المطرقة والسندان
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خير على ما تقدمونه من يد المساعدة على هذا الموقع المهم لكل النفوس الحائرة، لقد سعدت جدا بفتح باب إرسال المشكلات لأني أحاول منذ فترة ولا أوفق في إرسال مشكلتي.
ومع ذلك وجدت في نفسي عزوفا غريبا عن الإرسال ما كنت أتوقعه لكني قاومت وسوف أحاول إجبار عقلي على الإفصاح عما بداخله عله يريحني (ويعتقني لوجه الله)، أنا فتاة أتممت عامي الواحد والثلاثين عادية وبسيطة جدا سواء شكل أو مستوى اجتماعي.
الأب والأم من الكادحين للوصول بأبنائهم لبر الأمان لا أعلم إن كنت أحبهم أم لا كانت لدي دائما مشاكل معهما وخاصة الأم لأني لم أكن الابنة المفضلة سواء شكلا أو طباعا أو شخصية فانا دائما مقصرة ومتهمة في نظرهما ومع أني أصغر البنات ألا أني كنت مطالبة دائما أن يتماثل حسن أدائي وجهدي في الأعمال المنزلية مع أختي الكبرى مع فارق السن بيننا لما يقرب من الثماني سنوات, وقد سببت لي هذه المعاملة نوعا من عدم الثقة في النفس وإحساس دائم باني مكروهه فكنت أعزف أنا من جهتي عن البيت وما يحدث فيه وأنغلق على نفسي وأيضا أحجم تماما عن البدء بالدخول في أي علاقة إنسانية (أقصد هنا الصداقة مع زميلات الدراسة في مراحل التعليم المختلفة) ولم يتغير هذا الأمر حتى بعد أن نضجت وكبرت ودخلت الجامعة وكنت أقول لنفسي دائما أن كان أهلي وهم اقرب الناس لم يتحملوني ولم يستطيعوا أن يحبوني فكيف بالأغراب؟؟
وانسحب هذا الأمر من الصداقة على الحب العاطفي أيضا فلم أمر بتجربة حب حتى الآن، أريد أن أوضح لكم سبب اختياري لعنوان المشكلة حيث أنني بين المطرقة والسندان فالمطرقة هي عقلي الذي يرفض الارتباط والزواج رافضا قاطعا لا يرحم حتى أنه يصيبني بالاختناق أو الصداع النصفي الشديد في حال تقرب أحد مني، والسندان هي نفسي الأمارة بالسوء التي أصبحت تنشغل بالجنس كثيرا ورغم أني تحكمت بنفسي وأنا بمراحل عمرية أصغر وأعنف مثل المراهقة مثلا إلا أنني أفقد هذه السيطرة تدريجيا حتى لقد أصبحت أخاف من نفسي.
وليعلم من يقرأ مشكلتي من المستشارين الأفاضل أنني لم أكمل الكلام عن نفسي تحت إجبار العقل الذي لم يطاوع النفس على رغبة تلقي العلاج وأقسم بالله أنني أعاني فعلا من سيطرة عقلي على تصرفاتي بصورة كبيرة وهي السيطرة التي تمنعني عن الذهاب لطبيب نفسي برغم يقيني بمدى حاجتي إليه.
أشكر لكم حسن متابعتكم مقدما واعتذر عما اعلم انه تقصير مني في عرض المشكلة ولكن ما باليد حيلة، خففوا عني.
09/02/2007
رد المستشار
حضرة الأخت الكريمة "أمة الله" حفظك الله؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مطرقة العقل وسندان الغريزة؛ كم هي جميلة هذا المطرقة! التي لا تهدأ وهي تدافع عنا وتدفعنا إلى ما هو خير لنا وأفضل. لقد تأسفنا لسماع خبر التمييز بين الأولاد في عائلتك الكريمة. ولكن هذا الأمر شائع جدأً، وهذا يعتبر من الأخطاء الناجمة عادة عن عدم وعي الأهل، وسوء التصرف في بعض الأحيان، كما أنه قد يكون هناك سوء تقدير من قبل الأولاد. فلا نستطيع أبداً العدل ما بين الأولاد بالتصرف، حتى ولو جهدنا في سبيل ذلك. ما يجب أن نعرفه هو أن محبة الأهل لجميع الأولاد واحدة ولو تخلل العلاقة سوء توزيع للقبلات أو للكلمات أو للإمكانات، وإن شاء الله عندما تصيرين أماً سوف تجيبين بنفسك على هذا السؤال.
على كل حال، أنت عبدةٌ لله، وهو متكفلٌ بكافة عياله، وقد ساوى بينهم بالمحبة والرحمة حتى العاصي منهم أو الطائع، ألا يكفيكِ حب الله العادل؟!
في كل تصرف في الحياة يجب إعمال العقل، فهو دليلنا إلى الخيار الأسلم. ولا يجب أن نستسلم للمشاكل النفسية من الطفولة أو الصبا، كي تدمر حياتنا المستقبلية، فلا يجب تعطيل الفكر، فهو الذي يخولكِ أن تهربي من فوق السندان إلى برّ الأمان الذي ينفتح أمامك. فلا تغمضي عينيك عندما يطرق بابك "السندباد" أو "الشاطر حسن" وتلقين باللوم بعدها على أحاسيس ماضية.
افتحي عينيكِ دائماً وقلبك أبداً باتجاه الحق، فسوف تبصرين. كي لا تكوني ممن قد يصدق عليهم القول: "لهم عيون لا يبصرون بها" .
أخيراً، لا تنسي بأن هذه الحياة الدنيا قصيرة جداً ويجب أن نؤمن خلالها مكاناً جميلاً في الجنة ولمدة أبدية بكاملها.
وفقك الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته