السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في الصف الثالث الثانوي، ولكن أبي لا يعترف أنني كبرت
وأحيانا يقسو عليّ ويضربني على أخطاء بسيطة فماذا أفعل؟
3/1/2007
رد المستشار
الابن العزيز أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن مشكلتك رغم قلة التفاصيل وعرضها المختصر، إلا أنها تصلح مدخلا لكثير من النقاش والجدل المهم جدا أن يفتح، ولكن مع الأسف مع جيل الآباء الذي ينتمي والدك إليه، ولا أدري إن كان هذا الجيل على علاقة بالإنترنت أم لا، والغالب لا طبعا، إن ما تشكو منه يا بني العزيز مؤلم جدا للنفس، فليس الاعتراف بأنك كبرت منحة يمنحها لك أبوك لكنه مع الأسف يظل كذلك عند كثيرين من الآباء في مجتمعاتنا لأنها مجتمعات محافظة،
ولا يدرك قطاع كبير من أفراد مجتمعاتنا مع الأسف الشديد أن ما تحملوه هم وهم في نفس مرحلتك العمرية (15-17)، وتعودوا عليه وتقبلوه من عدم لاعتراف بأنهم كبروا من قبل آبائهم (أي من جيل الأجداد لجيلك أنت)، هذا الذي تحملوه هم، لم يعد من الممكن اعتباره محتملاً لأبنائهم من جيل الإنترنت والمحمول وما سيتتابع من عجائب العلم، مع الأسف يحتاج جيل الآباء هذا وربما بعض الأجيال التي سبقته أو لحقته بسنوات دون العقد من الزمان على الأقل، يحتاج هذا الجيل إلى من يشرح لهم ويفهمهم جيدا أن السرعة التي يتغير بها كل شيء قد تضاعفت آلاف المرات، وجعلت الجيل المشار إليه والذي يفترضُ فيه أن يكونَ مسئولا عن تعليم الجيل الذي يليه فإذا بنا نجدُ نفس ذلك الجيل محتاجًا لتعلم واستيعاب ما تم وما جرى، وهذه هي بالتحديد مشكلتك مع والدك، فهو على غير ما تتوقع أنت سيعد نفسه من أسعد الناس حين يعترف لنفسه بأن ابنه قد كبر وأصبح رجلا، لكنه مع الأسف ما زال يخاف من ذلك!
لأن معنى ذلك الاعتراف أنك ستطالبُ بقدرٍ كبر من الحرية، وهو بالتأكيد خائف عليك من هذه الحرية، ولديه حق أن يخاف مادام لم يقم أصلا بإعدادك لمواجهة ما يخاف عليك منه! وهذه مشكلةٌ لا تخصك وحدك بل تخص كثيرين من جيلك.
ويحتاج أبوك إلى من يتمتع بحكمة وسعة أفق في رأي والدك نفسه لكي يكونَ مرشحا للتدخل بينك وبينه حتى يكون من الممكن أن يقوم بينكما الحوار السليم، ومن هنا يجبُ أن تبدأ أنت نفسك محاولتك لإيجاد ذلك المصلح، ولكن أهم نقطةٍ أود تنبيهك لها هي أن تذكرَ نفسك دائما بأن ديننا الإسلامي قد وضع ضوابط تحكم علاقة الأبناء بآبائهم في إطار من الإحسان والبر والطاعة في كل شيء إلا في حالة تعارض أوامرهم مع أوامر المولى عز وجل، وأوامر رسوله الكريم، فعليك شكرهما قدر المستطاع كما أمرنا الله في محكم كتابه حيث قال:(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إليَّ ثم إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) صدق الله العظيم (لقمان 31 : 14 و15)، أي أن الله عزّ وجل.. أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله ،
ويقول تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" صدق الله العظيم (سورة الإسراء الآيتين 23 و24)، وهناك حديث للرسول المصطفي (ص) يقول فيه: "إن النظر في القران عبادة، والنظر إلى وجهي الوالدين عبادة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واقرأ من على مجانين:
ابنتنا ترسم معالم استراتيجية التعامل مع الوالدين
العلاقة مع الوالد
استشهادية تدمر مستوطنات استبداد الوالدين
معنى ما أقوله لك هنا ليس هو أن تتحمل استمرار الأمور على ما هي عليه، ولا أن تستسلمَ وتصبح كالعجين الطري بلا شخصية، ولكنني أنصحك بالأدب في الحوار مع الأب، والمثابرة على ذلك، ومحاولة استرضاء والديك ما دام ذلك في استطاعتك، أي أنني أنصحك بالدبلوماسية التي أعرف أنك إن شاء الله ستكونُ موفقا فيها،
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.