السلام عليكم ورحمة الله،
تحية وتقدير لكل القائمين على هذا الموقع الإنساني العطاء، وجزاكم الله خير الجزاء على رعايتكم الطيبة لكل مكروب، وجهدكم في التفريج عن كل مهموم.
أرجو أن يتسع صدركم لي وللتفاصيل التي أوردها حرصاً على أن تصلكم الصورة كاملة. أنا زوجة عمري 32 سنة، تزوجت من تسع سنوات، وقد تعرفت بزوجي صدفة عن طريق عمل التحقت به فور تخرجي وكنت عندها في 23 من عمري، كنت إلى حد ما معتمدة على نفسي ولي شخصية مستقلة ومنفتحة على الحياة، وربما كنت وقتها جريئة في التعامل مع الآخرين ولكن بلا ابتذال إنما هي جرأة الثقة الزائدة بالنفس.
كنت متفوقة جداً بدراستي ومعروفة والحمد لله بالروح الطيبة والأخلاق والعقل الراجح وسط الأهل والجيران، ولكن بيت والدي كان بالنسبة لي مقبرة موحشة، فكنت أحب حياتي خارج البيت ولا أطيق وجودي بالداخل، بسبب المعارك الكلامية الحادة بين والديّ طوال الوقت، وعلى كل شيء وأي شيء، والدي سلبيّ جداً وهو غير متعلم، ووالدتي غير متعلمة لكنها عصبية لأقصى درجة ولا ينطق لسانها إلا باللعنات والدعوات على الدنيا والناس والحياة والبخت السيئ وما إلى ذلك، ولي أخوة ذكور أصغر مني وجميعهم لم يوفقوا في الدراسة. لم يكن أحد يتدخل في أموري وإنما كنت أعامل على أنى أفقه من بالبيت وأعقلهم، ولست بحاجة للنصيحة أو حتى للعقاب إذا أخطأت وقد كنت أخطئ ولكنها كانت تخبطات بسيطة أعود منها سريعاً لعقلي.
عندما تعرفت على زوجي أبدى إعجابه بي وبدأت أميل له لأنه عرف نقطة ضعفي وهي الاهتمام، لأول مرة وجدت أحداً يسألني عن مواعيدي ويعلق على ملابسي وينتقد جرأتي وينصب نفسه لمحاسبتي ووضع أطراً لي أتحرك داخلها، في فترة قصيرة أحببته ولم أكن أعرف عنه الكثير، كلما سألت عن شيء تهرب من الرد حتى سنّه لم أعرفه إلا قبل زواجنا بقليل واكتشفت أنه يكبرني ب18 سنة، في البداية شعرت بخوف لا أدري سببه لكني أقنعت نفسي أنه لم يخبرني ربما لخوفه من فقدي. الأهم أنه صرّح لي بتصريحين متناقضين تماماً:
الأول أنه يتمنى الزواج بي، والثاني أنه غير مناسب لي بالمرة، وأن أملك فرصاً في الحياة أفضل من ارتباطي به، وربما دون أن أعي زادني هذا تعلقاً به، ولكن سبب التصريح الثاني هو أنه متزوج وله طفلة عمرها شهوراً وله زوجة سابقة طلّقت من عشر سنوات وله منها بنتان الكبرى تصغرني ب5 سنوات فقط!. الغريب أنني مضيت في الأمر وأنا مقتنعة أني قد أتألم من الحياة في هذه الظروف لكن ألم فراقه قد يكون أكبر ولا أقوى على احتماله، ولن أطيل في أني تنازلت عن كل حق قد تحلم به فتاة في زواجها فلم يعارض أهلي الأمر بل لم يسألوا حتى عن العريس كما هو متبع وإنما اكتفوا بالمعلومات التي نقلتها أنا عنه والتي أخفيت منها أنه متزوج وله أبناء واكتفيت بذكر مركزه الاجتماعي وقد كان جيداً جداً.
