السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ترددت كثيراً قبل أن أفكر في إرسال هذه الرسالة لأنني لا أعرف إن كان هناك أي أحد يستطيع مساعدتي في هذه المشكلة.
باختصار شديد، مشكلتي الكبرى هي أخي، قرأت كثيراً عن الشخصية المستهينة بالمجتمع وأعتقد أن أخي ليس فقط مستهيناً بالمجتمع بل مستهيناً بالدين والدنيا وكل شيء آخر، عمره الآن 20 عاماً، ترتيبه الثالث فأنا وأختي أكبر منه، أتى بعد خمس سنوات, ثم تبعه أخي الأصغر بعد سبع سنوات.
في البداية كانت أحوال أهلي المادية أقل من العادية وتعرضنا لظروف أجبرتنا على السفر إلى الخليج والسكن هنا، وتربيّنا هنا، بسبب الظروف اضطرت أمي للعمل وكنا نبقى وحدنا فترة طويلة، فأمي تأتي إلى البيت وقت الغداء ثم تذهب إلى العمل مرة أخرى وتأتي في المساء قبل موعد النوم.
شعرت لفترة من الوقت بأنني الأم والأب لأخي وأختي أيضاً لابد بأنها شعرت بهذا الشعور، كنت في التاسعة وأخي في الثالثة من عمره، وكنا نهتم به ونلعب معه ونضربه أحياناً كثيرة لأننا لا نعرف كيف نربيه فنحن أطفال ونريد من يربينا.
لا أقول بأن أمي مخطئة، فحبيبة قلبي تعبت لأجلنا كثيراً ولو لم تعمل، الله وحده يعلم كيف كان سيكون حالنا.. ضحت وعملت وتعبت حتى أصيبت بداء السكري. على العموم أخي كبر وكان مراهقاُ هادئاً فلم يكن طائشاً كغيره، وأصدقاؤه معظمهم من الجيران الذين نعرفهم، ومدرسته عربية وليست مختلطة.
إلى هنا وكل شيء على ما يرام، ولكن نسيت أن أقول بأن عائلتي لم تكن متدينة وأبي لم يكن يولي اهتماماً لهذه الناحية.. (.................................................) الرجاء حذف العبارة بين القوسين، ولم يكن أبي يصلي ولا أمي، ولكن لا ذنب عليهما فعائليتهما لم تربيهما على هذه الأشياء أساساً ولم يكونا يعرفان كيفية الصلاة، ولكن أمي كانت تصوم وكانت تذكرنا دائماً بالله وعقابه.
أما أبي فكان رأيه بأن الإنسان ما دام شريفاً وأخلاقه جيدة ولا يسرق ولا يقتل ولا يرتشي، فليس عليه أن يتعب نفسه أكثر من ذلك... المهم القلب الأبيض النظيف وراحة الضمير. بالتالي لم يربى أخي على الدين، بينما أنا وأختي تعلمنا في مدارس حكومية ومدرساتنا جزاهن الله خيراً كنّ يعلمننا عن الدين الشيء الكثير لذلك نشأنا بطريقة مختلفة تماماً... المهم, بعد كل هذه السنوات، هدى الله أمي وأبي وذهبا إلى الحج وعلمناهما الصلاة وأصبحا يصليان ويصومان، وتغيرت كل حياتهما.
أما أخي فقد طلب من أبي أن يدرس بمدرسة أجنبية عندما أصبح عمره ستة عشر عاماً بدعوى أنه سيتعلم اللغة الانجليزية بطريقة أفضل ويقبل بجامعات مرموقة.. نقله أبي إلى مدرسة أجنبية وبدأ بالتعرف على عالم آخر.. شلة من البنات والشباب الصايعين.. وسهر وحفلات.. حتى المدرسة نفسها قاموا بعمل حفلة آخر العام واختاروا ملك وملكة الحفل.. طريقة أمريكية حقيرة لمسابقة الشعبية popularity contest ثم يتساءلون عن سبب البلاوي في مدارسهم.
