وساوس جنسية
أرسل علاء (25-30 سنة، تعليم متوسط، أعزب، مدرس، فلسطين) يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا صاحب المشكلة ذو وساوس جنسية دينية هل يستحق الزواج؛ لقد تفضلت بالقول لي أن "ارتكاب المعاصي لا يحرم الحلال"، وأنت تعلم أنني مريض بالمرض أو بالأفكار التي قلتها في الاستشارات الماضية ومحتواها كفر والعياذ بالله، وقد سألت بعض العلماء وقالوا أن من فعل شيئاً كفراً وهو متزوج يجب عليه التوبة منه وأن يجدد عقد النكاح، وعلى قوله يجب أن أجدد نكاحي على مدار الساعة! وهو كلام غير منطقي طبعاً لكن مثلما قلت لك صرت غير قادر على التمييز بين ما هو بإرادتي وما هو بغير إرادتي من هذه الأفعال والأفكار، لكن ما أستطيع قوله أنني أكره الكفر جملة وتفصيلاً غير أني لا أستطيع الجزم بأنه لم يخرج مني كفرٌ ولا أستطيع أن أتهم نفسي وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أبرئها! فهل ربط الاستمناء وتوهم أن المتعة الناتجة عن هذه الأفكار هي حقيقية، أم ماذا؟ ما حقيقة ذلك الربط؟ وهل من المنطق أن أفكاراً كهذه تؤدي إلى متعة؟ أم هو ربط كاذب؟ أريد أن أعرف ما السر في ذلك، وأريدك أن تجد لي حلاً في أنني عند الإقبال على الزواج أجد في نفسي الخوف والرعب الشديد كأنني ذاهب إلى حبل المشنقة وأصبح في حالة هستيريا شديدة، وأنا أعلم أنها غير منطقية لكن ما هو علاجها؟.
ذهبت إلى طبيب نفسي بل اثنين وقالوا لي يجب أن تتخلص من خوفك بنفسك، أريد أن أعرف هل لذلك علاج دوائي؟ وما هو اسم الدواء؟ مع العلم أنني أتناول البروزاك، أريد حلاً لمخاوفي الرهيبة هذه والتي تمنعني من الزواج، أرجوك يا دكتور أجيبني على ذلك.
وشكراً
10/05/2009
ثم أرسل نفس الشخص مرة اخرى باسم عادل يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سألت بعض العلماء عن الذي يكفر وهو متزوج فقالوا لي: "لا تحل له زوجته إلا بعقد جديد، وعلاقته ستكون زنا إذا لم يجدد العقد" فما مدى تطبيق الحكم على مريض الوسواس القهري الذي يكفر مراراً في الساعة الواحدة؟ كيف لمريض منذ 8 سنوات ألا يزيد ذلك الطين بلة ويجعله يتراجع عن الزواج؟.
وشكراً.
10/05/2009
وأرسل نفس الشخص أيضاً مرة ثالثة باسم فارس يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
باختصار، أنا مريض بالوسواس القهري وأتعالج منذ 3 سنوات تقريباً، لكن تأتيني أفكار وأفعال كفرية عن الذات الإلهية، والآن لا أعرف متى يخرج مني كفر بإرادتي أم لا؟ لدي إحساس أن كل حركتي كفر! لا أستطيع الزواج بسبب هذه الأفكار والأفعال فأنا أريد أن أعرف هل عقاب من يكفر بسبب مرضه هو نفسه عندما يخرج من شخص سليم؟ وتأتني بعض الأفكار الكفرية والأفعال الكفرية عند ممارسة عملية الاستمناء، حيث ترتبط عملية الاستمناء تلك الأفكار غصباً، فهل إصراري على عملية الاستمناء يجعلني مؤاخذاً على الفكار الناتجة عنه؟ وهل يندرج تحت فعل الكفر وأنا كاره له؟ حتى أصبحت أكره التفكير في العلمية الجنسية بسبب تلك الأفكار! هل أتزوج أم لا؟
دائماً أقول لنفسي: هل ستقبل توتبتي بعد ذلك؟ أنا يا دكتور لا أستطيع التعايش مع تلك االأفكار والأفعال وأقول في نفسي ما الفائدة من العلاج وقد كفرت زانتهى الأمر؟ وحتى لو تبت من الكفر فأقول في نفسي لِم أتوب؟ فأنا أصلاً كنت أريد الكفر، أخرج مني ذلك دون رغبتي وإرادتي؟! لكن أتساءل وأقول في نفسي اريد التوبة لكني لم أُرِِد الكفر ابتداءً! وإخراج الكفر مني ليس بيدي! أتصدق يا دكتور العجيب العجيب أني ما زلت بعقلي مع أن ما حصل معي يدفع سيد العاقلين للجنون، لكن ماذا أفعل وأهلي يريدون تزويجي وأنا لا أعلم ماذا أفعل؟
أصبح عندي ضغوطاً خارجية موازية للداخلية، ما ذلك الذي أمر به وما علاجه؟ كما قلت لك أتناول البروزاك منذ 3 سنوات، والله أود أن أفصح بكل ما في قلبي لكني لست قادراً، وأنا خائف جداً من الزواج لأن الأفكار الكفرية تأتي مع التفكير في العلمية الجنسية، وأنت تعرف أن الزواج عملية جنسية بالدرجة الأولى، وكلما هممت للزواج أتراجع من الخوف والتردد لأني سألت العلماء عن الذي يكفر فقالوا أن زوجته تحرم عليه ويجب عليه تجديد النكاح، وهذا صعّب عليّ المهمة لدرجة كبيرة جداً. أرجو الإجابة وآسف لسوء التعبير.