وفي يوم عقد القران فوجئت به قبل حضور المأذون بدقائق يقدم لي ورقة لتوقيعها وعندما فتحتها وجدتها إيصال أمانة غير مؤرخ ولا مقدر القيمة، عندها صعقت ولكنه قال أنه خدع من زوجته الأولى ودخل محاكم وقضايا بسببها وإن كنت سليمة النية فلا معنى لرفضي أن أوقع -علماً بأنه لم يكتب على نفسه قائمة أو مؤخراً، ولم يطالب أهلي بذلك-، وقعت وأنا أحبس دموعي وقد اختنقت الفرحة داخلي، وحضر المأذون وتم عقد القران ليسافر في اليوم التالي مع زوجته إلى المصيف لتخفيف أثر صدمتها من زواجه عليها.
بعد عودته في أول زيارة لي وما زلت ببيت أهلي دار شجار بينه وبين أبي ولا أدري لماذا؟ رأيت كأنهما افتعلا الأمر كل منهم لهدف، المهم أن المسألة انتهت بأن صممّ أن أقوم بجمع ملابسي والذهاب معه في نفس الليلة وإلا يطلقني ولن أراه ثانية وأبي وقف متفرجاً وأمي باكية ترجوه ألا يضيع فرحتها بي، وفي النهاية قمت بعمل ما طلبه وأنا أقول لأمي أن هذا أفضل الحلول خاصة أنها لم تدخر أي مبلغ لجهازي ولو بأقل القليل وأني في النهاية سأذهب لبيتي فلا مانع أن أذهب الآن بدلاً من أن أكون مطلقة بعد أسبوع من عقد قراني وأنا ما زلت بكراً.
المهم أني ذهبت معه لبيت لا يسكنه وإنما كان يسكن فيه مع زوجته الأولى وعندما طلقها ترك البيت ليقابل فيه ابنتيه كل أسبوع مرة بدلاً من أن يذهب بهم بيت إحدى زوجاته أو بيت أمهن، ولك أن تتصور أول ليلة لي في هذا البيت وأنا أدخله باكية أتصور وجه أمي الباكي بحرقة ووجه أبي المتحجر بلا مبالاة ودهشة إخوتي من المفاجأة وتوقع مقابلة بنات زوجي وإحداهن عمرها 18 سنة والأخرى 14، ولم يرقأ لي جفن تلك الليلة.
في الصباح اتصل بابنتيه وطلبهما للمجيء هن يعيشن مع والدتهن على بعد شارع واحد، فجاءت البنتان فوجدت فيه إنساناً متسلطاً جداً ويأمر بلا نقاش، أخبرهن أني زوجته وأني سأعيش في هذه الشقة وأن عليهن أن يبقين معي وأن تبيت معي كل ليلة واحدة منهن بالتناوب أثناء غيابه لأنه قد يأتي يوماً أو يومين أسبوعياً، وجدتهما طائعتين جداً وكان يعاملني أنا برقة متناهية وعطف وود، ولم أنكر قوته مع ابنتيه ربما لحرماني من هذه المعاملة من أبي، المهم أن البنات لم يكرهنني وإن تعاملاتا معي بحذر في البداية، لكن مع الوقت صرت بمثابة أخت لهن وأحببن وجودي.
