ستفعل ذلك الأيام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
عبارة أدركت أثرها المعنوي والمادي أيضاً علي وقبل ذلك أوصانا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن نقولها لمن أسدى لنا معروفاً وما رأينا شيئاً يوفيه حقه، ألا وهي: "جزاكم الله خيراً".
جزاكم الله خيراً على كل جهودكم المبذولة.
جزاكم الله خيراً على كل ما تقدمونه لنا ـنحن المسلمينـ وكل أبناء الدنيا أياً كانت ديانتهم أو عرقياتهم.
فجزاكم الله عنا خيراً وجعله في موازين حسناتكم.
لقد تعلمت منكم حب الخير وتقديمه لكل الناس بدون مقابل، أحببتكم في الله، وأحببت تخصصكم ـالطب النفسيـ وأرجو من الله أن يوفقني وييسر لي التخصص فيه أيضاً ويكون اسمي حينها في قائمة "مستشاري مجانين" ( ^__^ )! هل يمكن هذا؟ أنا جادة في سؤالي، لذا أرجو ألا تتسرعوا بالإجابة المتفائلة "وليه لا" قبل أن تقرأوا مشكلتي التي أبت إلا أن يكون لها مكان في رسالتي هذه إليكم.
لست أدري من أين أبدأ، ولكن بما أن كل الطرق تؤدي إليها فسأبدأ بأوضحها:
ـ عرفت قبل ثلاثة أشهر بأني مصابة ب"تدلي في الصمام الميترالي"mitral valve prolaps
"بداية قوية، أليس كذلك؟" قال الطبيب بأن التدلي بسيط جداً، ومن غير المناسب أن أعتاد على الأدوية.
قرأت عن هذا المرض كثيراً، انتشاره الواسع، طبيعته، أسبابه المجهولة، أعراضه التي لا تظهر إلا في نسبة بسيطة جداً من المرضى -وشاء الله أن أكون منهم- كما قرأت أيضاً مضاعفاته وما يمكن أن ينتج عنه، وكالعادة، لم تكن المعرفة في صالحي بل كانت وبال علي -وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم- فالألم يصاحبني طوال اليوم مع اختلاف حدته من وقت لآخر، أفكر أحياناً بما يمكن أن يفاجئني وكيف سيكون حالي بعدها، ولكن رغم كل هذا أحمد الله تعالى وأسأله الصبر والثبات والعفو والعافية، ولأنه سبحانه أمرنا بالأخذ بالأسباب فأنا أطلب مساعدتكم في أمور تتعلق بمرضي وهي:
أولاً: لا يدري عن مرضي إلا والدتي وشقيقتي وبعض صديقاتي، لست أدري هل أخبر والدي بذلك أم لا، وهل هناك -أصلاً- فائدة من إخباره، والدي يحبني جداً ولا أرى بأن إخباره سيمر عليه ببساطة وأن الأمر قضاء وقدر بل سيربطه بأمر آخر سأخبركم به لاحقاً.
ثانياً: تزيد حدة الألم كثيراً حين أغضب أو أقلق أو أحزن وأكون تحت تأثير نفسي شديد لا أخرج منه إلا بالنسيان الذي لا يأتي بإرادتنا. إذاً:
كيف لي أن أتحكم بعواطفي، بحزني، وأعصابي؟
كيف لي ألا أحزن حين يعرض لي ما يمزق فؤادي؟
كيف لي ألا أغضب حين يعبث بأعصابي من يحيط بي؟
كيف لي ألا أقلق قبل الامتحانات؟
كيف وكيف؟؟؟
لا تتذكر أمي مرضي إلا حين تراني واضعة يدي على صدري -من شدة الألم- فقط لأني أخبرتها بأن مرضي بسيط، ولكن لو هولته -وعملت من الحبة قبة- لاختلف الأمر!.
ثالثاً: هل يمكن لي أن أعيش حياة طبيعية كأي فتاة في مثل عمري ولا تشكو مما أشكو منه؟ هل لي أن أواصل دراسة الطب رغم أني الآن ما زلت في السنة الثالثة؟ هل لي أن أحقق حلمي بالتخصص في الطب النفسي وأكون من مستشاري "مجانين"؟؟؟ هل علي أن أخبر من يتقدم لي بمرضي؟ هل سأحمل وأضع -بإذن الله- دون أن أكون من جماعة ال high risk؟؟
هل من نصائح أخرى تقدمونها لي؟.
"وضعت مشكلتي هنا لأني بحاجة إلى psychologist أكثر منها إلى cardiologist .
أما المشكلة الثانية التي تضايقني حالياً هي:
أني ما وعيت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيداً لأسلَم، ألم يقل "لا تظهر الشماته بأخيك فيرحمه الله ويبتليك" عجبت من كثرة المشاكل العاطفية بين الجنسين، على هذا الموقع وعلى أخيه أيضاً (إسلام أون لاين) عجبت من سطحية التفكير، وسخرت من شدة تعلق أحدهما بالآخر حتى وإن لم يره! وها أنا الآن أشرب من نفس الكأس، ولكن بصورة أخرى.
