نعم... نسيت متاعب دربها، نسيتها فى ذلك اليوم، عيد الأضحى، فى أول مرة تشرق الشمس بعد عرفات، وفى تلك اللحظة حيث علت أصوات رفيقاتها في أنشودتهن... وحلّقت في سماء نقية، صافية، طاهرة، سماء توبة، وصدق، ورجاء.
علا صوتها مع أصواتهن، وحلّق قلبها في المعانى، وسكن لمعية الله، ويا لها من معية. فمن بات طريداً عرف... ومن تجرع علقم الذل والهوان عرف... ومن شعر بحنانها لزمها واستعصم.
صارت تنظر فى وجوههن والبسمات النقية قد ارتسمت عليها، ولم تتمالك نفسها من البكاء. ولم تفهم معنى تلك الدموع. ولكنها شعرتها تغسلها، وتعلن انتهاء عهد وبداية عهد جديد.
وزاد تصفيقها... واتحد مع تصفيقهن... وصار يطرد آلامهن، أحزانهن، وأنينهن... ويفسح الدار للأمل و للرجاء.
تلك الرفيقات... أتت كل منهن بهموم وأحزان، وبحاجات وحاجات... وسمعت أذناها بكائهن ليلا، وهمسات استعاذاتهن وتحصنهن. ورأت في كل عين دروب طويلة، حزينة، شائكة، انتهت بهن إلى هنا.
صمتت... وتحدث قلبها:
ليت كل الدروب تصل إلى هنا وتقف، ويقف معها الزمن... ونظل هنا، نسبّح ونرتل ونسجد. ولا نعرف من الدنيا شيئا حتى نلقاك ربى...
ربى... لا تردني إلى حيث وجدتنى! لا تلقنى كما ألقانى الناس! فحين سقطت لم أجد من يحملنى سواك. وحين هويت لم ترفعنى سوى رحمتك...
ربى... لا أعود إلى ما كنت عليه. فليست البلاد كلها منى، وليس السير كله إلى بيتك...
آنس وحشتي... وأعنّى... فلا أنسى رحمتك، فتعود متاعب دربي...
*من فريق إسلام أونلاين.نت
اقرأ أيضا:
حكايات صفية :تفاصيل صغيرة/ حكايات صفية: الملائكة تلعن النساء فقط؟!/ حكايات صفية: المكلا .. لمحات إنسانية (6)/ للنساء فقط .. في سطور