قرار الزواج.. مسؤولية من..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أكتب إليكم وأنا في أشد حالات الاكتئاب وفقدت الأمل في الحياة راجيا أن تنظروا لهذه المشكلة بعين الاعتبار والرد عليها لما في ذلك من أهمية لعامل الوقت بالنسبة لي.
أنا شاب في الثلاثين من عمري وأعمل منذ حوالي خمس سنوات في شركة كبيرة وخلال هذه الفترة كنت أعامل زميلاتي كأخواتي البنات ولذلك كنت وما زلت ولله الحمد محل ثقة منهم جميعاً إلا أنني كنت بدأت أشعر بشعور خاص تجاه واحدة من هؤلاء الزميلات أحسست أننا روح واحدة في جسدين ونفهم بعضنا وحتى لغة حوارنا واحدة وقد أخذ الحب ينمو في عقلي وقلبي يوماً بعد يوم لها وكذلك هي ولكن دون أن نصرح بذلك بألسنتنا ولكن عيوننا كانت تنطق بما قد منعتنا ألسنتنا من نطقه وهذا أكثر عذاباً.
لقد أحببتها بقلبي تماماً وبعقلي ولكن كان هناك جزء من عقلي يرفض هذا الارتباط نتيجة لأنها متحررة بعض الشيء في تصرفاتها رغم ما لاحظته عليها من صدق تدينها ومحاولة السعي لعلاقة أفضل مع الله إلا أنها لها بعض التصرفات التي من شأنها أن تجعلني مضطرب وكنت خائفاً على الإقبال على خطوة جادة معها مثل رجوعها من العمل في وقت متأخر مع بعض الزملاء في عربة واحدة بالرغم من أني أثق في أخلاقهم جميعاً وهي بالطبع والذهاب إلى المصيف مع صاحبتها وزوج صحبتها وجلوسها المستمر مع كثير من الرجال بالطبع جلسات محترمة لتجاذب أطراف الحديث ولكن كل هذا جعلني خائفاً من الارتباط نظراً لأني أحسست أن هذا جزء من شخصيتها وأنه لن يتغير وعندما ضاق بي الحال في ذلك هممت أن آخذ مشورة أمي وأختي اللتين لم ترحبا بالفكرة مطلقاً نظراً لأني أنحدر من عائلة متدينة وذات أخلاق عالية جداً ومتحفظة لا يؤمنون بالاختلاط ولا يحبونه بهذا السفور.
وقد نصحتني أمي بالابتعاد لما فيه الخطر على من هذه الفتاة وأنه لن يكون مرحباً بها في العائلة أبداً فقررت ألا أتزوج بمن لا ترضى أمي بها لأن البركة لن تحل بحياتي الزوجية فيما بعد في ظل سخط أمي إلا أنني لم أستطيع أن أخمد نار الحب في صدري لهذه الفتاة ولا عيني توقفت عن التواصل مع عينها وأخبارها بما لا يستطيع فمي أن ينطقه حاولت الكثير وذلك عن طريق التقدم لكثير من الفتيات لأحاول أن أجد الحب الضائع مراراً وتكراراً وفي كل مرة لا أجد ما أريد وفي كل مرة أرفض أو أتعرض للرفض أكون فرحاً لذلك إلى أن جاء اليوم الذي تقدمت فيه لخطبة فتاة على درجة عالية من التدين والأخلاق والجمال وفيها من كل المواصفات التي يتمناها أي شاب إلا أنني وجدت فارقاً اجتماعياً بيني وبينها بالنسبة للأب والأم عندنا واحد فأبي كان مدرساً وأمي ربة منزل وأبوها وأمها كذلك بالنسبة لي أنا متخرج من كلية جامعية وهي من معهد خاص ولي أخوة مهندسين وأطباء أما أخواتها البنات ففضلوا البقاء بعد الحصول على الثانوية العامة وتزوجن من رجال مهنيين ولكن لا أستطيع أن أنكر أنهم جميعاً على درجة عالية من التدين والأخلاق ولكن هناك خلافات بين الأم والأب وخلافات أيضاً بين الإخوة وبعضهم فأحسست بجو مضطرب غير جو الاستقرار الذي تربيت فيه.
ولكن عند النظر لها وحدها كشخص نجد أنها إنسانة ممتازة تحيرت كثيراً قبل خطبتها واستخرت الله كثيراً في ذلك إلا أنني أتممت الخطبة وكنت فرحاً في تلك الفترة لمدة ستة أشهر وكانت علاقتي بها في تلك الفترة لا تتعدى كون أني أتكلم معها في وجود والدتها كلاماً عاماً نظراً لتدين أمها وتدينها وأنه لا ينبغي أن نخرج سوياً في تلك الفترة والجلوس بمفردنا إلا أنني كنت معجباً بها وفي تلك الفترة حاولت أن أكون مخلصاً لها بالابتعاد عن زميلتي ولكن علمت زميلتي بخطبتي وجاءت لتبارك لي على استحياء وكانت نظراتها تلمع فيها الحزن والألم وكأنها تريد أن تقول لماذا بعد كل هذا الحب الذي أحببناه ولكن مضى كل في طريقه وحاولت في تلك الفترة أن ألجأ لخطيبتي أكثر.
