الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
إلى السادة القائمين على هذا الموقع الجميل، أشكر لكم جميل صنيعكم، وأدعو الله لكم بالتوفيق، فلقد فتحتم أذانا صما وأعينا عميا وأفواها بكما، ولقد نورتم قلوبا مظلمة بل وفوق هذا وذاك أرجعتم الأمل إلى الكثيرات والكثيرين ممن انزلقت بهم الأقدار وكادوا يقعون في النار لولا رحمة الله ثم جهودكم الجبارة التي تبذلونها من اجل الجميع. فألف شكر ولن يتركم الله أعمالكم يوم ا لقيامة.
والآن إلى قصتي العجيبة فأقول متوكلا على الله تعالى أنا رجل يقال عني من الدعاة، ولا أزكي نفسي على الله، بل أوجه الدعوة من على منبر الإسلام في دولة كبيرة في أوربا من خلال مخالطتي للناس ومحاولتي حل مشكلاتهم، والاستماع إليهم والمشاركة في أفراحهم وأتراحهم، ومن بينهم جميعا رجال ونساء وشيوخ وأطفال.
وحدث أن جاءتني رسالة إلكترونية من أخت مسلمة تشتكي لي همومها وأحزانها، وهي من اللواتي ولدن في الغرب وتعلمن وعشن هنا، وتقول لي [أنها متزوجة من رجل آت من بلد عربي، مثقف ومتعلم ولا بأس به خلقا ودينا، إلا أنه يهجرها كثيرا ويحرمها حقها من العطف والحب والحنان، وأن خصوماته لها مستمرة لا تكاد تنتهي حتى تعود أشد ضراوة وأكثر حدة، وأنها تعيش هذا الوضع المؤلم لها منذ سنوات طويلة; كانت –كما تقول- تظل تبكي وعين تسقي عينا بدموع منهمرة لا حدود لها، والحزن كاد يخنقها، والألم يعتصر قلبها، وظلت هكذا دون تغير في حالتها].
ظلت هذه الأخت تراسلني وتشتكي لي; حتى اكتشفت أنها أصبحت تسكن بجواري، ومع مرور الأيام رق قلبي لوضعها، وحزنت نفسي لحزنها وهي تلك السيدة التي تنشط كثيرا في سبيل الله وتعمل بجد واجتهاد من أجل الدعوة إلى الله والمشاركة في الدروس والمحاضرات، بل وصل الأمر إلى أن انتخبت رئيسة لجمعية مهمة في هذه الدولة الغربية وصارت تنظم اللقاءات على مستوى البلاد كلها وتستقبل المفكرين من كل; دول العالم، وكنت استدعى أيضا إلى تلك اللقاءات من طرف الفريق الذي تعمل معه بل وهي رئيسته، لأنهم يعرفونني ويحترمون تخصصي العلمي ويحتاجون إلى وجودي معهم في بعض اللقاءات، وكنت أراها توجه وترشد وتعطي التعليمات، بل رأيتها كيف يطيعها الرجال ويحترمونها أشد الاحترام وهي تحظى بحب الجميع ورضا الجميع وفوق كل ذلك إعجاب الجميع. ولا أخفي أنني كنت معجبا بها، وأنا هنا أفرق بين الإعجاب الذي هو شيء أكثر من مجرد الاحترام ولكنه لا علاقة له بالعشق أو الحب.
فالوسط الذي أعمل فيه يعج بالجميلات ذوات القد الأخاذ ويعلم ال له أنني لم أتجاوز حد الاحترام والإعجاب ببعض من أخواتي المسلمات، بل الكثير منهن أعتبرهن بناتي.
