عمري 15 عامًا.. مشكلتي أنني لا أعرف ماذا سأفعل بحياتي، لا أريد أن أتزوج عندما أكبر؛ لأنني لا أريد أن يكون أطفالي الضحية، فأنا أعتقد أن الزواج كله مشاكل، وأرى أننا خلقنا لهدف ما معين بالدنيا، وأنا هدفي إما أن أربي أولادي بطرقة ترضي الله وأنجب أولادًا ينصرون الإسلام ، أو أن أخترع شيئًا معينًا، ولكني لست ذكية لهذه الدرجة.
أما الوظائف الأخرى كمهندس أو أي شيء آخر فأعتقد أنه ليس مهمًّا كفاية، ولا أدري ماذا سأفعل؟ كما أنني أشعر بوحدة كبيرة نتيجة سفر صديقتي، وأنا هنا بالمدرسة أصادق فتيات لكن زمالة، ويوجد صديقة لي متعلقة بي جدًّا وتعتبرني أكثر صاحبة لديها، وأنا أقول لها إنها صديقتي فهل أخدعها؛ لأنني أعتبرها صديقة لكن ليس بالدرجة التي تحسبها؟؟
كما أريد معرفة شيء آخر وهو أن أبي وأمي مطلقان وأعيش مع أمي، وأبي لا يهتم بنا ولا يسأل عنا بالمرة، ربما فقط يعلم أسماءنا وأشياء أخرى بسيطة،
فهل أكون أنا عاقة له أم لا ذنب عليّ؛ لأنني لا أتكلم معه فهو أصلاً لا يسأل وأنا أكرهه جدًّا، فهل هذا حرام؟ وشكرًا لكم.
08/6/2025
رد المستشار
ابنتي..
جميل أن ينظر الإنسان إلى المستقبل، ولكن أليس المستقبل القريب أولى بالرؤية والتخطيط؟
لماذا سافرت بخيالك إلى المستقبل الأبعد حيث الزواج والأسرة والأطفال؟... لماذا لم تقتربي في خيالك قليلاً إلى إتمام الدراسة المدرسية ثم الجامعية؟
تقولين إنك لست ذكية إلى هذه الدرجة.. لماذا؟؟ ربما لأن درجاتك في المواد الرياضية والعلمية ضعيفة، ومن قال: إن المواد العلمية والتفوق فيها دليل الذكاء، وإن المواد الأدبية عكس ذلك؟
بالطبع يا ابنتي لقد خلقنا الله تعالى لهدف معين وهدف كبير وهو إعمار الأرض، ولكن الجميل في الخلق أن الله سبحانه قد جعل كل إنسان ميسرا لما خلق له، أي أن الله عز وجل يختص كل إنسان بميزة معينة تساعده على أداء المهمة التي خلق من أجلها، وأنت عندك من المواهب والأفكار الكثير، وهذه ليست مجاملات، فيكفيك أنك فكرت في طرح ما تجدين من مشاكل على متخصصين ليساعدوك على تجاوزها؛ لأن هذا يدل على سعة أفق ورجاحة تفكير، وعقلية تحليلية مرتبة.
إن طلاق الآباء يؤثر بالسلب دائمًا على الأبناء.. وربما -يا ابنتي- أن العلاقة المتدهورة بينهما لا تسمح لأبيك بالسؤال أو التواجد بينكما، فليس دائمًا حين يتم الانفصال يظل الطرفان أصدقاء، وهذا ما يجعل أباك بعيدًا عنكن يا ابنتي ليس زهدًا فيكم فأنتم أبناؤه، ولكن خلافًا مع الأم، فلا تتصوري أبًا لا يحب أبناءه فهم قطعة منه.. لا تكرهي أباك وحاولي الاقتراب منه كلما سنحت لك الفرصة، وأظهري له محبتك حتى ولو لم تكن حقيقية في البداية وستجدينه يقترب منك أكثر ويهتم بك أكثر.
لقد سقطت أنت وإخوتك في الفخ بين أبويك فيجب عليك الآن بعد أن كبرت وأصبحت أكثر تعقلاً أن تفصلي تمامًا بين علاقتك بكل منهما، فلكل منهما حقوق عليك أبسطها البر وحسن المعاملة.. لو لم يتصل هو اتصلي أنت وأعلميه أنك تتصلين فقط لتطمئني عليه.. قد يتعجب في البداية، ثم سيعتاد اتصالاتك ويبحث عنك.. تستطيعين أنت يا ابنتي بالمداومة أن تستعيدي الأب الذي خرج من حياتك بدون ذنب وطبعًا هذا يرد على سؤالك.
كراهية الأهل لن أقول لك إنها حرام فلا أعتقد أن هناك ما يحرمها، فالتحريم هو لسوء المعاملة بأبسط الأشكال وهو قول "أف"، أما المشاعر فهي ليست واردة في الحساب، ولكن لماذا يا صغيرتي تفقدين ذخيرة الأب وهي عون كبير على الحياة.. أنا أتمنى أن تعكسي الوضع، وتقلبي هذا الشعور بالنفور إلى محبة هادئة لطيفة.. جربي وأبلغيني بأخبارك.
بالنسبة لصديقتك التي سافرت، ألا يوجد وسيلة اتصال بينكما مثل الخطابات أو الرسائل الإلكترونية؟ إن هذا التفاعل سيجعل البُعْد المادي هو العقبة الوحيدة للتواصل بينكما، وأنت لا تخدعين صديقتك الأخرى حين تخبرينها أنها صديقتك، فهي فعلاً كذلك وأنت فقط لا تريدينها أن تحتل مكان الأخرى في قلبك، وإن كان القلب يتسع لأكثر من صديقة.
استمتعي بصداقتها ومحبتها لك وثبتي تركيزك كله على التفوق الدراسي في كل مرحلة على حدة، فالحياة خطوات، ومن حسن الفطن التعامل مع كل خطوة على حدة على أنها هدف مرحلي.. وأريد أن أسمع منك في رسالتك القادمة أنك نسيت التفكير في الزواج وإنجاب الأطفال مؤقتًا، وأنك صببت تركيزك على دروسك وإصلاح علاقتك بوالدك... مع كل حبي.