لو أن شخصا ما يندفع بشدة إلى الانتحار ويهدد بقتل نفسه يمكنك إحضاره إلى مستشفى أو عيادة نفسية لتقدير حالته. ولو كان ذلك مستحيلا، يمكنك في هذه الحالة استدعاء الشرطة لطلب المساعدة.
هناك سؤال آخر: كيف أعرف شخصا ما يفكر في الانتحار؟
والإجابة على هذا السؤال بسيطة فعليك أن تسأله، قد يتعجب بعض القراء من هذا الجواب ويقول:"ألا يدفعه سؤالي هذا إلى حافة الهاوية؟" والجواب لا.
إن أكبر خطأ هو ألا تسأله، فلو أن صديقا أو محبوبا لديك تبدو عليه علامات القنوط واليأس فعليك أن تسأله الأسئلة التالية بنفس الترتيب لكي تكتشف ما إذا كان يفكر بجدية في أمر الانتحار أم لا؟
س1 هل كنت تشعر بأنك حزين أو مكتئب؟
والإجابة "بنعم" سوف تؤكد أنه / أنها تشعر بالاكتئاب.
س2 هل سبق لك أن شعرت باليأس وقلة الأمل؟ أو هل تبدو الأمور وكأنها لن تتحسن؟ إن أكثر من نصف المصابين بالاكتئاب يشعرون باليأس، ومشاعر اليأس تكون أحيانا مصحوبة بأفكار انتحارية. (أفكار وليس محاولات).
س3 هل لديك أفكار عن الموت؟ أو هل سبق لك أن فكرت أنه من الأفضل لك أن تموت؟ والإجابة "بنعم" تشير إلى إرادة أو رغبة في الانتحار ولا يستلزم وجود هذه الرغبات وجود خطط انتحارية، هناك الكثير ممن هم مصابون بالاكتئاب يقولون بأنه من الأفضل لهم أن يموتوا ويتمنون أن يموتوا وهم نائمون أو أن يموتوا في أحد الحوادث، ومع ذلك فالكثير منهم يقول بأنه ليس لديه أي نية في قتله لنفسه بالفعل.
س4 هل كان عندك دوافع للانتحار؟ هل كان لديك أي حافز لقتل نفسك؟ والإجابة "بنعم" تشير إلى رغبة مؤكدة وجادة في الموت وهذا الموقف أشد خطورة.
س5 هل تشعر بأنك يمكنك مقاومة دوافع الانتحار هذه. أم أنها تغريك أحيانا؟ فإذا كان الشخص يشعر بدوافع الإغواء نحو الانتحار فهذا الموقف يعتبر أكثر خطورة.
س6 هل لديك أي خطط فعليه لقتل نفسك؟ ولو كانت الإجابة "بنعم" فاسأله عن هذه الخطط المحددة، ما الطريقة التي اختارها (لقتل نفسه)، هل هي الشنق؟ أم هي القفز أو السقوط (من مكان عال) ؟ أم باستعمال أقراص معينة؟ أم باستعمال المسدس؟ هل هو بالفعل قد جهز الحبل؟ ما المبنى الذي سوف يقفز من فوقه؟ قد تبدو هذه الأسئلة خيالية أو غير واقعية ولكنها يمكن أن تنقذ نفسا (حياة) من الموت. سوف يصل الخطر إلى أقصى مداه عندما تكون خطط الانتحار واضحة ومحددة، وعندما يكون هذا الشخص قد قام بعمل تجهيزات فعلية (للانتحار) وعندما تكون الوسيلة أو الطريقة المتبعة في ذلك مهلكة أو ميتة.
س7 متى تنوي أو تخطط لأن تقتل نفسك؟
فلو كانت محاولة الانتحار بعيدة المدى كأن تكون مثلا بعد خمس سنوات، فالخطر ليس وشيكا أى ليس قريب الوقوع ولديك المزيد من الوقت لمعالجة هذا الشخص أما لو قال أنه سوف يقتل نفسه قريبا، فالخطر في هذه الحالة أعظم ولابد أن تتخذ إجراءا سريعا حيال هذا الأمر.
س8 ألا يوجد لديك أي وازع أو رادع يمنعك من الانتحار كأن يكون عائلتك أو معتقداتك الدينية وإيمانك الراسخ؟
فلو قال بأن الناس يمكنهم أن يعيشوا بدون دور الأسرة أو دور المعتقدات الدينية (معنى ذلك عدم اكتراث هذا الشخص المقدم على الانتحار بدور الأسرة أو بدور المعتقدات الدينية في كبح جماع النفس ومنعها من الانتحار) فهذا الأمر ينبئك بأن الانتحار وشيك وقريب الوقوع.
س9 هل قمت في الماضي بعمل أي محاولة للانتحار؟
والمحاولات السابقة للانتحار تشير إلى أن المحاولات المستقبلية للانتحار وشيكة وقريبة الحدوث. حتى لو لم تبدو المحاولة السابقة خطيرة، فالمحاولة اللاحقة سوف تكون أشد خطورة، فكل محاولات الانتحار لابد من تناولها بجدية، فلو أن شخصا ما تعاطي 15 قرص من الأسبرين أمام زوجته (أو العكس: هي أمام زوجها) فهو ليست لديه الرغبة الجامحة في أن يموت في الحال. لو أن هناك شخصا ما قد قام بخدش رسغ يديه ثم قام باستدعاء أقرب مستشفى (الإسعاف) فهذا دليل على أن هذا الشخص لديه مشاعر مختلطة ومتداخلة نحو الانتحار أو الموت.