وشكراً.
10/05/2009
وأرسل حسن العجيزي (30-35 سنة، تعليم عالٍ، متزوج، مدرس، مصر) يقول:
عمري 33 عاماً، بدايتي مع المرض كانت منذ حوالي 12 عاماً حين كنت طالباً في المدينة الجامعية، كانت حياتي طبيعية وفجأة أثناء جلوسي وحدي جاءتني فكرة سبّ الله (سبحانه وتعالى).
حاولت أن أطرد هذه الفكرة اللعينة فقمت أصلّي ولكن دون نتيجة، ومع مرور الوقت بدأت هذه الفكرة تكبر رغماً عني وكلما أحاول التقرّب إلى الله أكثر تزيد هذه الأفكار أكثر وأكثر حتى وصل الأمر إلى أن كرهت نفسي وحياتي. لقد استمر الصراع بيني وبين هذه الأفكار القهرية حوالي 10 سنوات، طوال هذه المدة وأنا أعيش صراعاً في كل لحظة، في كل صلاة، في كل دقيقة... ولم أخبر أحداً من أهلي أو أذهب إلى طبيب خشية أن يقال عني مجنوناً.
في العامين الأخيرين بدأ المرض يأخذ شكلاً غريباً؛ فجأة وجدت نفسي -ورغماً عني- أفكر في عضوي الذكري، أحس أنه شيء زائد عن جسدي!! وتطور الأمر فأصبحت أحس وأنا في الصلاة أني أصلي وأسجد وأركع له، وتحولت حياتي إلى جحيم. كلما يذكر الله أو أي شيء من الدين أو القرآن أجد نفسي كأنه في عضوي الذكري. لا أستطيع حتى أن أسمع اسم الله أو أسمع القرآن، فكرت في الانتحار ولكني أخاف الله.
لا أعلم ماذا أفعل؟ أحسست أني لم أعد أحتمل هذا الوضع وأخيراً ذهبت إلى طبيب نفسي فوصف لي فافرين، وتناولته مدة 9 شهور لكن بلا نتيجة، حالتي لم تتحسن حتى الآن. لا أعلم ما هذا الذي أنا فيه؟! أنا إنسان عاقل ومدرّس ومتزوج ولكن لماذا يحدث لي هذا؟ لا أعلم!. أنا أحب الله، وأحب الصلاة والدين جداً، لكن بيني وبينهم هذا السد اللعين. بالله عليك ماذا أفعل فقد ضاقت بي الحياة ولا مخرج، أريد أن أعبد الله ولكن لا أستطيع ولا أحتمل أن أعيش بهذه الطريقة.
10/05/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله، الأخوة الأكارم، أهلاً بكم جميعاً على صفحات مجانين.
يا ترى ما الذي يحصل؟ هل وضعت إسرائيل في خزانات المياه فيروسات تسبب الوساوس الكفرية لأهل فلسطين، ووصل التأثير إلى مصر؟ أجار الله سوريا!!.
أقول لكم جميعاً وبجواب واحد: إنكم لستم بكافرين، وهذا ليس كلامي إنما هذه شهادة النبي صلّى الله عليه وسلّم لكم، والنبي لا ينطق عن الهوى، ولا يكذب ولكن يتكلم ويخبر عن وحي. وسأسوق لكم الحديث وسائر الأدلة التي تثبت لكم أنكم مسلمون موحدون، لم يتغير إيمانكم في يوم من الأيام حتى في أشد حالات الوسوسة!
