مختصر وعاجل لأب: ونحتاج للتفاصيل
لا أدري إن كانت حالتي تعد بمثابة مشكلة أم لا؟! توفيت زوجتي منذ اثني عشرة عاماً تاركة وراءها طفلة صغيرة في الرابعة من العمر، فآليت على نفسي أن أكون لها الأب والأم خاصة أن زواجي من أمها كان الزواج الثاني بعد زواج عاصف انتهى بالطلاق بلا أبناء، فلم أفكر يوماً في الارتباط بامرأة أخرى وفرّغت نفسي للارتقاء في عملي وتربية ابنتي، وأحسب أن الله كلل مجهودي بالنجاح في الأمرين.
أين المشكلة؟ كما قلت لم تدخل بيتي امرأة بعد أم ابنتي، وليس لي إخوة على الإطلاق، أما زوجتي الراحلة فكان لها أخ وحيد استقر به الأمر خارج مصر مع أسرته فلا نلتقي إلا في الإجازات، فكان لزاماً عليّ أن أنهض بمسؤولية ابنتي كاملة. كنت أعد الطعام وأكوي الثياب وأشرح الدروس وأسرّح شعرها وأضفره، وألتقي بالمعلمات، وأعد الحمام مرتين أسبوعياً كما تحب أميرتي الصغيرة، وارتأيت عندما أشرفت على الثماني سنوات أن تبدأ في الاعتماد على نفسها بعض الشيء خاصة في الحمام والنوم في فراشها وتبديل ثيابها، ولعلك تقول أن قراري جاء متاخراً قليلاً ولكن الحقيقة أنني حاولت مبكرا ًفووجهت بثورة عارمة. المهم أن محاولتي الجديدة هذه فشلت يا سيدي، وحتى أفاجئك فما زلت حتى اليوم مطالباً بتلييف ظهر ابنتي ذات الستة عشر ربيعاً لأنها لا تستطيع -كما تدعي- أن تصل ظهرها!
هذه هي المشكلة يا سيدي، ابنتي التي اكتملت أنوثتها عكس كل البنات لا تخجل ولا تستحي من والدها وتلتصق به لأقصى درجة، فإذا كنا نناقش أي موضوع ومطلوب أن تغير ثيابها تحضرها إلى حجرتي وتغير أمامي حتى لا ينقطع الحديث! وهي ابنتي الحبيبة ومحور حياتي ولكنني لا أجده طبيعياً أن أراها بلباسها الداخلي في هذه السن وقد اكتملت أنوثتها، وهي تأخذ كل تعليقاتي وتوجيهاتي على سبيل الدلع والمزاح، مثل: "يا سيدي متى ستقتنع أنك أمي وأبي في نفس الوقت.. أنا لن أشعر بالخجل منك ياسكر..."؛
نسيت أن أقول لك أنني الذي حدثت ابنتي وهي في العاشرة عن الدورة الشهرية عندما جاءت لزميلتها ولم تفهم ما حدث، ثم مع الوقت حدثتها عن العلاقة بين المرأة والرجل وعن إنجاب الأطفال، فلم يكن حولها سواي لتتعلم منه، وعندما كبرت وسألت عن حقيقة العلاقة الجنسية اشتريت لها كتاباً بالانجليزية- التي تتقنها بحكم مدرستها- يشرح كل التفاصيل لهذه المرحلة العمرية.
وهكذا يا سيدي لا تنام حتى الآن إلا في فراشي، حيث تأبى إلا مشاهدة التلفزيون الصغير في حجرتي ثم عندما تنعس تدس رأسها في صدري وتنام، وقد ثقل وزنها فلا أستطيع حملها إلى حجرتها كما تعودت أن أفعل قبل ذلك، ولا تجلس في الصيف إلا متخففة من ثيابها، وأحياناً تتحرك في المنزل في ملابسها الداخلية أو في قميص قصير بحمالات أشبه "بالكومبين"، وقد تظن أن جسدها كبعض البنات غير واضح الأنوثة لكنه على العكس يوحي بأنها امرأة مستديرة الجسد في منتصف العشرينات من عمرها. هي لا تتصرف هكذا إذا ما كان بيننا زوار -وهو شيء قليل الحدوث- وإنما تكون طبيعية تماماً حتى لحظة خروجهم من باب المنزل لتعود في ثوانٍ إلى ما اعتادت عليه!.
كانت زوجتي رحمها الله إذا ما أرادت إزالة الشعر الزائد بالسكر تغلق على نفسها الحمام وتمارس مهمتها في هدوء وخصوصية ولا تخرج إلا بعد انتهاء طقوس النظافة والاستحمام فلا أرى من كل ذلك شيئاً، والآن ابنتي لا تنظف يداها وساقيها وإبطيها إلا وهي جالسة فوق البوف أمام التلفزيون بجواري، بل وتناولني كيس السكر قائلة: "أدفئها بين يديك لتلين!!" ثم عندما تنتهي من عملها تقف بالكومبين القصير مباعدة ما بين ساقيها مادة ذراعيها لتصيح بفخر: "بنتك صارت فلة" ثم تنفجر في الضحك وأنا أضرب كفّاً بكفّ من الغيظ!!.
