إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمي حمل الأمانة وبلغ الرسالة فجزاه الله عنا خير الجزاء وبعد:
0 المشهد الأول:
لفت انتباهي حينما كنت أسير مع صديق لي ويتحدث لي عن انه كيف هو ولهان بإحدى الفتيات وأنه يحبها وحبه لها لا يوازيه حب فقلت له في دعابة: (وهو أنت أصلا تعرف تحب؟) وكان رده علي مباشرة وفى لهجة قويه وشديدة (أنا بغير عليها جدا'') وقال كلمته هذه وكأنه يريد أن يعطيني الدليل القاطع على حبه لها.
0 المشهد الثاني:
في آخر اليوم وقبل أن أنام وأنا مستلقٍ على سريري كانت كلمته "أنا بغير عليها جدا" تتردد في ذهني وتذكرت يوما قيل لي فيه من أكثر من فرد (أنت بتحب أختك....... للدرجة دي؟!!) وكانت هي أختي التي تصغرني بسبع سنوات كما أنها أصغر أفراد الأسرة والتقارب بيني وبينها شديد وكانت قد قررت من تلقاء نفسها ارتداء النقاب ومع العلم أنني كثيرا ما رفضت ذلك وقتيا حتى أتأكد أنها تريد أن ترتديه اقتناعا به كفضيلة وليس لمجرد التميز بين أصدقائها وبعد محاولتها معي لمده سنتين ارتدت النقاب وفى أول يوم خرجنا أنا وهى معا وسافرنا إلى بلدنا مركز الحسينية بالشرقية/ مصر ومع أننا في الشرقية نقول أن أهل الحسينية هم بقايا الصعايده في الشرقية من شده غيرتهم إلا أنني عندما ذهبت معها إلى القرية سمعت ذلك التعليق ثلاث مرات في يوم واحد (أنت بنحبها للدرجة دي؟؟؟) والمعنى المقصود_وهو مفهوم_أنني من شده حبي لها وغيرتي عليها ألبستها النقاب.
0 المشهد الثالث:
كنت أركب التاكسي بجوار السائق وكان السائق قد أدخل شريط للأستاذ /عمرو خالد بعنوان القدس وكان بداية التشغيل من أخر الوجه الثاني فكان الأستاذ عمرو خالد قد وصل لدرجه عالية من الانفعال في الحديث فقلت للسائق هذه أول مره أسمع فيها الأستاذ عمرو خالد بهذه الحالة من الانفعال الشديد فقال لي_بفطرته السليمة _يا أستاذ ( دا راجل بيحب دينه وبيغير عليه) ورده لم أستطع إلا أن أقول له عندك حق.
* ثلاثة مشاهد طرأت على ذهني وأنا في ذلك الوقت من الليل وظهر أمامي سؤال واحد {ما العلاقة بين الحب والغيرة؟} أو بمعنى آخر: هل من دلائل الحب الصادق الغيرة الشديدة؟؟؟
أخذت أبحث عن أجابه لهذا السؤال فوجدت عدة أمور أذكرها في اختصار:
الغيرة: هي شده الحب وتأتى مع الأنفة والحمية.
2 - الغيرة نوعان:
*غيره على المحبوب بمعنى أنك لا تريد أن يفوز به أحد غيرك مثل غيره الأولاد على أباهم وغيره الرجل على محبو بته وغيرة الزوجات من بعضهن (كما في حاله تعدد الزوجات).
*والنوع الآخر غيره للشيء كغيرتك على الدين وعلى الوطن فلا تسمح لأحد أن يعتدي على هذا المحبوب.
3 - الغيرة صفه من صفات الإله:
فانظر أخي إلى ذلك الحديث العجيب لأبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن المؤمن يغار والله أشد غيره) رواه مسلم وفى حديث بن مسعود في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {ليس شيء أكثر غيرة من الله عز وجل} رواه مسلم,وقال أهل العلم (احذروا الله فإنه غيور لا يحب أن يطلع على قلب عبده فيرى فيه سواه.)
ولذا كان الشرك بالله من أكبر الكبائر أي أن يكون في قلبك أحد مع الله عز وجل لذا إذا وجد الله محبوبا له قد انشغل بمحبوبٍ آخر غير الله وبدأ يشوش هذا الانشغال عن حبه لله عز وجل فإن الله تبارك وتعالى ينزع عنه هذا المحبوب وذلك من شدة غيرة الله عز وجل واليك أخي الدليل:
(أ) آدم عليه السلام عندما وطن نفسه على الخلود في الجنة وملك هذا كيانه مما دعاه إلى معصية الله والأكل من الشجرة يشوش هذه الحب على حبه لله عز وجل فما كان رد الله إلا أن طرده منها ليبقى آدم له وحده عز وجل وليس لغيره من خلود أو شجر أو جنان أو أي شئ .
(ب) مثال آخر سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو الخليل عندما رزقه الله إسماعيل عليه السلام بعد عمر مديد ثم إذا به ينشغل بإسماعيل ذلك الطفل الصغير وعندما بدأ ذلك التعلق يزداد ويشوش على حبه لله عز وجل إذا بالله يأمره بذبح ولده إسماعيل وما أصعب الاختيار انه الولد الذي جاء به بعد صبر طويل وبعد ثمانين عاما و ضع نفسك أخي مكانه ماذا تفعل؟؟ حقا الأمر صعب واني والله لأرى أن المرأة اللتى ذبحت محبوبها غيرة عليه ليست تمتلك تلك الغيرة التي غارها الله تبارك وتعالى على الخليل إبراهيم عليه السلام.