مرت الأيام وازدادت مشاكلها مع زوجها الذي ونظرا لانزوائيته ورهابه الاجتماعي صار –كما قالت لي- يشك فيها بل يتهمها علنا بأنها تعشق فلانا من الناس أو فلانا. [ولا حول ولا قوة إلا بالله، فنحن معشر المسلمين أو العرب عموما بمجرد ما نرى امرأة تبتسم مع رجل أو تكلمه تذهب بنا الظنون كل مذهب وتأتينا الأفكار الشيطانية من كل حدب وصوب]. فهذا الزوج تعرفت عليه أيام تزوج هذه السيدة ثم تعرفت عليه أكثر بحكم الجوار بل زارني مرات قلائل بمناسبات قليلة وأنا -يعلم الله- أنني أكن له ولحد هذه اللحظة كل احترام، ولكن كنت أحس منه بعض الجفاء والنظرات غير البريئة فكأنه يكن في نفسه لي شيئا. على كل حال مرت الأسابيع والشهور بل والسنوات مر السحاب فأنا رجل لا أكاد أجد وقتا للنوم، من كثرة مشاغلي وأعبائي، من تدريس بالجامعة، إلى تعليم في المساجد، إلى خطب الجمعة، إلى استقبال السائلين عن دينهم... الخ.
استمرت تلك المسكينة في شكواها وكنت فعلا استشف مشاكلها مع زوجها حتى بمجرد المرور أما الباب حيث كنت أسمع أحيانا صراخا وصياحا وارتفاع أصوات لا تفهم وكاللبيب بالإشارة يفهم. كان مرات قليلة عندما يلتقيني يبدي إعجابا بي لأنه رآني بالتلفاز في الليلة الماضية وأن حديثي عن الدين يعجبه.
فقط هكذا كان يفاتحني على احتشام، فكنت أشكره على طيبته ثم يمضي كل منا إلى سبيله، فهو رجل طيب من دون شك لكنه كان عاطلا عن العمل ومكتئب كثيرا من كثرة المشاكل التي تحصل له مع عائلته في البلد فسرعان ما يعود ذلك على حالته في بيته ومع زوجته... الخ، فوجئت في أحدى المرات بالأخت المذكورة ترسل إلي رسالة إلكترونية تحدثني فيها بالتفصيل عما يحدث من زوجها تجاهها وتقول لي بأنها متضايقة بل حزينة وكئيبة جدا، كنت أجيبها كما أجيب كل الأخوات اللواتي يرسلن لي (بالإمايلEmail) وأصبرها وأشجعها على التحمل لأن في ذلك الجنة إن شاء الله تعالى.
تطورت العلاقة إلي أن صارت بين الحين والحين تحادثني بالبريد الإلكتروني طبعا وتبوح لي ببعض الخصوصيات، فكنت أجيبها في حدود شرع الله تعالى وأنها عليها بالصبر وحتى لو كان زوجها لا يشبعها جنسيا فهي تعو ض عن ذلك بالدعوة إلى الله والمشاركة في الندوات والحلقات العلمية... الخ.
فكانت أن اخترعت خطة تريد أن تسترد من خلالها زوجها التائه والبعيد عنها كليا ولو كان يعيش معها تحت سقف واحد، والذي لم يظلمها فحسب –كما تقول- بل ظلم نفسه بهجرانها وبعده عنها. وهذه الخطة –كما قالت لي- تقتضي أن ترسل لي أنا رسائل إلكترونية تظهر فيها نوعا من الميل أو العشق أو الحب لي وتعمل جهدها كي يطلع عليها زوجها في وقت من الأوقات وهكذا تأخذه الغيرة ويرجع إليها لأنه سيحس حينها أن زوجته ستفلت منه، وبخاصة أنه متقدم في السن نوعا ما وأنه غير كذا وغير كذا الخ.
وطلبت مني بالمقابل أن أرد على كل رسالة ترسلها. قبل أن تشرع في مشروعها حدثتها بمخاطر الخطة وأن الرجال غير مأموني الجانب وأنه يمكن في ثورة غضب أن يتصرف تصرفات طيرا تندم عليه بل ولربما أودى بحياتها. ولكنها أصرت وتوسلت إلي أن أرد ولو لم أكتب ولا كلمة بحيث عندما يقرأ زوجها رسالتها هي يفهم كأن هناك رجل –وهو هنا أنا طبعا- أو أكثر يعشقون زوجته وأنها تستحق كل الحب والاحترام الخ.