وهذه المحاولات الفاشلة للانتحار والتي قد لا تبدو في هذه الأثناء خطيرة يمكن أحيانا أن تعتبر مجرد تلميحات أو محاولات استفزازية لجذب الانتباه. وهذا الكلام غالبا ما يكون صحيح لأن الأفراد الانتحاريين غالبا ما تكون لديهم مشاعر الغضب والشعور بأنهم مستهجنين.
وهؤلاء الأفراد لديهم رغبة لا شعورية متكررة لجذب انتباه الآخرين وللانتقام من المحبين أو من الأسرة أو من الأصدقاء لعدم إعطاءهم الحب الكافي. ومع ذلك فهذه التلميحات الانتحارية قد تبدو أشد خطورة أكثر مما كانت عليه من قبل لأن كثيرا من الناس ممن يقومون بهذه التلميحات يقتل نفسه بالفعل في النهاية.
س10 هل لديك الرغبة في التحدث إلى شخص أو طلب المساعدة إذا شعرت باليأس؟ ومن هذا الذي تريد أن تتحدث إليه؟ فلو كان الشخص الذي لديه دوافع انتحارية متعاونا معك ولديه النية في إيجاد مخرج والحصول على مساعد فسوف يكون الخطر أقل من حالة أن يكون الشخص عنيدا أو كتوما للأسرار أو معاديا لك أو ليست لديه الرغبة الصادقة في الحصول على المساعدة.
وإجابات الأسئلة السابقة سوف تعطيك فكرة عن مدى شدة وخطورة المشكلة، إنه من خلال خبرتنا علمنا أن الناس الذين يعانون من دوافع للانتحار هم أناس شرفاء للغاية، فلو اكتشفت أن صديقا أو محبوبا لديك يعانى بشدة من ميول ودوافع انتحارية فسوف يحتاج هذا الشخص إلى تدخل ضروري سريع، فربما يتحتم عليك أن تحضره إلى غرفة الطوارئ بمستشفى قريب أو إلى أقرب عيادة نفسية ولو رفض هذا الشخص الذهاب معك إلى المستشفى، فيمكنك أن تستدعى الشرطة لطلب المساعدة.
وهناك يمكنك أن توقع على ضمان طالبا من الشرطة أن تأخذ هذا الشخص إلى المستشفى لتلقى الفحص والعلاج (تقييم الحالة). وإذا أصر هذا الشخص على التهديد بالانتحار فربما يسلم هذا الشخص قسرا وقهرا إلى عملية تقييم مدتها. وهذا الإجراء المتخذ مع هذا الشخص الذي يعاني من دوافع إلى الانتحار قد يغضبك مرارا ولكن تحمله فأنت تنقذ حياة, إن وصول الغضب إلى أقصى مداه قد يكون غير مريح بصورة شديدة ولكن (تحمل) هذا الغضب الشديد ليس رهيبا مثل المأساة والكرب الذي سوف تسببه وفاة هذا الشخص عبثاً.
علاوة على ذلك, فهناك دليل جازم أن الناس الذين يعبرون عن غضبهم يكون احتمال قيامهم بمحاولة الانتحار مفاجئة أقل بكثير من أولئك الذين يكبتون مشاعرهم في نفوسهم.
سؤال آخر:ـ إن طبيبي الخاص بي قد قام بعمل تحليل دم لي وقال بأنني أعانى من اكتئاب كيميائي فهل يعنى هذا أنني أحتاج إلى العلاج الدوائي؟ بالرغم من أن هؤلاء الناس الذين يعانون من الاكتئاب غالباً ما يعانون من اضطرابات في مستويات العديد من الهرمونات, وهذا لا يعني بالضرورة أن الاكتئاب ناجم عن اختلال كيميائي, ولا يعني أيضاً أن العلاج الدوائي فقط (وحده) هو الذي ينبغي أن يستخدم في العلاج.
(يمكنك الإطلاع على باقي المقاولات لتعرف الكثير عن طرق العلاج التي يمكن أن تستخدم لعلاج كلاً من القلق والاكتئاب).
أنا أعتقد أن العلاج النفسي الجيد هو الذي يدعم عملية العلاج الخاص بالاضطرابات الانفعالية, وهؤلاء الناس المرضى ينبغي ألا يعالجوا باستخدام الأدوية فقط.
وفى النهاية, فإن اتخاذ القرار حول مسألة استخدام الطرق العلاجية هو عبارة عن قرار فردى يحتاج إلى المناقشة بصراحة ووضوح مع طبيبك النفسي.
مترجم بتصرف عن كتاب: Feeling Good By David Burns
ويتبع>>>>>>>> : العلاج المعرفي للاكتئاب (17)
اضطرابات وجدانية: اكتئاب Major Depression / اضطرابات وجدانية: اكتئاب مضاعف Double Depression / مرض الاكتئاب