الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله خير الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ما سددتم من هوة بين الناس ومشاكلهم، وخاصة الحساسة.
أرجو استشارتكم أساتذتي الأفاضل وتوجيهاتكم إن شاء الله، أنا شاب فلسطيني متدين حريص على أن تكون أعمالي كلها في نطاق الشرع وما يرضي الله، أحمل شهادة الهندسة، وعمري 26 سنة، وحالتي المادية جيدة جدا، تقدمت لخطبة فتاة ملتزمة ومتدينة أعجبتني كثيرا (وهي المرة الأولى لي)، وهي الآن في السنة الأخيرة من الدراسة الجامعية، لم أتقدم لأهلها رسميا؛ حيث إنني عرفت مسبقا أنها لا تريد الزواج أو حتى الارتباط حتى تنتهي من الدراسة.
ومع علمي بذلك فإنني أحسست أنه لا غنى لي عنها واتجهت إليها مباشرة في مكان عام ومن غير خلوة وبالتنسيق معها مسبقا –وهي المرة الأولى التي أراها فيها- وشرحت لها وضعي ورغبتي فيها، وهي بدورها شرحت لي موقفها من القضية -رأيها المسبق- فعرضت عليها الخطبة أو حتى قراءة الفاتحة؛ فرفضت وقالت أنا لا أرفض الموضوع ولكن لن أخوض فيه قبل إنهاء دراستي.
أنا شخصيا ليس عندي مانع أن أنتظر ولكن على أساس مضمون، وأنا محرج جدا من معاودة فتح الموضوع معها شخصيا؛ لأنني ببساطة أتوقع الجواب، وهو قولها: لكل حادث حديث!!
أتمنى أن تكون هي حسنة الدنيا بالنسبة لي، وأعتقد أنني أجد صعوبة بالغة في نسيانها.
أرجو أن ترشدوني وجزاكم الله خيرا، وقد استشرت أصدقائي فنصحوني بالصبر تارة وباللجوء إلى أهلها تارة أخرى (مع عرضي لهذا الموضوع عليها وممانعتها هي)، والذي يحيرني أنها لم ترفضني ولكنها متخوفة من نتائج الارتباط على دراستها، خاصة أنها متفوقة.
07/6/2025
رد المستشار
ورد في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إنَّ أحدكُمْ يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ في أربعينَ يوماً ثُمَّ يكُونُ علقةً مثلَ ذلكَ ثُمَّ يكونُ مضغةً مثلَ ذلكَ ثُمَّ يُرسلُ اللهُ إليهِ الملكَ فينفُخُ فيهِ الرَّوح ويؤمرُ بأربعٍ يكتُبُ رزقهُ وأجلهُ وعملهُ وشَقي وسعيدٌ.."
فالإنسان منا لن يصيبه إلا ما كتب الله له..
لا أقصد من كلامي أن أوجه دعوة لك بترك "عقال" الناقة، ولا أن أحرض على عدم الأخذ بالأسباب، ولكني فقط أهمس في أذن تلك النفس البشرية الراغبة الطامحة أن اهدئي، وسلمي الأمر لله فهو سبحانه وتعالي حسبك ونعم الوكيل.
لن أطيل الحديث عن التوازن بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب فقد تحدثنا عنه باستفاضة في مشكلتين سابقتين بعنوان: "نصيحة لكل عاشق.. الدعاء"، و"نصيحة لكل عاشق.. الأخذ بالأسباب (مشاركة)".
ولكني كما ذكرت أوجه رسالة محددة لهذه النفس.. أقول لك يا أخي: أنت لا مانع لديك من الانتظار ولكن على أساس "مضمون".. وهل هناك شيء بشري مضمون؟ هل تضمن أنك إذا تزوجتها فستجد معها السعادة؟ هل تضمن أنها -كما هي متميزة في سمتها العام- متميزة أيضا كزوجة تحسن العشرة؟ هل تضمن أنها لن تمرض ولن تموت؟ هل تضمن أنها ستنجب لك الولد؟ هل تضمن أن السنين لن تبدل أخلاقها وطباعها؟ هل تضمن أي شيء؟
لماذا إذن تريد أن تفرط في ماء وجهك فتلح في الطلب عليها أو تحاصرها من خلال الحصول على موافقة أهلها؟ أو ربما تحدثك نفسك أن تحصل منها على تعهد بألا تتزوج سواك؟
أنت فعلت "كل" ما يمكن عمله في الإطار الذي يسمح به الدين، تحسست رأيها عن بعد، وعرفت أنها تُرجئ الزواج لحين إتمام دراستها، فأردت أن تعرض عليها نفسك وتحصل منها على الرد صريحا واضحا فجاءك نفس الرد.. والآن لم يبق لك شيء سوى الانتظار وتفويض الأمر لله، لعله سبحانه وتعالى قد جعل لك فيها نصيبا ولكن في الموعد الذي يحدده هو، أو لعل الفتاة لا تقبل بك وأرادت الاعتذار بشكل مهذب، أو لعلها لا تناسبك فأراد الله أن يحول بينك وبينها بشخص آخر يتقدم فيسبقك.. فلا تكن كمن قال لصاحبه "أخرقتها لتغرق أهلها"، وقال "لو شئت لاتخذت عليه أجرا".. فهناك حكمة لا يراها إلا الحكيم الخبير.
يقول الأستاذ "محمد أحمد الراشد" بأن هناك عبادة تسمى "التفويض".. ذلك عندما تنقطع بك الأسباب فإنك تتقرب إلى الله تعالي بهذه العبادة مع كامل الرضا بما يقسمه تعالي لك في النهاية.. أخي الكريم اهدأ وانتظر حتى يأتيك نبأ "ما لم تسطع عليه صبرا". وتابعنا دائما بأخبارك