تحرش
لا أعلم من أين أبدأ المشكلة، من البداية أم من النهاية، لكن أظن أني سأبدأها من النهاية.. لا أعلم لماذا!. المهم أنا فتاة 27 عاماً، تعرّفت على شاب على الانترنت لمدة 3 سنوات تقريباً أو أكثر، بدأ الموضوع في الأول أني أردت الظهور كفتاة تعلم بأي شيء بما فيه المعلومات السيئة.
المهم في البداية بدأت بهذه الطريقة، وبعد فترة كرهت نفسي فأنا لا أريد أن أكون الفتاة القذرة التي لا همّ لها إلا هذه المواضيع وقررت أن أحاول أن أكون إنسانة محترمة وأن أتوقف عن الكلام في هذه المواضيع، وفعلاً حاولت وبالتدريج عرف أني كنت أكذب عليه وهو أيضا اكتشف لوحده بعض الأشياء، بعد فترة فعلاً أنا وعدته أني لن أكذب عليه مجدداً، وسألته سؤالاً: "هل تستغلني؟" فقال بصراحة الأول: "نعم لكن الآن لا، فعلاً أنا عمري في حياتي ما وثقت في أحد بالمرة" لكن الكلمة أراحتني نفسياً قليلاً، وبدأ يحس أني أخفي شيئاً في داخلي، وفعلاً كان عندي هم كبير لم أبح به لأحد في حياتي فقررت بعد ما اطمأننت له قليلاً أن أصارحه وأتكلم معه.
تكلمت معه لأني لا أعرفه وهو لا يعرفني أيضاً، يعني ممكن أتكلم عما في داخلي بصراحة ولن أحس بنظرة احتقار لو كنت أتكلم مع شخص وجهاً لوجه.. وبدأت فعلاً أحكي له كل القصص ما عدا قصة صغيرة أظن أني سأحكيها هنا الآن لتكتمل القصة.
أنا من مواليد الخليج ومن البنات اللواتي يتميزن بجمال لطيف وهادئ والتي لو خافت لا تستطيع البوح بما في داخلها.. كنت مع أمي تشتري لي حذاءً وكانت تختار وأنا كطفلة ألعب بجوارها وكان هناك رجل هندي يشاهدني وحاول أن يضع يده عليّ وأنا لا أتكلم ولكني تضايقت لأني بطبعي لا أحب أن يلمسني أحد حتى في البيت ولو كانوا أهلي، فابتعدت وخفت أن أخبر أمي.. المهم حاول عدة مرات وأنا أتحرك من مكان وهو يلاحقني وبعدها ذهبت لأمي ووقفت بجوارها فلم يتجرأ أن يلمسني وقتها أحسست أن أمي هي الأمان. ها هو الموقف الأول.
الموقف الثاني... هو شخص من أسرتي من المحارم حاول أن يلمسني أيضاً عدة مرات؛ أول مرة كنت 13 سنة تقريباً، أنا لا أقبل أن يحضنني أحد أبداً مهما كان ولا أعلم لماذا!، أول مرة حضنني بقوة رهيبة أحسست أني فعلاً سأختنق ولم أستطع أن أتحرك وقبّلني من فمي مع أننا في المنزل لا يقبلني أهلي من فمي أبداً، وكان يحاول أن يلمس منطقة أخرى، المهم تكرر الموضوع بنفس الطريقة... وفي مرة كان والدي ووالدتي مسافرين وكان هو معنا بالمنزل وفي مرة والوقت متأخر ناداني وأجلسني بجواره وكان هو على ظهره وأنا جالسة وصار يحسس على قدمي ثم ضمني إلى صدره وصار يحضني بشدة رهيبة ويقبّل فمي بشدة ويتحسسني وعلى رجلي وكأنه يحاول الوصول إلى شيء، المشكلة أني لا أستطيع أن أتكلم أو أتحرك من الخوف، المهم في لحظة لا أعلم أخبرته أني سأشرب وركضت لغرفتي وكنت مخنوقة لدرجة أني خفت من الخروج من الغرفة، وبعد عذاب نمت نوماً.