ولا أخفيكم أنني فعلت ما طلبت مني، ولكن ليس دائما بل في مرات قليلة عندما أجد وقتا فارغا علما أنني أرد بمجرد فتح رسالتها لأنها كانت ترسل كلمات قليلة وتطلب مني فتح الملف المرفق، فكنت لا أعبأ كثيرا بذلك وأرد فقط دون معرفة ماذا بالملف المرفق.
مر الزمن وسافرت هي وأولادها إلى بلد عربي لتغيير الجو ولكنها عملت جهدها على أن تترك حاسوبها مفتوحا لزوجها كي يرى خطتها تلك. فهو دائم التجسس عليها بل كما قلت لكم لا يثق فيها أصلا، فهي تفوقه في كثير من الأمور جمالا ونشاطا ووجاهة، وهو بالمقابل ليس لديه ما يجعله يطمئن من ناحيتها، فلا عمل ولا جمال ولا ولا ولا... وهو أيضا يعيش في عزلة تامة عن المجتمع ما زاد في وساوسه وشكوكه.
إذن الفرصة مناسبة لاسترجاعه حسب رأيها. فتح حاسوبها في غيابها انطلق في البحث والتنقيب عله يجد شيئا ما يؤكد ظنونه، وفي تلك الفترة كنت أيضا مسافرا إلى بلدي الأصلي ولا أعلم بتاتا بالذي ينتظرني.
فور عودتي كالعادة من السفر فتحت حاسوبي فإذا برسالة تقول لي: (لقد فضحنا الله تعالى... هذا جزاء الخائنين...) فاستغربت كيف تقول هذا وأنا لم يحصل شيء بيني وبينها أبدا فأزعجني هذا الكلام ورددت فورا باستغراب [ولمتها على هذا الكلام لأن الذي يقرؤه يفهم أننا عاشقين بل ارتكبنا ما يرتكبه العشاق]... كانت لم ترجع من سفرها... قالت لي زوجتي التي أحبها حبا لست بحاجة لوصفه الآن... بأن السيد فلان جارنا اتصل بالهاتف يريد لقائك فورا... فقلت لها أنا حاضر ما فيه مشكلة فماذا يريد بالضبط؟ قالت بأنه أخذ معك موعدا ولم تحضر... أي لم تحترمه... عجيب من متى هذا الموعد فالرجل لا يكلمني إلا قليلا فمتى كان الموعد؟
على كل حال مضى وقت قليل حوالي أسبوعين حاولت الاتصال به فلم أجده وقيل لي أنه مسافر... اتصلت على الهاتف فلم أحصل عليه... المهم...
عادت الأخت الكريمة والسيدة المحترمة... وعوض أن تسلم على زوجتي التي هي رفيقة عمرها لأنها من معارفها منذ الطفولة... وتعمل معها بالمستشفى... لم تفعل بل عملت على أن لا تلتقي بها أبدا... الخ.
احتارت زوجتي وكلمتني فقلت لها: [اتركيها فالسبب هو زوجها فهو رجل يغار منها بل ويكرهها... ولربما بسببنا نحن... فهو يرى سعادتنا ومخالطتنا للناس وحبنا للجميع وحب الناس لنا فهذا مدعاة ربما للحقد علينا ولكرهنا فهو لا يريد من زوجته أن تتصل بزوجة من يكره ربما، أقول هذا الكلام ليس على سبيل التأكيد فالله وحده يعلم القلوب...]
