التربية الجنسية للمراهقين1
مرحلة البلوغ:
1. بالنسبة للذكور:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الاحتلام، ومن المهم أن يكون الأب مع ابنه عندما يحدث هذا الأمر؛ لأن هناك أمورًا سيترتب عليها دخوله هذا العالم، ويجعل شوق الابن لمعرفة ذلك داعيا لأن يخبر أباه. ويستقبل الأب ذلك بنوع من الترحاب، ويتخذ بعض الإجراءات المعلنة لحدوث أمر مهم في حياة الابن مثل زيادة مصروفه، وأن يوكل له بعض المهام الزائدة. أن يسمح له ببعض الأمور مثل زيادة فترة السماح للخروج، ثم يبدأ معه في المدخل الشرعي، فيبين له ما يترتب على حدوث الاحتلام من وجوب الاغتسال ويشرح له كيفية الاغتسال، ويشرح له كيف أنه أصبح مكلفًا بالصلوات والصيام وأنه محاسب حسابًا خاصًا به.
ويرتب له العديد من الأنشطة المفيدة الرياضية والثقافية التي تشغل وقته، ويفهمه أهمية شغل وقته حتى لا يصبح مستغرقًا في خيالاته وأفكاره، ويحذره من الوقوع في العادة السرية مع شرح بسيط لآثارها النفسية، وخروجها عن القيام بواجب الإنسان نحو جسمه، وكيف أنها إهانة للإنسان ولكرامته. وكل ذلك في إطار الحوار المتبادل وانتهاز الفرصة المناسبة، خاصة أن الأسئلة من قبل الابن ستكون كثيرة ومتنوعة.
فعلى الأب ألا يتحرج من الإجابة على أي سؤال، ولا يتهرب، ولا يجيب إلا بما يعرفه، وإذا صعب عليه سؤال ما فعليه أن يمهل الابن حتى يسأل المختصين؛ وذلك حتى يكتسب الابن الثقة في الحوار والمعلومة التي يحصل عليها؛ فيظل الطريق مفتوحا بين الطرفين في كل ما يخص هذا الأمر، ولا يلجأ لمصادر أخرى أو ينغلق على نفسه ويعيش في عالمه الخاص، مع التأكيد على المعاني التي من المفترض أنها موجودة وراسخة منذ الطفولة؛ مثل معاني الحياء التي تظهر في عدم خلعه ملابسه أمام الآخرين، وعدم اطلاعه على عورات زملائه، وحدود التلامس بينه وبينهم، وعدم الإفضاء في ثوب واحد أو غطاء واحد مع أخيه أو أحد زملائه.
2. بالنسبة للإناث:
وميقاتها البيولوجي هو حدوث الدورة الشهرية، وهي في المرة الأولى ربما تكون بقعة صغيرة من الدم، يجب أن تستقبلها الأم بالسعادة؛ لأن ابنتها قد كبرت، وأصبحت أختها الصغرى بدلاً من ابنتها، وتجعل الأم لها مذاقًا خاصًا بحيث تنزل مع الابنة للسوق لاختيار ما تراه الابنة مناسبًا لها من ملابس كنوع من الاحتفال والاحتفاء، واستعدادا للبس الحجاب، واختيار المناسب للقيام به وارتدائه، ولا مانع من عمل حفل صغير تدعى فيه صويحبات الابنة للاحتفاء بلبس الحجاب ودخولها عالم الكبار.
وتشرع الأم في تعليم الابنة كيفية الحفاظ على نظافتها ورائحتها في أثناء الدورة، وتزيل عنها الإحساس بالحرج والخجل، وتؤكد لها على طبيعتها؛ لأن الكثير من البنات يصبن بنوع من الخجل والإحساس بالتوتر بل والرفض في بعض الأحيان لهذا الأمر؛ لذا يجب أن تكون الأم متفهمة قريبة، حانية، مشجعة، مطمئنة.
وبعد ذلك تشرح الأم الأمور الشرعية التي تترتب على ذلك بالنسبة للصلاة والصيام ومس المصحف والاغتسال وكيفيته، وأيضًا أنواع الإفرازات التي تبدأ في هذه المرحلة، خاصة مع الإحساس بالإثارة، وما يترتب على ذلك من أحكام في الوضوء والطهارة، مع التأكيد على معنى التكليف أمام الله، وغض البصر، وشغل الوقت بكل ما هو مفيد من أنشطة، مع التأكيد على الأم أيضًا بفتح الحوار وعدم التحرج أو التهرب من أي سؤال مهما كان.
