-1-
قال الشاب لأبيه: فماذا يتبقى لنا؟
قال أبوه: يتبقى لنا من ماذا؟
قال الشاب: من مقاعد مجلس الشعب
قال أبوه: ونحن مالنا؟
قال الشاب: ألسنا مصريين ولنا حق الانتخاب، وها هم قد سهلوها حين صارت بالرقم القومي،
قال أبوه: آه! فكـّرتني، صحيح، أنا استفتيتُ، قصدي انتخبت بالرقم القومي
قال الشاب: أنت لم تنتخب يا أبي، وحتى لم تستفتِ، هم الذين استفتوك
قال الأب: أنا إيش فهّمني!!؟ أنا انتخبت الاستفتاء
قال الابن: انتخبت من؟
قال الأب: أقصد انتخبت المادة الثانية
قال الابن: يا والدي!! يا والدي!! ماذا تقول؟ وهل المادة الثانية كانت مرشحة نفسها
قال الأب: قصدي انتخبت الإسلام
قال الابن: وهل الإسلام كان مرشحا نفسه
قال الأب: أعني خفت أن يـُلغوا الإسلام
قال الابن: ما هذا؟ من ذا الذي له حق أن يلغي دين الناس؟
قال الأب: هم الذين قالوا لي
قال الابن: من هم؟
قال الأب: كلهم
قال الابن: يا أبي! يا أبي!! الدستور شيء والمادة الثانية شيء والإسلام شيء والانتخابات شيء رابع
قال الأب: أنا مالي؟ أنا ذهبت لأن لي رقم قومي مصري مثلي مثلك، ولم يكن مطلوبا مني أن أذاكر مقررا في تعريفات ما توجع رأسي به الآن، ذهبت للاستفتاء لأحمي الإسلام من أعداء الدين، وقلت "نعم"، وفرح بي الناس الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم.
قال الابن: يا أبي يا أبي، المسألة ليست كذلك، ألا ترانا حتى في التلفزيون ونحن ذاهبون عائدون نحاول أن نبني بلدنا
قال الأب: إياك إياك أن تبني في الممنوع، إياك أن تقترب من الأربع قراريط التي تركهم لي جدك
قال الابن: أقول، نبني بلدنا، أنا لم آتِ بذكر قراريط جدي
قال الأب: اعمل ما بدا لك لكن بعيدا عن القراريط الأربعة
قال الابن: أنت إنسان رائع يا أبي، أحرص على أرضنا الزراعية من كل الحكام
قال الأب: طبعا، إلا أرض الزرع، أنا فلاح ابن فلاح
قال الابن: هذا هو الموضوع الذي كنت أسألك عنه
قال الأب: أي موضوع
قال الابن: موضوع العمال والفلاحين
قال الأب: ما لهم؟
قال الابن:.. ليس قصدي، شكرا، ربنا يخليك
-2-
قال الرجل لزوجته: أنا لم أعد أفهم شيئا، الأولاد يسألونني أسئلة صعبة هذه الأيام، وأنا أحرج عندما لا أعرف الإجابة
قالت الزوجة: وهل أنت يعني تعرف الإجابة على الأسئلة السهلة التي أسألها لك؟
قال الزوج: طبعا أعرف ونصف
قالت الزوجة: طيب: متى كانت آخر مرة أكلنا فيها لحمة؟
قال الزوج: أنت تهزلين؟ هل هذا وقته؟ منذ شهر ونصف يا ستي
قالت الزوجة: خطأ، منذ شهرين ونصف، ولم تكن لحمة كانت "كوارع"، أرسِل الأولاد لي وأنا أجيبهم على كل الأسئلة
قال الزوج: اسم الله، لولا أنني أخشى طولة لسانـِك لقلت لك ------
قالت الزوجة: يا رجل قلها، "خلينا نتسلى" حسب نصيحة الرئيس ربنا يشفيه ويزيح عنه، ويغفر له كل عمايله
الزوج: كل عمايله؟؟! يا نهار أسود!!
الزوجة: ربنا أدرى، وأنتّ إيش عرفك ماذا عمل؟
الزوج: بعد كل هذا؟!!
الزوجة: ومن أدرانا أنه هو الذي عمله
الزوج: إذن من الذي عمله؟
الزوجة: أولاد الحرام كثيرون
الزوج: حتى على فرض، أليس هو الذي عينهم، دعينا نقصر الكلام، متى ستأتي معي لأستخرج لك رقما قوميا
الزوجة: رقما.. ماذا؟
الزوج: قوميا
الزوجة: لماذا كفى الله الشر
الزوج: هم الذين أفهموني أن لك صوتا مثلي وأن هذا سينقذ الإسلام من أعدائه
الزوجة: والمصحف الشريف أنت مخك ضرب، أليس عيبا أن تستخرج لأم عيالك كلام من هذا؟ فيش وتشبيه؟ هيحصّلت؟!