إلى أن جاء موعد العقد وحدث موقف غريب قبل العقد بيوم هو مشادة بينها وبين أمها لسبب تافه للغاية ولكني أحسست بحزن عميق وكنت أنوي أن أؤجل هذا العقد ولكن أخذتني الرجولة والموقف إلى أنه لا ينبغي ذلك على الإطلاق وتم العقد وكنت كالمذهول في ذلك اليوم وبعد ذلك حاولت أن أتقرب أكثر إلى خطيبتي بالخروج معها والكلام كثيراً ونحو ذلك لأفهمها أكثر ولكن كثيراً ما كان يحدث خصام بيني وبينها ومشادات في فترة دامت حوالي عشرة أشهر لأنها كانت دائماً تريد الحب عن طريق الكلمات أما أنا فأراه في المواقف والإحساس وكانت سيئة الظن بي في مواقفي وتفسرها على أني أهملها وفي كل مرة كنت أنوي الانفصال ولكن لا أستطيع لماذا؟؟ لا أعرف السبب لقد أحب هذه الفتاة كل عائلتي بما في ذلك والدي رحمة الله عليه الذي أوصاني بها خيراً وكل من يعرفها يحبها ويندمج معها وفي شخصيتها ويحسدني عليها إلا أنني وقبل زفافي بشهرين من الآن أصبحت لا أحس معها بالسعادة مطلقاً بالرغم من أنها فتاة مثالية جداً وأحبتني بصدق وأعطتني الكثير كي أسعد وأحبت أهلي جميعهم ولم توفر أي مجهوداً كي تشعرني بالسعادة وأنها تحلم باليوم الذي تكون فيه في منزلنا بحريتها معي.
أنني لا أشعر معها بالسعادة مهما عملت وأحس أنها بعيدة تماماً عن قلبي وعن تفكيري وأحس أننا شخصيات متباعدة لا يوجد بيننا أرضية مشتركة نستطيع أن نتحدث عليها بل إنني أصبحت أنظر لسيئاتها القليلة وأضخمها في نظري وأصبح موضوع الفارق الاجتماعي يؤرقني بصفة أكبر وأحس بمدى الرعونة عندما أقبلت على الارتباط بها ولقد أصبحت أفكر في زميلتي بصفة أكبر جداً ولكن أصبحت كالشجرة المحرمة التي لا ينبغي الأكل منها نظراً لعدم موافقة أمي إلا أنني أصبحت أفضل البقاء وحيداً بدون زواج عن زفافي على خطيبتي لا أدري ماذا أفعل لقد أصبحت غير واثق في قراراتي ولا نفسي تماماً.
لقد صارحتها بأنني لست سعيد معها وإنني أرى الانفصال أفضل لها حتى تستطيع أن تقابل من يقدرها ويقدر حبها بشكل أفضل إلا أنها توسلت إلي بكل عزيز وغالي ألا أتركها بعدما أحبتني ورسمت أحلامها معي حتى أنها صرحت في غير مرة أنها ستنهار لو تركتها وأنها ستحاول أن تتغير لأنها تحبني ولا تريد الابتعاد عني وأنها أحبتني أكثر من نفسها.
لقد تحدثت إلى أهلي في قرار الانفصال ولكن لم ألقى أي تأييد وأن أمي ستسخط علي لو فعلت ما سأفعل وتوعدتني بعقاب الله لي لأني ظلمت هذه الفتاة الملاك دونما ذنب وقالت لي لو كنت تفكر في أن ترجع إلى زميلتك فسوف تواجه سخطي وسخط الله الذي لن يرضى أن تستبدل ما هو أدنى بما هو خير.
لقد ظلمت هذه الفتاة وظلمت نفسي حينما ارتبطت بها وظلمتها أكثر حينما أحبتني بعنف ولكن سوف أظلمها أكثر إن أكملت معها الزفاف لأني لن أكون سعيداً ولن أسعدها وسوف أظلمها حينما أنفصل عنها فهي لم ترتكب ذنباً في حياتها غير أنها أحبتني بصدق وحلمت باليوم الذي يجمعنا في بيت واحد .
ماذا أفعل لقد أصبحت عند نقطة اختيار ولكن للأسف أي من الاختيارين أحلاهما مر إنني أتمنى لها السعادة ولكن أريد أن أسعد أيضاً حتى وإن لم يكن مع زميلتي ولكن مع أي فتاة أخرى أشعر معها بالسعادة وأحبها بصدق وتقابل خطيبتي أيضاً من يحبها ويغدق عليها من الحب.
24/8/2007
رد المستشار
أهلا ومرحبا بك على صفحة الاستشارات... أدرك المعاناة التي تعيشها في ظل التردد والحيرة، لماذا تعيش في كل هذا المعاناة؟ وما الذي حدث كي تعذب نفسك هكذا؟... أنت عند نقطة الاختيار والاختيار ليس سهلاً، وليس هناك من يحسم الاختيار غيرك.. ودوري هنا هو جعلك تنظر إلى ما يحدث من جوانب مختلفة حتى تستطيع اتخاذ القرار المناسب....
