجاوزها. من جانب آخر، أود أن أوضح لك أن التغيير الكبير الذي تطمحي في الوصول إليه ستصلين إليه عبر مراحل.. وكل مرحلة مطلوب فيها تغيير بسيط.