أنا فتاة في العشرين من العمر، أمر بأزمة نفسية تمس شخصية أحبها وأحترمها وأعتبرها مثلي الأعلى، وهي: أمي للأسف!
لقد اكتشفت أن أمي "خائنة"، فهي تكلم شابا على الهاتف!! أنا أعترف أن أبي مقصر أحيانا معها في التعبير عن الحب والعاطفة وذلك بسبب انشغاله، ولكن هذا ليس مبررا لها...
حاولت كثيراً أن أواجهها ولكنني لم أستطع،
والآن لا أعرف ماذا أفعل!!
02/6/2025
رد المستشار
الابنة الكريمة، غيرتك وعاطفتك الدينية محمودة، ولكن دعيني ألفت نظرك إلى شيء قد يغيب عن تقديرك، وأنا هنا أصارحك بناءًا على ثقتك بنا.
في عمر المراهقة تتحرك مشاعر جديدة بداخل الإنسان، ويشهد عقله وجسده تغيرات متسارعة تجعل حكمه على الأمور أنضج من أيام الطفولة، ولكنه أكثر تسرعًا وحدة، وأقل حكمة وعمقًا من مرحلة الكهولة، وما بعدها.
ولا تغضبي من كلماتي فأنت تستشيرين، والمستشار مؤتمن، وتأملي أين تقودك عاطفتك، وإلى أين يدفعك، تسرعك؟!
- هل من حقك التجسس على والدتك؟!
- هل هناك وصف أخر، أو تسمية أخرى للتصنت على أحاديثها، أو مراجعة الرسائل على هاتفها؟!
- وهل دورك هو التحقيق في علاقاتها، ومراقبة تصرفاتها؟!
- وهل من العدل بناء المواقف على الشك والظنون؟!! وكل ما تقولينه هو مجرد ظنون لا تقطع بوجود علاقة، ولا تظهر درجة هذه العلاقة "إن وجدت" إنما أنت استسلمت للشكوك، وأطلقت لخيالك العنان، ورحت تقولين أنه رجل، وأنها تقابله، وربما يحدث بينهما كذا وكذا!!
لماذا تزجين بنفسك في هذا الجحيم يا ابنتي؟!!! لم يكلفنا الله بذلك، بل حرم التجسس، وأمر باجتناب الظن، وقال إنه لا يغني من الحق شيئًَا.
ابنتي: من علامات النضج: أن يعرف الإنسان حقوقه وواجباته، وليس من حقك مراقبة أمك، ولا من دورك إرشادها، ولا مواجهتها، ولا إخبار والدك، ولا محاسبة أي منهما على تقصيره في حق الله أو حق الآخر، فكلاهما مسؤول عن تصرفاته أمام الله والناس ومن علامات النضج: النظر في العواقب، واعتبار ما يترتب على الفعل ثقة بالنفس، وانهيار صورة القدوة والمثال الذي تمثله الوالدة، وإخبارك للوالد قد يهدم الأسرة دون أن يحل شيئًا، ومواجهتك للوالدة إن صحت ظنونك ـ قد لا تؤدي إلا إلى أن تكون أكثر حرصًا في المرات القادمة!! وستعتبرين حينها بصمتك شريكة لها فيها تفعل!!
أنصحك بالتوقف عن الانزلاق إلى مهاوي الشكوك، وتلصص المخابرات، ولا مانع من أن تلفتي نظر والدك برفق أن يولي وقتًا وجهدًا أكبر في الاهتمام بكم، وبالوالدة عاطفيًا، ولعلكما توفران لهما فرصة للسفر، بمفردها معًا في أقرب عطلة، وكذلك أن تقتربي من والدتك أكثر، وتشعريها بحبك واحترامك لها، ومدى تقديرك لجهودها من أجل سعادتكم لعل في هذا الموقف ما يدعوها لمراجعة موقفها، فإن مقام الوالدة المحترم ـ حين تلمس البر والوفاء من أبناءها ـ هو أقدس وأهم، وأكبر منزلة في نفس الأم السوية من مقام المعشوقة، هذا لو صح ما تظنين وأرجو ألا يصح ـ واستغفري لذنبك على كل حال، فقد أخطأت في حق نفسك، وحق والدتك، فلا تعودي للتجسس أبدًا...
وتابعينا بأخبارك.