كي نضع أيدينا على المشكلة علينا أن نفند عدة نقاط ثم نقترح بعض الحلول:
ما نسميه حب قد يكون في كثير من الأحيان مشاعر جميلة ولكنه ليس حب، وقد ناقشت هذا الموضوع بالتفصيل في مشكلة بعنوان: الفرق بين الحب والعشق والإعجاب، أحيلك إلى قراءتها، حين تتحدث عن زميلتك... جميل أن يشعر الإنسان بمشاعر جميلة وصفتها أنت بقولك: "أحسست أننا روح واحدة في جسدين ونفهم بعضنا وحتى لغة حوارنا واحدة وقد أخذ الحب ينمو في عقلي وقلبي يوماً بعد يوم لها"، ولكن كيف نما هذا الحب دون كلام بينكما؟ هل كبر الحب بداخلك من خلال الخيال والتفكير فيها دون أن تتحدث معها؟ هل هو حالة من أحلام اليقظة؟ يمكنك مراجعة مشكلات حول الحب وأحلام اليقظة منها:
أحلام اليقظة الممتعة: طبيعية بشرط
أحلام يقظة مفرطة: مفتوحة كل الاحتمالات
النقطة الثانية التي أقرأها من بين السطور هي أنك من النوع المتردد في اتخاذ القرارت، في بعض الأحيان تعرف ماذا تريد ولكن تريد أن يلقى قرارك رضا وقبول من أهلك فتسأل وتجعل أسرتك تتخذ لك القرار، لقد أعجبت بزميلتك ولكنك انتظرت قرار والدتك رغم عدم موافقتك عليه، ولا تزال غير مقتنع ربما عقلك هو غير مقتنع أو قلبك هو غير المقتنع، فأصبحت رغم مرور حوالي سنة تفكر في تلك الزميلة... وكل ما بداخلك هو أفكارك أنت وليس أفكارها هي، بمعنى أنه من أدراك أنها أحبتك أيضا؟ ربما تكون نظراتها هي نوع من الإعجاب فقط وليس الحب؟ وربما يكون إعجاب بحبك واهتمامك وليس بشخصك؟ هل ستوافق على الزواج منك وهناك فرق بينكما بخصوص التحرر والمحافظة؟ وهل سترضى بطلباتك –كأن لا تركب مع زملائها- ولا تتحدث أو لا تكثر الحديث معهم؟ وهل كانت غير مرتبطة وقت إعجابك بها؟
هل هي غير مرتبطة الآن؟ هل ستقبل بالزواج منك بعد أن خضت تلك التجربة؟ وهل أنت تناسبها كشخص؟.... وهل ستصر على الزواج منها إن سارت الأمور على ما يرام ولكن أمك وأختك لا ترضيان بها؟ ...
من جانب ثالث قد تكون المشكلة أعمق من ذلك بحيث تتعلق بفكرة الزواج بالنسبة لك، فارتباطك بالبعيد ورفضك ما هو متاح بين يديك وكأنك لا تريد الزواج بشكل لا شعوري، لا أريد أن أغوص في تفاصيل يصعب التحقق منها دون مقابلة إكلينيكية وجلسات علاجية..
وفي ذلك راجع:
بصراحة خايف أتجوز
مخاوف من الزواج الرجال أيضًا يعزفون
فكر وصلي استخارة واتخذ القرار الذي تراه مناسباً لك فأنت من سيتحمل تبعات القرار، فإن قررت إتمام زواجك فلن يكون أحد هو المسئول عن سعادتك أو تعاستك في هذا الزواج، لأنك ببساطة قبلت الزواج وعشت فترة خطوبة ثم انتقلت إلى خطوة كتب الكتاب..
والآن أيضاً من حقك أن تفكر، وإن قررت ألا تتزوج منها فكن على قدر المسئولية المترتبة على هذا القرار.. فهذا القرار يترتب عليه أشياء كثيرة أولها ما يتعلق بأمور مادية بينك وبين أسرة العروس، وعليك أن تعرف أنك حين تتقدم إلى فتاة أخرى ستسأل من أهلها عن أسباب فسخك لعقد القران وربما تجد تردد من البعض في قبول الزواج منك، من جانب آخر إن اتخذت هذا القرار وقمت بتنفيذه عليك أن تبقى فترة تفكر فيها وتفهم لماذا تصرفت على هذا النحو، وما الذي تريده بالفعل في شريكة حياتك، ومن الذي يتخذ قرار الزواج، فتسرعك في الخروج من الأزمة بالتسرع في زواج من غيرها لن يفيد كما أن تبقى دون حل للمشكلة النفسية التي وراء تصرفاتك أيضاً ليس حل..
اقرأ أيضاً:
خطيبٌ ذهب : لعل القادم مِن ذهب !
أحب المخطوبات
تجاوزات فترة الخطبة وضغوط الأهل المادية