مرت الأيام كنت أتحاشى المرور أمامه وكتمت الموضوع بداخلي، وبعد سنتين تقريباً مات في منزلنا، حزن الناس عليه حزناً شديداً لما له من مكانة في قلوبهم ولحسن أخلاقه وتدينه، أما أنا كنت أنظر له نظرة احتقار رهيبة المهم خرجت من غرفته، وفي وقت الصلاة عليه كنت أستغرب دموع الناس، لكن أحسست بالراحة لأني على الأقل لم أعد أشعر بالخوف من مجيئه لمنزلنا.. في نفس اليوم الذي مات فيه طلب مني أن أمشّط له شعر، وفعلاً مشّطت له شعره ونظر لي بابتسامة لم أستطع أن أردها له، وفعلاً مات بعد ما ترك أثراً في نفسي رهيب.
الموقف الثالث؛ وأنا في الصف الأول الإعدادي كان لي صديقتان واحدة منهما معي بالبناية. المهم كانت تعرف شاباً يسكن معنا بنفس البيت، وفي العام التالي قررت أن أثبت أني مثله لي مغامرات فكذبت عليهما وأخبرتهما أني أعرف شاباً وكتبت رسالة بخط يدي على اعتبار أن الرسالة منه، المهم دون الدخول في تفاصيل ضاعت مني الورقة في البيت وأمي وجدتها وذهبت للمدرسة وبدأت الأخصائية الاجتماعية تتكلم معي، وفي نفس اليوم عرف أبي وضربني ضرباً.. من يوم السبت ليوم الثلاثاء أربعة أيام وأنا أتعذب عذاباً غير عادي لدرجة أن نصفي الأيسر تورّم تورّماً شديداً من شدة الضرب، ولتكتمل الإهانة وضع حذاءه في فمي.. طبعاً القصة طويلة ولكن لا أريد أن أخوض فيها لأنها من أقسى اللحظات في حياتي.. مع العلم أن أبي يحبّني حباً شديداً ًولكن من صدمته كان هذا رد فعله.. المهم في هذه الفترة عزلوني عن إخوتي فترة كنت آكل وحدي وأنام وحدي، فأقنعت نفسي بأنه ليس لي إخوة أو أخوات، وبرغم حبي لهم إلا أنني للآن أحس أنهم أفضل مني وأرقى مني.
كل مشكلة من هذه المشاكل كان لها أثر سلبي طبعاً وتوابع كثيرة في حياتي فتغيّرت كثيراً. طبعاً توجد مشاكل أخرى. أنا مثلاً، أخاف من الظلام فلا أنام إلا ونور الغرفة مضاء!. المهم طبعاً هو تعاطف معي جداً ووعدني أنه لن يستغلني وحاول حتى أن يعرف اسمي أو أن أفتح الكاميرا من باب الصداقة وأني من المفروض أثق به، وأنا أرفض رفضاً تاماً، لكن بعدما اطمأنت له نفسي قلت له عن اسمي وفتحت الكاميرا، في البداية تضايقت جداً، لكن لاحقاً أحسست أنه إنسان طيب، مع أني أثق أنه لن يقبل هذا الفعل لأخته إنما بعد الضغط فعلاً تعبت وزهقت فنفذت المطلوب، هو لم يطلب مني شيئاً بالعكس كان كلامه عادي جداً وأحياناً كان يشعرني أني فعلاً بنت حلوة، .يعني لم يطلب مني طلباً شنيعاً.
والله العظيم أنا لم أفتح الكاميرا إلا له ولن أفتحها لأي أحد في حياتي. أصبح داخلي فعلاً مشاعر حب له كإنسان وليس مثلاً أنه من الممكن أن نتزوج لأني رفضت فكرة الزواج تماماً، أنا دائماً أخبره أننا أخ وأخت وما بداخلي لا يخصه إنما يخصني وحدي.. أنا لا أكذب عليك، الفترة الأخيرة كان يتكلم معي بطريقة ملل أنه ممكن يكون زهق، والله العظيم أنا أعذره لأن 99 % من المحادثات أكون عصبية وغالباً حزينة وباكية، ولبني آدم طاقة للتعاطف، مرة أو مرتين لكن لا يستطيع أن يعيش عمره كله يحاول أن يسمع، فبدأ أحياناً ينفعل عليّ. كنت فعلاً أحزن حزناً شديداً ولكن أسكت وبالعكس كنت أعتذر مع أني بطبعي لا أعتذر. الآن أراه متصلاً ولا وأقاوم لأمنع نفسي من التحدث إليه، بالرغم من تعلقي الشديد به أعلم أنه لا يمكن أن يقبلني هو كزوجة وأنا لا أقبله كزوج لعدة أسباب:
بالنسبة لي أنا لا أريد أن يتزوجني أحد وان يلمسني، ولا أريد أن يتزوجني أحد شفقة ولا أقتنع أنه من الممكن أن يتزوج رجل وامرأة أصلاً عن طريق النت لأن الثقة عامل مهم في الزواج، وبما أنها تكلمت معه ستكلم 1000 واحد.. وأسباب أخرى كثيرة أنتم على علم بها.