وشرح ماهية غشاء البكارة ورمزيته إلى عفة المرأة، وخطورة العبث في هذا المكان، وإزالة الأوهام الخاصة به حتى لا تقع البنت أسيرة الخوف أو القلق من هذه الناحية، مع بيان أمانة الجسد لدى صاحبته؛ بحيث لا تسمح لأحد بانتهاكه بعينه أو يده تكريمًا للإنسان؛ لأنه وعاء روحه في إطار الاعتدال بدون تخويف معطل أو تسهيل مفرط، والتأكيد على معاني الحياة أيضًا مثل عدم خلع الملابس أمام زميلاتها؛ حيث تزيد هذه الظاهرة لدى الإناث كنوع من التعبير عن العاطفة؛ فتحتاج أيضًا لوضعها في إطارها الشرعي الصحيح.
ما بعد البلوغ:
وهي المرحلة العملية التي تشهد الاختبار الحقيقي لما تم بثه من معان وقيم وأفكار خلال المرحلتين السابقتين، وهي تتعامل مع الأحداث اليومية والتساؤلات التي تدور في ذهن المراهق أو المراهقة بعد نزوله إلى أرض الواقع، يمارس بنفسه ما سمعه أو تعلمه؛ حيث يسمع الولد أو البنت عن العادة السرية، ويجد من يدعوه إلى ممارستها، وقد يمارسها من باب التجربة أو الفضول أو إثبات الذات. وقد يهديه زميله صورًا عارية، وقد تدعوها زميلتها لمشاهدة مواقع على الإنترنت. وقد يسمع من زميله شرحًا وافيًا للعلاقة بين الزوجين وقد تتحدث زميلتها عن فض غشاء البكارة ليلة الزفاف وأماكن الإثارة في جسم الفتاة.
ويعود الابن أو الابنة إذا كان الحوار مفتوحًا وقد نجحت المرحلتان السابقتان في أداء دورهما في زرع جو الثقة بين الآباء والأمهات وأبنائهم وبناتهم. إذا حدث ذلك فسيجد الأب والأم أنفسهما في مواجهة ذلك كله، وهنا يجب أن يدركوا أن المهمة لم تنته، وأن جو المصارحة والواقعية والموضوعية في هذه المرحلة أخطر.
فالمراهق في المرحلة السابقة كان يكتفي بالتلقي وهو مدهوش أو مصدوم بدخوله إلى هذا العالم العجيب، إنه يندهش لمشاعره، ويستغرب ما يدور داخله من رغبات وأحاسيس، ولكنه الآن قد تمكن منها وعرفها، وهناك جهات كثيرة تدعوه وتغريه، وهو إذا لم يجد ما يقنعه ويمنعه من الدخول إلى هذه العوالم من باب التجربة والفضول، فإنه سيفعلها؛ لأن روح المغامرة والتجريب وإثبات الذات ستغلبه إذا لم يجد من يساعده. لذا فإن الحقيقة العلمية والحوار المفتوح هما سلاحا الأب والأم، وما قد يخجلان من ذكره سيحصل الابن والبنت على تفاصيله من مصدر آخر.
في النهاية ما نريد قوله: إن البعض قد يستغرب دعوتنا إلى التربية الجنسية المبكرة للمراهقين؛ فيتساءل أحدهم: هل سأدعو ابني أو ابنتي وأقول له تعال نتحدث في الجنس؟!! إنني سأفتح عينيه في أمور لا يعرفها. ويقول الآخر: إن أهلنا لم يتحدثوا معنا في ذلك. فلماذا نتحدث مع أولادنا في ذلك؟ ويعبر الآخرون عن خجلهم من الحديث في هذه الأمور، وغيرهم عن الجهل في طريقة التناول.
والحقيقة أن هؤلاء الآباء والأمهات لا يدركون أن أولادهم وبناتهم في عصر السماوات المفتوحة والإنترنت والقنوات الفضائية وحرية المعلومات، إذا لم نتحدث معهم على قدر استطاعتنا وطاقتنا فإنهم سيحصلون على أكثر مما يتخيل الآباء، ولكن خارج المنظومة القيمية والمعرفية لمجتمعنا، خاصة أنه لا يوجد ما يغطي هذا النقص لدينا. إننا يجب أن نتدخل حتى نضع الإطار الذي يعيد للأمر توازنه، وإلا فلا نلوم إلا أنفسنا بعد ذلك.
واقرأ أيضاً:
التربية الجنسية (2) مرحلة الطفولة2/ التربية الجنسية (3) مرحلة البلوغ2/ التربية الجنسية(4) (ما قبل /لزواج)2/ التربية الجنسية (4) قبل ليلة الزفاف (اللقاء الأول)