- أما من الحديث: فما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صلّى الله عليه وسلّم- فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ»)).
فالنبي صلّى الله عليه وسلّم شهد لكم أن ما تجدوه من الوسوسة هو صريح الإيمان، فما ينبغي بعد ذلك أن تشكّوا في إيمانكم بعد هذا مهما ورد عليكم من الخواطر.
- وأما نصوص العلماء: ففيها التصريح أن الوساوس لا مؤاخذة بها وأن وجودها وعدمه سواء!
جاء في "تفسير القرطبي": (قال علماؤنا: إن تكلم الكافر بالإيمان في قلبه وبلسانه، ولم يُمْضِ فيه عزيمة [أي خطر الإيمان في قلبه ولم يعزم عليه] لم يكن مؤمناً. وإذا وُجد مثل ذلك من المؤمن كان كافراً [أي إذا تكلم بالكفر بالقلب واللسان]، إلا ما كان من الوسوسة التي لا يقدر على دفعها فإن الله قد عفا عنها وأسقطها [أي لا يكفر المؤمن بورودها على ذهنه]).
وكذلك ذكر ابن حجر الهيتمي وسواس الرياء، وأنه لا مؤاخذة به ثم أعطى قاعدة عامة في جميع أنواع الوساوس فقال: (فلا يُكلَّف به [أي وسواس الرياء] كسائرِ الوساوسِ القهريّة، غايةُ ما يكلفُ بهِ أنّه لا يسترسل مع نفسه فيها بل يشتغل بغيرها ثم لا يضرّه ما طرأَ قهراً عليه بعد ذلك).
- هناك قاعدة تقول: (اليقين لا يزول بالشك)، وأنتم كنتم مؤمنين ومتيقنين من ذلك، ولكن طرأ عليكم ما جعلكم تشكون بالإيمان، فيقال: يقين إيمانكم لا يزول بالشك في الكفر، إذن أنتم ما زلتم مؤمنين، والأصل براءة ذمتكم من الكفر.
- وهناك دليل عقلي أخاطب به الأخ فارس والأخ علاء، وأقول: كيف تشكّان؟ هل كان الكفر بإرادتكما أم بغيرها؟؟ إن الذي يكفر بإرادته يكون محباً للكفر، ويقرر الدخول فيه بإرادته، ويعلم حصوله من نفسه علم اليقين، وهو سعيد بما قرره لنفسه من الكفر. وأنتما تكرهان الكفر، وليس لكما في أفكاركما إرادة، وتشكّان في حصوله، وتحزنان لما يرد عليكما من أفكار، وهل يعقل أن تجلبان كل هذا الحزن لأنفسكما بإرادتكما؟!! فالفرق بينكما وبين الكافر كبير، ولا ينطبق عليكما حكمه حتماً.
ثم أقول: إن الأطباء يشهدون لكم بأنكم مرضى، وأن هذا ليس حالة طبيعية، فليس على المريض حرج، ولا تطبق عليه أحكام الحالات الطبيعية.
وإذا كانت هذه الوساوس لا تسبب الكفر أو الخروج عن الإسلام:
1- هي إذن غير مهمة أبداً ولا داعي للخوف منها أو الانزعاج، إذ وجودها وعدمه سواء من الوجهة الشرعية، فلا داعي لإضاعة الوقت في الأخذ والرد في تلك الأفكار لأنها تافهة لا تستحق كل هذا الاهتمام.
2- هذه الوساوس يجب أن تكون مصدراً للفرح لديكم وليس للقلق والحزن! والسبب: أن بقاءكم على الإيمان ومعاناتكم في سبيل التمسك بالعبادات ونحوها رغم كل ما يهاجمكم من وساوس تأمركم بترك الدين، وتقنعكم بأنكم كفار، وتقنطكم من رحمة الله... صمودكم وبقاؤكم على الإيمان رغم كل هذا جهاد تثابون عليه الثواب الجزيل، وهو دليل على قوة إيمانكم، فكيف لا تفرحون عند ورودها وهي مصدر للثواب؟!! وقديماً قال العلماء: (لا تعتري الوسوسة إلا صادقاً؛ لأنه يحدث من التحفظ في الدين).
