"علماءٌ من بلاد العربِ...كنجومٍ في فضاءِ الأرَبِ"
يقول ابن خلدون في مقدمته "أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم من العجم"، وعلى ضوء ما ذكره، مضت الأقلام تكتب، وهو رأي حكمي مسبق لا دليل واضح عليه، إلا أنه اعتمد ربما على الأسماء ومكان المولد وحسب، وفي هذا نوع من التحريف وعدم الطرح العلمي والمنهجي القويم.
وانتشرت مقالات وطروحات وتصريحات، تستنكر على علماء الأمة عروبتهم، وتنسبهم إلى أقوامٍ آخرين، والهدف من ذلك القول بأن الأمة لم تقدم شيئا، وتدّعي ما قدمه علماء الأمم الأخرى.
وهذه فرية هزيلة، ومحاولة للحط من قيمة العرب، ودورهم في صناعة الحضارة الإنسانية، وما قدموه من إنجازات رائدة، دفعت بالتطور للتسارع نحو الرقي والإبداع الأصيل. فالأمة نادت بالتفكر والتدبر وإعمال العقل، وتسخيره لتلبية حاجات البشرية وما تريده، فالطاقة فيه، وهو القوة الخالقة الموهوبة لنا من خالقنا.
فالقرآن فيه آيات وكلمات حاثة على إعمال العقل في الحياة والاعتماد عليه، وبموجب ذلك انطلقت العقول العربية وأبدعت. ومن المعروف أن سكان الجزيرة العربية قد هاجروا إلى أصقاع الدنيا، بعد أن صارت تدين بالإسلام.
فالعديد من العوائل العربية توطنت البلدان المفتوحة، ففيها ما يمنحهم القوة المادية والمعنوية والرسالية، فهم ينشرون الدين ويعملون ويكسبون ويتولون المناصب، ويقودون مسيرات الدين بين الناس، ويعلمونه للداخلين فيه أفواجا أفواجا.
وفي ديارهم الجديدة تكاثروا وتمازجوا، ونبغ فيهم رموز بالعلوم والمعارف وبرعوا فيها، وشاركوا في صناعة مجد زمن عربي حضاري متميز، وكتبوا باللغة العربية المتجذرة في أعماق كينوناتهم الذاتية.
وتجدنا أمام أدعياء إنكار أصولهم، لأنهم قد ولدوا في ديار غير عربية، مع أنهم يكتبون بالعربية وترعاهم الدولة العربية، وتجهز لهم متطلبات التعبير عن مواهبهم وأفكارهم، وهم وإن كان بعضهم ربما من أصل غير عربي ، لكن أمة العرب وفرت لهم الحواضن اللازمة لنضوج إبداعهم وتفتحه.
وهناك كتاب للأستاذ (ناجي معروف) بعنوان (عروبة العلماء...)، يفند فيه بأدلة وبراهين الادعاءات الهادفة للنيل من أمة العرب.
فلن تنالوا من العرب وأنوارهم ساطعة الإشراق في آفاق السرمد!!
واقرأ أيضاً:
أشجان الطين!! / استشراق واستشفاق!! / الثورة الغنائية!!