في إحدى الليالي وبينما كنت أمام الحاسوب لإنهاء كتاب أؤلفه في موضوع المرأة بلغة أجنبية... وإذا بالهاتف يرن، حملت السماعة فإذا به جاري العزيز... بعد السلام سألته عن أحواله... الخ ثم صرخ قائلا: فيما مجمله [إنني على علم بما بينك وبين زوجتي وأنا لا أقبل هذا و و والخ] تركته حتى أنهى كلامه فقلت له: ] اتق الله إنه لا يجوز لك أن تتهم زوجتك ناهيك عني فهل أفهم من هذا أنك تتهمنا بالزنا؟؟؟] فقال:[معاذ الله ولكن كف عن زوجتي]...غريب أمر هذا الرجل...يقول لي لا أتهمك ثم يطلب مني الكف عنها... أليس هذا أمر عجاب... لقد كانت الساعة الثالثة صباحا.
المهم أفهمته أنني لا أدري بالضبط ماذا يريد وطلبت منه لقاء هادئا نتحدث فيه بروية وماذا حدث له؟ وكنت ساعتها قد نسيت الخطة التي رسمتها زوجته لاسترجاعه إليها.... أغلق السماعة بعنف وانتهى الأمر... أذكر أنه قال لي بالحرف الواحد: [إذا لم تترك زوجتي فإنني سأتصرف معك ولو استدعيت الموساد فلن يجدوك....] ومن شدة عجبي لهذا الرجل أنني ضحكت كثيرا مما زاد في غضبه... ويحك.. لم يكن استهزاء حاشا لله ولكن لأنني استغربت منه هذا الكلام... وبخاصة أنني متأكد أن مثل هذه الغرائب تؤدي إلى القتل وأنني لم أقم بشيء مخل...
بعد أسبوع تقريبا تأتي زوجته إلى زوجتي وتأخذها بالسيارة بعيدا وتقول لها (إنك صديقتي وحبيبتي وإنني جئت اليوم لأبين لك مدى هذه الصداقة وهذا الحب وأخبرك أن زوجك يعشقني عشقا لا مثيل له، وأنه منذ مدة مضت صارحني بغرامه ولكنني كتمت عنك حتى لا أدمر عائلتك... هل تصدقينني؟؟؟) هذا ما أخبرتني به زوجتي. ترد عليها زوجتي وأم أولادي: (نعم أصدقك يا حبيبتي، ولكن لماذا الآن فقط، أي بعد مدة من العشق والغرام؟ هل ظهر لك الآن أن تدمري عائلتي، كما هي مدمرة عائلتك؟ لماذا لم تخبريني ساعتها؟). هذا الكلام روته لي زوجتي بعد اللقاء، ولم أحاول أنا أن أبرئ نفسي، لأن زوجت ى كانت مقتنعة بسخافة الخبر وهي التي تعرفني جيدا وتعرفها أكثر فهي رفيقة صباها... على كل حال... فهي تعرف أنني بحكم عملي بالجامعات محاط بالنساء من غربيات وأخوات كما يقال في الوسط الإسلامي.
قالت لي زوجتي: [بأنه في اللحظة التي استدعتها صديقتها وأركبتها السيارة كان زوجها بصحبتها ووقف متخفيا قليلا ينظر إليهما معا... وكأنه كان هو الذي طلب من زوجته أن تقوم بهذا التصرف لتبرهن له على أنك أنت العاشق المغروم وأنها هي الضحية البريئة...] ثم عقبت أم أولادي وقرة عيني قائلة:[هنا علمت أنها تريد بتلك الكذبة أن تقول له أنظر إذا لم ترجع إلي فها هو جارك سيأخذني منك].
