الوسواس الذي غير حياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام وبعد،
السؤال الأول: أريد أن أعرف إن كان رذاذ البول القليل المتطاير على الملابس والبدن نجس أم لا؟
لأني أصبحت كلما دخلت الحمام أغسل من آخر ظهري إلى رجلي خشية أن يصيبني رذاذ من البول وأغيّر ملابسي، أصبحت على هذه الحالة منذ ما يقرب من 5 أشهر.
السؤال الثاني: مشكلة الريح معي مشكلة كبيرة جداً جداً جداً، أصبحت هذه المشكلة معي منذ سنتين وهي أن يخرج مني ريح من غير إرادة مني، ولكن الريح الذي يخرج بعض المرات يكون عالي وبعض المرات يكون له رائحة، وبعض المرات يكون له صوت خفيف يعني أحس بخروجه وليس عالي يعني الذي يقف بجانبي لا يسمعه! ولكن قبل فترة قرأت أن هذا سلس ريح، بعد ذلك اقتنعت وأصبحت أتوضأ وضوءاً واحداً وأصلّي، ولكن بعد فترة أصبحت أقول في نفسي أن هذا الشيء ممكن أن يكون بإرادة مني، يعني أقول ممكن أنا التي أخرج الريح لأن تكون عند مكان الدبر انتفاخ، وإذا خرج شيء مني قلت ممكن أن يكون بإرادتي أي ممكن أنا التي أخرتها.
أصبحت كلما شعرت بهذا الشعور أذهب للحمام لأخرج الريح، بعض المرات -والله يا شيخ- تصل لست مرات أذهب للحمام لإخراج الريح، وأصبحت لا أميز إن خرجت الريح بإرادتي أم لا، ولا تقل لي تأكدي لأني لا أعرف كيف أتأكد! وأصبحت أصلي متأخرة يعني أذهب لأصلي مثلاً صلاة العشاء الساعة ثمانية ونصف وأنتظر لأن تتوقف الريح التي لا أعلم إن كنت أنا التي أخرجها أم هي التي تخرج مني، وأصلي الساعة عشرة وأصلي وأقنع نفسي أنها ليست بإرادتي، ومع ذلك خائفة من الله عز وجل أن يكون غاضب مني، وأصبحت لا أعلم إن كان وضوئي صحيح وصلاتي صحيحة أم لا.
أرجوك يا شيخ لا تقول تأكدي لأني كما أخبرتك لا أعرف كيف أتأكد، وأصبحت يا شيخ أعيد الوضوء أكثر من مرة خشية أن تكون الريح بإرادتي. أشعر بالتعب والملل من كثرة التفكير، مع العلم أني طالبة في المدرسة وأصبحت أضيع الكثير من الوقت. أرجوك يا شيخ أنقذني وساعدني لأني خائفة على الصلاة والوضوء.
شكراً، وجزاك الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك.
31/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم... الأخت الغالية،
المسرورة وليس الحزينة -بإذن الله- قبل أن أجيبك عن سؤالك الأول، أنا أريد أن أسألك سؤالاً: هل فُرض على قاضي الحاجة أن يطهر أكثر من عورته، وأن يغير ملابسه كلما دخل الخلاء؟؟ لا أظن ذلك.
سؤال آخر: هل يختلف الناس في طريقة إخراج الفضلات من أجسامهم؟ بالطبع لا!
إذن الكل يقوم بنفس العملية- وأنت واحدة منهم- ولم يفرض على أحد أن يغسل نصفه الأسفل كاملاً بعد قضاء الحاجة –وأنت واحدة ممن لم يفرض عليه ذلك- فلا أدري لماذا تشقين على نفسك.
أما احتمال أن يكون رذاذ البول أصابك، فهذا الاحتمال لو كان وارداً أو ذا قيمة لتعلقت به الأحكام ولرأيت الشرع جاء بالاغتسال بعد قضاء الحاجة! ولكنه لم يحصل! كل ما تكلفين به: أن تغسلي مكان خروج النجاسة بالماء، وإذا حدث ورأيت بأم عينك قطرات البول قد أصابت موضعاً من جسمك أو ثيابك، فعليك غسل الموضع الذي أصابته القطرات فقط، وأما ما لا ترينه من الرشاش فلا قيمة له شرعاً وإن أصابك منه شيء، فالإنسان يكلف بما يراه ويعلمه لا بما لا يعلمه، ولا تنجيس بالشك. ثم لو فرضنا أن قطرة أو اثنتين أصابت ثوبك فيمكنك العمل بقول العلماء الذين أجازوا الصلاة مع وجود نجاسة بمقدار مقعر الكف فما دونها (أي بمقدار مساحة الماء المتبقي على الكف بعد صبّ الماء عليه واليد مبسوطة) إذا وجدت مشقة في تغيير ثيابك.
وباختصار أقول لك: ما تخافين منه من التنجس برشاش البول لا وجود له، وصلاتك صحيحة ولو لم تغسلي نصف جسمك، أو تغيري ثيابك، إلا أن تري النجاسة رأي العين بما لا يدع مجالاً للشك أو الاحتمال. وإذا كان الأمر كذلك فإنك لن تدخلي النار إذا لم تستجيبي لأحاسيسك بعدم الطهارة ولم تنفذي رغبتك بالغسل وتغيير الثياب، فابدئي برنامجاً سلوكياً من الآن ترفضين فيه الاستجابة للوساوس قبل أن يطول الأمر معك ويزداد سوءاً.
وأما سؤالك الثاني: فلن أقول لك تحققي أو تأكدي من أنك لا تخرجين الريح بإرادتك، لأن أكبر دليل على أنه لا يخرج بإرادتك، أنك منزعجة منه انزعاجاً كبيراً، وهل من المعقول أن تتعمدي إزعاج نفسك بهذا الشكل ثم لا تعلمين ذلك؟
دليل آخر: ذكرت أنك عندما تشعرين بشيء تذهبين إلى الحمام لإخراج الريح بعض المرات، إذن أنت تدركين حينها أنك تقومين بذلك بكامل إرادتك، ولو كان ذلك يخرج بإرادتك دوماً لأدركت ذلك. فما تشتكين منه هو –فعلاً- كما ذكرت سلس ريح لا يجب فيه إلا الوضوء مرة واحدة بعد دخول الوقت، ثم لا يضرك ما خرج منك بعد ذلك. وأكرر: بعد أن عرفت الحكم، لا تسمعي لأحاسيسك، فهي أحاسيس مرضية لا وجود لها في الواقع، ولا يحاسبك الله عز وجل على أساسها.
أهملي هذه الأحاسيس، وإن أزعجتك فاصبري عليها كصبرك على أي ألم آخر، ولك الثواب الجزيل من الله تعالى -بفضله وكرمه- فافرحي ولا تحزني، لأن الله يحبك ولو لم يحببك لما ابتلاك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ». فكوني قوية الإرادة وكرري قراءة هذا الجواب كلما دخل الشك إلى نفسك لتذكري نفسك بالأحكام، واستعيذي بالله من الشيطان، والتجئي إليه -سبحانه- بالدعاء، وأسأل الله لك الشفاء.