النسيان نعمة وآلية بقائية لتواصل الحياة في المجتمعات وبينها، وبعض المجتمعات عندما تتعرض لخطب ترفع شعار "لن ننسى"، مما يدل على الرغبة في الانتقام المتواصل، وقد يكون هذا السلوك متوارثا ومقيما عبر الأجيال.
وهو من أخطر التحديات التي تواجهها الشعوب والمجتمعات، خصوصا عندما تكون متجاورة وذات مصالح مشتركة، لأنه سيديم التفاعل السلبي ما بين الأجيال، ويذكرها بما جرى ويطوره ويشحنه عاطفيا وانفعاليا، حتى لتجد ردود الأفعال ذات قسوة مروعة.
وقد شهدنا ما قام به الصرب في البوسنة، بناءً على تلك العدوانية، التي قادتها وجسدتها إرادة "لن ننسى". وفي منطقتنا هناك بعض الدول التي تتوارث مفهوم "لن ننسى"، الذي كلما تقادم احتقن بالانفعالات والعواطف السيئة الفتاكة التفاعلات، مما يتسبب بديمومة العداء، وتعزيز سلوك البغضاء والكراهية.
إن الشعوب لكي تعيش في أمن وأمان عليها أن تتناسى، كما فعلت الدول الأوربية التي تحررت من موروثات "لن ننسى"، وانطلقت لبناء مجتمعاتها بروحية جديدة، وإرادة إنسانية معاصرة ذات منفعة لشعوبها ودولها كافة. فلو أنها تمسكت بشعار "لن ننسى"، لبقيت في حروب دامية وتفاعلات قاسية، ولأنهكت قدراتها بالصراعات الخسرانية الفادحة.
فعلى البشرية أن تتعلم كيف تنسى أو تتناسى، لكي تدوم، فالزمن الذي هي فيه لا يحتمل موقف "لن ننسى"، لأنها امتلكت من قدرات التدمير الهائل، ما لم يسبق لها أن وضعت يدها عليها، فمن الأفضل أن تغادر هذه المعاقل العدوانية، وتصنع السلام وتبني علاقات الوئام والاحترام المتبادل، وتعترف بقصورها وأخطائها وخطاياها، وتتعلم منها وتتجاوزها إلى غدٍ مشرق سعيد.
فهل لنا أن ننسى ونبدأ طريق الحياة المنير؟!!
د.صادق السامرائي
12\9\\2021
واقرأ أيضاً:
اللغة المشتركة!! / العرب والطاقة الشمسية!! / الشك والسؤال!!