جاء العيد..، وازدحمت التهاني الصادرة والواردة...، للأهل، للأصدقاء، للكبير، للصغير الذي يمد يده يطالب بالعيدية!!
جاء العيد...، وازدحمت فيه المشاعر أيضًا...
خليط من مشاعر الحزن والفرح!
حزن على فراق شهر مختلف عن كل الشهور... وقد ازداد شعوري بهول الفراق هذه المرة عندما اتصلت صديقتي تهنئنا قائلة: (عظم الله أجركم!!... انتهى رمضان!)
عظم الله أجرنا بفراقنا شهرًا تزداد فيه مساحة صلة الإنسان بالله، يقف فيه بعيدًا عن ضوضاء الحياة، وغفلتها، متوجهًا إليه سبحانه بأنواع من الطاعات التي أكرمه الله بأدائها من غير حول منه ولا قوة...
مختليًا بنفسه، متأملًا في أحوالها، وتقصيرها، وعظم حق الله تعالى عليها...
متأملًا في الكون، في المخلوقات...
في تدبير الله تعالى وحكمته في تسيير خلقه، وفي ما يقلبهم به من سراء أو ضراء!
متنسمًا نسمات قلّ أن يجدها في غيره...
غير أنه يعزيني، وينقلني إلى مشاعر الفرح، تذكر نعمة الله علينا وإكرامه لنا بهذه الهدية وهذه المنحة، وتفضله علينا إذ أذن لنا أن نعبده ونقف بين يديه رغم تقصيرنا!
فرح بتحصيل مجموعة من الذكريات والمشاعر، يرقص لها القلب طربًا كلما مرت عليه...
مشاعر تشحذ الهمة العام كله، وتجعل المرء ينهض من كبواته، ويترك غفلاته، أملًا في أن يعيشها مرة أخرى...
فرح بلقاء الأحباب من الأخوة في الله... أولئك الذين إذا نظرت إليهم، حكت عيونهم ونظراتهم العميقة المعاني الرائعة التي فاضت عليهم في هذا الشهر، والعلاقة الربانية التي عاشوها.... فترى نفسك في عالم آخر من الروعة والجمال، وترى الصمت أبلغ في إيصال رسالتهم من الكلام!
وفرح يفرحه العبد الضعيف، الذي يرى نفسه محتاجًا لكرم الله، وأن يأذن له بالراحة بعد التعب...
لم أتمالك نفسي ليلة العيد -عندما مرّ على ذهني معنى صيام الغد كما كان الأمر في رمضان-، فرفعت صوتي قائلة: نويت إفطار يوم غد لله تعالى!!!
موقف طريف لكنه يعبر عن الضعف البشري، وعن حاجة العبد للراحة!
العيد راحة، لكنها راحة مختلفة! راحة يتعبد ذلك الضعيف ربه بها، كما تعبده بالتعب والنصب!
راحة يتعبد فيها بالإفطار كما تعبده في الصيام!
أليس الفطر واجبًا في يوم العيد، والصيام محرمًا؟ أفلا يكون فعل الواجب وترك المحرمات عبادة وطاعة؟
وهناك نقف أمام درس فريد:
كان الصوم من أرفع الطاعات وأعلاها شأنًا، وإذ به ينقلب في لحظات إلى عمل محرم!!
أليس هذا ينقلنا من شهود ظاهر الأعمال إلى شهود لبها وجوهرها؟
إنما قيمة الأعمال تكمن في أنك تطيع الله تعالى بها، وليس لها قيمة في ذاتها ولا مزية...
ليس للأعمال حسن في ذاتها ولا قبح، وإنما الأمر كله فيها لله، تكون حسنة إذا حكم الله تعالى عليها بالحسن، وتصبح قبيحة إذا حكم الله تعالى عليها بالقبح...
فعبوديتنا له وطاعته هي مدار الأعمال جميعًا...
دروس وعبر نحياها في كل وقت وحين...
يقلبنا الله تعالى في الأزمنة والأمكنة والأحوال، ليعرفنا بديع حكمته، وليفتح علينا بابًا من التفكر والتأمل يجعلنا نذكره سبحانه ونشاهد عظيم منته كيف تقلبنا، وحيث سِرْنا!
ألا يحق لي بعد هذا الجو البديع، وهذا الزخم من المشاعر المتلألئة الفياضة، أن أتجه إلى مجانين مهنئة له بهذا كله؟
كل عام وموقع مجانين بخير...
وأسأل الله تعالى ألا يأتي العيد القادم إلا وقد رفل بثوبه الجديد يتيه به بين المواقع...
كل عام وجميع المستشارين بخير، وجزاهم الله خير الجزاء، على ما يبذلونه...
وكيف لا أهنئ أساتذتي في كل اختصاص؟
كل عام وجميع رواد الموقع بخير...
ترى هل لي أن أحلم بيوم يخالف قانون الحياة يقول فيه المتصفحون: الحمد لله انتهت جميع مشكلاتنا ومعاناتنا؟!!
وكل عام وجميع المسلمين بخير، وأحوالهم بخير، وعلاقتهم بالله بخير...
واقرأ أيضاً:
أما أنت يا رمضان فوداعا / معلومة تهمك في رمضان / يوميات مجنونة صايمة: وداعا...رمضان / رمضان،، قبل ما تمشي خد تعالى أما أقولك
التعليق: تعبنا والله تعبنا .. إذا مو جسدياً فنفسياً .. أنا ماحسيت برمضان هالسنة .. لأن الوضع في العالم العربي وخصوصاً في كنانة الله أرض الشام .. لا حول ولاقوة إلا بالله ..
إلى متى نبقى على هالحال .. يارب انصر المظلومين وانصف المحرومين يا رب ثبت أقدام المسلمين ووحد رايتهم ووفقهم .. شكراً لموقع مجانين ..
بالفعل شكراً .. وخصوصاً د. وائل أبو هندي والأستاذة رفيف الصباغ و كل المستشارين