بعدما انتهت المدرسة طلب أخي من والدي أن يدرس بالجامعة الأمريكية (......) الرجاء حذف المدينة، طبعاً هناك كل شيء مسموح، الشرب مسموح, الزنا مسموح، المهم أن تدفع وتغيرت حياة أخي إلى الأسوأ، لا أهل ولا رقابة وسهر وصياعة، حفلات وبارات إلى وجه الصباح، حتى الشرب أصبح لا يشرب بالكأس بل يتناول القنينة ويفرغها مرة واحدة، ستسألونني كيف عرفت وسأرجئها إلى النهاية.. والأدهى بأنه لم يعد يدرس وبدأ بمصاحبة الفتيات الحقيرات عنده بالجامعة.. أقول حقيرات لأن علاقتهم جنسية بحتة.. وعلى فكرة في هذا الزمن أصبحت أتعرف على فتيات يتفاخرن بأنهن ضاجعن فلان وعلان.. هؤلاء الفتيات اللواتي يعرفهن من الجامعة أرسلوهن أهلهن مثل أخي للسكن بسكن الطلاب والدراسة، ولكنهن اخترن الصياعة والمياعة، وطبعاً الجميع بمن فيهم أخي يعتبر هذا قمة الحضارة وبأن عمرهم الآن هو عمر اللعب واللهو والحفلات أما الجد فوقته بعيد، ولا أحد منهم يعترف بدين، حتى أن أخي كتب في مكان لن أقول أين بأن دينه هو (هكونا متاتا) طبعاً هذه الجملة من فلم ديزني the lion king.
بعد أن رسب كثيراً وكذب كثيراً قمت بالدخول على موقع جامعته وسرقة كلمته السرية ومعرفة درجاته الحقيقة وأخبرت والدي، الحمد لله الذي أعرف كيف أسرق الكلمة السرية!
المهم، قبل أن يقرر والدي أن يرجعه كانت الجامعة قد طردته بسبب معدله المتدني والشكاوي عليه، وعاد ليسجل هنا بمعهد لأن الجامعة هنا لم تقبله، ولكن عادت ريما لعادتها القديمة، سهر وسكر وبنات.
المشكلة أن معاملته معنا رائعة، حبوب وطيب ويساعدنا، وأمامنا هو إنسان هادئ ورائع، أما خلفنا فالواقع مر وأمر من المر.. والمشكلة أنني أخاف أن ينجرف إلى ما أدهى لأنه لا يعترف بدين ولا مجتمع وبالنسبة له العرب "معقدينها" ومتخلفين.. أخاف أن ينجرف إلى المخدرات.. أو إلى الجنس المثلي، تخيّلوا بأنني أخاف من هذا!! وذلك لأنه يؤمن بأن الإنسان عليه أن يجرب كل شيء.. ولم يقل لي هذا بل عرفته وحدي.
والآن سأقول لكم كيف عرفت كل هذا ولكن أرجوكم عدم النشر حتى إذا قرأه بالصدفة لا أريده أن يعرف.. (هل تعرفون الفيس بوك؟ قمت بالتسجيل باسم غير اسمي.. وطلبت أن أكون صديقة أخي.. وقبل طلبي.. طبعاً كان طيباً معي وعاملني كصديقة فقط، لأن لديه ما يكفي من الشركاء الجنسيين على ما يبدو، المهم أنني أصبحت أعرف أخباره واستدرجه بالكلام، وأشاهد ما يضع من صور على الفيس بوك.. طبعاً كل الصور يكون ممسكاً بقنينة وسكي بيده.. وفتاة على ساعده يبدو أنها استيقظت الآن من النوم بشعر منكوش وعيون حمراء وأحمر شفاه متلطخ على وجهها.. أنا متزوجة وأعرف كيف يكون منظر المرأة بعد العلاقة.. المهم أنني فكرت بأن أنصحه بصفتي هذه الفتاة التي لا يعرفها إلا عن طريق الفيس بوك، ولكن هيهات، لم يعد يحادثني..).
الآن ما حصل هو أنني أخبرت أمي بكل شيء وجعلتها ترى بعينيها كل شيء.. ولكن ولكن ولكن أمي قالت لي: ماذا أفعل؟ أصرخ عليه, أضربه؟ سيترك البيت وأخسره..
قلت لها: ستخسرينه لا محالة فقد أصبح صايع ضايع، ولكنها تقول بأن كل الشباب هكذا وأخوالي كانوا هكذا وعقلوا بعد التخرج والعمل والزواج!!!!!!!!!!!
قلت لها: لو كانت هذه ابنتك وأقول لك ابنتك تنام مع شباب وتشرب, هل كانت ردة فعلك ستكون مختلفة؟ قالت لي: البنت غير الشاب بمجتمعنا..
مرحى لنا على هذا المجتمع..
قلت لها باختصار, الله سيحاسبه كما سيحاسب الفتاة وابنك مصيره أسود بالآخرة وأنتم لا تحركون ساكناً.
مرة عمل حادثاً وهو سكران، طبعاً أمي لم تخبر أبي لأن أبي لديه القلب ولا نحب أن نزعجه، ولكنها حرمت أخي من السيارة أسبوع!! يا سلام.. قلت لها لو كنت مكانك كنت بلّغت الشرطة ليحبسوه ويتربى، قالت لي لا أريد أن أخسره.