خاطبوا تلك الوساوس وقولوا: (إن أتيتِ أيتها الوساوس فرحنا لأنك تجلبين لنا الثواب! وإن ذهبت فرحنا أيضاً لأنك أرحتنا!).
3- إذا ثبت أنكم مؤمنون فعقد زواجكم جميعاً صحيح، ولا يلزم تجديد الإيمان ولا تجديد العقد بعد ورود الوساوس حتى لو وردت آلاف المرات يومياً. ولا داعي للخوف من الزواج ومن ارتباط الوساوس بالعملية الجنسية إذ كل ما عليكم هو أن تهملوا تلك الأفكار وتفكروا بغيرها أثناء العلاقة الزوجية.
4- لا يوجد عقاب على الوسوسة لأنها خارجة عن الإرادة والقدرة، وقد عرف الفقهاء الوسواس بأنه: (الذي يطرق الفكر بلا اختيار). ومن المعروف شرعاً أن التكليف مرتبط بالقدرة، فحيث لا قدرة: لا تكليف. والعقاب إنما يكون على مخالفة الإنسان ما كلف به، فإذا كان غير مكلف فهو غير معاقب وإن خالف! وقد جاء في كتاب التاج والإكليل: (الوسوسة ليست من نفس الإنسان، وإنما هي صادرة من فعل الشيطان، ولا إثم على الإنسان فيها لأنها ليست من كسبه وصنعه، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه.... فيتحرج لذلك ويكرهه).
وقد ورد في رسائلكم أيضاً تساؤل عن الربط بين الوسواس وأمر آخر: إما الجنس، أو العبادات.
- فأما الربط بالجنس والاستمناء:
أقول للأخ فارس: إن الاستمناء –إن لم يكن خوفاً من الزنا- فهو معصية محرمة كما هو معلوم، لكن لا علاقة له بما يأتيك من خواطر، فهذه الخواطر ما زالت تأتيك بغير إرادتك...، وهي لا تندرج تحت الكفر مع الإكراه، لأن المكره يتلفظ بالكفر بإرادته ولكن لا يريد حقيقته، أما وسواس الكفر فأنت لا تفعله بإرادتك أصلاً، ولا تريد حقيقته أيضاً. ولكنك تجني على نفسك إذ تعصي وتسبب لنفسك الأذى والإزعاج دون مسوغ، فالتوبة واجبة عليك سواء كان معها وسواس أم لا. ولو كان ارتباط الوسواس بالجنس الحلال بين المرأة والرجل لما كان عليك إثم أبداً... وليس للأفكار علاقة بالمتعة إنما هو مجرد ارتباط حصل عندك.
- وأما الربط بالعبادات أقول للأخ حسن:
ما يأتيك من وساوس أثناء أدائك للطاعات تافه لا قيمة له فلا تخف، ودعه يمر عليك وكأنه ضجيج يأتي من النافذة -هو مزعج لكنه لا يهم- وتابع عباداتك وكأن شيئاً لم يكن، لأن هذا هو الواقع، وحاول أن تحفظ عدداً من الآيات كل يوم تكررها في صلاتك وتصرف ذهنك إلى تذكرها وفهمها وتسد باب الوسواس بها.
أخيراً: أنصحكم بمتابعة المعالجة الدوائية، كما يمكنكم الاستفادة من الطرق العلاجية الواردة في مقالات: (منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري 9 - 10 -11).
وعليكم بالأذكار الواردة في وساوس العقيدة وما يتعلق بالذات الإلهية وهي:
1- الاستعاذة من الشيطان.
2- قول: آمنت بالله ورسله عند ورود الخاطر.
3- قراءة سورة "الإخلاص".
4- يتفل الموسوس عن يساره ثلاثاً عند الاستعاذة، أي: يبصق بصقاً خفيفاً، وهذا –كما قال العلماء- للدلالة على كراهة الشيء والنفور عنه كمن يجد جيفة، والتكرار إرغام للشيطان وإبعاد له، لينفر منه، ويعلم أنه لا يطيعه فيه، ويَكْرَه الكلام المذكور منه.
5- وينتهي عن التفكير.
6- وورد عن ابن عباس –رضي الله عنه- أن يقرأ الموسوس قوله تعالى: ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) [الحديد:3].
واقرأوا أيضاً في نفس الموضوع:
وساوس جنسية دينية وكأن الإيمان نزع مني
بين الوسواس في العقيدة والشك فرق
ماذا أفعل لأتخلص من الوسواس؟