سارت الحياة وازدادت أيام تردده ومبيته عندي وشعرت بحبه لي وبدأت أنسى كل الذكريات الأليمة الأولى وأقلمت نفسي على الحياة، لكن بعد عام كنت على وشك ولادة طفلتي الأولى وعندما طالبته بضرورة وجود أمي معي انفعل عليّ ووصل الأمر للضرب، وهدأت الأمور بعدها ولكن بعد ولادة ابنتي بأيام في بيت أبي وقد بدأت العلاقات تعود تدريجياً لاحظت أنه متغير معي جداً، وبعد ذلك عرفت أن السبب أني لم أعطه النقود التي أهديت لي من الأقارب والجيران تهنئة بالمولودة، وافتعل خلافاً في تلك الليلة قام على إثره بضربي ضرباً مبرحاً وكنت أتألم جداً بداخلي وأكره الحياة لكني أصالحه حتى لا أعاني من ويلات كلامه الجارح وحتى أنهي التعذيب النفسي الذي يصيبني من سوء المعاملة، وبعد أن تهدأ الأمور أنسى كل شيء كالأطفال، ورغم شدته وتحكمه كنت متكيفة مع أصعب الظروف المادية والنفسية؛ ممنوع الخروج نهائياً، ممنوع وجود تليفون، ممنوع زيارة أهلي لي أو زيارتي لهم إلا في المناسبات والضرورة، ممنوع كل شيء، في ظل هذا كان دائماً يحكى عن نزواته النسائية بفخر وأنا أستمع بهدوء وأحياناً بدعابة كنوع من الرغبة في كسب ثقته لكن الأمر ازداد وبدأ يستفزني جداً وبدأت أغار وأصرّح بغيرتي، ثم تحولت الغيرة لضيق ثم لمشاكل وانفجارات خاصة أن هذه الخيانات كانت تتجاوز حدود الدين والأخلاق؛
وبدأت بعد 4 سنوات أضيق بكل شيء وكنت وقتها أنجبت طفلي الثاني وأصبر ظاهرياً لكني من داخلي أحترق وهو لا يبالي وإن كان يظهر الحب والرغبة واللهفة طالما أني لا أتحدث عن خيانته لي ولا ضيقي من أفعاله، ثم بدأت تصرفات البنات تختلف وبدأن في مضايقتي بشكل بسيط عرفت فيما بعد أن السبب كان رغبتهن في أن تعيش والدتهن معهن في الشقة لتستريح من عبء دفع إيجار للشقة التي يسكنّ معها فيها، وبالفعل بعد فترة اقتنع بأن الأمور تأزمت وترك البيت لبناته وانتقل بي للإقامة في شقة يملكها في إحدى المدن الجديدة وترك البيت بأثاثه، فرحت من داخلي لأنه سيكون لدي بيت جديد كأي عروس وإن تأخر عرسي 4 سنوات لكني فرحت والله يا سيدي.
عشت عاماً كاملاً ليس في بيتي الجديد إلا ثلاجة وبوتجاز وغسالة ملابس عادية وبعض البطاطين وقليل من أدوات المطبخ، واستعرنا مرتبة من والدتي ننام عليها رغم أن راتب زوجي كبير جداً وهو ليس بخيلاً وإنما لا أدرى ماذا كان ينتظر حتى يؤثث البيت، ومع هذا كنت متفائلة ولدي رضا وأحلم بفرش بيتي الجديد وكيف سيكون، وبعد العام الأول اشترينا حجرة نوم وكانت أول حجرة نوم خاصة بي، وبعدها خطبت ابنته الكبرى وبدأ في جهازها ومرّ عامين إلى أن زوّجها وتلتها الأخرى في نفس العام، ثم بدأ بفرش بيتي إلى أن أتم الأمر بعد 9 سنوات زواج وبعد أن عملت وساهمت بكل راتبي.
