وساوس جنسية
أنا شاب يبدو أني مصاب بمرض الوسواس القهري، وحالتي تقترب من حالة الاستشارة "ذو وساوس دينية جنسية هل يستحق الزواج"، لكن أرجو الرد لأن هناك عدة أشياء مختلفة. سوف أبدأ من النهاية؛ أصبت بالوسواس في التفكير في أشياء لا تجوز وهي في أمور جنسية تجاه الله -والعياذ بالله-، وفي هذه المدة كنت أتألم رغم أني أعلم أنه وسواس، يعني أن الحالة كانت نوعاً ما أستطيع مقاومتها، لكن ذات يوم حصلت لي واقعة ومنذ تلك المدة وأنا أصبحت في عناء شديد.
باختصار كنت أصبت بوسواس أنني لا أتمكن من انتصاب الذكر، وكنت أتخيل نفسي في معاشرة ولكن في تلك اللحظة انصرف ذهني إلى تلك الوساوس، وبعد مدة تمت عملية الانتصاب وكنت في حالة سعادة. لكن بعدها أصبحت أضرب وجهي وأحسست وكأن الإيمان نزع مني، ومنذ تلك المدة انقلب نوع الوسواس فأصبح هل قمت بهذا الفعل أم لا؟ وأفكار أن هذا الذنب لا يغفره الله! تغيّرت حالي؛ رسبت في الدراسة عدة مرات، كرهتني عائلتي، لم أعد أحس بأي إحساس، 5 سنوات وأنا مستلقٍ في فراشي، أغلب الوقت أفكر هل فعلت أم لا؟ أحياناً أستطيع نسيان حالتي لكن مع أول حزن أو فرح تعود.
أتمنى أن أرى رؤيا يبشرني فيها الله أن ليس عليّ شيء، حتى قرأت استشارة الأخ فكانت تشبه حالتي، فرحت لكن الآن الحمد لله أفضل.. أريد حلاً نهائياً. حتى الآن الشعور أني أنا تجاوبت مع الوسواس ما زال في داخلي، مع العلم أنني ذو مظهر ديني، يعني دائماً يعني متدين ظاهرياً.
ونعود للبداية، حيث أنني أصبت بمرض الوسواس منذ الصغر، وأيضاً ممارسة العادة السرية حيث كانت بداية الوسواس أنني عندما أديت الامتحانات في الدراسة أعود لأمي وأقول لها أنني لم أكتب اسمي، بعد ذلك الخوف من الأمراض، بعد ذلك غسل اليدين عدة مرات كلما ألمس شخص، بعد ذلك وساوس انتقاض الوضوء، بعد ذلك وساوس في مسألة القدر، بعد ذلك وساوس في مسألة الكفاءة في الزواج، بعد ذلك الموت، بعد ذلك الخوف من العقم، ثم الحسد للناس، ثم جاءت هذه الحالة وعدة وساوس في كل شيء تقريباً، هل هناك أطعمة تتناول أو أعشاب تعوض العقاقير؟ عندي رغبة كبيرة في الزواج، لم أستطع الإقلاع عن العادة السرية، وأزاولها بإفراط منذ الصغر.
كانت عندي عقد في التعامل مع الناس وخجل شديد، الآن الوساوس تدور في فكري دائماً من دون مقاومة، يعني لم أعد أتألم لها بل معاناتي كلها الآن أنني أشعر بأنني أذنبت، وأقول أن كل ما يحصل عقاب من عند الله لأن من يقوم بهذه الأشياء فهو أكفر من إبليس.
لم تعد عندي غيرة على الإسلام عندما أرى ما يقترفه اليهود أو غيرهم، أقول أنا أعظم جرماً منهم. الآن أريد الزواج، لكن كيف وحالتي هكذا؟ مع العلم أن لي رغبة شديدة.
18/01/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
هوّن عليك يا أخ عبد الله، فما أصابك لا يحتاج إلى كل هذه المعاناة، وسأبرهن لك على أنك تضخم الأمور دون مبرر وتتهم نفسك وتعذبها بلا سبب.
