الحب وبلاويه
حبيبتي الأستاذة أميرة بدران،
اعذريني لبعث مشكلتي على هذه الصفحة، فأنا أود أن تردي أنت بالذات على مشكلتي لثقتي في آرائك وجمالها وحلاوة قراءة ردودك. لقد أرسلت إليك قبل ذلك في حوار حيّ على إسلام أونلاين في عنوان "علاقاتي المتعددة استنفدت مشاعري" وقد نشرت على الموقع وسمعت ردوداً كثيرة، المهم أنك نصحتني ألا أفكر في حبيبي المزعوم لأنه كان يريدني فتاة ست بيت هادئة له ولأهله، وهذا على النقيض من أحلامي، ولا تعطين حبك إلا لمن يعطيك حبه ويبادلك حبّاً بحب وعطاءً بعطاء واحتراماً باحتراماً، ولا تبحثي عنه فسيأتيك وحده. لا أكذبك القول أني عندما أرسلت إليك كان قد أتى رجلٌ بنفس المواصفات التي ذكرتها أنت ولكني كنت أعاني من صراع نفسي بداخلي أأقبله أم لا؟ حتى زاد هذا الصراع عليّ وذهبت لطبيب نفسي.
كان خطيبي الأول يجول في خاطري ورغبتي للانتقام منه كانت تزيد لأنه أهانني هو وأهله بعد خروجهم من بيتي -في كرامتي وشرفي أحياناً-، فأحسست بإحساس طغى على كل الأحاسيس، وصرت غير قادرة على الحب أحد، وأحسست أيضاً أن خطبتي الأولى نهاية عهدي بالحب، وخاصة العاطفة الجياشة التي تمنيت وجودها مع زوجي الذي كتبه الله لي. لا أكذبك، خطيبي الحالي كما وصفت أنت؛ يحبني لأقصى درجة، خلوق مؤدب، أهله أناس طيبون، لا يريد مني غير أن أبادله هذه المشاعر الفياضة، وأحياناً يتضايق بشدة لأني غير محبة له كما هو محب لي.
أنا لا أكرهه ولكني أحس أحياناً كثيرة أني أحبه ولكن سرعان ما تهبط هذه المشاعر إلى الركود والبرود، وهذا على غير عهدي في الحب، أنا لا أريد التفريط فيه ولكني أريد أن أحيا السعادة التي كنت أتمناها، فخطيبي الأول أخذ مني ما انتظرت سنيناً لتكوينه وهي مشاعري- حتى يأتي صاحب النصيب ليأخذها، فأتى هو وأخذها: لا تركها لصاحبها، ولا أخذها وراعاها! وافقت على خطيبي الحالي بعد ضغطه عليّ وضغط أهلي وانعدام الأمل في الرجوع لخطيبي الأول، لأنني كما قلت هذا عكس أحلامي، كما أنه لم يحاول الرجوع إليّ وهذا أيضاً ما جرحني، لكن عوضه حب وتمسك خطيبي الحالي.
قال لي الدكتور أن كان لا بد من الانتظار حتى تبرأ جراحي، ولأني لا أكذبك قد تأخذ وقتاً طويلاً جداً، وقد ينتظر أهلي رجوع خطيبيي الأول فيحنّ ويعطف عليّ، وهذا لن يحدث... نحن أقارب وبيتي غير متفاهم، وخطيبي صمم على الارتباط بي لأنه كان يريدني قبل خطيبي الأول فليس عنده استعداد للتفريط بي مرة أخرى، هل فعلاً كما يقول خطيبي الحالي أن ما مررت به من غدر جعلني أخاف من أن أعطيه مشاعري حتى لا يغدر بي هو الآخر؟ ولكني لا أشعر أني أتصرف هكذا، فهل أتصرف هكذا فعلاً أم أنه كم الآلام بداخلي؟ وهذا يعجز مشاعر الحب بداخلي لتظهر أو تنمو إذا كانت موجودة، أم أنه عدم التسامح؟ أم أن- كما قلت لك- رصيدي من الحب بالشكل الذي اعتدت عليه انتهى؟
أنا هادئة بالنسبة له، يعني لا أشتاق إليه كثيراً، لا أتلهفه كما كان يحدث لي قبل ذلك مع أي ممن عرفتهم بما فيهم خطيبي الأول، هل شاخت مشاعري فلا يستطيع أحد بكلامه أو حبه أن يوقعني في حبه؟ لماذا هو لا يستطيع مع أنه أكثر من أحبني فيهم وتمسك بي وأحس أني في أزمة لا بد أن يقف إلى جواري؟ هو المستفيد فهو يحبني، أغار منه عندما يصف حبه لي بالشكل الذي كنت أتمنى أن أحِب وأحَب به. من أنا؟ وكيف أصبحت هكذا؟ وهل أحب خطيبي الحالي أم لا؟ وكيف أعطي حبي وعاطفتي -التي أشك أنها موجودة أصلاً- لمن أعطاني حبه؟ وهل سأنسى ومتى؟
هل الحب إحساس نصنعه أم هبة من الله؟
أرجوك ردّي عليّ وعرفيني بنفسي فأنا تائهة، وسامحيني.