لا أعرف ماذا أفعل، لا يسمع كلام أحد ولا يقتنع بأن الشرب خطأ ولا العلاقة الجنسية من دون زواج خطأ، بل لا يعترف بالزواج أساساً ولا يريد أن يتزوج ولا أن ينجب.. ويقول بأنه بعد عدة سنوات بعد أن يشبع، سيتوقف عن كل هذا ويعقل، لا أصدقه وخائفة عليه وأعرف بأن أمي لن تعرف كيف تتعامل معه.. أريد أن أساعده ولا أعرف كيف.. سأجن.
أول ما اكتشفت الموضوع بالطريقة التي أخبرتكم عنها، قضيت الليل كله أبكي لأنني صدمت بأخي، لم أتوقعه هكذا.. الآن أحاول أن أنصح أخي الصغير حتى لا يتأثر به.. ولكن الآخر حكايته حكاية.. قد أقصها عليكم في غير رسالة.. كل ما أريده هو أن أفهم نفسيته وأجد طريقة أصل إليه من خلالها وأحاول تقويمه، أهلي لن يساعدوني، من الآن أقول لكم، أبي لا أستطيع أخباره، وأمي تخاف أن يهرب من البيت إن عاقبته.
أتمنى أن أجد لديكم أذناً مصغية، وأتمنى أكثر أن أجد أهل تلك الفتيات وأخبرهم عن بناتهم، ولكني دائماً أفكر بأن من ستر مسلماً، مع أنني أشك بإسلامهن أساساً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
16/11/2007
رد المستشار
أختي الفاضلة أهلا ومرحبا بك علي مجانين، تبدو كلماتك مطارق من حديد لتهدم كل أمل في حياة الناس، اتهامات كثيرة بدأت باتهام جدك وجدتك (لم يعلما والداك الصلاة) رغم أنهما راشدين ويعلمان الصح والخطأ والدليل أن أمك كانت تصوم، كما تبدين تعاطفك الشديد مع والدتك (تعمل ليل نهار) فأين والدك، لم تتحدثي عن دوره في حياتكم فهل لهذا معني؟؟؟، ثم انتقلت إلي أخويك فتحدثت عن الأول وسيعقبه الثاني، ثم اتهمت البنات باتهامات كثيرة من ضمنها الكفر.
أختي؛
لا أنكر أن أخاك يمر بأزمة ربما تكون نفسية وربما اجتماعية وربما أزمة هوية وتغرب وبحث عن جديد لتغيير واقع عربي أليم، أزمة يعيشها الكثيرون من شبابنا وبناتنا حيث اختفت القيم وحل محلها الكثير من البدع وساعد على انتشارها سهولة الاتصالات وتنوعها وغياب الرقابة الأسرية والقومية، أزمة شباب يرى تقدم حيث ينبغي أن يكون التأخر، وتأخر حيث ينبغي أن يكون التقدم، غرب به إسلام عملي يحترم الحقوق ويدافع عنها ويحميها في مجتمعه ويقدس العمل رغم كل مساوئه الأخلاقية ،وشرق يحترم قيم شكلية يدوسها الإنسان بقدميه عند الحاجة ويبتعد كثيرا عن الإسلام بمفاهيمه العظيمة السامية، إنها أزمة يمثلها أخوك ومن مثله بالتفاخر والتباهي بما يفعلونه، فهو ناجح من وجهة نظره ونظر من يخالطهم، وفشله الدراسي لا يمثل له أهمية كبيرة حيث يبدو أن طلباته مجابة وبالتالي ليس هناك ما يجعله يبذل الكثير من الجهد للتحصيل الدراسي.
عزيزتي؛ ليتغير أخوك ويتحول إلى الشخصية المثالية التي ترغبينها لابد أن يكون لديه الرغبة في التغيير وكذلك الدافع إليه وأن يتوفر له القدوة الصالحة التي تساعده على التغيير ويقتدي بها وأن يعلم أن التغيير إلى الأفضل من أصعب ما يواجه الإنسان لأنه عمل شاق يتعرض خلاله الشخص إلى الانتكاسة مرات ليصل في نهاية المطاف إلى ما يصبو إليه.
ولتساعدي شقيقك لابد أن لا يجد صدى لأعماله (الأم تخفي عن الأب، والأب عامل إنه مش واخد باله) ولابد لأبويك من تحمل مسئوليتهما تجاهه وأن يحاولا تقويم سلوكه المعوج أو مساعدته في العرض على طبيب نفسي لتقييم دوافعه ومساعدته في تهذيب رغباته، وإذا لم تستطيعي أن تفعلي ذلك فاطلبي له الهداية وصلي من أجله والله معك ومعه.
واقرئي على مجانين:
الشخصية السيكوباتية (المستهينة بالمجتمع)
الشخصية المستهينة بالمجتمع وطقوس الإفساد مشاركة
أم عبد الله والشخصية السيكوباتية