أولاً: لأنك فعلاً مصاب بالوسواس القهري، والوسواس الذي يطرق الذهن ويقهره يكون خارجاً عن الإرادة والقدرة والاختيار، ومثل هذه الأمور لا يحاسب الله تعالى عليها مهما كان مضمونها ولا يتعلق بها حكم شرعي ولا ثواب ولا عقاب، فالله تعالى لم يكلفنا بما لا يدخل تحت قدرتنا قال تعالى:"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا" (البقرة:286).
ثانياً: لأنك تشك هل قمت بالفعل أم لا، ومن المعروف أن الأصل براءة الذمة، أي أن الإنسان بريء من الذنوب والجنايات إلى أن يتم إثبات الذنب أو الجناية عليه بيقين، وأنت لم تتيقن الذنب، فلا تدري أفعلت أم لا وهذا يعني أن ذمتك ما زالت بريئة، وأنك ما زلت طاهراً من مقارفة الذنب الذي تشك به.
ثالثاً: لنفرض أنك أذنبت فعلاً، فقل لي: من هذا الذي لا يذنب؟! لقد خلقنا الله وعلم أننا لا بد أن نذنب ونخطئ، لهذا فتح لنا باب التوبة ووعدنا بالقبول إذا رجعنا إليه نادمين، ولا يغلق هذا الباب حتى تطلع الشمس من مغربها، وأظنها ما زالت تطلع من المشرق إلى اليوم! ثم أعجب كيف تنتظر رؤيا يبشرك الله تعالى فيها بالتوبة والقبول، وقد بشرك نبيك صلى الله عليه وسلم في الحقيقة لا في الحلم، فقد قال: ((إِنَّ عَبْداً أَصَابَ ذَنْباً فَقَالَ: أَي رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْ لِي. فَقَالَ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهَ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ لِي. فَقَالَ رَبُّهُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ فَغَفَرَ لَهُ. ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ فَقَالَ:أيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ لِي. فَقَالَ رَبُّهُ: عِلَمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي)). وبما أنك قد ندمت وتألمت كل هذا الألم فقد بشرك النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل قد غفر لك، وأنت الآن كما كنت قبل أن تفعل الذنب. واطمئن فلست أعظم جرماً من اليهود القتلة، ولست أكفر من إبليس، بل ما ينبغي أن تصف نفسك بهذه الأوصاف، ويكفي أنك مؤمن بالله. فلا تيأس من رحمة الله التي لا تحجب عن أحد.
رابعاً: بالنسبة لإدمانك على العادة السرية، إذا كنت وصلت لحالة تخشى فيها على نفسك من الزنا، فالرجاء من الله ألا يؤاخذك عليها، وهذا ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة، فقد ذكروا أن هذه العادة محرمة إلا أنه من فعلها خشية الزنا فالمرجو أن يخرج منها لا له ولا عليه، أما من يفعلها لاستجلاب شهوته فلا يحل له ذلك. حتى إذا كنت لم تصل إلى مرحلة الخشية من الزنا، فهذه العادة من الصغائر، ولا تتحول إلى كبيرة إلا بالإصرار وعدم التوبة، فإذا كنت نادماً من فعلك وتنزلق إليه بسبب ضعفك البشري، ثم تندم عليه وتعزم على عدم العود ثم تعود، ثم تندم، ثم تعود، وهكذا... فأنت ممن ينطبق عليه الحديث السابق والله يغفر لك بفضله وكرمه، وسيكرمك بيوم تتوب فيه فلا تعود بإذنه وقدرته.
وسيكرمك أيضاً بزوجة صالحة تعينك على تخطي ما أنت فيه من مرض ومعاناة، فلا مانع من زواجك إذا أخبرت من تنوي على الزواج بها بمرضك وقبلت بالارتباط بك، إلا أنه ينصح بعدم الارتباط بواحدة من الأقرباء، أو بموسوسة مثلك لما في الوراثة من دور في الإصابة بالوساوس.
أخيراً، أنصحك بالذهاب إلى طبيب نفسي بالسرعة القصوى لتلقي العلاج الدوائي، والمعرفي، وأكرر: لا تخش من وساوسك مهما تبدلت وتغيرت، ومهما كرّت وفرّت، فكلها لا تؤاخذ بها ولا أهمية لها، فتجاهلها ولا تضيع وقتك بها، أسأل الله تعالى أن يكرمك بالشفاء العاجل القريب، وأن يدخل الراحة والاطمئنان على قلبك، وأن يرحم ضعفك ويزيل معاناتك....