بعد مدة اتصلت بها وأنا هادئ ولم تتحرك لي شعرة واحدة، ولمتها على فعلها ذاك وأخبرتها أن خطتها التي رسمتها قد تنفعها وحدها ولكن قد تضر بالآخرين... وأنني لا يمكن أن أسكت عن فعلها إذا تمادت فيه وبخاصة أنني بريء من فعلها وأنها لا يمكن أن تسترد زوجها على حساب الآخرين... وهددتها بالاتصال بزوجها وفضح الموضوع ولكنها توسلت وبكت وقالت: [بعد أن اكتشف زوجي رسالة وضعتها بعناية له مليئة بعبارات العشق والغرام والهيام والمواعيد...(وهي موجهة لي أنا المغدور الذي لا أعلم شيئا)...قالت:[قرأها وظن أنه فعلا مغرم بي ومولع إلى حد الجنون وأنك تجري ورائي] وبهذا وعوض أن يعود إلي صار أشد سوءا من ذي قبل وتأكدت ظنونه...... وتوسلت إليّ أن لا افضح تلك الخطة الجهنمية...].
ولكن هي الآن -ورغم أن زوجها قطعها عن العالم الخارجي ما عدا العمل- تعيش معه في جحيم وأنا اسمع أصواتهما أحيانا خارجة من البيت لشدة الخصام بل أعلم أنه كان يغادر البيت أحيانا من شدة الغضب ثم يعود لأنه لا يجد ماذا يفعل فهو هو المريض وهي زادت مرضه بتلك الخطة الشيطانية رغم أنها فعلتها بحسن نية... ولكن أمام عنفه وخوفها منه قلبت المسالة وكأنها حقيقة...
والسؤال الآن؛ هل اتصل بزوجها وأشرح له الموضوع؟ فأنا أخشى أن تسوء أوضاعهما أكثر ولهما أبناء؟ فيظهر أن القضية سارت بعكس خطتها فأصبحت حياتها أنكى من الأول... ربما لخلطها للكثير من الأوراق بل علمت أيضا من طرف بعض الأصدقاء أنها في عراك دائم مع زوجها وهما على وشك الانفصال... وهو يتهمها بأشخاص آخرين يعملون معها أو تكلمهم هي بالهاتف لأغراض تتعلق بالعمل... وبخاصة أنني ما رأيتها ولا رأيته منذ عدة أشهر بعد أن صرت أعمل في إحدى الجامعات الأوربية المرموقة خارج الدولة التي أنا فيها.
قال لي أحد الرجال الطيبين أنها معجبة جدا بنفسها إلى درجة أنها أخبرت كل الناس بأنها رئيسة لتلك الجمعية... فقلت له لا بأس أن يعجبها ما تصنع وتعجب بنفسها في حدود الشرع...
أما أنا فيعلم الله أنني كنت أكن لها إعجابا وإكبارا واحتراما ولكنها بعد ما صنعته مع زوجتي وقرة عيني وأم أولادي فإنها سقطت من عيني سقوطا لا مثيل له... وبخاصة أن زوجتي في منتهى الجمال والطيبة والحنان... وإنني أثق فيها ثقة مطلقة لأنني عرفتها محجبة وتقية وهي من اللواتي ولدن في هذه البلاد وترعرعن بها... فهي درعي في هذا المجتمع الغربي الذي يسهل على المرء أن يتعاطى الفاحشة... ووالله ما شككت فيها أبدا ولن أشك في أخلاقها فهي أحيانا تسافر وحدها أو مع الأولاد وأنا أيضا أسافر ثلاث مرات في الأسبوع إلى بلد ثان للعمل والدنيا كلها بردا وسلاما على قلبينا...