الزوج: حصلت ماذا؟
الزوجة: إيش عرفني
-3-
قال الشاب لأخته: أبي لم يجبني عن سؤالي: "ماذا يتبقى لنا، لي أنا وأنت إذا كانوا سيوزعونها هكذا، خمسين في المائة عمال وفلاحين وخمسين في المائة إخوان
قالت البنت: أنت تخرف، من قال ذلك؟
قال أخوها: الجيش قرر أن يكون للعمال والفلاحين في قانون الانتخاب الجديد 50 %
قالت البنت: تقصد جمال عبد الناصر
قال أخوها: ما هو عبد الناصر جيش
قالت البنت: يا عم غير معقول، عبد الناصر عملها ليرشو الطبقة العاملة أيام كان يحتاج أصواتهم
قال أخوها: هل أنت تصدقين أنه كان يحتاج أصواتهم، هناك طرق أسهل للحصول على الأصوات، واسألي، النميري والبشير، وحتى السادات
قالت البنت: عبد الناصر كان يحب العمال والفلاحين، وهم أحبوه، لكن هل صحيح أن المجلس العسكري قرر أن يحجز 50% للعمال والفلاحين و50% للإخوان
قال أخوها: ليس تماما، الإخوان هم الذين أعطوا أنفسهم بتواضع شديد هذه النسبة، فقد صرحوا أنهم لن يترشحوا إلا على خمسين في المائة من المقاعد
قالت البنت: ربما، ما دام المجلس العسكري قرر أن 50% عمال وفلاحين فلا يتبقى للإخوان إلا 50%، الآن فهمت لماذا يهللون طول الوقت للمجلس والاستفتاء، ولكن أليس في الإخوان عمال وفلاحون؟
قال أخوها: طبعا فيهم، لكن ماذا تعملين في الكرم
قالت البنت : أقسم بالله أنك لا تفهم شيئا
قال أخوها: وهل أحد يفهم شيئا هذه الأيام، دعيني أسألك نفس السؤال: "ماذا يتبقى لنا" بعد هذه التقسيمة
قالت البنت: لنا "من"؟
قال: نحن الثوار
قالت: أهلا!!، هل عينوك المتحدث الرسمي باسم الثوار
قال: يعني.. أنا أذهب كلما دعوني لميدان التحرير، لكن يبدو أنني لم أستحق لقب "ثائر" بعد
قالت: ومتى تستحقه؟ هل هناك أوراق معينة؟ أم حد أدنى لمرات الذهاب؟ أم تحتاج موافقة أمريكا؟
قال: كفى سخرية، لقد توقفت عن الذهاب حين عرفت أن المقاعد كاملة العدد هكذا 50% & 50%،
قالت: وبأي حق قسموها بينهم هكذا كما تزعم؟
قال: لا أعرف، هم يخرجون علينا كل كام يوم بمرسوم أو ببلاغ أو تنفيذ أو تكدير
قالت: لست فاهمة
قال: ولا أحد فاهم حاجة
-4-
قالت البنت لأمها: صحيح يا أمي: ما الذي يتبقى لنا إذا كانوا قد قسموها بينهم هكذا 50% & 50%
قالت الأم: ماذا جرى في هذا البيت يا ربي، ماذا تقولين يا حبيبتي، وأنا مالي؟ خمسين ماذا؟ وقسموها ماذا؟ إياك أن تكوني جننت مثل أبيك؟
قالت البنت: ليس مثل أبي، بل مثل أخي
قالت الأم: يا خبر أسود؟ هل جُنَّ أخوك
قالت البنت: إذا كنت تعتبرين هذا جنونا فقد جُنّ
قالت الأم: لا لا.... لا تمزحي في مثل هذه الأمور، طمئنيني على أخيك
قالت البنت: هو بخير والله العظيم ثلاثا لكنه خائف على مصر
قالت الأم: مصر مالها؟
قالت البنت: يقول إنهم قسموها فيما بينهم
قالت الأم: طيب، لنفرض، وفيها ماذا؟ ما هو الريس ربنا يفك ضيقته قسمها بين علاء وجمال
قالت البنت: ماذا تقولين؟ وحتى هذا لم يحدث، حكاية التوريث كانت لجمال فقط، وعلاء ليس له دعوة
قالت الأم: كنا نلعب ونحن أطفال لعبة يسأل الواحد الآخر: "تختار المال ولاّ النظر (النضر)"؟ وكانت لعبة عيب، من يختار المال نرد عليه ردا قلة أدب، ومن يختار النظر كذلك، وأنت تعرفين أن علاء كان ناصحا من بدري، فاختار المال، فأبوهم صعب عليه جمال، فراح يلف له مصر في ورق سلفان ليعوضه اختيار أخيه، لكن ها هم أصحاب أخيك قد حرموا الجميع من كدّهم
قالت البنت: مِن ماذا يا أمي؟
قالت الأم: أقصد يعني من الذي كانوا ناويين عليه، وأهي اتحلت من أوسع الأبواب، خلعوهم وسجنوهم، وقسموها كما تقولين، بس يا حسرة على الشبان اللي راحوا فطيس يا حبة عيني هكذا
قالت البنت: فطيس ماذا يا أمي؟ هم شهداء أبرار، وسيعطون أهاليهم تعويضات كبيرة
قالت الأم: اخص عليكي، وهل الضنا يتعوض، والله ولا ميت "مريار"
قالت البنت: ميت ماذا يا أمي؟
قالت الأم: مريار، والله ما ني عارفة معناها كام
قالت البنت: مليار وليست مريار
قالت الأم: ولا مريار مريار، الأم لا يعوضها فقد ابنها مال قارون
(وراحت تكتم نشيجها، وتخفي وجهها بعيدا عن نظرات ابنتها)
24-7-2011