لا أستطيع الكتابة أكثر من ذلك لأني فعلاً تعبت ولم أعد أستطيع التركيز أكثر من ذلك.. والله العظيم أنا نفسي أرتاح وأن أعيش بهدوء وأن أحس أني راضية عن نفسي، لا أريد أن أتغيّر. لا تخبرني بأني أحتاج لعلاج نفسي لأني أعلم أني مريضة ولكن كل ما أحتاجه أن أحس أني قوية مرة أخرى وأن أنسى هذا الرجل، لأني أعلم أنه حرام أن أتحدث لشاب على الانترنت. وبالرغم من أن هذا الشخص أجمل إحساس حدث لي في حياتي إنما لا أريد أن أحس أني الشخصية الضعيفة أو التي تحتاج لشخص آخر. وأعلم تمام العلم أني لو توقفت عن محادثته لن يؤذيني ولا أريد أن أكرر الكلام مع أحد آخر.
أكرر، أنا أريد أن تساعدوني فقط على أن أنساه، والله أنا فعلاً نفسي أموت ولولا الحرام لكنت مت فعلاً وارتحت... المهم الحمد لله على كل حال، أنا كتبت هذا وكل خلية في جسدي تتألم، ودموعي لو وزعت على الأرض تكفي وتفيض، قد يكون أسلوبي في الكتابة بارد، إنما والله الذي لا إله غيره أني فعلاً أتألم ألماً سيفجر صدري ورئتي، ودموعي لا تجف..
حسبي الله ونعم الوكيل، وجزاكم الله خيراً وأعتذر عن طول الرسالة.
18/05/2008
رد المستشار
الأخت العزيزة:
أريد منك ألا تكوني قاسية هكذا مع نفسك (ويتضح ذلك من عباراتك: لا أحتاج لشخص- لا أريد أن أتغير- لا أعتذر-نظرة الاحتقار) وألا تغالي في الشعور بالذنب لأن ذلك لن يفيدك إطلاقا أن ما تعرضت له ليس لعيب أو نقص بك أنت بل إنه نقص عند من تحرش بك أو أساء معاملتك في الصغر وإنك لست البنت الوحيدة التي تتعرض لمثل هذه الأمور فهناك ملايين غيرك قد واجهن نفس المشكلة.
عندما يتعرض الطفل للتحرش الجنسي فإن أول ما يشعر به هو الإحساس بالخوف من أن يعرف أحد ما حدث له لأنه للأسف يشعر أنه ملام بطريقة أو بأخرى عما حدث له، وأن الناس ستنظر له باحتقار بل من الممكن أن يغالي في الأمر فيعتقد أن به من المظاهر الجسدية ما يجذب إليه المعتدين وهذا كلها أفكار خاطئة.
إن عدم استيعابك ورفضك لما حدث لك في الطفولة بداخلك وما ترتب عليه من إحساس بالدونية والضعف أديا بك إلى أن تقاوميه بطريقة خاطئة جدا وهي المغالاة في التباهي بمعرفة السيئ من الأمور ووضع قناع البنت السيئة ليحميك من ضعفك الداخلي ومن أذي الناس وبالرغم من ذلك لم تقدري على أن تكوني غير نفسك فتشعرين بالذنب الشديد من كلامك بصورة سيئة على النت بل وتقولين أن كلامك مع شاب على النت حرام كمن يتذبذب بين اليمين واليسار ولا يهتدي طريقا ولم تجدي الدعم الصحيح من الأسرة لك لعدم معرفتهم بما يحدث معك فكان العقاب الشديد من الأب مما رسخ لديك الإحساس بالذنب والدونية.
ثم تأتي مشكلة الارتباط وإحجامك عنه لاعتقادك الخاطئ أنه يشبه ما تعرضت له في الصغر من تحرش وأصبحت تعانين خوفا مرضيا من الزواج وخوفا من الظلام وأعراضا اكتئابية.
وفي تلك المشكلة أنت تحتاجين للعلاج النفسي من قبل المتخصص وعلاجك يكون في مراحل يتضمنها العلاج المعرفي السلوكي في الأساس والأدوية النفسية بشكل مساعد ولا تنسي علاقتك بالله عز وجل لأن السلام الداخلي لا يتحقق إلا بها ووفقك الله.