من أين أبدأ؟...
سأحاول الاختصار قدر الإمكان.
أنا مرتبطة جداً بأهلي- وهما أيضاً-، وأنا إنسانة شديدة الحساسية. مشكلتي بدأت بانفصال والديّ (ليس طلاقاً)، كنت في 15 عاماً، لكن أبي لم يعد يعيش معنا وقد آلمني هذا كثيراً وأصبت باكتئاب شديد لمدة سنين مما عطلني عن دراستي. أكثر ما كان يؤلمني هو جرح أمي، كنت أتعذب لأجلها كثيراً، كنت أحياناًُ كثيرة أرفض الخروج مع أصدقائي لأجلس معها بالبيت. خلال هذه الفترة تعرّضت لصدمات كثيرة من الأصدقاء ومن تجربة حب فاشلة، وخسرت أصدقاء كثيرين ووصلت لدرجة كنت فيها لا أقدر حتى على النهوض من السرير، خاصة إذا حدثت مشادة بيني وبين أبي بسبب التوتر العام، وكثيراً ما كنت أشكك في حب أهلي لي.
حاولت أن أذهب لأكثر من دكتور نفسي ولكني لم أسترح مع أي أحد. حصلت أحداث كثيرة جداً معي في هذه الفترة لا أزال أتذكرها حتى الآن وتؤلمني كثيراً. المهم بعد التخرج، اشتغلت وكنت سعيدة جداً واكتسبت ثقة شديدة بنفسي لأول مرة لأني كنت ناجحة جداً وأثبت وجودي وكنت محبوبة جداً من زملائي، كنت أعيش أسعد أيام حياتي حتى أني كنت أقول لنفسي لقد عالجت نفسي بنفسي من الاكتئاب، لكن الفرحة لم تكتمل وبعد فترة بدأت التعرض لضغوطات شديدة جداً جداً وظلم فظيع اضطرتني لمغادرة البنك ورجعت للبيت.
بخصوص أمي؛ كانت حالتها النفسية أحسن كثيراً مما أزال عن كاهلي حملاً فظيعاً، لكني كنت أحس أني خسرت كثيراً و ضيّعت سنين من عمري رغم أني أبلغ من العمر 23 عاما فقط.. وبدأ يعاودني الاكتئاب؛ أولاً- بسبب الملل الشديد والضيق الذي أحس به بسبب الظلم الذي تعرّضت له وإحساسي أني بلا قيمة، فلا أبدأ شيئاً وأكمله أبداً، أتحمّس جداً في البداية ولا أكمل!.
كان عندي حلم مذ كنت صغيرة؛ أن أمتهن مهنة معينة ولكن الناس من حولي دائماً- وخاصة أهلي- يقولون لي أن هذا غير لائق وهذا حلم "أهبل"، حاولت أن أعرف ماذا أريد وقررت أن أمتهن مهنة أخرى معينة وبدأت البحث ولكن بلا نتيجة حتى الآن، مع أني لست متأكدة أني أحب هذا المجال أصلاً، لكن لا يزال هذا الحلم يراودني.
كل الناس- خاصة أصدقائي- يقولون لي أننا كبرنا ودخلنا مرحلة العنوسة، أنا لا أبحث عن الزواج بقدر ما أبحث عن الحب فأنا أحس أني غير مرغوبة من الجنس الآخر ولا يتقدم لي عرسان.. بداخلي مشاعر كثيرة أريد أن أخرجها.
