أكرهه وأكره نفسي وأكره أهلي وأكره الجميع..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تزوجت في سن تعتبر متأخرة 31 في المجتمع العربي، أردت بناء أسرة لكن ذهبت أحلامي أدراج الرياح. لقد عشت، يا سادتي الكرام، بين أبوين منفصلين، فحاولت أن أصنع جهدي في رأب صدع الأسرة وقد اقترفت بعض الأخطاء (لا أدعي هنا الملائكية)، لا أدعي أني أفضل البنات، وكل ما أرجوه أن أجد رحمة وغفران الله التي وسعت كل شيء فوق الأرض.
عندما بدأت حياتي الزوجية وعدني زوجي بإكمال البيت -ولا أستطيع لومه على هذا فهو يعمل جاهداً-، في هذه الفترة أنا أسكن مع أهله، وأما الشقة المستأجرة فكانت مجرد صورة أمام أهلي، ووعوده وكلامه عن عدم رغبته في أن نبدأ حياتنا من بيت أهله، كل هذا الكلام كان كالبالون لا يحتوي إلا على الهواء. اكتشفت أن مرضي لا يعني شيئاً أمامه، فيكتفي بالسؤال البارد ويدير رأسه كأني لا أشكل في عالمه شيئاً. في فترة الخطوبة لم يكن أكثر شاعرية ولكني لم أشأ الاكتراث للشاعرية كثيراً لأني أحكّم عقلي في الكثير من المشاكل.
المشكلة أن زوجي يتكلم بشكل نموذجي؛ فمجرد نصف ساعة معه تشعرك بالسلام النفسي والعقلانية، ولكن بعد ثلاثة أيام من المعيشة معه تكتشف أنه بمئة وجه ومئة شخصية!. لقد تعبت يا سادة، أشعر أن الله عاقبني على الكثير من الذنوب، لقد ازداد تديني لأني شعرت فعلاً أنه عقوبة إلهية... لا تتخيل مدى المعاناة التي أعيشها، والحيرة التي لا أعلم متى تنتهي؛ برود مشاعر، برود في الفراش، التقاء جنسي عجيب، لا أدري ماذا أفعل؟!
يقول أني يجب أن أحمل معه المسؤولية وأنا لا أمانع، حاولت أن أعطيه الحنان، كنت أقرأ عليه القرآن وألعب في شعره كأنه طفلي الصغير، قبّلت يديه، عندما يشتكي أسمع لشكواه... لكني اكتشفت أنه طفل مدلل. مرّ على زواجي 5 أشهر، أتمنى لو لم أقدم على خطوتي تلك، ولكني لم أفعل إلا بعد أن ضاقت عليّ الحياة في بيت أهلي. ماذا أفعل؟! تصرفاته محيرة؛ مثلاً: يسمع أغنية عاطفية ويهديها لزميله، ادّعى أنه كان يسكن معه في الولايات المتحدة الأمريكية!
عندما أشك أستغفر الله وأتعوّذ به من سوء الظن، عدا عن أنه الطفل المدلل الذي يستجيب الجميع لمطالبه الجيدة والسخيفة ويتوقع أن أجعله أول اهتماماتي لأني زوجته، ولكني يا سادة لست حتى آخر اهتماماته عندما أشكو إلى أمي تقول: "ما الذي تريدينه؟ الرجل ابن حلال وهادئ ولم يخطئ في حقك". عندما أضع مكياج ينظر ويقول لماذا لم تضعين هذا؟ أو يعطيني ملاحظة باردة. شهر من أشهر زواجي لم يتم التقاء جنسي بيننا إلا مرة واحدة وعندما سألته قال لي: "أني عندما أدخل الفراش تشاهدين التلفاز!".
النتيجة: لقد أصبحت أكرهه وأكره نفسي وأكره أهلي وأكره الجميع..
ماذا أفعل؟.
12/04/2009
رد المستشار
أشعر بمعاناتك ومرارة عدم تحقيق الأحلام، ولكن اعذريني وتحمليني في أسئلتي المؤلمة: ماذا فعلت لتحققي أحلامك التي كنت تتمنينها من الزواج؟ هل عرفت احتياجاتك وبحثت عنها في شخص زوجك حين تقدم فوجدتها لديه؟ هل قبل أن تتزوجيه كان على درجة عالية من المكر والمدارة التي جعلتك لا ترين بصدق أنه يتلون وأنه بارد؟ لماذا حين شعرت بفقر تعبيره عن المشاعر أكملت مشوار الزواج به رغم أن لك خبرة غير قليلة في الزواج التعس من تجربة والديك؟ هل نتزوج لنهرب من جحيم لجحيم آخر؟ على من تُلقين بالمسؤولية؟.
أهم ما في أحلامنا هو محاولات تحقيقها بصدق حتى لو لم تكتمل!، وأنت حلمت ولم تقومي بخطوة واحدة صحيحة لتحقيقها بل على العكس، قمت بكل ما نحذر منه مراراً وتكراراً لتفادي سوء الاختيار فتزوجت هروباً أو على أساس تمني الغيب الذي لم يلح من قريب أو بعيد بأنه سيكون غير ما رأيت!، كان لا بد أن أقول لك تلك المعاني حتى تخرجي من دوامة التساؤلات الزائفة التي توقعك في أفكار خاطئة حول الحظ العاثر واستحقاق غضب الله سبحانه بسبب الذنوب، غافلة عن تقصيرك في فهم احتياجاتك وفهم الزواج وحسن الاختيار، أو نسيانك أن الله عزّ وجلّ يغفر الذنوب ما دمنا تبنا عنها بصدق ويمحو الخطايا ويفتح معنا صفحة جديدة بحق.
أتصور أن أمامك طريقين يتبعهما الحكيم حين يقع في مثل مأزقك: أولهما، أن تتفهمي طبيعة زوجك بشكل أكثر عمقاً وتتقبلي شخصيته مقابل ما تجدينه من حلو الخصال فيه كأن يكون كريماً أو مرحاً أو حنوناً مثلاً، فتتواصلي مع الجزء المشرق فيه وتتجنبي قدر إمكانك الجزء المظلم فيها.
وثانيهما، أن تخوضي حرباً باردة طويلة النفس تتعاملي فيها معه بأبجدياته هو حتى ينشرح قلبه لك ويقترب منك فتتحسن الأمور بينكما يوماً بعد يوم، ولا أخفيك شكّي في أن يكون شخصية سيكوباتية أو شاذة كما حاولت أن توصلي لنا، ولكنني لا أملك أي دليل من كلامك حتى الآن عليهما، فغالباً ما تتحامل صاحبة المشكلة على الطرف الآخر أو تُأوّل تصرفاته ولكن على أية حال لو اخترت أن تسلكي مسلك الحكماء أرجو أن تؤجلي فكرة الإنجاب التي لا تحتاج لأكثر من مرة لقاء بين الزوجين لتحدث.