البشرية أمضت القرون السابقة وللقلم فيها سيادة ودور فاعل في صناعة الأحداث والتطورات، وما أن بدأ القرن العشرون بالأفول، حتى أخذت تزحف "الكي بورد" لتنافسه وتبعده عن سوح الحياة اليومية، وأصبحت الأصابع تضرب على مفاتيحها، وسيتناسى أبناء الأجيال القادمة اسم القلم، وسيجهلون كيف يكتبون به.
أمامي كومة من الأقلام التي أخذت تفقد قيمتها ويضمحل دورها، لأن أصابعي تعوّدت الضرب على مفاتيح "الكي بورد"، وللقلم دور أقل في التعامل مع الورق، بل وربما ستحتار أصابعي في المستقبل كيف ستمسك به!!
هذا حال جيل القلم والورق، فكيف سيكون حال أجيال "الكي بورد"؟!!
كم منا يمسك بالقلم مثلما كان من قبل؟
إن مدة كتابتنا بالقلم تميل للتلاشي، وتجذبنا الشاشة فننفر من الورق!!
فهل يمكن القول "رحم الله القلم"؟
إنه عصر التكنولوجيا الإليكترونية وما بعدها، وعصر الذكاء الاصطناعي الذي سيستحوذ على عقولنا، وسيستعبدنا.
فإلى أين ستمضي البشرية؟
قد يقول قارئ أن هذا نوعا من التوهم البعيد، غير أن وقائع الأيام المتحركة على صفيح ساخن، والمتفاعلة مع عالم طاحن، تخبرنا بأن التبدلات ستتفوق بسرعتها الإنجابية على أي كينونة في كوننا الملتهب الدوّار. ستغرق البرايا في بحر النون، وستفقد بصرها العيون، وسيصاب القلم بالجنون، وستنطلق العجائب والظنون، وستتحول الأماكن إلى سجون، ولن يعرف البشر إلى أين يسير وكيف يكون!!
إنها رقصات إبداعية على حافات التغيرات الابتكارية، في زمن يتمادى بالحرية، والعقول الذكية، الطامحة إلى الكواكب العلوية.
فكل مَن عليها كان، وفي الإمكان أحسن مما كان، فهل سينتصر على نفسه الإنسان؟!!
واقرأ أيضًا:
مفردات الماضي!! / غرناطة التي سقطت!!