القوة بحاجة لقائد يمثلها ويتمثلها، ومهما بلغت القوة عنفوانا وشدة فلا قيمة لها إذا غاب القائد المماثل لها.
ومن الأمثلة القريبة، سقوط الاتحاد السوفياتي لتناوب قادة ضعفاء عليه بعد القادة الأقوياء، فكانوا مرضى وداموا لوقت قصير، فانتهى على يد آخرهم.
وأمريكا قادتها دون قوتها وقدرتها، فما حظيت بقائد قوي ومؤثر في الدافع الوطني والمحيط العالمي منذ وقت بعيد.
وما يحصل في بريطانيا ينذر بمسيرة نحو الهاوية، فبعد رؤوساء الوزراء الأقوياء صارت تتخبط بين ضعفاء لا يدوموا لوقت طويل.
هذه حقائق وعلائم انهيار القوى، فالقائد المعبر عن القوة يحافظ عليها ويطورها، وعكسه القائد الذي لا يعرف ما يقود وينتهي مع قوته.
وفي دول الأمة العديد من القادة دون ما يقودون، فالعراق – على سبيل المثال – لم يفز بقائد بحجمه منذ بداية عهد الجمهوريات، فمن صاروا قادته دونه بكثير، ومعظمهم يجهله ولا يعرف تأريخه ودوره الحضاري، فعبّروا عن رؤى شخصية ضيقة، وبعضهم فهم التأريخ بآليات سلبية وعدوانية.
وهذا من الأسباب الجوهرية لمعاناته على مر العصور، فنجمت مشاكل وتفاعلات فرعية ذات تداعيات متراكمة.
إن الاستهانة بقيمة القيادة ودورها في حياة الأوطان والأمم والشعوب، خطأ فادح يترتب عليه نتائج مريرة.
ولن تتحسن الأمور من غير قائد مستوعب لذاته وموضوعه ويتفانى في البدن الجغرافي والتأريخي والمجتمعي، وعدا ذلك، فالأمور ستمضي على سكة الهوان والتبعية والخنوع للطامعين بالبلاد والعباد.
ويبدو أن المتحكمين بمصير البلاد يدركون ذلك، ولهذا وضعوا في الصف الأول أجهل الجهلاء، وأقلهم ثقافة وذكاءً، فيملون عليهم ما يريدون وهم كالعبد المطيع من أجل البقاء في السلطة، والاستمرار في الاغتنام وليكن ما يكن، فلا معنى للوطن والشعب، إنها إرادة الغنيمة المعززة بالقائمين الكبار.
فهل ستدرك الشعوب معنى الاعتصام بحبل الوطن؟!!
اقرأ أيضاً:
القسممة!! / يسّروا ولا تعسّروا!!