3/5/2009
رد المستشار
كنت قد نصحتك أنا أيضاً ألا تغامري بقصة حب جديدة في تلك الفترة حتى ترفقي بنفسك وبمشاعرك وتتنفسي بعض الهواء لتعيدي التفكير في حياتك وترتيبها من جديد، ولكن ما حدث قد حدث، وسأرد على تساؤلاتك من خلال حديثي لك في نقاط مركزة وهامة:
- ما تفتقدينه الآن هو ممارسة أقدم لعبة بين الذكر والأنثى وهي "أجري ورا إلي مش معبرني وأسيب إلي بيجري ورايا" فأنت تفتقدين لوعة الحب والكر والفر في علاقة العاشقين لأنك في قرارة نفسك تتمنين فقط أن تنتقمي من حبيبك السابق الذي تركك هو ولم يفكر أن يسترد علاقته بك، لكن الحقيقة أن قلبك يدق تجاهه دقات مزيفة، وأن عقلك يرفضه وكرامتك تؤلمك، فلا تخلطي الأوراق بين تلك المشاعر.
- نعم يا ابنتي، جزء من الحب ينطلق من داخل قلوبنا دون سبب واضح تجاه شخص ما، ولكنها ليست كل الحقيقة! فالحب يُصنع أكثر مما يُوهب؛ يُصنع بالجهد والصبر والتقبل وتحمل المسؤولية والاحترام والكثير والكثير، فمن اعتمد على الحب فقط لم يسعد بحق لأنه يظل يتعامل مع مشاعر فقط دون جهد للحفاظ عليها وتنميتها ورعايتها، فتضيع المشاعر أو تشوه أو تفقد قيمتها.
- انظري لمن حولك بعين واقعية (حتى لابنة عمك) فلن تجدي من ظل يشعر بمشاعر الحب المتدفقة الثائرة الملتهبة طول العمر، فمن المنطقي أن تهدأ الثورة بعد اندلاعها، وأن تتغير طرق التعبير، وأن تستقر المشاعر، وليس معنى ذلك أن الحب يضيع ولكنه يستقر ويأخذ منحى أكثر عمقاً وثباتاً ورضىً، وهو ما نطلق عليه "العشرة"، ولقد أكدت الدراسات هذا؛ حيث أثبتت أن أطول فترة للمشاعر الملتهبة وتدفقها بين محبوبين كانت ثلاث سنوات! وقد تم عمل دراسات وأبحاث كثيرة (غربية طبعاً) فيما يتعلق برسم المخ وعمليات التفكير وضبط إيقاع المخ وعلاقته بالاحتياجات وكثير من المتغيرات، وثبت أن تلك الفترة لا تتجاوز غالباً أكثر من عام! إذن ما تشعرين به ليس فتوراً أو شيخوخة مشاعر، ولكنه نضوج جديد عليك (لاحظي أنك لا تكرهينه)... قد يكون سببه كثرة التعرض للإحباطات، أو نضجك أنت شخصياً، أو كما قلت فقدانك لعنصر التشويق وافتقاد عدّ النجوم! ناهيك عن أنك حبه الأول والحب الأول يظل له رونق خاص حتى لو لم يكن ناضجاً أو حقيقياً، فلا تقارني مشاعرك بمشاعره، وسبحان الله حقاً في سيكولوجية المرأة التي لم يستطع العلماء أن يصلوا معها لخطوط قاطعة ونظريات فاصلة تجاهها.
ويتبع>>>> : الحب وبلاويه م