فأرجوكم أن تدلوني فهل أخبر زوجها بالحقيقة التي خططت هي لها ونفذتها واتهمت فيها أشخاصا أبرياء؟ أم أتوكل على الله واحتسب أمري عنده وحده...وأتركها لشأنها؟ متمثلا في ذلك كله قول الشافعي:
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفاء
ولا ترج السماحة من بخيل...فما في النار للظمآن ماء
فأنا أدعو الله لها كي يفرج كربها وكرب زوجها رغم كرهه لي... فأنا لا أريد أن أكون سببا في خراب بيتها... وبخاصة أن لديها صغارا يحتاجون إلى الأبوين...(ولا أحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا) مع العلم أن خطأها لم يؤثر لا علي ولا على زوجتي الصالحة التقية... وأنا متأكد أنها قامت بتلك الخطة بحسن قصد وأنها أرادت أن تسترد زوجها فضيعته، وهل بإمكانكم أن تدلوني على خطة أساعدها وزوجها بها؟ أم أن الأمر منتهي ولا فائدة في المساعدة؟
فأنا وزوجتي وأولادي الصغار كل يوم في ازدياد وهي كل يوم في نقصان والعياذ بالله... وأن أولادها يلعبون مع أولادي ولاحظت أن أولادي يخبرونني بين الحين والآخر أنهم سمعوا أولاد جارتي يقولون: (إن ابانا منعنا من أن نلعب معكم...) فلماذا يا أبي؟
هذا ما أردت البوح به لكم فأنا حلال المشاكل ولكن مشكلتي لم أجد من يحلها لي... ولو قلتم لي دع الأمر لله تعالى لاعتبرت ذلك جوابا شافيا وكافيا لأنني فعلا لا أحرص على الإضرار بهما.
شكرا يا سادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء
9/5/2007
رد المستشار
الأستاذ الفاضل؛ الدكتور "عبد الله".... تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على الموقع، قرأت استشارتك من بين استشارات عديدة أُرسلت لي؛ فلم أتمالك نفسي من الشروع في الرد كتابة وبصورة عاجلة كما طلبت أنت.
لقد ابتليت يا سيدي بهذه الجيرة الشائكة، ولكن الابتلاء هو جزء من حياة الصالحين –أحسبك كذلك ولا أزكي على الله أحداً– وأنت يا سيدي لا تستطيع أن تتعامل مع هذه السيدة وزوجها بصورة مهنية؛ وذلك لأسباب كثيرة؛ منها أن هذه السيدة زميلة وصديقة زوجتك، وأنت تعرفها منذ زمن طويل!، وكذلك تشعر بمعاناتها مع زوجها المريض نفسياً، والذي تعرفه أنت أيضاً بصورة جيدة، كما أن أبناءك أصدقاء طفولة لأبنائهما، ولكن غاب شيء هام عنك يا سيدي؛ ألا وهو أن المريض بالشك والغيرة المرضية لا يصلحه إلا العلاج أو الفراق، ولا تنسى الحل الثاني، أرجوك تذكره جيداً، ونظراً لأن الأغلبية العظمى من مرضى الغيرة المرضية لا يعتقدون أنهم مرضى نفسيين؛ فهم يتجنبون العلاج والذهاب إلى الطبيب النفسي إلا بعد خراب مالطة!!!، "ولات حين مناص"، وذلك رغم أن علاجهم سهل يسير لو استجابوا لفكرة العلاج!!،
هذا هو ما غاب عنك يا سيدي في ذلك الخطأ المركب الذي حدث، وأقول أنك أخطأت في أن تدخل في حيلة – بحسن نية– دبرتها تلك السيدة المبتلاة بزوجها ومرض عقله، وضعفه الجنسي، وأنه أقل منها في الكثير من جوانب الحياة من حيث المكانة الاجتماعية والقدرة المادية والصحية، وكان من الأولى أن تُشرك زوجتك معك في ذلك الأمر من البداية؛ لأنه من المفروض أنها زميلة وصديقة لهذه الجارة، والحمد لله بالفعل أن زوجتك احتوت الصدمة التي صدمتها لها تلك السيدة– ولا أستطيع أن أقول أنها صدمة بحسن نية– عندما أخبرتها بأنك تعشقها ومتعلق بها!!
