الكتابة بأنواعها رسالة وموهبة ومسؤولية وأمانة، وعلى الكاتب أن يتحلى بالصدق والموضوعية والعلمية والواقعية، ويجد ويجتهد لتطوير قلمه وأسلوبه ويعمل جاهدا للإتيان بما هو نافع ومساهم بالتنوير.
والكتابة مخاطرة تحتاج إلى جرأة ونكران ذات، ومغامرة ذات درجات متباينة من الأخطار، ولا يمكن القول بأن المكتوب مجرد كلام لا يضر ولا ينفع.
وعندما تكون الكتابة بهذه المواصفات الإدراكية والمعرفية، فأنها ليست للتعبير عن النرجسية والذاتية وغيرها من مثالب الأنا المتمترسة في كينونتها المتصاغرة، والتي تبحث عمّن يمدحها ويشيد بها ويجاملها.
فالكتابة ليست للمجاملة، إنها للتنوير والتغيير والتفاعل الإبداعي مع الواقع المعاش، فتتصدى له وتسعى لتنمية فضائله ومحاصرة رذائله، والأخذ بالإنسان إلى مسارات التفاعل الإيجابي الصالح لبناء الحياة الحرة الكريمة.
الكتابة مغامرة باهضة التكاليف، وما يروَّج له هو الكتابات التضليلية الإلهائية التنويمية، التي تساهم بتغييب الوعي وإدامة حالة الرقود والنوام الشديد.
الكتابة جهد وعناء يتكلف الكاتب بسببه المشقات، ويقضي الوقت في مراجعة نفسه وتثقيفها وتطويرها لكي يكون عند حسن ظن قرائه، وهو أول النقاد لما يكتبه، ولا يمكنه أن يقتنع بما أنتج، فما يكتبه يخضع للمراجعات والتدقيقات، وفي كل مرة يريد أن يغيره لأنه لا يقتنع بما كتب بعد أن كتبه، فيعيد ويعيد، وقد يكتب ولا ينشر لأنه غير مقتنع بأن الذي كتبه سينفع القارئ أو أنه عصي على الفهم والاستيعاب.
ومن مسؤولية الكاتب أن يقيِّم أسلوبه ويختار مفرداته، ويركب عباراته بصيغ تساهم بإيصال الفكرة إلى القارئ بسهولة ووضوح.
والظاهرة المنحرفة التي شاعت في الصحف الإليكترونية أن التعليقات على الكتابات المنشورة للمجاملات وللقديح والمديح وللتحامل، فلا تساهم بتطوير الموضوع ولا تنفع الكاتب، وتستنزف وقته وجهده ، وكأنه كتب ما كتب لكي يطري عليه الآخرون.
نعم إن الكتابة رسالة ومسؤولية ويجب أن نكون جادين فيما نكتب، فتحية للأقلام الحرة النزيهة، ولكل الكتاب الذين يعبّرون بصدق عن الكلمة، وإرادة الحياة العزيزة الكريمة السامية.
فهل من كتابات ذات أمل؟!!
اقرأ أيضاً:
الرؤية الوطنية!! / العالم والعالم!!