بجانب كل هذا هناك شيء غريب يحدث لي وأنا نائمة؛ أحس فجأة باختناق شديد جداً وجسمي كله يصبح مشلولاً فلا أقدر على الحركة مطلقاً ولا حتى قراءة القرآن وأظل أنازع حتى أخرج من هذه الحالة، لا أعلم بالضبط لماذا يحدث لي هذا أو ما سببه ولا أستطيع أن أربطه بأحداث أو أنماط معينة، باختصار أنا لم أعد أحس بأي قيمة للحياة وأحس بكسل شديد وعدم الاستمتاع بأي شيء، فمثلاً: مضى على وجودي بالبيت الآن أكثر أربعة أيام دون النزول أو عمل أي شيء مفيد، لم أعد قادرة حتى على البكاء، وأحس بهزيمة كاملة، وأعاني من عدم التركيز ولنسيان ولم أعد أصلي حتى، ولا أعرف لماذا يحدث لي كل هذا! فأنا لا أتذكر أني آذيت أحداً، وغير هذا فأنا بدأت أغيّر بشدة ممن حولي رغم أن هذه ليست طبيعتي وأكره نفسي أكثر لهذا.
أرجوكم ساعدوني ولا تبخلوا عليّ بأي معلومة.
آسفة على الإطالة وشكراً.
02/06/2008
رد المستشار
عزيزتي....... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشعر بك وأحس معاناتك....... لكن ما هي مشكلتك؟؟ إنها عدم القدرة على التكيف مع متغيرات الحياة... يعني إيه؟
الحياة من حولنا تسير رضينا أم لم نرضى بحلوها ومرها وعلينا أن نميل مع رياحها العاصفة كلما مرت بنا حتى لا ينكسر عودنا...........
لكن كيف تتكون لدينا القدرة على ذلك إن ذلك يا عزيزتي يتكون في مراحل حياتنا الأولى ويحتاج إلى بيئة أسرية سوية معطاءة تروي بذور الأمان في نفوسنا فينمو بداخلنا شعور بالقوة والثقة والقدرة على مواجهة الصعاب فيما بعد.
بيد أن هذه البيئة قد لا تتوفر أحياناً ومع ذلك يتخطى الإنسان الصعاب ويبني بداخله جسر الأمان دون الحاجة للبيئة الخارجية. لماذا؟؟ إنها الفروق الفردية المتمثلة في التكوين النفسي وفي رأيي أن الإرادة يا عزيزتي من أهم العوامل التي تتحكم في تكوين هذه القدرة........ لكن ماذا حدث معك؟
مشاكل أسرية وانفصال في سن 15 سنة أي في مرحلة المراهقة التي تتسم أصلاً بحملها النفسي الثقيل للعبور من الطفولة إلى النضج وتحديد الأهداف فماذا فعلت؟؟ توحدت بأمك فحزنت بدلاً منها وفرضت على نفسك العزلة بدلاً منها وربما استطاعت هي أن تشعر بالسعادة وتتكيف لأن هناك من سيقوم بالدور بدلاً منها........ وتاهت أحلامك وطموحاتك وخططك لمستقبلك وتعمق لديك الشعور بالظلم الذي يخرج من القمقم كلما واجهتك مشكلة من مشاكل الحياة اليومية وتتطور المشكلة إلى أعراض اكتئاب وحزن شديد وعدم رغبة في العمل وانسحاب.......
فكل ما ذكرته من أعراض هي أعراض اكتئاب تنتابك كلما واجهت مشكلة غيرك يستطيع أن يتخطاها ويتأمل فيها ويزيد من خبراته في الحياة.
عزيزتي........ الحياة قطار يسير في اتجاه واحد لا يمكن أن نعود للمحطات التي مرت بنا إلا بأذهاننا فنتأمل فيها كي ننتقي ما نقتني في المحطة الحالية والمحطات القادمة............ أي عليك بتحديد أهدافك فالخيار لك هل سنقف كثيراً أملاً في الرجوع إلى ما ولى أم سنفك حصار الماضي ونلحق ما فاتنا فالوقت معنا ومازلت في أول شبابك ...
لا بأس إذا استشرت الطبيب لأخذ بعض العقاقير بجرعات بسيطة مع بعض الجلسات النفسية إذا لم تستطيعي فك الحصار وعبور جسر الماضي بمفردك. وتابعيني بأخبارك.
وفقك الله
ويتبع .....: أي واحدة: مكتئبة وقلقة م. مستشار