وهذا الموقف منها ذكرني بالمثل القائل: "جزاء المعروف ضرب الكفوف"!!!، فاحمد الله سيدي الفاضل واشكر فضله أن زوجتك من النوع الحكيم العاقل، وهي فكرت فيما قالته زميلتها بسرعة؛ وأدركت بذكائها وحكمتها أن صديقتها لا تقول الحقيقة وأنها مُغرِضة، وتريد أن تحطم بيتكما كما تحطم بيتها، وهذا الدرس يا سيدي عليك أن تستوعبه جيداً، وهو أن "الطريق إلى جهنم ممهد بالنيات الصالحة، ولكن الأعمال نفسها فاسدة ولا تصح!!!"، وخصوصاً وأنت تساهم في حل مشاكل الآخرين، وتساعدهم على الخير، وأنصحك بقراءة كتاب ابن قيم الجوزية "تلبيس إبليس"، وكيف أن الشيطان لا يدخل للصالحين الطيبين إلا من أبواب الخير؟؟!!!.
والآن بعد أن استعرضت معك جوانب تلك المشكلة وبصورة مهنية بحتة، أقول لك وبغاية الصراحة والوضوح: أنفض يديك تماماً من تلك المشكلة، لأنك قد أصبحت طرفا فيها؛ وأنت لا تستطيع عمل أي شيء؛ لأن حلها هو أحد أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إما أن يتوجه هذا المريض للعلاج من رهابه الاجتماعي وشكه وغيرته المرضية ومشاكله الجنسية مع زوجته، وبالطبع عليك أن تكون أنت بعيداً تماماً عن هذا الأمر، لأنك مشكوك فيك من جانب ذلك الزوج المريض؛ بأنك تخونه مع زوجته؟!!.
الثاني: إذا لم تكن هذه السيدة موفقة مع زوجها وغير سعيدة في حياتها معه، وتشعر أنه أقل منها في كل شيء!!!، فلتطلب الانفصال عنه، أو الطلاق منه، أو الخُلع، وأعتقد أن هذا أمر سهل في الدول الغربية، وبالذات في مثل هذه الحالات المرضية، وللأسف يا سيدي العزيز ليس لك أي دور محمود لا في الحالة الأولى ولا في الحالة الثانية، بل من الأفضل أن تكون بعيداً كل البعد بعد أن أصبحت مُداناَ، ليس من طرف ذلك الزوج المريض وحسب، بل مُداناً أيضاً من جانب زوجته التي حاولت أن تستعدي زوجتك عليك؛ وذلك دون أن تبدي سببا واضحاً لذلك، ولكن من الواضح أنه سبب غير خيِّر ولا محمود!!؛ ولن أدخل في الاحتمالات فليس لدي تبرير مقبول لما فعلته؛ فلقد كانت أكثر شراً من امرأة العزيز، والتي اعترفت بفعلتها عندما ظهر الحق، وتمت المواجهة بينها وبين حاكم مصر، واستفساره عما فعله يوسف الصديق –عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام– معها ومع غيرها من سيدات ذلك المجتمع؛ فقالت: "قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء، قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين" يوسف 51 .
أخي الدكتور؛
أتمنى أن يكون كلامي مقنعاً لك، ومن فضلك كن أكثر حذرا في تعاملك مع الجنس اللطيف عندما تقوم بحل مشاكلهن!!، وصدقني لو كنت مكانك لبحثت لي عن منزل في مكان آخر لأعيش فيه أنا وأسرتي، "لو استطعت"، فعليك اختيار الجار قبل الدار في المرة القادمة، أما إن لم تستطع فأمرك لله ابتعد تماما أنت وعائلتك عن تلك الأسرة المريضة، ولك العذر كل العذر في ذلك: "فلا ضرر ولا ضرار"؛ فتلك السيدة قبل زوجها قد أضرت بك، ولا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين!!.
كما أتمنى أن توافينا بأخبارك، وإنتاجك العلمي والدعوي، وفقك الله وأعانك وأرشدك وأبعد عنك وعنا أهل الشر والأذى؛ آمين يا رب العالمين.
ويتبع>>>>>>>>>>: استشارة فرنساوية عاجلة مشاركة