قد تطالبني بأن أبادر بشراء ملابس معقولة لها وهو ما أفعله دائماً، ولكنها تجلس فوراً في حجرتها على ماكينة الخياطة لتزيل الأكمام وتقصر الطويل وتصنع دوائر وفتحات هنا وهناك لينتهي الأمر إلى ما تحب هي. أنا أراها جميلة وبديعة التكوين، ولكنني كما تقول أباها وأمها، فلا أظن أني أتأثر بها كرجل كما قرأت في بعض المقالات الغريبة أو استثار بما أراه دائماً من جسدها، ولا اعتراض عندي على كثرة الأحضان والقبلات التي تغرقني بها بمناسبة وبدون مناسبة، ولكنني أتمنى لو كان الحياء يمنعها من التبسط هكذا في وجودي، وإن كنت أشعر بالحرج إذا ما حدث عندي انتصاب في الفراش وهي ممددة بجواري أو تحتضنني وهي نائمة.
رأيت أباً في فيلم عربي يدخل حجرة ابنته وهي مستلقية على الفراش ومكشوفة الساقين بعض الشيء ورأيت الابنة تنتفض وتستر نفسها في حركة غريزية طبيعية، وتمنيت لو أرى ذلك من ابنتي التي تجلس على الفوتية الآن لتحل الكلمات المتقاطعة أمامي وأغلب صدرها وإبطها مكشوفين من القميص ذي الدوران المتسع والحمالات، وفخذاها وأحياناً لباسها مكشوفين من التنورة المنزلية القصيرة وطريقة جلوسها اللامبالية.
هل أنا حقاً متزمت وأعطي الأمور أكثر من حجمها كما تُردد دائماً؟.
10/05/2009
رد المستشار
ببساطة شديدة يفيدنا أن نعود للأصل الذي نستمد منه المعايير فيظهر لنا المعقول والمقبول، والمسموح والممنوع!!.
كريمتك يا أخي الكريم تعيش مرحلة المراهقة، ومن معالمها تلك المتغيرات الجسدية التي تراها، وتلك التغيرات المزاجية والسلوكية المصاحبة لها، والوضع الطبيعي أن تنشغل الأنثى أو الفتاة وتفكر في عالم الذكور، ونيل إعجابهم، والتمهيد الفطري للارتباط بأحدهم، وللأسف الشديد فإن عجز مجتمعاتنا الفادح في إدارة التطور الطبيعي والفطري للشبان والفتيات من الطفولة إلى الشباب مروراً بمرحلة المراهقة يضعنا في مواجهة انحرافات ومنحنيات وطرق جانبية، مثل أن ابنتك قد يختلط عليها الأمر فتتحفظ في وجود الأغراب، وتتكشف حين تختلي في بيتها ومع أبيها!
وفي مرحلة المراهقة قد تميل الفتاة للمثل الأعلى معلماً كان أو مدرباً أو قريباً من العائلة، وأنت متاح ووحيد، ولا تجد ابنتك حرجاً من أن تفعل ما تفعل في وجودك، وأنت محرج من أن تواصل مسيرة تعليمها وتوجيهها إلى ما ينبغي خشية أن تعتبر هي توجيهك قمعاً لمشاعرها البريئة، أو قسوة أو ما شابه، والله لا يستحي من الحق، فإما أن تقول لها أنت هذا بأسلوب غير مباشر، أو تعهد لقريبة أو صديقة للأسرة أن تقول لها أيضاً بأسلوب غير مباشر.
ويفيد أيضاً أن يصل إلى ابنتك أنك لست راهباً، ولكن إنساناً طبيعياً له احتياجات ورغبات، وأنك تفكر في الزواج يوماً ما، وبهذا يوضع كل شيء في إطاره السليم المتوازن بالتدريج وبهدوء.
ألفت نظرك أيضاً إلى أن الأحضان الأبوية، والقبلات من ابنة لأبيها هي أشياء تختلف بالتأكيد عن البقاء في حضرة الأب شبه عارية، وبالمناسبة فإن ستر العورات مطلوب ومنشود وممدوح دون إفراط ولا تفريط حتى في حضرة الأم، بل هناك الاختلاف الشهير بين الفقهاء عن التجرد الكامل من الملابس بين الزوجين، بل وفي ثقافتنا كلام عن التجرد من الملابس خالياً، أي والمرء بمفرده لأن معنا ملائكة ينبغي أن نستحي منها (كما في الأثر).
هذه معاني غائبة عن ممارساتنا المعاصرة، وضائعة بين صراخ من يتشدودن بدعوى الحياء، ومن يترخصون بدعوى الحرية والمدنية، فمن يهدي قومي، ويعلمهم البديهيات والأسس؟!.