المشكلة يا سيدي أني منذ 5 سنوات أصبت بالاكتئاب ورفض معالجتي بحجة أنه لا يؤمن بالمرض النفسي وذهبت للطبيب دون علمه وعالجني في المرة الأولى بعقار اسمه (بروثيادين) لكني أقدمت مع أول جرعة على محاولة انتحار أنقذني الله منها برعاية أمي بعد أن كلمتها وأنا أحتضر واستنجدت بها لرعاية أطفالي وعندما علم أهانني واتهمني بالدلع وضعف الإيمان والرغبة في جلب مصيبة له وما إلى ذلك، تركت العلاج وبعد فترة قصيرة أقدمت على محاولة انتحار أخرى جراء سماعي مكالمة ساخنة بينه وبين إحداهن وفي هذه المرة كانت التجربة أكثر إيلاماً لي جسدياً وتعافيت بعد مدة، ولكني قررت أن أعالج حتى النهاية وانتظمت مع الطبيب ووصف لي عقار (أنفرانيل) و(نوميجران) فقد كانت تأتيني نوبات صداع مؤلمة، واستمر العلاج ثمانية أشهر وتم لي الشفاء؛
ولكني عانيت من نوبات غضب وهياج عند التعرض للضغوط وبدأ يضربني بشكل أقسى ويسبب لي كدمات وكسور وإصابات بليغة فعاد لي الاكتئاب بعد أقل من سنة وعولجت للمرة الثالثة بعقار (لوسترال)، لكني هذه المرة لاحظت أني كرهته وأني لم أعد أتألم من الخيانة، وعلى أن أتعلم استراتيجية جديدة في التعامل معه وهذا ما لجأت له فبدأت أهتم بعملي وأولادي أكثر وأبني علاقتي بهم بعدما كانت مهمشة بسبب إحباطي وانكساري، بدأت أخرج في غيابه معهم وأدخر من راتبي وأشتري أشياء تبهجني وتبهج أولادي، وبدأت أشعر أني لست بحاجة له أو هكذا لا بد أن أبرمج نفسي.
بعد إتمام العلاج المرة الأخيرة الحمد لله لم يعاودني الاكتئاب ولكنه بدأ يضغط عليّ بكلام من نوعية أني سببت له المرض بعصبيتي -أصيب مؤخراً بضغط الدم المرتفع- ويحاول لومي على ذلك ويقارن نفسه بي من ناحية السن فيقول مثلا:ً"أنا خلاص كبرت إنما انتي لسه شايفة نفسك" ورغم ذلك يصرح من آن لآخر في طيات الكلام برغبته في الزواج وبقدر ما يغضبني هذا الحديث بقدر ما أحاول ألا ألقي له بالاً، وما زال يخونني باستمرار، فهل ما أتحمله منه نوع من التكيف؟ أم أني أنتحر بطريقة أخرى جراء الحياة مع هذا الإنسان؟ وهل شفيت حقاً أم أني مرضت باللامبالاة؟.
عذراً على الإطالة، وأرجو حذف بعض التفاصيل عند النشر والتي قد تشير للشخصية.
أشكركم وجزاكم الله خيراً.
8/3/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عزيزتي، كان الله في عونك وجعل الآتي من حياتك أسعد مما فات. لا تزيدي أعباءك النفسية بتوجيه اللوم لها ووصفها بالبلادة، فموقفك فعلاً توافق خصوصاً في غياب البدائل الأخرى وعدم جدوى الانتحار، فأنت مسؤولة عن نفسك وصغارك أمام الله، وفي وجود وصل الأمانة وصغارك الذين يحتاجون لدور الوالد في حياتهم أنت مضطرة للمحافظة على هذا الزواج.
رب ضارة نافعة! لعل زواجه بأخرى يخفف عنك بعض ضغوطه ويصرف عنه الحرام، فهو بزواجه أو بدونه لا يقدم لك السكن ولا المودة فما عساك تخسرين بزواجه.
يبقى عليك الاستمرار فيما تفعلينه من استغلال وقتك بطريقة جيدة مع أولادك، والتخفيف عن نفسك بوقف التفكير بكل سلبيات حياتك، فتفكيرك فيها لن يلغيها بل سيبقي ألمها حيّاً في نفسك. عيشي حياتك مع أولادك وفي عملك واهتماماتك وتذكري دائماً أن حياتك أكبر من زواجك فهو فقط أحد جوانبها، فلا تخسريها كلها لضعفه، فعندها ستكون الخسارة مضاعفة