شاب تخلى عن ابنة عمه من أجلي -كما كنت أتوهم- وتقدم لوالدي، لم يستطع أبي أن يخفي فرحه به فهو بالمختصر "لُقطة" ووافق مبدئياً. والآن وبعد مرور قرابة العام على ذلك، وبعد زواج ابنة عمه ممن كتبه الله لها، يصلني خبر خطبته على من تقدم لها شقيقي فرفضته، أنا لست حزينة عليه بشخصه هو، فأنا لم أحببه، ولا تمكن حبه من شغاف قلبي، ولا عدّى حتى الpericardium، وما كنت أفكر فيه إلا مرغمة حين أشعر بميلي الفطري للجنس الآخر، فأذكر نفسي حينها بأن هناك من اختارني وهو الآن ينتظرني.
أنا ببساطة لا أعرف عنه غير اسمه، ومعلومات متناثرة من هنا وهناك، فمن أين سيأتي الحب إذاً؟؟
ما أحزنني هو شعوري بأني لست مرغوبة، فما خطبها إلا لأنها الأجمل!!
هذا هو اليوم الثالث على وصول الخبر، (ولا أدري كم سيكون بعد النشر على الموقع) وما زلت أشعر بالضيق كلما تذكرت ما حدث، وكلما تذكرت أيضاً أني ما كنت إلا مجرد أداة ليتخلص من ابنة عمه.
نقلت أمي الخبر لي بصورة متقطعة!! لم يتحدث والداي معي مطلقاً بخصوص هذا الأمر، ربما لم يريدا جرح مشاعري، أو أن الأمر لا يستحق مناقشته، وعليّ تقبل الأمر ببساطة، أو أن الحواجز فيما بيننا منعتهما من ذلك، أو لأننا جميعاً لا نجيد لغة الحوار العائلية الدافئة فقررنا ترك الأمر للزمن ليمحو كل شيء بالطريقة المعتادة "النسيان" ولكني لا أريد مجرد نسيان والسلام، لا أريد ذلك النسيان الذي لا يأتي إلا حينما يريد، بل أريد أن أكون أنا من أمحو هذه التجربة من ذاكرتي تمااااماً وكأن شيئاً لم يكن، فهل تساعدونني على ذلك؟؟؟
لكم كل الود والحب والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ابنتكم
16/12/2007
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
شفاك الله مما ابتلاك ولم يحرمك الأجر إن شاء الله فكوني أمة حامدة شاكرة بأن مرضك ليس بالخطير -وإن كنت من القلة القليلة التي تعاني من أعراضه- ولا تلزمك إحدى علاجاته الدوائية أو الجراحية. وهوني على نفسك قيمة مرضك من الناحية النفسية وتعاملي معه كما هو فعلا مرض بسيط وإن كان لأعراضه نفسها قدرة على إثارة قلق المرضى ولكن ليس من المطلعين على بواطن الأمور الملمين بحقيقة مرضهم.
تحتاجين لتغيير كبير في شخصيتك كي تعيشي براحة أكبر -ومرضك يجعل هذا التغيير أكثر إلحاحا- لديك ملامح واضحة من نمط الشخصية ألف التي ترى النجاح حقا لها ولا تستطيع مجرد التفكير في الفشل ولكن هذه الشخصيات تصاب غالبا بأمراض في القلب نتيجة الضغط والتوتر الشديد ولا تستطيع الاستمتاع بنجاحاتها. وتفشل فقط لأنها تبالغ في تقدير قيمة الحياة ككل وأنت كما يبدو من كلماتك وتقول بياناتك فتاة ملتزمة فذكري نفسك دائما بأن الحياة حالة مؤقتة لن تدوم فلا تجعلي المكاسب فيها أكبر همك وذلك يشمل الدراسة والزواج والإنجاب وكل ما هو أمر دنيوي فنحن نسعى فيها كي نعد مكاننا الحقيقي في دار الخلود.
يمكنك إن شاء الله أن تنهي دراسة الطب إلا إن كنت تجدين النجاح فيها يكلفك أكثر مما تطيقين فيمكنك عندها النجاح في الحياة ودراسة تخصص قريب مما تحبين فتصبحين psychologist بدلا من psychiatrist وتتعلمي أن الحمل في كثير من الحالات هو حالة حرجة تحتاج للمراقبة والانتباه.
لماذا ترين أنه استغلك وسيلة للتملص من خطبة ابنة عمه وهو لم بخطبك بالفعل؟؟ وأي بأس في أن يخطب من رفضت أخيك أو غيرها؟؟ قد تكون لديك تفاصيل تبرر غضبك هذا ولكني أرى بأن الانشغال الزائد بما لم يكن من الأمور عبث لا ينشغل به الأذكياء الذين يوفرون طاقتهم ووقتهم لما سيكون.
يأتي بعض من سمو الإنسان وتميزه من خلال تواضعه والإقرار بضعفه تريدين أن تكوني قوية حتى في نسيانك؟! إنها حياتك يا ابنتي ولكنك تختارين طريقا وعرة حتى بدون مرضك.
ستعلمك الأيام شيئا من الحكمة فتعرفين أن بعض المكاسب والخسائر تحتاج لوقت في تحقيقها وتجاوزها. مع الأيام سترين أن أحداث حياتك تشبه غيرك ولكنك تؤلمين نفسك بطريقة تفكيرك. وستطلع والدك على مرضك وتعلمك النسيان وتقربك من الأحلام وفوق هذا أيضا ستفعل الأيام فقط امنحيها ونفسك شيئا من الوقت.