(ج) انظر إلى سيدنا سليمان عليه السلام عندماارتبط قلبه بحب الصافنات الجياد سهى عن أداء العبادة تجاه ربه وذلك دليل أنه قد انشغل عن حب الإله بحب الجياد الصافنات فأدرك ذلك فكان الإيحاء من الله عز وجل له لذا طفق مسحاً بالسوقِ والأعناق أي نزل ضرباً بالسيف على سوق وأعناق الجياد التي كانت السبب فى انشغاله عن رب العزة عز وجل{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [30] إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ [31] فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [32] رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ [33] }.
بالله عليك هل وجدت في حياتك غيرة أشد من غيرة الله على أولياءه الصالحين؟
4 - الغيرة خلق ٌ من أخلاق أغير خلق الله النبي صلى الله عليه وسلم:
ومن يحب تلك الأمة أكثر من نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك النبي الذي أمرنا ألا نسمح لنسائنا ألا تصافح رجل أجنبي، رجل يحل لها، بل أنه من غيرته صلى اله عليه وسلم لم يسمح لنسائه وهن أمهات المؤمنين المحرمات على أي مسلم أن تصافح أي رجلٌ أجنبي عنهن حتى ولو كان أبو بكر خير خلق الله بعد الرسل والأنبياء.
كان أغير الناس على أعراض المسلمين ولا يأتي ذلك إلا من حبه لتلك الأمة عندما خرجت امرأة مسلمة إلى سوق الذهب عند اليهود سوق بنى قينقاع وكانت منتقبة فراودها يهودي على كشف وجهها فأبت فأخذ بطرف ثوبها وربطه دون أن تدرى فلما أرادت أن تقوم سقطت فانكشف جزء بسيطًٍ من ساقها ولا حول ولا قوة إلا بالله ولن نعلق على حال بناتنا وزوجاتنا في هذه الأيام فصرخت فقام رجلٌ غيور من المسلمين فضرب اليهودي فقتله فتجمع عليه اليهود فقتلوه فما كان رد نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام؛
هل قام وبعث برقية شجب ثم أستنكر ثم أخذ يبكى على العزة المفقودة لا والله بل جيش الجيوش وحاصر يهود بني قينقاع وأجلاهم عن المدينة وانطلقوا إلى مكان في الشام أسمه أذرعات فما أن وصلوا حتى وجدوا الطاعون ينتظرهم وماتوا جميعاً.
تعليق: (نحن الآن لا نطالب بالثأر لاغتصاب النساء المسلمات بل نطالب بالثأر لاغتصاب رجالنا المسلمين في أبو غريب وغيره.)
الأمثلة على غيرته صلى الله عليه وسلم كثيرة ولا يمكننا حصرها ولو أردنا حصرها لاحتجنا الوقت الطويل ولكن إذا كان أكثر الناس حباً للناس يغار عليهم بهذا الشكل فهل هذا دليلاً على أن العلاقة بين الحب والغيرة علاقة طر دية بحيث تزيد الغيرة بزيادة الحب والعكس أم ماذا؟
أعلم أنني إلى الآن لم أصل إلى الإجابة على السؤال الذي خطر ببالي أولاً وهو (هل من دلائل الحب الصادق الغيرة الشديدة؟؟؟) ولكني قبل أن أصل إلى إجابة ذلك السؤال طرق على باب عقلي سؤالاً آخر يستأذن في الدخول لعلي أجد له إجابة يأنس بها في عقلي ألا وهو (ذلك الفتى الذي يتعرف على فتاةٍ ثم يمشي معها ويعيشا مع بعضهما قصة حب غرامية عاطفية هل من الممكن أن يكون غيور على تلك الفتاة وبالتالي هل هو صادق في حبه لها؟!).
لكني أرى أنني قد أطلت عليكم كثيرا فمعذرةً ولكن ما أحلى الحديث إلى مجانين العقلاء وعقلاء المجانين ووالله إني لأسعد كثيراً بوجود مثل هذه المواقع ذات الصدر الرحب والوسطية في التفكير والغيرة العقلانية على هذا الدين النابعة من شدة الحب لهذا الدين، ولذا بمشيئة الله تعالى أكمل الحديث معكم عما توصلت إلية في بحثي عن الإجابة لذلك السؤال عن الحب والغيرة وأسئلةً كثيرة .
أعلم أنه هناك من سيختلف معي خاصةً في سؤالي الثاني عن ذلك الفتى ولكم أكون سعيداً حينما أرى من الآخرين من يضيفُ إلي أو يصحح لي أو يكون اختلافه معي تأكيداً لوجهةُ نظري وفي النهاية هي وجهه نظر فأرجو لمن يريد المشاركة الاتصال بالسادة القائمين على هذا الموقع الجميل جزاهم الله عنا خيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
واقرأ أيضًا:
بيت نظيف ووقت مستفاد منه مشاركات/ على شفا الطلاق: نصيحة من مجربة/ من أسباب السعادة الزوجية/ مفاتيح الحياة الزوجية